|
ثمة تساؤلات متصلة بزوبعة أو بثقافة (التطبيع) التي اعتنقتها بعض (النظم العربية) بقدر من الشفافية والسفور حد الوقاحة..؟ والتساؤلات تمتد وتبحث عن إجابات عن تأثير هذه (النظم) على مسار عدالة وشرعية القضية العربية الفلسطينية، والعوامل الذاتية والموضوعية التي قد تنعكس عليها، على خلفية هذه الهرولة نحو (التطبيع) مع العدو من قبل هؤلاء البعض؟!
الذين يفترض أولاً أن نعرف مقياس علاقتهم بالقضية المركزية للأمة ونسبة حضورهم في مسارها وتداعياتها وبما يمكنتا من معرفة حالة أو نسبة الفراغ الذي قد يخلفه هؤلاء ( المطبعون) على شرعية القضية وعدالتها، وعلى حقوق شعبنا العربي في فلسطين..
لكن، بداية وقبل التطرق للإجابة على هذه التساؤلات نتوقف أمام ثمة معطيات عقائدية تتصل بثوابتنا وقناعتنا الدينية تتمثل في القول المأثور (أن المؤمن القوي أحب إلى الله من المؤمن الضعيف) وطبعاً لا يٌقصد بهذا القول إن يكون للمؤمن (عظلات) أو قدرات جسمانية خارقة، لكن المقصود بالمؤمن القوي هو القوي بإيمانه الثابت على مبادئه والمتمسك بقيم وأخلاقيات الدين والمتمسك بأوامره ونواهيه والملتزم بسنة وأخلاقيات وسلوكيات نبيّه المصطفى عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام..
ثمّة قضايا مصيرية تحضى بقدسية في الوجدان والذاكرة كقضية فلسطين التي لا يدرك قدسيتها وأهميتها إلا رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه.. وهؤلاء الرجال هم أولئك (المؤمنون الأقوياء) بإيمانهم وبما يحملون من قيم وأخلاقيات ومبادئ، الذين يبغضون الظلم ويمقتون الباطل، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ولا يخشون في الله لومة لائم..
أمثال هؤلاء لا يمكن أن يهرولوا لمناصرة (الباطل) ضد (الحق) ولا يصطفون لجانب الظالم ضد المظلوم، ولا (يهشتجون) في شبكات التواصل الاجتماعي وعلى شبكة العنكبوت ووسائل الإعلام ويكتبون (فلسطين ليست قضيتي)..؟!
لكن هناك رجال في هذه الأمة وعلى امتداد العالم الإسلامي، هم حراس الحق والعدل ومناصري المظلومين، ومن يقفون في وجه الظالمين والطغاة أياً كان جبروت الطغاة وكانت غطرستهم وقوة بطشهم، فإنهم يواجهون في المحصلة رجالاً يؤمنون بأن الحق فوق القوة، وأن المنكر يجب أن يتغير.. وهؤلاء هم من يحملون لواء القضية الفلسطينية.. فأين يقف تيار (التطبيع)؟ وما هو تأثيرهم على عدالة القضية..؟
أعترف أن الصدمة الكبرى التي واجهتها القضية الفلسطينية كانت بتخلي (مصر) عن دورها القومي من خلال إبرامها اتفاقية (كمب ديفيد)، لكن ورغم مرارة ألم اللحظة، ولأن (الله لا يجمع بين عسرين) كما يقال، فما كادت مصر تتنحى عن واجبها تحت وقع ظروفها وقناعة نظامها ، فقد قيّض الله لفلسطين ( الجمهورية الإسلامية الإيرانية) التي لا يجرؤ أحد أياً كان ينكر دورها في رعاية وحضانة ودعم الشعب العربي في فلسطين ومقاومته ومدهم بكل ممكنات الصمود والمقاومة، بطريقة درامية وكأنها تجسد قول الله تعالى ( وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم )..
فلسطين إذاً ليست مجرد أرض محتلة، بل هي أرض مقدسة يمتحن فيها الله عباده ليعرفوا فيما بينهم حقيقتهم ويكتشفوا قوة إيمانهم وليعرف الناس صدق هؤلاء أو أولئك من كذبهم ويعرفوا حقيقة إيمانهم بعدالة قضية هي من أسمى وأقدس القضايا الوجودية للأمتين العربية والإسلامية.. فالصهاينة لم يأتوا لفلسطين كمجرد قوى استعمارية محتلة، بل جاءوا مسلحين بأساطير دينية ومزاعم تمس عقيدتنا الإسلامية وهويتنا الحضارية، كما يمس هذا الوجود انتماءنا القومي وتراثنا العربي الإسلامي.. وعليه فإن الدفاع والنضال والتضحية من أجل فلسطين فعل يعد من ناحية دينية (فرض عين) وقوميا يندرج في سياق الواجبات المقدسة التي تعكس حقيقة وحدة الهوية والانتماء والمصير، وبالتالي فإن من لا يؤمن بفلسطين وعدالة قضيتها وفق هذه المفاهيم يعد عالة عليها وأمثال هؤلاء لا تكترث بهم فلسطين ولا يشرفها التعامل معهم..!
إذاً دعونا نتعرف على من هرول (للتطبيع) ومن ينتظر دوره في الهرولة! وبالتالي ما هو التأثير الذي قد يتسببوا به على واقع حال القضية ومسارها وعدالتها..؟
قلت سلفا إن (مصر) لا شك أثرت بخروجها من معادلة الصراع مع الصهاينة، غير أن القضية سرعان ما استوعبت ما تركته مصر ودورها، فكان أن تأثر المناخ العربي بخروج مصر من معادلة الصراع، فيما على صعيد القضية وجد من حل بديلا عن مصر في احتضان القضية وليس في تغطية دور مصر القومي الذي شكل غيابه في إحداث هذا العبث السلوكي في المشهد العربي وذهاب كل نظام يبحث عن ذاته حتى ذهب بعضهم إلى أدنى درجات الانحطاط والارتهان المذل وفي المقدمة تيار (المطبعين) من شيوخ ( المحميات الخليجية) مرورا بتلاميذ (برنار هنري ليفي، الزعيم الصهيوني المشرف على مؤامرة الربيع العربي) وصولا إلى (جندرمة السودان) و(عساكر تشاد) وكل من هرول نحو العدو، مستجديا رضاه، طالبا عفوه وبركاته)..!
هنا دعونا نتساءل عن المعارك التي خاضها شيوخ المحميات الخليجية مع عدو الأمة؟! أو تلك التي خاضها (جندرمة السودان)؟!
إن كل من هرولوا نحو (التطبيع) مع العدو الصهيوني وكل من يستعدون للهرولة لا وزن لهم ولا تأثير في معادلة الصراع والمقاومة، بما في ذلك نظام (آل سعود) بكل ضجيجه وصخبه وشروطه الكاذبة وهو المعروف بـ(خادم الصهاينة والأمريكان) وان زعم زورا أنه (خادم الحرمين)..!
لكن المشكلة مع هؤلاء (الخونة والمنبطحين) أنهم يحاولون زورا بمواقفهم هذه وفي ظل تصاعد أعمال الرفض والمقاومة وتعدد طرقها وأساليبها إعطاء العدو (شرعية) لا يستحقها يستجديها ممن لا يملكها..!
قبل أيام قال رئيس حكومة العدو المطارد من قبل مستوطنيه بتهم الفساد (نتنياهو) في تصريح لافت لشبكة التلفزة الأمريكية cnn كلاماً يقال لأول مرة من قائد صهيوني وهو (أن حل الصراع الإسرائيلي _الفلسطيني من الداخل أصبح صعبا إن لم يكن مستحيلا بعد كل هذه السنوات، وبالتالي فإن حل هذا الصراع مع الفلسطينيين يجب أن يكون من الخارج من خلال تطبيع العلاقات مع الدول العربية والإسلامية وبعدها سيكون ممكنا التفاهم مع الفلسطينيين)..!
هذه النظرية الصهيونية الجديدة وغير المسبوقة (لتصفية وليس لحل القضية الفلسطينية) في أبعادها، تمثل إهانة للنظام العربي الرسمي الذي اعتبر قبل عقود منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، متخليا عن واجبه القومي تجاه فلسطين، وهي اليوم وليس أنظمة الذل والعار من يدافع عن العروبة والهوية والمقدسات.. لم يقف القادة الصهاينة عند هذا المنعطف (الفضيحة) في تفسير آلية الصراع وهو التفسير المهين للأنظمة العربية التي لم يجرؤ أبواقها ومطبلوها وحملة مباخرها حتى الرد على رئيس وزراء الكيان أو تصحيح معلوماته وتعريفه بالخطأ، لكن من أين لهم وهم سبق وتجاهلوا تصريحات هذا الرجل حين زار السودان وقال من هناك (اليوم سقطت لاءات الخرطوم)؟، لم يجرؤ أي نظام عربي من أنظمة الذل والعار أن يرد عليه، فيما حملة مباخر هذه الأنظمة وأبواقها ابتلعوا ألسنتهم، وهم المعروفون بحماسهم في الدفاع عن (شيوخهم) ويتحولون إلى (كلاب مسعورة) إن نشر خبر بحق هؤلاء (الشيوخ _العلوج)..!
قبل أيام كان وزير خارجية (العدو الصهيوني) في زيارة للعاصمة السودانية الخرطوم ومن هناك قال (اليوم الخرطوم تقول نعم للمفاوضات.. نعم للسلام.. ونعم للحوار)!
أطلق الوزير الصهيوني تصريحه هذا فيما كيانه وجيشه ومستوطنوه وأجهزته يرتكبون أبشع المجازر بحق الشعب العربي في فلسطين، حيث يقتل البشر وتقتلع الشجر، ويعتقل الأحياء والأموات، والمقدسات تنتهك، والشعب الفلسطيني يقاوم والشهداء المقاومون الأبطال يتساقطون ليلا ونهارا دفاعا عن وطنهم وقضيتهم ومقدساتهم الإسلامية والمسيحية، حتى أن (طفلا بعمر الـ13 عاما) عبَّر عن هويته وإرادته وقناعته الإيمانية، وانتمائه العربي الإسلامي، وأقدم على تنفيذ عمل بطولي يعجز عن الاقدام بمثله أصحاب ( الجلالة والفخامة والسمو) أولئك الذين سعرهم مجتمعين في سوق الكرامة والسيادة والشرف لا يساوي ثمن (فردة حذاء) كان يرتديها الطفل العربي الفلسطيني البطل ابن القدس العربية الذي لم يبلغ سن الرشد..!
إذاً ليذهب عشاق الارتهان ورموز الذل والعار وحكام الخيبة عبيد الصهاينة وخدام الاستعمار، ليذهب هؤلاء جميعا وكل من سينتمي إليهم ويعتلي قطار الارتهان، ليذهب كل هؤلاء للجحيم، لأن فلسطين لا تحتاجهم ولا تكترث بوجودهم من عدمه ولا تأثير لعدالة قضيتها ومسارها جراء مواقفهم المبتذلة، بل إن فلسطين وأبطالها ومقاوميها سيكونون سعداء وممتنين إن تمكن هؤلاء الحكام -العلوج من أن يحافظوا على (مخادعهم) من الاختراق الصهيوني صونا للعرض..!
أما فلسطين فلها رجالها وأبطالها المدافعون عنها الذين سيركعون هذا العدو الذي يستجدي اليوم الحماية من أبطال المقاومة وأسودها الذين تباركهم إرادة أحرار الأمة المنتشرين من قلب فلسطين مرورا ببيروت والضاحية وما أدراكم ما (الضاحية) إلى دمشق وصنعاء وصولا لطهران تلك العاصمة التي مجرد ذكرها يصيب البعض بالسعار، لكنها عاصمة المقاومين ومصدر قوتهم التي لا تخذل ولا تساوم.. طهران التي وإن كنا نتحفظ على دورها ومشاريعها الجيو سياسية ولها الحق، فهي دولة ذات سيادة وصاحبة مشروع حضاري، غير أن ممارسات الأنظمة العربية ونخبها وابواقها وحملة مباخرها، كل هذا يجعلنا نحني هاماتنا لدور ومواقف (طهران) وما تقدمه لأمتنا وفلسطين ومقاوميها، الذين تمكنوا بفعل دعم طهران من إحداث توازن عسكري مع العدو ولم يعد الفلسطيني يموت صامتا، بل يبادل الطلقة بالطلقة والقنبلة بالقنبلة والصاروخ بالصاروخ.. فبفضل دعم إيران وسوريا والمقاومة وكل محور المقاومة نرى العدو يتخبط ويعيش حالة رعب حقيقي، ولِمَ لا مادام و(الطفل العربي الفلسطيني) ينازل (جنرالا) في جيش العدو.. هذا العدو الذي يعيش في أسوأ مراحل قهره منتظرا مكرمة (آل سعود) للتطبيع معه علنا وإظهار المودة والرحمة بينهما .!
كثيرة هي المعطيات والحقائق التي تؤكد أن (الكيان الصهيوني) يعيش اليوم في أسوأ مراحله وأنه يواجه خطرا وجوديا حقيقيا وأزمة هوية وانتماء وحالة اغتراب تستوطن الكثير من مستوطنيه الذين بدأ الكثيرون منهم بهجرة عكسية، أي مغادرة الكيان لدول غربية وأمريكا، بعد أن اقتنعوا أن هذا الكيان ليس وطنهم المزعوم، في ذات السياق يعيش مستوطنو هذا الكيان حالة استلاب وانسلاخ عن هويتهم تماما كما هو حال بعض المحسوبين على أمتنا الذين تنكروا لكل قضايا الأمة كما تنكروا لكرامتهم وعقيدتهم ومعتقداتهم الثقافية والحضارية، إذ لم يعد في هذا (الكيان) ذاك الصهيوني الذي جاء في ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي وهو مسكون بكل حماس للانتماء لـ(أرض الميعاد _وشعب الله المختار) وكأنهم بحالتهم الراهنة يجسدون قول الله تعالى (وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ ۖ إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ ۖ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ) صدق الله العظيم.. نعم كما نعاني نحن في أمتنا من هذا الاستلاب والتنكر لكل قضايا أمتنا، هم بالمقابل يعيشون ذات الحالة ولم يعد ثمة ما يشغلهم غير الرغبة في حياة يحلمون بها ليس فيها منغصات ولا جيش ولا تجنيد ولا دفاع عن أرض الميعاد باستثناء قلة (صهيونية) مؤدلجة ومتعصبة يتماهون في ثقافتهم وأفكارهم مع ثقافة وأفكار (منتسبي داعش وجماعة التكفيريين المتعددي الأسماء) الذين بدورهم يقومون بخدمة هذا الكيان ويشرعنون لوجوده..!
نعم يعيش الكيان الصهيوني في أزمة وجودية غير مسبوقة وكل ممارساته اليوم تدل على عجزه وهشاشته وإخفاقه في توحيد هوية المجتمع الصهيوني وتعزيز ثقافة الانتماء لهذا الكيان في وجدان وذاكرة جحافل المستوطنين الذين ينتمون لثقافات وهويات ومجتمعات ولغات عديدة يصعب صهرها وتوحيدها لتشكل مجتمعا متجانساً..!
حقائق يمكن استشرافها في لجوء هذا الكيان إلى إبراز ( الجماعات العنصرية الصهيونية) المتطرفة، كتعبير عن أزمة انتماء وأزمة وعي، لذلك يحاول رعاة هذا الكيان إبراز هذه النخب المتطرفة للتغطية عن الأزمة الوجودية التي تعصف بهذا الكيان..!
الأمر الآخر يتمثل في الخطاب التصعيدي لرموز هذا الكيان ومحاولتهم الهروب من استحقاقات الداخل نحو الخارج، كما يحاول رئيس وزراء الكيان الذي استعان بجماعات المتطرفين للتغطية على فساده وخشيته من تربص خصومه، في ذات الوقت يطلق تهديداته النارية باتجاه السلطة الفلسطينية والمقاومة وباتجاه إيران وسوريا والمقاومة اللبنانية، دون أن يخفي تضرعه وتوسله لكسب ود بعض الأنظمة العربية المرتهنة لأمريكا، ويسعى لإقامة علاقة معها بذريعة مواجهة (إيران) وهو يدرك جيدا أنه وكيانه أعجز عن مواجهة إيران إلا باستثناء بعض المناوشات التي يقوم بها عبر أدواته، أو من خلال استهداف سوريا التي ترتبط باستراتيجية توازن القوى وبتحالفاتها مع أقطاب دولية كروسيا والصين وإيران، وهي أيضا في قلب محور المقاومة، وهذه العوامل تجعل ضبط النفس في هذه المرحلة خيارا أمام التخرصات الصهيونية، وهذا لا يعني تجاهل هذه التخرصات الصهيونية التي تجابه بردود فورية ولكن في نطاق مسرح العمليات الجيوسياسية والتي لا يعلن عنها غالبا..
إذاً يسعى (الكيان الصهيوني) وفق نظرية العجز الجديدة التي أعلن عنها والمتمثلة في (استحالة حل الصراع مع الشعب العربي في فلسطين، وبالتالي الحل بنظره خارجي أو سيأتي من الخارج من خلال (التطبيع مع الأنظمة العربية) أولا وبعدها (سيكون الحل ممكنا مع الفلسطينيين في الداخل ) وهذا _لعمري _هو العذر الأقبح من الذنب، والحيلة غير القابلة للتصديق حتى ولو كان الآخرون من العرب الذين يخاطبهم قادة هذا الكيان ليسوا بشرا بل ينتمون (لقطعان من الحمير)..!
ومع ذلك قد ينجح الكيان بحيلته هذه بضغط أمريكي خاصة والنظام السعودي هو هدف الكيان الذي يرى في التطبيع معه نهاية لأزماته وترسيخا لوجوده الاستيطاني في فلسطين..!
وتجاهل هذا الكيان وقادته أن كل الأنظمة العربية التي هرولت إليه دون استثناء بما فيها النظام السعودي، لن تغيرِّ في مسار القضية ولن تحل ازماته الوجودية إن لم يجد المطبعون معه جميعهم ودون استثناء أنفسهم في دوامة من الأزمات قد تقتلعهم من جذورهم بفعل حقائق التاريخ ومسار الأحداث، لأن فلسطين ليست مجرد أرض محتلة، بل هي أعظم وأكبر من هذا المصطلح العابر.. إنها قضية مرتبطة بوجود الأمة بكل عقائدها ومعتقداتها الثقافية والدينية والحضارية والتاريخية..
إذاً.. هل يحقق الكيان هدفه بالتطبيع مع نظام آل سعود، بذريعة مواجهة (إيران)؟! نعلم جميعا أن نظام آل سعود يعد أقرب الأنظمة لهذا الكيان منذ ما قبل تأسيسه، لكنها علاقة قامت (سرية) ودامت وتطورت بـ(سريتها) وهذا يعني أن نقلها لمستوى العلنية فعل غير قابل للتحقق حتى مع نجاح الاستراتيجية الأمريكية _الغربية _الصهيونية، والمتمثلة في إشاعة الفوضى في المحاور العربية الإسلامية وتدمير قدراتها وإدخالها في دوامة الأزمات كما حدث للعراق وسوريا وليبيا واليمن، ولبنان، وإنهاك السلطة الفلسطينية بسلسلة من الضغوطات الأمريكية _الغربية واستهداف إيران بالعقوبات والحصار وأيضا سوريا ولبنان ومحاولة إفقار هذه النطاقات التي تمثل محور المقاومة والدفع بانهيار عملاتها، في مقابل تركيز الثراء الفاحش والترف الطفيلي لدى أنظمة مرتهنة أمريكياً ومنعها من تقديم يد العون، ليس لأقرانها من الأنظمة العربية فحسب، بل منعها من تقديم مساعدات إنسانية للشعب العربي الفلسطيني الذي يرزح تحت نير الاحتلال الاستيطاني الصهيوني العنصري..!
ومع كل ذلك فإن كل هذه المحاولات الاستعمارية ستفشل وستفشل معها كل مؤامرات أنظمة التطبيع بما فيها نظام آل سعود الذي يراهن عليه الصهاينة في إنقاذهم من أزمتهم تحت يافطة (التحالف ضد إيران)..
إيران هذه الجمهورية الإسلامية التي قيضها الله لفلسطين وشعبها بعد أن تخلي بعض العرب عنها ولهذا أرى أن قوله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ..) صدق الله العظيم.. أقول إن هذه الآية قد قصد بها الله سبحانه وتعالى الجمهورية الإسلامية التي آمنت بعدالة القضية العربية الفلسطينية في زمن كفر فيه بعض العرب بقضيتهم المركزية الأولى..!
ختاما لا تطبيع ولا مطبعون قد يفلحوا في الانتقاص من عدالة قضية يراقب مسارها وتداعياتها الله سبحانه وتعالى من سابع سماء..
ختاما أود أن أذكِّر أنظمة (الذل والانبطاح والتطبيع) وقادتها الباحثين عن حياة الترف والرفاهية أن أعظم مدنهم الزجاجية ثمنها (عبوة ناسفة، أو قنبلة يدوية أو طائرة مسيَّرة أو سيارة مفخخة ) مجرد تفجيرها في شارع ما أو زقاق ما، فهذا كفيل بتحويل هذه المدن الصاخبة إلى مدن أشباح، إن لم تعد لسيرتها الأولى مجرد أكوام من الرمال المتحركة..!
* نقلا عن :الثورة نت
في الإثنين 06 مارس - آذار 2023 07:11:34 م