شعراء الغدير والولاية اليمانيون"25"
حسن المرتضى
حسن المرتضى

 

فُصُوْلُ المَاء

شِعْر: حسن شرف المرتضى

 ...

الفصلُ الأولُ من حديثِ الماء

حسن شرف المرتضى

[تفعيلة متفاعلن]

لي أنْ أقولَ وأنْ تجيبَ على جميعِ الأسئلةْ

أغديرُ خمٍّ والفراتُ بزمزمٍ لهما صلةْ؟

لهما صلاتٌ يا صديقي

فالماءُ للرحمنِ أولُ بوصلةْ

أوَ ليسَ عرشُ اللهِ فوقَ الماءْ

فالماءُ أولُ عابدٍ للهِ قبلَ تواجدِ الأحياءْ

والماءُ أولُ راكضٍ من تحتِ هاجرَ

حيثُ زمزمَ لم تكنْ إلا يدًا أولى تبايعُ للذبيحْ

أوَ ليسَ إسماعيلُ أوّلَ من يُبايعُ فوق ماءْ؟

فالماءُ أولُ عابدٍ للهِ إذ لا أرضَ كانت أو سماءْ

والماءُ شرّفهُ الإلهُ لكي يبايعَ أنبياءَ وأوصياءْ

الماءُ بابُ علاقةٍ باللهِ والكلماتِ والأسماءْ

من زمزمٍ بدأتْ حكاياتُ الولايةِ والولاءْ

وبزمزمٍ كم تقتدي باقي المياهْ

فالماءُ حينَ تهدلتْ أغصانُهُ في اليمِّ أو في البئرِ

أو في البحرِ يعرفُ كيف يرسلُ بيعةً نحو الكليمْ

والبئرُ بايعهُ وأعطاهُ امتدادًا حين لاقى فوقهُ قَمَرَيْ شُعيبْ

والماءُ سرٌّ كوثريٌّ لا انتهاءَ لهُ لدى طه

وطه بامتدادِ الأرضِ يحملُ سرّهُ في فاطمةْ

البحرُ إذ ينشقّ والى من يوالِ اللهَ يا موسى ألا اعبرْ أنتَ

واعبرْ أنتَ يا هارونُ واعبرْ أنتَ يا يوشعْ

لماذا السامريّ الآنَ يعبرُ مثلهم يا رب؟

لكي يلقى العذابَ بلا مساسَ

فلا مساسَ هي العذابُ فلا حياةَ ولا مماتْ

والبحرُ إذ يُطوى على فرعونِ أمريكا

ويُطوى تحته قارونُ من أهلِ الخليجِ

فليسَ مثل السامريّ بلا حياةٍ أو مماتْ

للماءِ ألفُ حكايةٍ وحكايةْ..

فالماء مرّ عليه روحُ اللهِ عيسى حينَ لاقى فوقهُ يحيى وعمّدهُ

وأصبحَ حينها عيسى المسيح

هذا وما الإنجيلُ غيرُ بشارةٍ بمحمدٍ من بعدهِ

ومحمدٌ ولّى (عليّْ)

بأمرِ خلاّقِ الوجودْ

عيسى ومائدةٌ وأسباطٌ يبشّرُهم بـ(أحمدَ) كي يكونَ هو الختامْ

طه يبشّرُهم بأنّ كمالَ نعمةَ ربهِ بولايةِ المولى علي

من زمزمٍ حتى غديرِ الخمّ

يحكي الماءُ كيف يكونُ أولَ من يبايعُ للإلهِ وللنبيِّ / وللوصيّ

من زمزمٍ حتى غديرِ الخمّ هل كانت هنا كل الحكايةْ؟

لا زالَ عندَ الماءِ أسرارٌ وقد بدأتْ بماءٍ فيهِ قد عقروا لصالحَ ناقةً

وامتدّ ذاكَ الجرحُ حتى الآنَ ينزفُ من على شطّ الفراتِ لكربلاءْ

للماءِ أسرارُ تقولُ: بأنّ من خانوا عليًا والولايةَ

إنّهم قتلوا الحسينْ

فارفعْ يديكَ مبايعًا لعليْ

حتى لا يُبايع مرةً أخرى يزيدْ

...

 

الفصلُ الثّاني من حديثِ الماء

حسن شرف المرتضى

[تفعيلة متفاعلن]

لي أنْ أقولَ وأنْ تجيبْ...

أغديرُ خمٍّ صورةٌ ماديّةٌ عن عينِ ماءٍ خُصّصتْ في سورةِ الإنسانْ

لثلةٍ قد أطعموا "اليتيمَ" و"المسكينَ" و"الأسيرْ"

لثلةٍ لوحدهم من عينِ تلك الماءِ يشربونْ

لكنهم من مائها للكونِ يسكبونْ!

غديرُ خمٍّ كأسُها الوحيدْ....

*  *  *

أما "اليتيمُ" لم أزلْ ببابِهمْ

أستقرضُ الشعورَ في القصيدْ

وآكلُ الشعيرَ من قصاعِهم وأشربُ الغديرَ والولايةْ

*  *  *

ومرةً أخرى... أتى إلى عليّ ذلك "المسكينْ"

ولم يكنْ عليُّ صائمًا

كالمرةِ الأولى

أو عندَهُ قرصٌ وحيدٌ من شعيرْ

بل خاتمٌ من كفّهِ اليمينْ

وهْو في الصلاةْ

*  *  *

أمّا "الأسيرُ" صارَ هذا اليوم أمّةً!!

بالأمسِ ظلّ يوسفٌ في سجنهِ سبعًا من السنينْ

أعوامُنا أضحتْ كما القرونْ!!

قُرونُنا العجافُ سبعةٌ.. وسبعةٌ من بعدها قرونُنا العجافْ!!

نحتاجُ ذي الفقارْ

يقدُّ رأسَ مِرْحبٍ ويطردُ اليهودْ

نحتاجُ للغديرِ والولايةْ

فَمُذْ خذلنا حيدرًا؛ عشنا سنينَ التّيهْ

وتيهُنا أضحى قرونْ!!

ما أصبرَ الرحمنْ؟!

فالماءُ كانَ دائمًا على الطغاةِ يصبحُ الطوفانْ!!

لكنهُ قد خصّصَ الماءَ الذي ولّى عليًا فيهْ

لكي نبايعَهْ

لينقذَ الإنسانْ

فارفعْ يديكَ مبايعًا لعليّ

حتى لا تُبايعَ مرةً أخرى بنجْدٍ عُصبةُ الشيطانْ

فكلُ كفٍ بايعتْ عليًا.. تروي حديثَ الماءْ

وكيفْ صارتْ حينها كفوفُنا طوفانْ

*  *  *

..

الفصلُ الثالث من حديثِ الماء

حسن شرف المرتضى

[تفعيلة متفاعلن]

المشهدُ الأول:

من قبلِ أنْ يصيرَ طينُ الأولينَ حمًأ مسنونْ

كان الترابُ ماءْ

وكانتِ الرياحُ زوبعةْ، تخضّهُ، تخضّهُ

لكي يصيرَ بعدَها إنسانْ

يسعى إلى البقاءْ

فيسفكُ الدماءْ

المشهدُ الثاني:

من قبلِ أنْ يصيرً طينًا لازبا

كانُ الترابُ ماءْ

وكانتِ الرياحُ ملعقةْ

تُديرُهُ، تخضُهُ، تهزُهُ

لكي يصيرَ بعدَها بشرْ

والنارُ كانتْ حينها تسعى إلى الخلودْ

تُمارس السجودْ

في مسجدِ السماءْ

مع الملائكةْ

المشهدُ الثالث:

تحالفٌ جديدْ

للماءِ والترابِ والهواءْ

فلم يعدْ للنارِ أصدقاءْ

فالريحُ لما عَصَفتْ فوقَ المياهِ أخرجتْ ترابا

والروحُ لما نُفختْ على الترابِ حينها صارَ الترابُ بشرًا مطوّرا

والنارُ كانت ترتدي سجودَها غطاءْ

ومنذ أضحت للترابِ روحْ

الريحُ هبّتْ فوق نارٍ تمتطي السجودَ للإلهْ

فأججتَ في النار/ حلمَهُ القديمْ/ خليفةً للأرضْ

لأجلِ ذا لا تقبلُ السجودْ

لآدمٍ؛

لأنهُ منافسٌ وأصلُهُ من ماءْ

في نسلهِ تجري مياهُ الاصْطفاءْ/ الأنبياءْ / الأوصياءْ

المشهدُ الرابع:

النورُ كان حينها في موضعِ السؤالْ

يشاهدُ الأسماءَ لما عُرضتْ عليهْ

وليس غيرُ اللهِ والمياهِ والرياحْ

تدري بها

فالريحُ لما صَلْصَلَتْ جيناتِ طينٍ لازبٍ

تدري بمن قد عُرضوا على الملائكةْ

والريحُ لما حَمَلتْ من فوقها الأوّاهَ إبراهيمْ

والدَ الكلماتِ والأسماءْ

صارتْ عليهِ بردًا وسلامْ

وشاهدتْ جيناتِهم في صلبهِ

والنارُ لمّا حاولتْ إحراقَ إبراهيمْ

في عامِ فيلٍ..

حاولتْ لمرةٍ أخرى...

*  *  *

فتحملُ الرياحُ فوق ظهرِها السجيلْ

فتنتهي المكيدةْ

المشهدُ الخامس:

النارُ تغوي آدمًا

تنسيهِ كيفَ يذكرُ الأسماءْ

يا ربُّ تبْ عَلَيّ

..... خذْ هذهِ الكلماتْ

ولتبدأِ الدعاءْ

المشهدُ السادس:

طوفانُ نوحٍ مرّ من هنا

ليحصدَ الطينَ الذي قد مسّهُ الشيطانْ

المشهدُ السابع:

في لحظةِ اكتمالْ

أتمّ ربي باقي الكلماتْ

على الخليلِ وسطَ وادٍ ليسَ فيهِ زرعْ

جوارَ بيتِ ربهِ الحرامْ

تهوي إليهمْ أنفسُ العبادْ

المشهدُ الثامن:

النارُ ما زالتْ بحلقِ "زمزمٍ" تخنقها بلحيةِ الأصنامْ

وأكذبِ الخُدّامْ

النارُ ما زالتْ تحوّطُ "الغديرَ" أن يفيضَ مرةً أخرى على الغمامْ

المشهدُ التاسع:

تحالفٌ جديدْ

للماءِ والترابِ والهواءْ

وموعدُ اللقاءْ

الموعدُ الأخيرْ

في مكةٍ والقدسْ

ليطفئوا الشيطانَ للأبدْ

 

...

الفصلُ الرابعُ من حديثِ الماء

حسن شرف المرتضى

[تفعيلة مفعولن]

للماءِ شعوبٌ وقبائلْ

للماءِ طقوسٌ ومراحلْ

للغيمِ سقوفٌ ومداخلْ

ساحاتٌ للماءِ.... صعود،ٌ جَرَيَانٌ،

وركودْ

الغيمُ مرايا يعكسُها وجهٌ للماءْ

فالماءُ نبيٌّ في الأعلى ورسولٌ يمشي بين الناسْ

نهرًا وبحارا

وإمامًا يهدي للحقّ

وقبابًا خُضرًا ومشاتلْ

الرعدُ نواقيسٌ للوحي وتذكيرٌ بالغيبْ

ويقصّ حكايا من رحلوا في مقطعِ صوتٍ موجزْ

وحكايا الحاضرِ والآتي

الرعدُ بليغٌ ووجيزْ

لا يحتاجُ سوى أذنٍ تسمعْ

كي تعرفَ ماذا قالْ

لا تسْدُدْ أُذنكَ إذ دوّى

من سدّوا الآذانَ قديمًا

رفسوا غيمَ النورِ وضمّوا كأسَ النارْ

حين يدوّي الرعدْ

بادِلْهُ بصوتٍ مسموعٍ: سبوحْ... قدوسْ

هو ربُ ملائكةٍ

وهو إلهُ الروحْ

فالروحُ المنفوخة

آدمُ أو عيسى

آدمُ يعرفُ أسماءَ الكلماتْ

وعليهِ بها ربي تابْ

عيسى بالكلماتِ "الأحمدِ" بشّرَ قبلَ صعودٍ نحوَ الغيمْ

*  *  *

البرقُ كمشكاةٍ للغيمْ

يرسلُ برقيّاتِ اللهِ النورِ عن الكلماتْ...

حين يشيرُ البرقُ إليهم.... ثمَّ صراطُ اللهِ الأقومْ

والبرقُ بهمْ

حين يضيءُ؛ يسيرُ الناسْ

ما بين البرقةِ والأخرى علَمٌ وهُداةْ

تبرقُ تنزيلًا ورجالا

تبرقُ تأويلًا ورجالا

لا يُظلمُ برقٌ، بل تعمى أبصارُ الطينْ

للطينِ عيونٌ إذ تبصرُ.. تنجو.. تنجو

وعيونٌ للطينِ أتعمى حين ترى سربَ الأنوارْ؟

حيث يصيرُ الطينُ حسودًا ويصيرُ كفورًا كالنارْ

ليغيرَ الغيمُ على ابنِ الطينِ الناريّ الأوهامْ

إعصارًا جبارًا يبدأُ بالإقلاعْ

هودٌ يخبرهم: أنْ عُودوا

ماذا تَخبرهم يا هودُ

ويكررُها يا....: عُودوا

ما أحدٌ من معشرِ (عاد)

منهم عادْ

هذا عارضُ قد يمطرنا بعذابِ الرحمنْ

الغيمُ رسولٌ بالرحمةْ

ونذيرُ عذابْ

لو أنهمُ تبعوا هودا؟!

لكنهمُ ركدوا كمياهِ المستنقعْ

فاجتثتهم أحجارٌ للغيمْ

الماءُ الراكدُ كالناسْ

لا حلّ له إلا الردمْ

أخبرهم يا ذا القرنينْ

الناسُ الطينُ الراكدةُ الأسماع الأبصارْ

تتدثرُ زيَّ الأحبارْ

تلبسُ مسجدَ ضرٍّ كفريٍّ وضرارْ

الماءُ الراكدُ أجيالٌ قد تصبحُ فوجًا من نارْ

*  *  *

للغيمِ سقوفٌ ومداخلْ

ساحاتٌ للماءِ صعودٌ، جريانٌ،..... وركودْ

حين يسيلُ كحائطِ غيبٍ يحملُ شفرتهُ ويسيلُ يسيل

فسَّرَهُ في الطينِ البائدِ إعصارٌ جبارْ

حتى لو كان الطينيُّ النارُ تحصّن بالجناتِ وبالأسوارْ

يأتي العرمُ إليهِ ليبدلهُ.. أثلًا، خمْطا

لا أبراجُ المالِ تواري سوءتها وحقولُ النفطْ

لا يعصمها جبروتٌ للغربِ ولا الطيرانْ

فارفعْ كفّ الطينِ وبايعْ زمزمَ

حين امتدّ غديرُ عليٍّ منها

*  *  *

للغيمِ سقوفٌ ومداخلْ

فادخلْ ماءَ التنزيلِ التنزيلْْ

حيثُ غديرُ الخمِّ البابُ الأوحدُ نحو الغيمْ

 

..

الفصلُ الخامسُ من حديثِ الماء

حسن شرف المرتضى

[تفعيلة مفاعلن]

الماءُ يضربُ موعدًا للأمنياتْ

والأمنياتُ من الحياةْ

إذْ كلّ شيءٍ صارَ حيّاً دبَّ فيه الماءْ

الماءُ يضربُ موعدًا للأمنياتْ

لتجيءَ بلقيسٌ لتكشفَ ساقَها من فوقهِ

فقد التقتْ تلكَ المليكةُ بالنبيْ

إذْ شاهدتْ عرشًا لها ويدُ النبوةِ حرَّزتهُ

بأنّه قد صارَ "بسمِ اللهْ"

فالأنبياءُ هُمُ إلى الرحمنِ بابْ

والأوصياءُ إليهمُ البابُ الوحيدْ

*  *  *

الماءُ يضربُ موعدًا للأمنياتْ

فغدتْ عروشُ المُلكِ من كفِ النّدى البِلقيسِ

تكتبُ غير تاريخِ الملوكِ الشائكِ الأطوارْ

وتخطُّ فصلًا لا نظيرَ له بتاريخِ الملوكِ الطينِ

تاريخُ الملوكِ النارْ.. فصلٌ من رمادْ

بقليسُ فصلٌ آخرٌ يمتدّ مثلَ السدّ ينبضُ بالحياةْ

لتصيرَ أرضَ الجنتينْ

فلأنها نبتتْ وباركها سليمانٌ بـِ" باسمِ اللهْ"

الأرضُ حين يشوبُها بؤسُ الملوكِ النّارِ يهجمُ فوقها سيلُ العرمْ

*  *  *

الماءُ يضربُ موعدًا للأمنياتْ

موسى كليمُ الله يدركُ أنّ خلفَ الصبرِ معنى آخرٌ للغيبْ

لما التقى بجوارِ ماءٍ.. عالِمًا بالغيبِ.. أعلمَ منهْ

فهناك لقّنه دروسَ الصبرِ درسَ الغيبِ، درسَ الماءْ

وكان يومًا مفصليّا

فالماءُ أوّلُ ما رأى

مذْ كانَ وسطَ قماطهِ واليمُّ يحملهُ إلى فرعونْ

فرعونُ لم يتركْ غلامًا في البلادِ يعيشْ

"الخِضرُ" علّمهُ بحجمِ الفرقِ في قتلِ الغلامِ المُرهقِ الأبوينِ كُفرا

أو فعلِ فرعونٍ بقتلِ طفولةٍ في كلّ بيتْ

كي لا يجيءَ مخلّصٌ للنّاسِ منه!!

شتانَ في الفعلينْ

والخِضرُ علّمه بأنّ سفينةً خُرقتْ

لكي تُحمى من الملكِ الغصوبْ

وبأنّ دورَ الأنبياءِ حمايةٌ لحقوقِ كل الناسْ

وبأنه لما ابْتنى ذاك الجدارْ

كي يدركَ الأيتامُ كنزَهما إذا كبروا

يعلّمه دروسًا في البناءِ وفي العطاءْ

فالأنبياءُ هم البناءْ

آياتُ موسى حين فاضَ النيلُ ماءً كالدماءْ

وضفادعًا، قملًا، جرادْ

كانت بناءْ

كي يُهدمَ الفرعونُ والقارونُ والهامانُ والبلعامْ

فرعونُ قُبحُ الساسةْ

قارونُ قبحُ المالْ

هامانُ قُبحُ الجُندْ

بلعامُ قُبحُ تدينٍ مشبوهْ

والهدمُ للطاغوتِ أصلٌ في البناءْ

إنّ الملوكَ لهم تواريخُ الدماءْ

فالقملُ جُندُ السَّـفْكِ والتشريدِ في هامانْ

وجرادُ بيت المالِ قارونٌ مهمّتهُ هي التجويعُ، غصْبُ الناسِ كل متاعهم..

وسفينةٌ خُرقتْ لتنجوَ أنْ تصادرَ كالبقيةْ

وضفادعٌ كوجوهِ بلعامٍ تشوّهُ أصلَ معنى الدينْ

بلعامُ أضحى اليومَ في الحرمينْ

*  *  *

الخِضْرُ علّمهُ بأنّ عصاهُ صوتُ الحقِّ لما شقّتِ الطودَ العظيمَ من المياهْ

كي يهلكَ الفرعونَ قاتلَ كلِّ أطفالِ البلادْ

وليهلكَ العرّافَ حين أشارَ بالتقتيلْ

وعلّمهُ بأنّ عصاهُ إذ شقّتْ بطونَ الصخرِ

فانبجستْ مياهًا كي تصيرَ حياةَ قومٍ أرهقوهُ وحاولوا قتلَ الوصيِّ لهُ

فجدّدَ نفسهُ بلعامُ صارَ اليومَ غولًا سامريًا أنهكَ التوارةَ والإنجيلَ والقرآنْ

هو لم يَصِرْ إلا غُلامًا مُرهقًا أبويهِ بالطغيانْ

أبواهُ كانوا "الأنبياءَ ومحكمَ التنزيلْ"

بلعامُ صارَ اليومَ في (نجدٍ) قرونًا تحملُ الشيطانْ

بلعامُ يُدمي اليومَ قرآنَ السماءْ

بلعامُ حرّفَ ما تلاهُ الأنبياءْ

*  *  *

الماءُ يضربُ موعدًا للأمنياتْ

فعلى ضفافِ البئرِ موسى يلتقي بنتي شعيبْ

.. كان الزواجُ بمهرِ سقياهم

والخضرُ مثلُ شعيبَ كانا يُحصيانِ الصبرَ في قلبِ الكليمْ

فشعيبُ كان نبيَّ قومٍ يُخسرونَ الناسَ في الميزانْ

آواهُ بيتُ شعيبَ لمّا فرّ بعد القتلِ فاحترفتْ يداهُ سقايةً لهما

فالقتلُ قبلَ أوامرِ الرحمنِ للأعداءْ

كَفَّارةً يحتاجُ؛ حتى يقبلَ اللهُ الدعاءْ

عشرٌ من السنواتِ يقضيها يكفّرُ عن جنايتهِ بسقْي الماءْ

*  *  *

الماءُ يضربُ موعدًا للأمنياتْ

وقميصُ يعقوبٍ يعودُ إليهِ مبلولًا برائحةِ الغيابِ إلى الحضورْ

يعقوبُ لمّا شمّ رائحةَ العرقْ

فكأنّ يوسفَ لابسٌ ثوبَ الإيابِ بهِ

ويطوي عن أبيهِ كوؤسَ دهرٍ في العمى البصريِّ لا القلبيْ

ماءُ النبوةِ لم يكنْ غيمًا هنا بل كانَ رائحة الجسدْ

ماءُ النبوةِ حينما ملأَ القميصَ أعادَ للمكلومِ والدَهُ البصرْ

وكأنني أرنو لريقِ محمدٍ إذ طافَ في عينيْ عليٍّ مبعدًا عنه الرمدْ

وإلى الأبدْ.. إذْ ريقُ طه غيمةٌ صُبّتْ على عَيْنَيْ عليْ

لتزيدَهُ علمًا وبسْطًا في الجسدْ

من يومها ويهودُ خيبرَ يذكرونَ الريقَ لما جرّدَ الكرّارُ نصلًا لا يُردْ

*  *  *

الماءُ يضربُ موعدًا للأمنياتْ

أيّوبُ يا أيوب

الماءُ آبَ إليهِ مُغتسَلًا يُطبّبُ خارجَ الجسمِ الذي قهرَ الجراحْ

الماءُ آب إليهِ كأسًا من شرابْ

ليطبّبَ الأحشاءَ بعد الصبرِ آبَ الماءُ بالأخبارِ بالأهلِينَ والأموالْ

خاضَ امتحانَ المالِ ثم الأهلِ ثم مصابَهُ فيما تبقّى في الجسدْ

الأهلُ عادوا مثلهم معهمْ

والمالُ بالأضعافْ.....

والآن حانَ بأنْ نؤوبَ إلى الغديرْ

كي نغسلَ الأدرانَ عن نفطِ البلادِ من المحيطِ إلى الخليجْ

فشرابُنا كأسُ الولايةِ للإيابْ

تعدادنا المليارُ لا معنى لهُ إلا السرابْ

فمتى استقينا كأسَ حيدرَ غادرَ التيهُ الطويلْ

فالماءُ يضربُ موعدًا للأمنياتْ

الماءُ يضربُ موعدًا للأمنياتْ

...

الفصلُ السادسُ من حديث الماء

حسن شرف المرتضى

[تفعيلة متفاعلن]

(علي بين فاطمتين)

1- إلى فاطمة بنت أسد

لمّا أتاكِ مخاضُ حيدر داخلَ البيتِ الحرامْ

هل كنتِ حددتِ المكانْ؟

أم أنّه المولودُ ساقَكِ حيثُ شاءَ اللهُ أنْ يُولدْ؟

أهززتِ جذعَ الخُلدِ أمْ أنَّ الخلودَ أتاكِ بالشّجرةْ

ماذا فعلتِ لكعبةِ الرحمنِ؛ حتى تفتحَ الأبوابْ

ويكونَ طفلكِ وحدَهُ مولودها؟

يا فاطمةْ

ها إنَّ طفلكِ سوفَ يكبرُ ثم يرزقهُ الإلهُ ببنتِ طه فاطمةْ

*  *  *

يا بنتَ زمزمَ والذبيحِ المفتدى

طُوفي على الأحزانِ سبعا

قولي لهاجرَ: إنّ زمزمَ لم تكنْ إلا نزيفَ دمٍ لحيدرَ والحسينْ

قولي لإسماعيلَ: إنّ ابني "عليًّا"..

هو الذبيحُ أبو الذبيحْ

قولي لمريمَ حينما تأتي مُبارِكةً: ها إنّني سمّيتُ طفليَ حيدرةْ

قولي لمريمَ حينما تأتي مُواسيةً وقد قتلوهُ في المحرابِ

هل أبكي عليًا أم تُرى أبكي على زكريّا؟!

وأنا أرى عيسى وما صلبوهُ إلا في الحسينْ

وأنا أرى رأسًا ليحيى مثلما رأسِ الحسينْ!

يا فاطمةْ

أَهَزَزتِ جذعَ الخلدِ أمْ أنّ الخلودَ أتاكِ من نزفِ الدماءْ

فعليُّ أوّلُ مُصحفٍ قطعتهُ أيدي الأدعياءْ

وعليُّ أكملُ آيةٍ لاقتْ منَ المحرابِ ميقاتَ الصعودِ إلى السماءْ

وعليُّ بابُ محمدٍ لم ينغلقْ

حتى وإنْ عادتْ قريشُ بكربلاءَ وكربلاءْ

2- إلى فاطمة بنت محمد

ماذا يحسُّ كساءُ طه

وابنُ ملجمَ خلفَ محرابِ الوصيِّ يحدُّ سيفَ الليلِ والظلماتْ؟

يا ديكُ أفهمُ ما تقولُ: الفجرُ خُضِّبَ نحرُهُ في الفجرْ

وكساءُ طه يفقدُ الآنَ الوصيْ

يا فاطمةْ.. أرأيتِ ما فعلَ (ابنُ ملجمْ)؟

أرأيتِ كيف تخضّبَ المحرابُ والقرآنُ بالمحرابِ والقرآنْ؟

ولعلّ ليلتكِ الحزينةَ مثلُ ليلةِ كربلاءْ

يا فاطمةْ..

وأنا أمرُّ على سجلِّ الحُزنِ لم أقرأْ سوى أحزانِكْ

وأرى الكساءَ الآنَ بين يديكِ .. شُمّي فيه طه والحسينْ

ضمّيهِ

ولتتذكّري المسمومَ والكرارَ والباقيْنَ من لم يدخلوا سِفْرَ الدماءْ

يا فاطمةْ

هذا عزائي فاذكريني في السّجلْ

فعسى أرى اسْمي مُدرجًا تحتَ الكساءْ

وعسى بأيديكم غدًا في الحوضِ أُسقى خيرَ ماءْ

 

* نقلا عن : المسيرة نت 


في السبت 18 مارس - آذار 2023 10:37:31 م

تجد هذا المقال في الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره
http://cfca-ye.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://cfca-ye.com/articles.php?id=7620