|
عقب اندلاع العملية الروسية في أوكرانيا بأيام تداعت المنظمات الأممية والمؤسسات الإعلامية الدولية في التحليل وكيل الاتهامات إلى الروس بانتهاك حقوق دولة ذات كيان مستقل وسيادة كاملة على أراضيها، وتحركت مراكز القرار في ما تسمى بالدول العظمى لوضع برنامج دعم طويل المدى لأوكرانيا، بزعم تثبيت قاعدة رفض العدوان بين الدول.
في ذلك الوقت كان قد مر على عدوان تحالف الحرب السعودي الأمريكي على اليمن أكثر من سبع سنوات، أكل خلالها الأخضر واليابس لبلد فقير لم يشكل يوماً خطراً على أحد لا بأسلحته ولا بطموحه، لا سياسيا ولا عسكريا ولا اقتصاديا، وبلغت ضحايا العدوان عشرات الآلاف من البشر، كثير منهم نساء وأطفال وعجزة فيما تم تدمير بنية تحتية متواضعة ومنها ذات العلاقة بحياة اليمنيين، مع ذلك لا منظمات نددت ولا هيئات دولية أدانت، كحال ما هو بالنسبة لأوكرانيا، وفقط الأمم المتحدة وجدت في هذه الحالة اليمنية فرصة لجمع الأموال بزعم إنقاذ اليمنيين من الجوع والمرض.
عانى اليمنيون كثيرا خلال ذلك، إلى جانب الأضرار المباشرة، من محاولة الآلة الإعلامية الدولية التكتيم والتعتيم على المأساة الدائرة في اليمن بسبب العدوان والغزو والاحتلال لأراضيه ونهب ثرواته، وبنجاح دبلوماسيته في إيصال القضية اليمنية إلى العالم، صدمت الحقائق جزءاً كبيراً من العالم بأن هناك مجتمعاً في أقصى جنوب الجزيرة العربية يعاني منذ سنوات بسبب الطمع الأمريكي في السيطرة والتملك.
ومع مرور أشهر قليلة على عملية أوكرانيا – وما رافقها من زخم إعلامي في الاهتمام العالمي، أدركت كتير من الأصوات الحية أن التعامل الدولي مع أزمة كييف كشف بصورة «مخزية» عورة الازدواجية الدولية في التعامل مع الأزمات العالمية – وبدأت كثير من التناولات تأخذ منحى الإنصاف إلى حد ما، بكشف تباين الاعتراف بالانتهاكات الإنسانية بين أوكرانيا واليمن، وحتى بين فارق الاقتدار اليمني المعتمد على إمكانياته الذاتية البسيطة، والأوكراني الذي انهالت عليه المساعدات وأشكال الدعم من مجموعة المنافقين.
كان ذلك نموذجاً صارخاً عكس الوضع الخطأ الناجم عن النظام العالمي الأحادي، الذي يجري اليوم تصحيحه على يد روسيا والصين وباقي الدول الحرة، بعد ما تبين العبث الأمريكي.
أمريكا اليوم وبصورة مثيرة تظهر لتتحدث عن أرقام مرعبة لمن سقطوا في العدوان الذي حاولت تحميله ابن سلمان.
الكشف الجديد الذي لا يخرج عن كونه محاولة ابتزاز جديدة اعتادت عليها أمريكا خصوصا وأنه يأتي عقب الاتفاق السعودي الإيراني الذي أزعج الساسة الأمريكان، كشف عنه السفير الأمريكي لدى اليمن، ستيفن فاجن، خلال حديثه في الذكرى الرابعة والستين لتأسيس أول بعثة أمريكية في اليمن.
في كل الأحوال، ظلت الاستراتيجية الأمريكية تعمل على توظيف المواقف والعلاقات لما يخدم أجندتها، ولا يعنيها صديق أو حليف.
وبعيدا عن التركيز في الرقم الذي تحدث عنه فاجن – وهو 400 ألف شهيد – فإنه اعتراف صريح بفداحة ما أقدم عليه العدوان حين قرار انتهاك حقوق شعب مستقل مسالم على أرضه، كما أنه لا يُسقط عن أمريكا التورط المباشر وغير المباشر في هذا العدوان الذي تحل بعد أيام ذكراه الثامنة.
* نقلا عن :الثورة نت
في الأحد 19 مارس - آذار 2023 08:22:57 م