اليمن كيف تحولت من الدفاع إلى الهجوم!؟
طالب الحسني
طالب الحسني

اليمن كيف تحولت من الدفاع إلى الهجوم، وكيف انتصرت على قوى العدوان برغم قلة العتاد وقلة الامكانات

 

قبل الحرب ببضعة أشهر، نقل عن وزير الخارجية السعودي الأسبق سعود الفيصل قوله وأقتبس "يبدو أننا ذاهبون إلى عملية جراحية في اليمن" بحسب أنور قرقاش، كان ذلك في اكتوبر 2014، لا حقا قال الجبير خلال إعلان الحرب على اليمن وهو في واشنطن ان السعودية والولايات المتحدة الامريكية ناقشوا لمدة 3 أشهر فكرة " العملية الجراحية بحسب توصيف سعود الفيصل " قبل ان يعلنوا ذلك، فهل كانت الحرب تحتاج تحالفا واسعا!؟ 

لا شك أن فكرة سعود الفيصل قد توسعت بحدود حرب شاملة في المنطقة بتحالف تقوده السعودية "الجديدة" لكن سنترك هنا هذا التحالف الذي تكون لتحالف محلي ترتب كمعاون واداة وجزء من الآلة التنفيذية للحرب "الكبرى" بعد أن خسر هو حروب صغيرة ومتعددة لم يصمد فيها أمام الثورة التي تكونت هي الأخرى من تحالفات محلية تغييرية وغير تقليدية لا في طريقتها ولا في قيادتها ولا في ادواتها ، اذ لا يمكن اعتبار ثورة 21 سبتمبر 2014 جزء من الربيع العربي ولا هي أيضا تشبه تلك الثورات التي حدثت خلال نصف القرن الماضي وإن كانت تتشابه مع الثورة الإيرانية 1979 في بعض الأوجه، وأبرزه أن رفضًا اقليميًا ودوليًا شاملًا باستثناءات محدودة وقف بوجهها، هذا تحدي ليس هينا أبدا ومن هنا سنعرف إلى أي درجة صمد اليمن.

عندما اقر مجلس الأمن الدولي القرار 2216 ببنوده المجحفة التي تتضمن بطريقة غير مباشرة ومباشرة في بعضها استسلاما يمنيا شاملا للعودة ليس إلى ما قبل 2014 بل إلى ما قبل قيام الدولة اليمنية الحديثة 1916 فثمة انتداب جديد ومنتدبون ستخضع اليمن لقيادتهم بينما سيكون مركز الدولة في عواصم خليجية ولدى قوى دولية، لقد المجتمع الدولي كله يجردنا من حقنا في الاستقلال والحرية وبناء نظام سياسي يعبر عن الهوية الحضارية لليمن ويصرخ في وجهنا بأن نبقى شبه دولة تابعة بالمطلق ، ما يعني أن خيار المواجهة كان خيارا اجباريا والقرار في هذه الحالة تاريخي.

فاذا لقد كان تحقق التغيير بالطريقة التي حدثت في ثورة سبتمبر 2014 واسقطت التدخلات الخارجية الغربية والوصاية الخليجية وصولا إلى رفض العودة للدولة التابعة بمثابة ميلاد جديد للدولة اليمنية ما بعد الألفية الثالثة التي كان ينبغي ان تنتصر وقد حدث، اما كيف؟ فهو السؤال الذي لا يزال يسأل منذ ثمان سنوات.

كيف انتصرنا؟ او بالأصح كيف انتصر التغيير في اليمن؟ 

اعتقد أن وضع مقاربات ترتكز على التحليل المادي المجرد المستند إلى معايير تبدا بالجيش والسلاح والعتاد والجغرافيا ستسقط حين ندرك أن نسبة التكافؤ بين اليمن والتحالف الذي تقوده السعودية تساوي صفر فكل البنية العسكرية التحتية قد سحقت في الساعات الأولى من انطلاق الحرب العدوانية إذ أنه بعد 24 ساعة من الحرب كان اليمن كله دون دفاعات جوية فاعلة وغير قادر على استهداف أي من دول التحالف ودون طيران وتحت الحصار الشامل، وخلال ايام كان فقد القدرة على توفير الكهرباء والمياه لمواطنيه ، فضلا عن ان اجزاء من جغرافيته بدأت تسقط وتصبح تحت سيطرة التحالف، لا حقا خسر قدرة الوصول إلى مناطق اقتصاده ( نفط، غاز، منافذ بحرية وبرية ) أي كل اقتصاده التقليدي بما في ذلك الأموال النقدية خارج البنك المركزي اليمني والمتداول، لكنه في المقابل بقي متماسك، وبالتالي فإن معادلات الانتصار بدأت مما ليس مادي.

نعم معادلات الانتصار على هذه الحرب الكبرى بدأت مما ليس مادي على غرار التماسك الشعبي، الوعي بالمعركة، الاستمرار برفض الحرب، لاحقا تحولت هذه إلى تعبئة عامة، قوى عسكرية رديفة للجيش الذي بقي صامدا وقبل كل ذلك الالتفاف حول القيادة الثورية والسياسية، التلاحم الحزبي والقبلي والروح المعنوية العالية، الايمان بعدالة المعركة ووجوديتها، إلى أن تكونت الثلاثية التي يرتكز عليها انتصار اليمن، القيادة الثورية، الشعب، الجيش.

تحت هذه الثلاثية الصلبة يمكن سرد الانجازات الوطنية والعسكرية بدءا من قوة الجبهة الداخلية على المستوى السياسي رغم الكثير من الاعباء، فالحكومة الحالية وان كانت ليست بذلك الطموح الكبير لكنها لا تزال تقف بصمود وهي التي يحاصرها العالم ويريد اسقاطها، ووصولا إلى استمرار التوافق الحزبي، فمعدل الصراع يكاد يكون صفر، هذه الحالة السياسية هي نقيضة تماما لما كان يريد التحالف الذي كان يهدف إلى ان تتوقف الحياة العامة لتبدأ حالة الهجرة والنزوح بحثا عن استقرار معيشي.

إن رؤية التحالف للحياة العامة تمضي في حالة الحرب بقدر كبير من الصمود، المؤسسات تعمل، التعليم، العمران، مشاريع الرميم كانت بمثابة الصدمة رغم وحشية القصف التي طال كل شيء، مدارس، معاهد، جامعات، طرق، جسور، أسواق، ومن هنا مرة اخرى يمكن التأكيد أن الصمود برز في كل ما ليس ماديا، بل معنويا.

ازعم هنا أن التحول اللاحق فيما يتعلق بالصناعات العسكرية ليس صورة من صور الصمود الوطني، بل فوق ذلك بكثير ولهذا فإن التعليق على هذا الجانب يدخل ضمن تحولات ما بعد الفشل العسكري والسياسي للتحالف، هو الان جزء من المستقبل الذي يكشف صورة اولية لليمن الجديد، فاذا هو حالة اخرى غير تلك التي يمكن ان نشير إليه بأنه صمود وطني.

 

* نقلا عن :شبكة الفرقان

 
في السبت 25 مارس - آذار 2023 12:16:26 ص

تجد هذا المقال في الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره
http://cfca-ye.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://cfca-ye.com/articles.php?id=7684