خافوه شهيداً كما خافوه من قبل وهو يردد شعار الرعب
وديع العبسي
وديع العبسي

الشهيد حسين.. القائد الذي أدرك مؤامرة أمريكا فوجّهَتْ بمحاربته ووأد مشروعه
ذرائع أمريكا انهارت تباعاً وظهرت حقيقة الهدف الذي حذر منه الشهيد
حين أدركت واشنطن أن الشهيد القائد لا يزال حياً بمشروعه شنت عدوانها في 26 مارس
صعدة كل التفاصيل فيها لا تزال تحكي مظلومية عقود من الزمن
 

مدينة جميلة بطبيعتها وجبالها لكنها باتت وفق معايير الإيقاع الحديثة مدينة قاسية صعبة بجبالها الوعرة وخطوطها الملتوية التي تصلها ببقية مدن المحافظة، لكونها كانت أقل حظا من الاهتمام الحكومي الأمر الذي انعكس على مستوى الحياة.

ولا تزال مديريات صعدة ترزح تحت الحاجة لمشاريع المياه والكهرباء وباقي الخدمات الحيوية.

يؤلمك رؤية تلك الفتاة التي تحمل على ظهرها جالون (دبّة) سعة ثلاثين لترا ماء لتصعد بها طريقا مرتفعة وصولا إلى منزلها ولا ندري لكم من الوقت ستسعفهم هذه الكمية، كما لا تزال المدارس القليلة بعيدة عن أماكن التجمع السكاني مع تعقد حركة الطلاب وأحيانا يكون ذلك سبباً لترك الدراسة.

لا يزال الطابع البدائي يتسيّد سلوك الحياة اليومية.. أحد أبناء مران وقد وصلنا ضيوفاً عليه بعد مسير صعب ومرهق رغم أننا كنا نستقل سيارة (صالون) حديثه، سألناه كيف يصلكم الماء، أجاب «لم يصلنا المشروع بعد لكنا نعتمد على مياه الأمطار».

رغم أنه مألوف اعتماد الأرياف على مياه الأمطار، إلا أن ذلك لا يعني التوقف عند ذاك الزمان الذي كان عليه الأجداد على هذا الحال في انتظار الماء لسقي زرعهم ومواشيهم، وللاستخدام الآدمي، فمع تطور طرائق الحياة وتسارع إيقاعها وتعقّد متطلباتها وكذا توافر مصادر الدخل وأسلوب الإدارة صارت مثل هذه الخدمات الأساسية، مطالب ملحة تصل إلى كل الأرياف إلا في اليمن، ومديريات صعد نموذج صارخ، التوقف عند ذاك الزمان لم تبارحه.

شهيد التحرر

الشهيد القائد حسين بدرالدين الحوثي – رضوان الله عليه، قائد النموذج الحديث للحركة التحررية من الهيمنة الأمريكية وفالق رأس الغطرسة بصرخة القرآن، كان من الطبيعي أن تحاربه أمريكا وأن تجعل له مساحة من اهتمامها تخطط وتتآمر لإسكات صوته، فجرأته عليها وعلى الكيان الصهيوني مثّل سابقة مرعبة، كفيلة بأن تذيب تمثال الثلج الأمريكي فتخلط أوراق النظام العالمي.

زرنا ضريحه ومجلسه وتوقفنا نتأمل فداحة الكراهية حين تسيطر على النفس البشرية، قصفت طائرات العدوان الضريح ولم يكن للأمر من تفسير، إلا ضعف أعدائه الذين خافوه شهيدا كما خافوه من قبل وهو يردد شعار الرعب.

إنهم لم يقرأوا من حاصل تدحرج الكرة التي هدمت حاضرهم ومستقبلهم في اليمن ولم يتأملوا فيه ليدركوا أن الأمر لم يكن حاصل صدفة وإنما نتيجة طبيعية لقراءة سليمة كان الفاعل فيها الشهيد القائد الذي أدرك بداية أن أمريكا، الرعب الخالد في قلوب الخانعين من العربان والمسلمين، لم تكن إلا وحشاً أعمى يسعى في الأقوام لإشباع رغباته دون اعتبار لأي قيم دائماً ما كان يرفعها أمام العالمين ليرد عن فيه أي تهمة بالبطش والامتحان في حق الإنسانية.

أمريكا الصورة الحقيقية التي رآها عليها الشهيد القائد ظهرت عارية كما رسمها تحاول غرس أنيابها في جسد الأمة وامتصاص عَرَق جهدها كي يحيا في رفاهية ويأمن كيانها الصهيوني أي صحوة إسلامية تقوم ببتره من المنطقة.

عند ضريح الشهيد القائد وتباعاً عند ضريح الشهيد زيد علي مصلح وروضات الشهداء في مران الثورة ومران المسيرة القرآنية، رأينا حجم الهجمة الشرسة التي تعرض لها الشهيد ومن معه، لم يكن هناك ما يبرر تلك الشراسة على مجموعة رأوا في إحياء قيم الإسلام ومبادئ القرآن إحياء لوجودهم كمسلمين وانتصاراً لدين الله وإعلاء للحقوق ورفع الظلم.

تكشف عن ذلك كل تلك المظاهر التي تراها منذ لحظة دخولك حدود المحافظة وصولا إلى مركزها، والتي تكون في مجموعها ما تردد كثيرا منذ العام ٢٠١١ مع انطلاقة ثورة الشباب من مظلومية.. حينها تعاطى الناس مع المصطلح باعتباره مطلباً لفئة منافسة للحصول على حصة من السلطة وثروة البلد، وهو الأمر الذي بدا لنا مجحفاً بحق المحافظة بغض النظر عن من جعلها عنوانا لحركته النضالية.

كما أن القراءة في مفهوم المظلومية التي نجح أنصار الله في فرضها على طاولة الحوار الوطني، لم تستطع أي تناولة صحفية وصفها بالحدّ الذي يدفع لرسم ملامحها وتفاصيلها وخلق قناعة جمعية بها على النحو المنصف، إذ انه حتى مع تضمين المظلومية ضمن محاور الحوار الوطني إلا أنها لم تشهد أي ارتفاع لنسبة المؤيدين والمدافعين من أجل رفعها، لكنها ظلت واحدة من تعقيدات الواقع التي رأى الجميع أنه لا بد من العمل على حلحلتها كحال القضية الجنوبية، وإن كانت مظلومية صعدة أعمق باعتبارها لم تقتصر على الجانب السياسي وحسب وإنما والاقتصادي والاجتماعي.

المظلومية التي استشعرها الشهيد القائد وخرج منادياً برفعها ليس بحمل السلاح ضد السلطة وإنما بنشر وعي أساسه القرآن والعمل بما يدعو إليه من إحقاق للحقوق وإنصاف للمظلومين، باعتبار أن رفع منسوب الوعي في هذا الجانب هو المدخل الكفيل بتذليل واقع تلك العُقد التي كانوا يرونها عصية وخطيرة.

ويتساءل المرء: هل كان لا بد أن يحدث كل هذا؟ هل كان من الحكمة أن تبقى صعدة بملامحها القديمة المتخلفة الموروث عن عهد ما قبل ثورة الـ٢٦ من سبتمبر ١٩٦٢م ثم هل كان من المنطق شن ست حروب على جماعة لا تمتلك إلا قناعاتها وأسلحة خفيفة، ليتم مواجهتها بآلة عسكرية لجيش دولة بما في ذلك الطيران الحربي؟

يذكر الدكتور عبدالحكيم الكحلاني – مسؤول في وزارة الصحة، أن النظام السابق «استعان في تلك الحروب بالخبرات العسكرية والاستخباراتية الأمريكية»، فضلاً عن فرضه حالة حصار شديدة شملت الأدوية والغذاء والمشتقات النفطية والغاز»، واتباعه سياسة تعتيم خانقة عن مجريات تلك الحروب – حسب الدكتور الكحلاني الذي يضيف: «بل وفرض تعتيماً إعلامياً شديداً ولم يسمح لأي قناة تليفزيونية محلية أو عربية أو عالمية بالوصول إلى صعدة للاطلاع وتغطية الـ 6 حروب. لم يكن يجرؤ صحفي يمني أن يزور صعدة لينقل لنا نحن اليمنيين ما الذي يجري في صعدة، وكان مصدرنا الوحيد للأخبار والمعلومات هو قناة اليمن الفضائية التابعة للنظام وكذلك صحيفة الثورة وصحيفة 26 سبتمبر الرسميتين».

وبالنظر إلى معطيات الحروب وما قبلها وما بعدها ستتكشف حقائق لا يمكن تجاهلها لمجرد الاختلاف مع القائمين بفعل الدفاع المسلح عما اعتبرته تمرداً من أجل السلطة، فمنذ بواكير قيادة الشهيد القائد لمشروعه القرآني وإعلانه للشعار حتى التف أبناء المحافظة ومحافظات مجاورة حوله حاملين مسؤولية الخروج بهذا المشروع إلى النور، ثم زاد التدخل الأمريكي في شأن هو داخلي، فضلا عن كونه حالة من حرية التعبير المضمونة في القوانين الدولية، زاد من قوة الالتفاف حول الشهيد القائد بذل أغلى ما يملكه الإنسان وهو الروح لأجل نصرة المشروع.

في ذاك الوقت من عام ٢٠٠٢ رفع الشعار، ورغم ضيق مساحة جغرافية حركته في مرّان وقلة عدد من أخذوا يرددون معه هذا الشعار إلا أنه صدى تلك الصرخة وصل إلى البيت الأبيض.

تشير التناولات البحثية في هذا الجانب إلى أنه حينها «أوعز النظام الأمريكي إلى السلطة لتبدأ سلسلة من التعسفات ابتداءً من الإقصاء من الوظائف مُرورًا بالأسر انتهاء بشن حملة عسكرية كبرى على أُولئك الثلة من المؤمنين المستضعفين»

إلا أنه استمر، ونجح في إحياء كل مشاعر الغيرة على الدين والقرآن والمفاهيم الجهادية في نفوس أتباعه وآخرون كان يصلهم صوته الثوري لله، وكان يحث أتباعه على رفع الشعار قائلاً: “اصرخوا وستجدون من يصرخ معكم في أنحاء العالم، إن شاء الله”..

وكان من الطبيعي أن يأتي رد الأمريكان في صورة ضغط مباشر أشد على النظام الذي بالغ في تعامله مع هذه الجماعة المنتمية إلى البلد عدداً وعتاداً وشكلاً غير متكافئ من المواجهة، لتشهد مران خلال تلك الفترة، حسب الموثقين لأحداثها، هلاكاً وتدميراً بأهلها وشجرها وحجرها بمستوى «يشهدُ وإلى الأبد على عِظَمِ وأبشع مظلومية تعرض لها حسين الحوثي وأتباعه بعد الحسين وأتباعه.»

وتعززت المظلومية بمرور أشهر على الحملة -الحرب الأولى- التي بلغت ثلاثة أشهر على منطقة فقيرة لوسائل الحياة بالقدر الذي يحقق للناس الهجوع والسكينة.. يقول العلامة الحسين بن أحمد السراجي: «النظام السابق وأركانه مارسوا الظلم بيافطات استئصالية وأوراق مذهبية ودوافع عنصرية مقيتة واستراتيجيات استخباراتية صهيونية أمريكية وقد دفع النظام ثمن تلك الدماء الزاكية التي سُفكت والأرواح الطاهرة التي أُزهقت والظلم الذي مورس بحق مران وحيدان وضحيان وصعدة وسفيان وبني حشيش خلال ست حروب عبثية ظالمة بدأت في 19 يونيو من العام 2004م وانتهت في العام 2010م وهذه عدالة الله سبحانه».

وفي الحادي والعشرين من أغسطس 2013م اعترفت الحكومة اليمنية اعترافاً رسمياً بأن الحروب التي شنها النظام السابق على حسين بدر الدين الحوثي واتباعه بأنها كانت حروب ظالمة وغير مشروعة وقدمت اعتذاراً رسمياً لهم وأعلنت اعتذارها الرسمي لكل أبناء محافظة صعدة والمناطق المجاورة لها عن تلك الحروب.

يتذكر العلامة الحسين بن أحمد السراجي ما عاشته تلك الثلة في مرّان صعدة ليصف ذلك بالقول: «حرب ضروس وجيش عرمرم وآلات وصواريخ ومرتزقة ودعم دولي وإقليمي لمواجهة ثُلة من المؤمنين يقودهم الشهيد القائد في مران!! بطش وقتل وبغي وظلم وجبروت سكت عنه الجميع وصمت الكل باستثناء أصوات ومواقف تم قمعها والتنكيل بأصحابها وها نحن نتذوق مرارة الحرب الذي تذوقها السيد حسين وأصحابه ونُحاصر كما حوصروا ونُقصف ونُقتل كما حوصروا وقُتلوا والفارق أنهم قتلوا وحوصروا صبراً وإيماناً بينما نُقتل ونُحاصر لنتذوق جزءاً من المرارة التي تذوقوها».

لا يمكن بأي حال تصور أن أهداف تلك المواجهة كانت تحقيق مكاسب مالية أو قيادية خاصة والشهيد القائد قد رفض عروضا مغرية من النظام.

جرف سلمان

رغم أي خلافات وتعصبات تبقى حكاية جرف سلمان شاهدا حيا على أحداث ما كان ينبغي لها أن تكون، فملاحقة الشهيد القائد بتلك الطريقة التي أحرقت كل شيء من أجل الوصول إليه، لم يكن ليضيف شيئا لمسار التنمية أو يرفع عن الوطن يد الأجنبي الذي لم يسمح لنا باستثمار ثرواتنا من النفط والمعادن أو حتى موقعنا الاستراتيجي، غير أن قراءة هذا الأجنبي بأن هذا القادم من أقصى جبال مران بصرخته المزلزلة، يبدو خطرا على وجودهم وعلى مصالحهم في اليمن وفي المنطقة، حرك الأحقاد ليس فقط السيد حسين وإنما ضد الإسلام الذي بدأ يشعر من جديد بدروس هذا السيد والتي أحيت في نفوس من استمع إليها أو قرأها جانبا كادت الهموم وراء لقمة العيش أن تطفئ شمعته.

لم يكن بمقدوري وانا ذاك الحرف الذي شهد فصلا موحشا للتناقض بين الحديث عن حرية التعبير ورفض هذا الرجل الذي كانت له وجهة نظر في كل ما يجري على مستوى اليمن والعالم الإسلامي، لجأ إلى الجرف مع أسرته وعانى معهم النقص في الغذاء والماء، كل ذلك لأن أمريكا كانت ترغب في الخلاص منه، وكانت النهاية مؤسفة، ليس بالنسبة له وإنما لأولئك الذي اختاروا طريقة كشفت عن النزوع إلى أي صوت مخالف بأي وسيلة دون أي اعتبار لمحاذير قد تعذب من طريقة النهاية، يحكي الكثير كيف جرت عملية اختراق بالمادة النفطية ومن ثم إشعالها ما سبب بانفجار في الجرف، قتل فيه من قتل وأصاب من أصيب الشهيد القائد وعدد من أفراد أسرته، يؤلم المشاعر الإنسانية النظر إلى الجرف وتفاصيله وتخيل تلك النهاية.

السوط الأمريكي

كانت قراءة الشهيد القائد للأحداث تتسبب بجراح لمن يحاول دس رأسه في التراب، خجلا من هذه المصارحة، فيما الأنظمة خانعة تحت جبروت السوط الأمريكي، ورغم أن خلاصات واستنتاجات الشهيد لم تكن سوى حديث باللسان بلا أي تحرك لتمرد أو تشكيل جماعات مسلحة من أجل تغير ما كان ينتقده السيد حسين الأوان أمريكا كانت تدرك أن غرس الفهم الصحيح لحقيقة الجهاد ضدها باعتبارها كياناً معتدياً لا يقوى على الفيس بلا حروب ودماء كان كافياً لأن يسبب الأرق لساسة وعسكريي أمريكا.

ومثل تحليله رضوان الله عليه، لحقيقة أحداث ١١ سبتمبر وفي زمن مبكر صدمة لكبار منظري الغزوات الأمريكية الشعوب الإسلامية، ففي ذلك الوقت أكد الشهيد القائد أن أحداث الـ 11 من سبتمبر لم تكن إلا ذريعةً أمريكيةً للانتقال إلى مرحلة جديدة من فرض الهيمنة على البلدان والشعوب لا سِـيَّـما الإسلامية منها، كما أكد بأن الإدارة الأمريكية اتخذت هذه الأحداث فرصةً لإرهاب الدول والأنظمة والشعوب على حَــدّ سواء، فراحت تفرض أجنداتها على الجميع، مستهدفة المجتمعات والأنظمة والجيوش والأمن والتعليم والإعلام وكل المجالات.

ليتضح بعد ذلك تباعاً صدق تلك الرؤية المبنية على قراءة صحيحة سليمة، تأتي كنتيجة طبيعية لتحرر من يكون يطرحها من أي تأثيرات أو أطماع أو خضوع لسيطرة مال أو سلطة أو سيطرة قوى أجنبية، من أجل ذلك جاءت الرؤية صادقة، إذ ظهرت “حركة 9 /11؛ مِن أجلِ الحقيقة” التي انتقدت ما وصفته بـ”أكاذيب وتناقضات الحكومة”، فيما سوّقت هذه الحركة نظريتين، تزعم الأولى بأن السلطات الأمريكية كانت على علم بوقوع الاعتداءات ولم تحَرّك ساكناً، تتهم في النظرية الثانية نفس السلطات بالوقوف وراء الهجمات.

كما تمّ في فرنسا نشر كتاب في 2002م، تحت عنوان “الخدعة المروعة” نسب الكاتب فيه مسؤولية الاعتداءات إلى “فصيل من المجمع الصناعي العسكري” الأمريكي، وبالرغم من النفي والمعارضة الشديدة التي واجهها هذا السيناريو من قادة أمريكيين وموالين للبيت الأبيض، إلا أنه مع ذلك لقي رواجاً كَبيراً على المستوى العالمي.

لأجل ذلك، تأكد لأمريكا خطورة هذا الرجل على هيلمانها وإن أجلت التحرك ضده إلى وقت يمكنها من استثمار الأحداث لتكريس وجودها وهيمنتها، وهو ما كان، حين أعطت الضوء الأخضر لبدء الهجوم من أجل إسكات صوت مران.

ربما نجح الهجوم في التخلص من الرجل، إلا أن ما زرعه في وقت قصير منذ بدأ ينشر الوعي والثقافة وفق القيم القرآنية ظلت حية، لتستعر بعدها خمسة حروب عبثية الهدف، الدافع لها أمريكي.

كان الشهيد القائد شخص واحد يمكن التخلص منه، لكن الفكر الذي زرعه كان نطاق غير محدد من الناس والجغرافيا.

يؤكد قائد الثورة، السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، أن الولايات المتحدة الأمريكية جعلت أحداث 11 سبتمبر ذريعة لاستهداف شامل يمكّنها من السيطرة التامة على البلدان الإسلامية.

وقال السيد عبدالملك، في كلمة بمناسبة الذكرى السنوية للصرخة العام الماضي ٢٠٢٢، أن أمريكا حرضت أيضاً السلطة في اليمن على شن الحروب الست وقدمت الغطاء السياسي للسلطة في ارتكاب أبشع الجرائم بحق أبناء الشعب اليمني، موضحاً بأن الأعداء سعوا من خلال أحداث 11 سبتمبر لتمكين العدو الصهيوني ليكون الوكيل المباشر لأمريكا والغرب في المنطقة.

وقال في الذكرى السنوية الشهيد القائد: ارتكب الأمريكيون الإبادة الجماعية للشعوب بالحصار الاقتصادي والأوبئة والتجويع وهم وراء الكثير من الحروب والفتن وما يحصل فيها من ممارسات إجرامية كي تستفيد شركات بيع الأسلحة عندهم والأميركيون من معهم وراء مصادرة حقوق الشعوب في الحرية والاستقلال كما في فلسطين.

ويعد كل ذلك شواهد حية على ما حذر منه الشهيد القائد ومثّل هاجساً للولايات المتحدة.

ثورة ٢١ سبتمبر

مع قيام ثورة ٢١ سبتمبر من عام ٢٠١٤م، وجدت أمريكا نفسها أمام الفاجعة الأكبر حين تبيّن لها أن صوت الشهيد لا يزال يدوي في المكان ويحّفز لشق طريق المشروع القرآني الذي بدأه، حينها أدركت أمريكا مع تيقنها، بأن أهم أهداف هذه الثورة الوليدة هو إنهاء حالة الوصاية والهيمنة على اليمن، وهو أمر يتعارض مع الأهداف الأمريكية القائمة على ما تحققه من مكاسب من هذه الهيمنة، فكان سقوط الهيمنة الأمريكية على صنعاء بعد ثورة 21 سبتمبر، سبباً رئيسياً في دفع واشنطن لشن عدوانها على اليمن في محاولة لإعادة النفوذ والحضور الأمريكي إلى صنعاء مركز القرار في اليمن.

تكشف أمريكا عن أن اليمن تقع في إطار جغرافي مهم وحيوي لمصالح ومطامع أمريكا وأبرزها السيطرة على مضيق باب المندب الذي يمر عبره كل يوم 4.7 مليون طن من النفط الخام، إضافة إلى ما تكتنزه الأرض والجبال الجزر اليمنية من ثروات، حينها كان لابد للبنتاجون أن يتبنى فعلاً أعنف للتخلص من فكر الشهيد القائد وإن كان ثمن ذلك قتل شعب بأكمله، فخططت وحشدت وأطلقت عدوانها من البيت الأبيض في الـ٢٦ من مارس عبّر أدواتها.

تؤكد دراسات في خلفية العدوان الأمريكي على اليمن أنه يأتي امتداداً للحروب الست التي كان هدفها وأد الصحوة التي ظهر بها وقادها الشهيد القائد، وتلخص ذلك في جملة من الأهداف، تركزت حول:

– شعار الصرخة وما يحمله من معاني الموت لأمريكا.

– نجاح ثورة 21 سبتمبر 2015م الرافضة للوصاية الأمريكية والسعودية، والخشية من قدرة قيادة الثورة على تحريك الشعوب ضد هيمنة قوى الطغيان والجبروت الأمريكي الصهيوني.

– مصالح الولايات المتحدة الاستراتيجية في مضيق باب المندب، المدخل الجنوبي للبحر الأحمر وأطماعها في الثروات النفطية المكتشفة في اليمن والتي قدرت بأكثر من 30% من الاحتياطي العالمي في محافظة الجوف.

– الاستمرار في فرض الوصاية الأمريكية على السلطة الحاكمة لتمرير الاتفاقيات التي أبرمت مع النظام السابق.

– خشية الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية من سيطرة (أنصار الله) على زمام الحكم في اليمن واعتبارهم امتداداً للسياسة الإيرانية في المنطقة.

– التقارب اليمني الإيراني بعد سنوات من فتور العلاقات والذي بدأ بتعهد الجانب الإيراني بتقديم المساعدات للشعب اليمني في عدة مجالات، وخشية الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل من النفوذ الإيراني على سلطة صنعاء.

لذلك كان أهم أهدافها إضعاف والقضاء على ثورة ٢١ سبتمبر باعتبارها تحمل فكر الشهيد القائد وتوجهه التحرري الداعي إلى نهوض الأمة الإسلامية من خضوعها للنظام العالمي الأمريكي، وبالتالي «تكريس المشروع (الأمريكي – الصهيوني) في المنطقة من خلال دعم الأنظمة العميلة والرجعية لتنفيذ مشروع « شرق أوسط جديد» في هذه المنطقة المهمة والحساسة من العالم»، إضافة إلى أهداف عسكرية واقتصادية كانت ترى فيها أمريكا أدوات يمكن أن تساعد المسيرة القرآنية على تحقيق إنجاز في الانتشار والتأثير على كل المنطقة، فشنت العدوان لإفقاد الشعب اليمني كُـلَّ عناصر القوة والنهوض الحضاري والاقتصادي ومشروع التحرّر والاستقلال، ومن ثم تنفيذ مخطّطاتها لتحويل اليمن إلى ساحةٍ للقواعد الأمريكية والإسرائيلية «لتثبيت قبضة أمريكا على المنطقة ومواجهة خصومها في العالم، إضافة إلى استمراريةِ حلب مليارات الدولارات من أنظمة الغباء والتبعية النظام السعوديّ والإماراتي».

 

* نقلا عن : الثورة/ وديع العبسي


في السبت 01 إبريل-نيسان 2023 12:52:15 ص

تجد هذا المقال في الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره
http://cfca-ye.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://cfca-ye.com/articles.php?id=7751