التغريد خارج الهموم الإقليمية الأساسية
وديع العبسي
وديع العبسي
 

يوم امس نُشر خبر مفاده تسلُّم لبنان مذكرة اعتقال أصدرتها منظمة الشرطة الدولية الانتربول بحق حاكم المصرف المركزي اللبناني.
الانتربول، حسب المعلومات بنى حكمه على حكم فرنسي بالاعتقال للشخص «في إطار تحقيقها فيما إذا كان قد اختلس مئات الملايين من الدولارات من الأموال العامة».
بغض النظر عن صحة الاتهام من عدمه، لكنه يكشف مستوى الاختراق للسيادة الوطنية لبلد عربي مستقل يبدو وكأن نظامه تابع لدولة أجنبية، كما يُعري انسلاخ المنظومة العربية من مسؤوليتها تجاه الدول الأعضاء، وهذا التدخل الذي كان حرياً بجامعة الدول العربية أن تكون هي من يبادر للخوض في هذا الجانب، لكنه انعكاس طبيعي يدل على حال الضعف الذي يعيشه العرب، في مقابل الجرأة لدول الاستعمار القديم التي لا تزال كما يبدو تتعامل مع مستعمراتها القديمة كما لو أنها جزء تابع لها، بحيث لم يعد هناك إلا أن يشمل النطاق الجغرافي للانتخابات في دول الاستعمار، هذه المستعمرات القديمة.
في هذه الأثناء كان قادة الأنظمة العربية يعقدون مؤتمرهم السنوي في السعودية بتلك البروتوكولات الفخمة والضخمة، ومن بيان القمة يتضح هذا التغريد خارج الهموم الإقليمية، والتعاطي بنزعة فوقية مع القضايا الداخلية للدول التي تعيش وضعاً من عدم الاستقرار.
تطرق البيان المرسوم- كما يبدو بعناية- إلى القضايا الداخلية بتوصيات تؤكد فقط على ضرورة تجاوزها، داعية الاطراف الداخلية للعمل على التقارب.
في لبنان ذهب التقرير للحديث عن قضية انتخاب الرئيس وتجاهل مثل هذا الفعل التدخلي لفرنسا في شؤون البلد ولم يتحدث حتى عن التكفل بالمساهمة بحل إشكاليات هذا البلد الشقيق، في اليمن كرر نفس اسطوانة المرجعيات الثلاث لما تصور أنه سيكون جالباً للاستقرار في هذا البلد ولم يتعرض لتدخل تحالف العدوان، بل إنه لم يُشر حتى إلى ما يجري حالياً في المحافظات الجنوبية بتغذية من القوى الاستعمارية والهادف الى تجزيء الوطن إلى كيانين، في السودان كذلك حمّل المجتمعون المسؤولية الأطراف الداخلية وتجاهل التعقيد الذي صنعه التدخل في شؤون البلد بحيث منح لكل طرف سنداً يتكئ عليه في الإصرار على المواجهة واستخدام لغة القوة في فرض وجهة النظر.
كذلك الحال كان بالنسبة للحديث عن الشأن الليبي والتونسي إلى آخر الاستعراض للدول العربية الذي يبين ما تعيشه الأمة من حالة تضعضع وعدم استقرار .
لم يتعرض البيان لأي مستوى من النقد للتدخل الأمريكي والبريطاني والفرنسي في شؤون المنطقة، ولم يحذر أو ينبه الكيان الصهيوني من مغبة الاستمرار بعملية البطش بالفلسطينيين وانتهاك المقدسات الإسلامية، أو المبادرة بفعل جماعي ضاغط لفرض حل ينتصر للحق الفلسطيني على أرضه ويعاقب الكيان على جرائمه.
وهكذا وكما كل مرة تنطوي صفحة القمة مع اختتامها بقراءة البيان الختامي دون أن يترتب على ذلك مثلاً تشكيل أي لجان لمتابعة إحداث أي اختراق في المشاكل التي تعيشها الأمة، كما لا يجري متابعة أي قرارات تهدف لحلحلة هذه الإشكاليات، نظراً لأن البيان لا يتضمن شيئاً من هذا النوع.

*نقلا عن الثورة نت


في الأحد 21 مايو 2023 07:38:41 م

تجد هذا المقال في الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره
http://cfca-ye.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://cfca-ye.com/articles.php?id=8313