|
على مر تاريخ الإسلام الأصيل، المجسد في حركة التشيع الأحمر: شهدت البشرية وجود شخصيات إنسانية، بلغت الدرجات العلى في تكاملها الروحي والخلقي والمعنوي والفكري، والحركة العملية، في مختلف الميادين، جهاداً وعلماً وتعليماً، وتحملاً للمسؤولية الإنسانية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية والأمنية والعسكرية... لما لتلك الحقول من علاقة وطيدة بحاضر الأمة ومصيرها المستقبلي في الدارين، ولا تكاد تخلو حقبة زمنية من هؤلاء العظماء، والهداة الأعلام، ورثة الكتاب، ودلائل نور الرسالة الخاتمة العالمية الخالدة، ولكن ظل هؤلاء وحيدين، على الرغم من كثرة مريديهم وأتباعهم، مجهولين غرباء لدى السواد الأعظم من عامة الناس، وجماهير الأمة، على الرغم من كثرة عطائهم الفكري الذي يشمل كل مجال من مجالات الحياة المختلفة والمتشعبة والواسعة، وعلى الرغم من حجم ما تركوه من آثار ومقومات بناءة في توجهاتهم العملية، التي تكفلت بوضع الأسس والقواعد والمبادئ التربوية، القادرة على إيجاد الفرد والمجتمع النموذج، وخلق الأمة القادرة المريدة المنتصرة الواعية العزيزة المتقدمة في أي عصر أو مرحلة زمنية، وفي أي جيل من الأجيال، وأياً كانت الظروف التي تحكم وضعية وواقع الناس، فلماذا ظلوا ويظلون وحيدين غرباء مجهولين؟
إنه مرض التسطيح يا سادة، الذي ابتلينا به، عندما تركنا الباب مفتوحاً أمام دخول أولئك الذين يجيدون التلون بحسب البيئة والمناخ، ويقدرون على تمثيل دور الواعين والمخلصين لأصالة النهج، ويتقنون أساليب المكر والخداع، ويمارسون سياسة الإلتواء، ويعمدون إلى تهميش كل الأفكار التي تضمنها النهج، كأسس ثابتة، لا يجوز إغفالها، لأجل حماية مصالحهم ومواقعهم وامتيازاتهم ومقربيهم.
وهكذا بقيت الأفكار والمنهجيات الرسالية عرضةً للمسخ والتحريف والإلغاء والبتر والزيادة والنقصان، تبعاً لما تقتضيه مصلحة عبيد الهوى، والطمع والجاه والشهرة حتى اليوم، لأن النهج الرسالي ليس كالفلسفات والنظريات العلمية والرياضية، التي لها رجالها المختصون بفك رموزها، وبيان مادتها، وإنما هي خطاب يتجه إلى الجماهير، ويهتم بالناس كل الناس، لذلك كان من السهل على حملة فيروس مرض التسطيح تنصيب أنفسهم مبلغين لذلك الخطاب، ودعاة إليه، وممثلين حصريين له، وهم طبعاً سيقومون بتقديمه للناس بالشكل الذي يخدم قضاياهم الشخصية، ويبرر كل ما هم فيه من جهل وظلم وكبر وغرور وعنجهية وأنانية ونفوذ وأثرة وعجز وفشل وانحراف وضلال، ومخالفة للمنهجية التي يدعون حملها، والوفاء لقادتها ورموزها، ولا بأس من الحفاظ على الطقوس والأوراد، شريطة أن تظل ميتة جامدة، لا تقدر على إحداث أدنى تحول أو تغيير فكري أو سلوكي.
* نقلا عن : لا ميديا
في السبت 27 مايو 2023 10:06:10 م