|
ما جرى تسريبه وتداوله يوم أمس بشأن خطة أممية جديدة أو مجددة، حول اتفاق شامل لوقف إطلاق النار في اليمن، لا نجد أنفسنا مع ما جاء فيه، إلا في ذات الدائرة المفرغة التي تتعمد تحريك المياه الراكدة لبعض الوقت ثم العودة من جديد للحديث عن رحلات للمبعوث الأممي بدعوى البحث عمّن يمتلك القدرة على التأثير لتقريب وجهات النظر وهكذا.
الخطة التي جرى الحديث عنها، يكاد مضمونها لا يبتعد كثيرا عن ذات العقدة التي تصر أمريكا على تضمينها لأي اتفاق.
ويمكن من خلال ما تسرب العلم بدخول بنود جديدة إلى ما كان في اتفاق أبريل الماضي مع السعودية، إلا أن التأكيد على ذات الصيغة بالنسبة لطرفي الحوار، لا يبدو مستقيما مع ثوابت صنعاء، خصوصا وأن الخطة تكاد تعزز من حيادية السعودية وتقديمها كوسيط في العملية.
والتسريب في هذا الوقت، لا ينم عن نوايا حسنة، خصوصا مع ما تشهده المحافظات الجنوبية من حراك نحو خلق كيانات مستقلة تعيد فكرة السلطنات التي كان لبريطانيا الفضل فيها، وبالتالي التجاوز الصريح من قبل التحالف للثوابت الوطنية لدى اليمنيين الذين لن يقبلوا بأي حال عملية التقاسم الجارية برعاية أمريكية وبريطانية.
في الخطاب الأخير لقائد الثورة، جاء من جملة ما أكد عليه، في النقطة الأولى: تحمُل السعودية لكافة تبعات العدوان «وإذا أرادت السلام فلتتحمل التزاماته»، في النقطة الثانية وضعية المحافظات المحتلة، والنقطة الثالثة حماية الثروة الوطنية “سواء كانت في البر أو البحر وليس فقط على مستوى النفط والغاز بل والثروات السيادية ومنها المعادن”.
تأكيد قائد الثورة، جاء تجديدا لما طُرح من قبل، وكانت رسالة هذا التجديد وقتها مع نشاط التحرك الأمريكي والبريطاني في المحافظات الجنوبية- خصوصا حضرموت والمهرة وشبوة، ومحاولة فرض أمر واقع، هي التأكيد أن أي تحرك من هذا النوع، هو أمر غير قانوني ومرفوض، ولن يغير من جوهر خطاب صنعاء.
وبالتالي فإن وضع أي صيغة لأي اتفاق لا يمكن بأي حال القبول بها طالما وأنها تتجاوز المحاذير اليمنية والتي بطبيعتها لا تقفز على الواقع ولا تلوي عُنق الحقائق، بقدر ما تؤكد على حقوق اليمنيين بتقرير مصيرهم بأي طريقة كانت، المهم ألا تكون نابعة من تأثيرات أو ضغوط خارجية.
طبعا تصر أمريكا وبريطانيا على حشر أنفهما في أي عملية تسوية، لأنهما من كانتا المحرض الأساس لهذا العدوان، ثم المظلة الحامية له، ولأن لهما مصالحهما التي لا يمكن أن تتحقق في ظل رؤية وطنية تقوم على مبدأ أن اليمن- كل اليمن برّه ومياهه وسماؤه- خالصة لليمنيين.
وكالعادة تحاول التسريبات استباق النتائج للتشكك في المواقف المحتملة من قبل صنعاء تجاه الخطة، والغريب في هذا الأمر نقطتان جوهريتان: الأولى، أن واضعي طبخة الخطة والمشرفين عليها يتجاوزون هذه الحقوق التي هي طبيعية لأي دولة، والثانية هي أنهم يحصرون مطلبهم بأن توافق صنعاء على ما يجيء في خططهم وإلا فإنها معرقلة للسلام، والأصل هنا أن تعرض المبادرة (الخطة) للأطراف لإبداء الرأي والملاحظة وصولا إلى صيغة توافقية مقبولة، أما محاولة فرض الحلول من وجهة نظر واحدة فإنها مستفزة بكونها تصادر حق الآخر بأن يكون له رأي في اتفاق ستترتب عليه استحقاقات، يرى فيها الظلم البواح.
*نقلا عن الثورة نت
في الأحد 04 يونيو-حزيران 2023 11:09:43 م