أنوار وليس أسفارا
مجاهد الصريمي
مجاهد الصريمي
إن في سلسلة دروس معرفة الله، للشهيد القائد، رضوان الله عليه: المعالم التي لن تتحقق للعاملين في سبيل إعلاء كلمة الله تربية إيمانية خالصة إلا بها، ولكن يبقى التعرف على تلك المعالم غير متاح لإيٍ كان، حتى أولئك الذين يحفظون تلك الدروس درساً درساً، ولديهم قدرة فائقة على تحديد كل كلمة من تلك السلسلة بمجرد سماعها، من أي ملزمة هي، وفي أي صفحة، وربما في أي سطر جاءت، كون الثقافة القرآنية، ممثلةً بجميع محاضرات ودروس من هدي القرآن الكريم: لا يكفي لإثبات انتماء الفرد إليها، وتأكيد التزامه بما ورد فيها من مضامين ومبادئ ومقومات وعوامل وأخلاقيات، تبني النفس، وتصنع التغيير في الواقع، وتُوجِد حضارة ونهضة شاملة مجرد الحفظ، أو المداومة على قراءة الملزمة اليومية باستمرار، وإنما يجب أن تكون القراءة لتلك الدروس، أو المساعي الجادة لتخزينها وحفظها مقترنةً بقراءة فاحصة للواقع المحيط بنا، وكل ما يطرأ عليه من مستجدات وأحداث وتحولات، بالإضافة إلى ضرورة استشعار الفرد وهو يقرأ أو يستمع، لتلك الملازم، أو يتحدث عنها إلى سواه من الناس أنه المعني بما ورد فيها، وليس هنالك مرحلة قطعها، أو منزلة بلغها، أو وظيفة نالها تجعله يرى نفسه فوق أن يقيم حركته وسلوكه ونفسيته بناءً على ما تحتويه من كل النواحي.
هذا جانب، وأما الجانب الآخر فهو: أن الملازم بصورة خاصة، والقرآن الكريم بصورة عامة، لا يمكن لمَن يعيش حالة الكسل والجمود والاسترخاء، أو يهتم بجانب معين في الحياة، ويغفل عن بقية الجوانب الأخرى، أن يستفيد منهما أبداً، لا على صعيد شخصي، أو جماعي، لأنهما لا يعطيان إلا بمقدار ما يعطيه العامل من جهد في العمل والحركة في كافة ميادين المسؤولية، لذلك لا مكان فيهما للراضين بوضعية ما، والواقفين عند حد معين لا يتجاوزونه إلى سواه.
إننا بحاجة ماسة لثقافة المشروع الذي نحمله، ولكن ليس في المنابر والقنوات والصحف والإذاعات فحسب، بل في كل الساحات والميادين التي يوجد فيها عاملون، ومتحملون للمس ؤولية، بحيث نستطيع أن نكتشف مكامن ضعفنا، ونتمكن من تشخيص طبيعة الأمراض التي تتهددنا، فنسارع لتقديم العلاج في الوقت المناسب، ونتفادى الوقوع في الحفر والمزالق التي يورثها التقصير والضعف، والخلاصة:
فلنحرص على أن نعرض أنفسنا على القرآن كنهج وثقافة، لا وسيلة للاستعراض، ونحن بعيدون عنه كل البعد، فالقرآن أنوار، لا بد لحامله أن يكون إنسانا، وليس مجرد أسفار، يمكن لها أن تُحمل على ظهر أي حيوان، وقد يكون حتى حمارا.
 
 

* نقلا عن : لا ميديا


في الثلاثاء 13 يونيو-حزيران 2023 09:32:10 م

تجد هذا المقال في الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره
http://cfca-ye.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://cfca-ye.com/articles.php?id=8578