|
الذهنية السياسية المسيطرة على فضاء «سلطة المرتزقة» هي نفس الذهنية السياسية لحكومات الشراكة التي تأسست بعيد إعلان الوحدة في 22 مايو 1990، حتى حكومة الشراكة إثر المبادرة الخليجية، والتي تقوم على سعي كل طرف من الشركاء على زراعة الألغام والأفخاخ أمام شريكه من أجل إفشال الطرف الآخر وتحين الفرصة بعد أن يتم إضعاف حاضنته الشعبية للانقضاض عليه، ولقد عانت حكومة الإنقاذ في صنعاء كذلك من هذا الأمر منذ قيامها حتى أحداث ديسمبر 2017، بشكل ملحوظ وأعتقد أنها انتهت بنهاية رأس الفتنة.
وما يجري من تجاذبات وصراعات في المناطق المحتلة بين أطرافها هو استمرار لذات الذهنية وصراع مراكز القوى التي نشأت بفعل تحالف العدوان واختلاف مصالح دوله، والمؤسف أن يتم هذا الصراع، ويدفع ثمنه بسطاء الناس، صراع إضعاف وإفشال مراكز القوى لبعضها البعض يأتي على حساب حياة الناس التي تزداد سوءا، فلقد صار في الجنوب أكثر من كلفوت، لا بل صار كلفوت يرتدي البدلة وربطة العنق ويضرب أبراج حياة الناس في كل المجالات، العملة تنهار بفعل المضاربة بأموال السحت والارتزاق أو الأموال المنهوبة من إيرادات الدولة، وصار لكل فريق فيها محلات صرافة تصب فيها هذه الأموال، وصار وجود البنك المركزي شكليا ولا يستطيع أن يضبط أسعار العملات ويتعثر في سداد التزاماته.
ولقد باتت الخدمات كسيحة في كافة المجالات، ولعل أبرزها خدمة الكهرباء في ظل الطقس القائظ، والكهرباء قصة معقدة يمكن تلخيصها بالآتي:
ظلت حكومات المرتزقة المتعاقبة تبيع الوهم للناس ثمان سنوات وتعد بإنشاء محطات جديدة بقدرات خرافية، ولتتجدد كل عام مشكلة الكهرباء وتزداد استفحالا، وكلنا نتذكر اجتماع عبد ربه مع عدد من القيادات في منتصف يوليو 2018، وهو يتحدث عن الكهرباء والمعوقات عندما قال بأن قيمة الوقود لمحطات عدن 96 مليون دولار في شهر ونصف، وإيرادات الكهرباء لا تتعدى مليوني دولار فقط.
الفارق طبعا بسبب بقاء تسعيرة الكيلووات الكهرباء في ظل صعود أسعار المشتقات النفطية هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى بسبب الربط العشوائي في ظل توسع البناء، وفاقد بسبب عزوف بعض المشتركين عن دفع قيمة استهلاكهم أو ربط بعض المشتركين للكهرباء خارج عداد الكهرباء، وعدم قدرة قطاع التفتيش في الكهرباء عن ملاحقة المخالفين في ظل حكم المليشيات، ومعظم المخالفين من كبار القوم، بالمختصر هناك هوامير يسرقون التيار الكهربائي دون أن يسددوا تكاليفه.
كل القطاعات الإيرادية في عدن والجنوب بيد مافيات ويتم تجفيف الوعاء الإيرادي من ضرائب وحقوق الدولة الإيرادية عند المجتمع وتذهب لحسابات خاصة، وما انتشار محلات الصرافة كالفطر إلا تأكيد على عدم صحة الوضع الاقتصادي وخلله البنيوي، ولعل السبب وراء ذلك هو تحالف العدوان والاحتلال الذي بات يرعى هذه الفوضى ويشرف عليها، ولن يتعافى هذا الوضع إلا بإزالة السبب الرئيسي الذي يضمن قيام دولة ذات سيادة ومستقلة القرار، والخلاص من هذا الوضع المختل واللامسؤول وجود نخبة تتحلى بالمسؤولية والحرص وتؤسس لحكم رشيد..!
* نقلا عن : لا ميديا
في الإثنين 19 يونيو-حزيران 2023 12:28:59 ص