حرق القرآن الكريم بحماية الشرطة في السويد ورد فعل الرئيس بوتين
محمد حسن زيد
محمد حسن زيد

الغرب ومنذ مطلع القرن العشرين قدّم الزنا على أنه حرية ومكسباً، وقرنه في أذهان الناس بالتحضّر فأوصل المجتمعَ إلى شيوع الإباحية التي تسببت في ظهور أمراضٌ عضوية ونفسية واجتماعية غير مسبوقة نتيجة استباحة الزنا، الذي وصفه عز وجل قائلاً “ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا”.. مرض الإيدز ومشكلة تفكك الأسرة وظاهرة العزوف عن الزواج وظاهرة انتشار الأطفال غير الشرعيين وظاهرة شيخوخة الجيل وسياسة استقدام المهاجرين، هذه الظواهر وغيرها توحي أن الحضارة الغربية في انحسار تأكل نفسها وتقطع نسلها وتقضي على ذريتها هكذا بلا حرب…
ويكفي الاستماع إلى الفيلسوف الكندي جوردان بيترسون للتعرف على أبعاد هذه الخيارات الأيديولوجية المُدمِّرة للفرد والأسرة والمجتمع.
لكنّ انحرافَ الغرب لم يقف عند هذا الحد من السقوط فبعد أن ضاقت حريته المزعومة بالحجاب والعفّة خلال العقد الماضي بتجريمهما في المدارس والجامعات ها هو اليوم يشرعن زواج المحارم (أب يتزوج بابنته وأم تتزوج بابنها وأخ يتزوج بأخته) ثم ها هو اليوم يرمي بثقله السياسي لإشاعة الشذوذ الجنسي ويتخذه شعارا له مستهدفا حتى الأطفال في المدارس والناشئين في الملاعب والمراهقين في المتاجر وجميع الفئات والشعوب عبر الأفلام والدعايات والمواد الإعلامية!
وقد تداولت الأخبار، أن الشرطة تنتزعُ الأطفالَ من عائلاتهم المسلمة إن تم تلقينهم رفض الشذوذ الجنسي في المنزل!
فأي إنسانية شوهاء هذه؟!
وبذلك التمادي فقد جعل الغربُ الزنا شرفا وعِفّة وفضيلة مقارنة بما يُشيعه حاليا من شذوذ، ولعل ذلك هو معنى قول لوط عليه السلام “هؤلاء بناتي هن أطهر لكم”… “هؤلاء بناتي أن كنتم فاعلين” استنكارا على تجاوز قومه حدود المنكر في الانحراف عن الفطرة.
شذاذُ الآفاق هؤلاء أخلّوا بالتوازن البيئي ورفعوا حرارة الكرة الأرضية بسبب جشعهم، واستخدموا السلاح النووي على مُدن آهلة بالسكان لكنهم يُجرّمون حتى مجرّدَ التشكيك في أرقام الهولوكوست!
وعدالة هؤلاء الشذاذ قضت بتشريد شعب فلسطيني كامل من أرضه وزرع كيان لقيط في قلب العالم الإسلامي ثم تسمعهم يتباكون على عاهرة هنا أو هناك أن كان في ذلك ترويجا للدياثة وإماتة للقيم وتمزيقا للمجتمعات!
من الطبيعي أن ينتهي الحال بمثل هؤلاء إلى حرق كتاب الله علنا تحت حماية الشرطة…
في الكفة الأخرى، فقد تفاعل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع هذا الخبر باحتضان نسخة من القرآن الكريم معتبرا أن المساس بقدسيته جريمة يُعاقب عليها القانون الروسي، وتلكم رسالة ودّ واحترام من الرئيس الروسي ينبغي أن تُقابل بودّ واحترام علّ الغربي الخبيث يَكفُّ تدنيسَهُ الممنهج لرموز الإسلام ومقدساته.
علما أن هذا ليس أول موقف للرئيس الروسي يغازل فيه الإسلام ويتبرأ به من استهانة الغرب به وبالقيم وتحديهم للفطرة، فشعاراته السياسية في مواجهة الغرب إنما تقوم على فكرة احترام الأديان عموما والدين الإسلامي خصوصا وتجنب أي صدام معه معتبرا أن الغرب لا يسعى لعلاقات مع المسلمين تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح الطبيعية بل يسعى الغربُ لفرض أيديولوجيته التي لا تقوم إلا على أنقاض هوية الشعوب المسلمة وخصوصيتها الثقافية.. ولذلك فقد وجدتْ كثيرٌ من الأنظمة العربية والإسلامية نفسَها متعاطفةً مع روسيا بعد أن ملّت قوائم ابتزاز «حقوق الإنسان» و”الديمقراطية” والتي بات يعلم الجميع أنها مجرد نفاق سياسي.
لماذا أحرقوا القرآن في السويد؟
الإسلام في السويد ينتشر. فنمط الحياة الغربية هو نمط مادي يخلق فراغا ومهما أشبعه الإنسان ففي النهاية ستفقد حياتُه معناها ويشعر أنه يضعف وينضب ويقترب كل يوم من الموت خطوة ثم سيحتاج إلى إجابات عن هدف وجوده ومآلاته، ولا يوجد دين كالإسلام يمكنه أن يملأ هذا الفراغ ويُجيب عن هذه التساؤلات ويجمع بين العقل والوجدان بكفاءة واقتدار..
وكرد فعل لذلك الانتشار تجري محاولات حثيثة لشيطنة الإسلام من قوى يمينية متطرفة تقلق من زيادة تعداد المسلمين، سيما مع وجود شريحة واسعة من المهاجرين الذين وجدوا في السويد ملجأ ووجدوا من الرعاية والعناية فيه ما لا يحلمون به في أوطانهم، *ونقولها صراحة:* للأسف الشديد الإنسانُ السوي عندما يُشاهد نموذجَ الحياة في السويد ومدى التزام المسؤولين الحكوميين ويقارنُهُ بالحياة في أوطان المسلمين مع ما فيها من فوضى واستخفاف بالحقوق العامة والخاصة وأنانية ومحسوبية ولامبالاة بالتفاصيل كالنظافة والنظام واحترام القوانين فسيعرف كم يُسيء المسلمون لدينهم حين يتصرفون بطريقة همجية يغيب عنها أي شعور بالمسؤولية والإحساس والوعي. فمثلا ترى نوعيات من أبناء المسلمين وهم ينتشون لمجرد رمي المخلفات من نوافذ السيارة أو على جنبات الطريق! يتصرفون كأنهم عدو مُسلّط على بلداننا من مصلحته أن يراها قذرة ملوثة بمشمّعات البلاستيك تتطاير هنا وهناك؟
أي سفاهة هذه؟
وأي صنف من الأنعام أضل من هؤلاء؟
وترى نوعيات أخرى من أبناء المسلمين وهم يسعون حثيثا للقفز على القوانين عبر «الواسطة» وتجاوز رقاب الناس أو استباحة المال العام ليشعروا أنهم مميزون لهم قيمة ولديهم نفوذ! فالله المستعان عليهم!
وترى نوعيات أخرى لا يُبالون عندما يعكسون خط المرور السريع ليوفروا 50 مترا من الطريق معتبرين أنفسهم بذلك أحذق الحاذقين وأربح الرابحين! فهل يريد هؤلاء شرطيا قائما على رأس كل واحد منهم حتى يحترم نفسه ويتواضع لله؟
لا تنصدم حين تشاهد هؤلاء وهم يحرصون على الصلاة والصوم والزكاة ومختلف العبادات، لكنهم رغم ذلك لا يُبالون بمثل هذه التفاصيل الراقية ويعتبرونها مخالفات بسيطة، لأن وعيَهم لم يصل إلى هذا المستوى الذي وصل إليه الغربيون! تماما كما تجد رجلا عابدا زاهدا لكن أخلاقه سيئة وملابسه قذرة ورائحته كريهة يسيل من أنفه المخاط ومن فمه اللعاب فيبلل وجهه ويلطط خديه أثناء وعظه للناس ثم يستاء ممن يرسم كاريكاتورا ساخرا منه ومن دينه ومواعظه وهو لا يُدرك قبح صورته أصلا ولا يهتم أن يدرك ذلك أساسا!
أتمنى أن يستطيع هؤلاء رؤية أنفسهم في المرآة يوما ويفهموا انهم لا يُسيئون لأنفسهم فحسب بل يُسيئون لأوطانهم ولدينهم الحنيف، ومهما كانوا طيبين وحسني النية، فإن لا مبالاتهم هي المسؤولة عن انصراف كثير من الناس للانبهار بالغربيين وبحياتهم المُنظّمة الجذابة، وبلدانهم اللامعة، إلى حد أن البعض وصل به حد الانبهار بتلك الجاذبية وذلك اللمعان إلى أن يصف الغربيين بـ”الإسلام الحقيقي”! فأي عار هذا على المسلمين؟
لذلك، فإن من يُحرقون القرآنَ معنويا بسلوكهم السيء من المسلمين ليسوا بأقل جرما ممن يُحرقونه ماديا من الكافرين فكلاهما يستحق الإدانة والاستنكار..
والله المستعان هو نعم المولى ونعم النصير.


في الأحد 02 يوليو-تموز 2023 08:28:31 م

تجد هذا المقال في الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره
http://cfca-ye.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://cfca-ye.com/articles.php?id=8820