|
انحاز المبعوث الأممي لدى اليمن، هانس غروندبرغ، في إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن، إلى مواقف الدول الغربية التي تسعى إلى عرقلة المفاوضات بين السعودية وحركة «أنصار الله»، والتي لم تُطلع المملكة ولا صنعاء غروندبرغ على مضمونها، وأبقتاه بعيداً عنها، لتعكس كلمته تغريداً خارج سرب ما يجري فعلياً في تلك المفاوضات المستمرة.
بين إحاطة وأخرى يقدّمها، يفقد الممثل الأممي لدى اليمن، هانس غروندبرغ، نقاطاً إضافية من رصيده كوسيط أممي، وهو ما يضيف تعقيدات جديدة إلى مشهد عملية السلام، التي تبدو محاطةً بالعديد من عوامل العرقلة. وخلافاً لما كان متوقعاً، حملت إحاطة غروندبرغ، المقدّمة إلى مجلس الأمن الاثنين، اتهامات لصنعاء بالتصعيد في عدد من الجبهات كمأرب وتعز، وانزعاجاً من قيام قوات الأخيرة بتنظيم حفل تخرّج لعدد من الدورات العسكرية الشهر الماضي في مدينة إب، في الوقت نفسه الذي تجاهلت فيه التحرّكات العسكرية للتشكيلات الموالية لتحالف العدوان في المحافظات الجنوبية، ولا سيما في محافظتَي شبوة وحضرموت النفطيتين، والتصعيد العسكري السعودي ضد القرى الحدودية في محافظة صعدة شمال غرب البلاد. وعلى خلفية ذلك، رأى عضو وفد صنعاء المفاوض، حميد عاصم، أن تلك الاتهامات «تعكس حالة الفشل التي يعانيها غروندبرغ في إحداث أيّ اختراق، وتتوافق مع الموقف الأميركي والفرنسي والبريطاني المعادي للسلام العادل والشامل»، معتبراً، في تصريح إلى «الأخبار»، أن المبعوث الأممي «يفقد المزيد من حياديته في التعامل مع الملف اليمني». ويعتقد عاصم أن «دول العدوان السعودي – الأميركي تستثمر المزيد من الوقت للتهرّب من تنفيذ استحقاقات السلام في اليمن»، مضيفاً إن «السلام لا يمكن أن يتحقق من دون أن تتضرّر المصالح الأميركية والفرنسية والبريطانية من هذه الحرب»، متابعاً أن «السلام سيفرض بالقوة».
وكان عضو «المجلس السياسي الأعلى» في صنعاء، محمد علي الحوثي، قد انتقد في تغريدات على «تويتر» مجلس الأمن، معتبراً أن الأخير «يعتمد على شائعات وسائل التواصل الاجتماعي، ويبتعد عن ملامسة هموم اليمنيين ومعاناتهم».
وحدد الحوثي عدداً من الخطوات لإحلال السلام في اليمن، وهي تتمثّل في إعلان وقف العدوان، ورفع الحصار، ودفع التعويضات، وإعمار ما دمرته الحرب، وخصم تكلفة ذلك من أموال الدول المعتدية كما فعل مجلس الأمن في الكويت، أو كما ينوي المسؤولون الغربيون فعله إزاء أوكرانيا. وكان غروندبرغ قد طالب، في إحاطته الأخيرة، جميع الأطراف اليمنية بضمان دفع رواتب موظفي الدولة كافة، مجدّداً الثناء على السعودية باعتبار أنها «تبذل جهوداً في الدفع بعملية السلام في اليمن»، ومرحّباً بفتح الرحلات الجوية لنقل الحجاج من مطار صنعاء إلى المملكة.
تسبّب مشروع بريطاني قدّمته لندن إلى مجلس الأمن بخصوص التمديد لبعثة «الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة» بخلافات روسية – بريطانية
وأبدى مستشار «المجلس السياسي الأعلى»، محمد طاهر أنعم، في حديث إلى «الأخبار»، استغرابه حديث غروندبرغ، لافتاً إلى أن الأخير «مغيّب بشكل كلّي عمّا جرى من محادثات بين صنعاء والرياض»، ومعتبراً أنه «يغرد خارج السرب». وإذ أكد أن «التواصل بين صنعاء والرياض لا يزال مستمراً، على رغم تلكؤ الجانب السعودي في تنفيذ المزيد من خطوات بناء الثقة على الأرض لحسابات مجهولة»، فقد أشار إلى أن «أحاديث مندوبي أميركا وفرنسا وبريطانيا في مجلس الأمن تتفق مع مضمون إحاطة غروندبرغ الأخيرة»، مستنتجاً أن «الدول الثلاث صارت تعمل كفريق واحد مع حكومة المرتزقة التي حظيت بدعم مكشوف منها لإعاقة أي تقدم في المفاوضات». وكان نائب المنسق السياسي في البعثة الدائمة لفرنسا لدى الأمم المتحدة، ألكسندر أولميدو، قد شدد، في كلمته أمام مجلس الأمن، على «ضرورة التوصل إلى وقف لإطلاق النار، واستئناف المفاوضات التي تجري برعاية الأمم المتحدة للوصول إلى سلام دائم في اليمن»، وجدد مطالبة بلاده صنعاء «بالعدول عن قرار منع تصدير النفط الخام».
وجاء هذا بالتزامن مع قيام شركة «توتال» الفرنسية المستحوذة على عقود تصدير نحو أكثر من 10 تريليونات قدم مكعّب من الغاز اليمني المسال، بإعادة صيانة منشآت التسييل في ميناء بلحاف في محافظة شبوة عبر شركة صيانة عُمانية. ويرى مراقبون أن «توتال» المتّهمة بارتكاب جرائم تلوث نفطي في محافظتي شبوة وحضرموت خلال السنوات التي سبقت الحرب، تعمل على الضغط على صنعاء ديبلوماسياً، في محاولة منها معاودة إنتاج الغاز اليمني قبل انتهاء أزمة رواتب الموظفين، والتي تحوّلت إلى أهمّ أوجه الخلاف بين «أنصار الله» والأطراف الموالية لـ«التحالف».
في هذا الوقت، تسبّب مشروع بريطاني قدّمته لندن إلى مجلس الأمن بخصوص التمديد لبعثة «الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة» (الأونمها)، بخلافات روسية – بريطانية بشأن اليمن، قبيل طرحه للتصويت. وأوضح تقرير لمجلس الأمن الدولي أن «البعثة الروسية اعترضت على مشروع القرار البريطاني بشأن تمديد مهمة بعثة أونمها المنتشرة في خطوط التماس في الحديدة على الساحل الغربي لليمن»، مشيراً إلى أن «الروس وصفوا القرار بغير المتوازن». وكانت قد بُذلت جهود في مجلس الأمن لاحتواء الخلافات قبيل طرح المشروع للتصويت في جلسة الاثنين، تركّزت على إسقاط نقاط الخلاف التي تضمّنها.
* نقلا عن :جريدة الاخبار اللبنانية
في الأربعاء 12 يوليو-تموز 2023 09:01:54 م