|
بعد خروجي صباح اليوم من المنزل بخطوات قليلة سمعت صوت لانفجار رهيب من طائرات البغي والإجرام كالعادة لكنه هذه المرة كان أقرب وأشد وقعا على نفسي، توقفت للحظات والخوف قد بدا علي.. فرآني أحد المارة وقال لي :لا تخافي يا أختي هذه قنبلة صوتية..
ارتحت لكلماته وتابعت خطواتي، لم أعرف حينها لماذا صدقته وكأني لا أعيش في هذه البلد منذ أكثر من ثلاث سنوات وأعرف أن بعد كل غارة وصوت انفجار هناك ضحايا صغار كبار وهناك من يتجرع ويلات الألم!
لكني كغيري من الذين تمزقت قلوبهم وأرهقت أرواحهم وهم يشاهدون مناظر الدماء والدمار وأرواح الأبرياء تزهق ليل نهار،
كأني كنت حينها بحاجة إلى تخدير مؤقت؛ حتى لا أفكر بعده.. أين سقط الصاروخ.؟ ماذا خلف الصاروخ.؟ كم عدد الذين قضوا.؟ وكم عدد الجرحى.؟
وكأن عقلي الباطن يريد أن يرتاح ولو للحظات من هذا التفكير القاتل ومن منظر الحطام والأشلاء، ومن منظر الطفولة وهي تغتال في كل لحظة على يد أشقى الأشقياء.
نعم.. حاولت أن أهرب بتفكيري من كل تلك المناظر والأفكار.. حاولت أن أقنع نفسي أنها مجرد قنبلة صوتية كما قال لي أحدهم، حتى أسلم من معرفة تبعات كل ما حدث هناك.!
لكن عبثاً كنت أحاول فما إن وصلت المكان الذي أبغيه وبعد وقت ليس بطويل وأنا أسافر بالكلام والتفكير بعيداً عن ذلك الهول الكبير.. إذا بالخبر يصل إلى أذني والصورة ترتسم أمام مخيلتي.. لأستيقظ من هروبي الذي لم يدم طويلا حتى أيقنت أنها لم تكن قنبلة صوتية كما حاولت أن أوهم نفسي بل غارة جوية من عديمي الأخلاق والإنسانية قاموا بجريمة جديدة في وقت الذروة من ازدحام الأحياء وسعيهم في مختلف مجالاتهم الحياتية وفي مكان حساس مكتظ بمئات الأبرياء من الناس ليفاجئوا كما تفاجئنا جميعاً بتلك الجريمة البشعة التي خلفت أكثر من 90 بين شهيد وجريح في منطقة من حي التحرير بقلب العاصمة والتي تضاف إلى سجل جرائمهم ونتانتهم، فتصبح مجرد أرقام تطوي تحتها كسابقاتها عهودا من الظلم والقهر والخذلان والأحزان لا يمكن أن تقاس بأدوات قياس أعتى درجات الزلازل والفيضانات والبركان..
وليظل في صدورنا أعاصير ثأر تضترم نيرانها ولا تخمد مهما تعاقبت الليالي والأزمان، حتى نأخذ بحقنا وحق أخوتنا من أعداء الإنسانية أولياء الشيطان.
في الإثنين 07 مايو 2018 10:36:22 م