|
أيام ويهل على أبنائنا وبناتنا عام تعليمي جديد تحت الحصار، وسيتذكر الجيل الحالي هذه الأعوام القاسية، ويستحضر الصغار عندما يكبرون أنهم عاشوا سنوات قاسية حرمتهم من تلقي التعليم الذي يستحقونه، بسبب عدو ظالم كدر صفاء طفولتهم وحرمهم بعدوانه من كل الحقوق، وسلبهم أجمل سنوات حياتهم، وجعلهم يكبرون في ظل قصف وخراب وحياة صعبة، ولن ينسوا للمعتدين ما فعلوه بِهم وببلدهم.
أصبح قدوم العام الدراسي بمثابة كابوس ومشكلة تقض مضاجع الآباء والأمهات، في ظل التعثر الذي يعاني منه الواقع التعليمي، فلا حلول ولا معالجات، بل أذن من طين وأذن من عجين. كان الله في عون الطلاب وذويهم، الذين يكابدون المعاناة وهم يعدون الأسابيع والأشهر ليفرحوا بانتهاء العام الدراسي وتهجع نفوسهم وعقولهم من نعمة أصبحت لدى اليمنيين غُمة ومشكلة وهمّاً.
في الواقع "لا حياة لمن تنادي". جنين استبشرنا بأن تحمل ولادته خيراً؛ لكنه تحول إلى حمل كاذب ولم يتم شيء. كم سيستمر العويل والنقاش حول صندوق لم يَرَ النور ولم يكتب لبداياته النجاح؟! تعثر وفشل منذ الوهلة الأولى؛ ربما لأنه كان مشوهاً منذ البداية!
نحمد الله على نعمة المجاهدين، جيشاً ولجاناً شعبية في جبهات العزة والعطاء. ونستعيذ بالله من حكومة لا تبالي، وتتقمص وتدعي ما لا تفعل. ولنعتبر أننا شعب بدون حكومة، فقط لدينا السيد القائد (يحفظه الله) والجيش واللجان، فهم عزوتنا ومصدر صمودنا، وما يتحملونه أهم وأكبر. ونسأل الله أن يخلف علينا الحكومة بأفضل منها، وأن يعوض صبرنا بخير.
قد يستخف البعض وتأخذه النرجسية، وآخرون قد ينتقدون كلامي؛ لكن لا مشكلة في مواقفهم هذه.
لدينا كشعب تجربة عظيمة ازدهرت فترة السنين العجاف للعدوان، وتتمثل في المبادرات المجتمعية التي طوعت الجبال الشاهقة وشقت الصخر وحققت ما عجزت الحكومات عن تحقيقه، واصلت عملها الناجح رغم العدوان والحصار، ولم تتذرع كالمؤسسات الحكومية بالحرب والحصار، فلا يمضي أسبوع إلا ويعرض تقرير لمبادرات مجتمعية في كل مكان من جغرافيا السيادة الوطنية؛ حواجز مائية، طرقات، وغير ذلك من المشاريع الهامة.
ماذا لو اجتمع الأعيان من المجاهدين والمجتمع في كل عزلة وقرية ومنطقة ومديرية وتم إعداد إحصائيات في كل منطقة تتضمن عدد المدارس وعدد الطلاب، والعدد الفعلي للمعلمين المتواجدين في الميدان، ويقومون بأداء الواجب، ووضع رؤية لتسيير العملية التعليمية على مستوى المنطقة والمديرية والمحافظة؟
مثلاً: في أمانة العاصمة، يتم إجراء إحصائية في كل مديرية، من حيث عدد المدارس، والمعلمين، ويبادر كل بيت بمبلغ ألف ريال، والذي بمقدوره أن يزيد فلا يبخل ويعتبرها زكاء لنفسه وأهله، لصالح مباردة مجتمعية لدعم التعليم في منطقته، وما يتم جمعه بنظر الشرفاء الثقاة، وبتنسيق مع مندوب من المدرسين في كل مدرسة، يُقسم ما سيتم جمعه على عدد المدارس والمدرسين (المعلمين) وكادر المدارس على مستوى المديرية فقط، ودون تدخل وزارة ولا مكتب تربية ولا صندوق أبو الريش.
هذه مبادرة مجتمعية، لا يصرف شيء منها إلا للمدرسين لا غير. وأكيد لو لقيت الفكرة استجابة سيتعاون الأعيان والميسورون والتجار، وبقناعة، عندما يثبت لهم أنها صُرفت في مصرفها الحقيقي. فمثلاً يتم اختيار الصادقين ومَن يهتمون في كل منطقة لتنفيذ المبادرة وإعداد كشوفات بالمدارس والمعلمين، وما يُجمع شهرياً يُصرف لهم بالتساوي، وسيُسخر الله. هناك مَن سيقول: أولادي في مدارس خاصة؛ ولكن نقول له: بادر من أجل ابن غيرك، واعتبر أن ابنك في نفس ظروف ابن غيرك وموقعه القاسي.
إن شعباً سير، خلال أعوام العدوان، القوافل للجبهات بدون توقف لن يتثاقل في إسناد الجبهة التعليمية. ومِن ضمن ما تتكفل به المبادرة أن ما سيتم جمعه من مساهمات سيغطي عجز المفقرين غير القادرين على تسجيل أبنائهم وتوفير مبلغ الرسوم الرمزية للتسجيل بسبب الظروف الراهنة.
لا ننتظر أن يأتي الحل ممن لم يتحرك طيلة الأعوام الماضية. برلمان في وادٍ ثانٍ، وحكومة مش دارية إيش حال الناس، أهم شيء أمورهم سابرة وطُز في الشعب!... خلاص، نتحرك كمجتمع ونتعاون قدر المستطاع، وكما فُرجت وأذن الله بالنصر فلنا كلام، وبيننا وبين المسؤولين إنصاف سيد الثورة، الذي سيأخذ بحقنا منهم إن شاء الله.
ملاحظة: لا عاد يقولوا فيما بعد إن ما جال في خاطري وكتبته هو تحريض... بغير جنان!!
* نقلا عن : لا ميديا
في الإثنين 17 يوليو-تموز 2023 09:06:25 م