|
إن حظر إعلامنا الحر يأتي في سياق الحرب الشاملة علينا اقتصادياً واجتماعياً وإعلامياً، يأتي في سياق العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي، يأتي مع ذلك الصمت الثقيل والقاتل وتلك السجون الدولية المتزايدة عدداً واتساعاً.
ومع المأساة التي نعيشها جراء العدوان الظالم والحصار الاقتصادي، والآن الحصار الإعلامي وحجب إعلامنا الإلكتروني عن مواقع التواصل الاجتماعي، هو الدليل القاطع على هيمنة الولايات المتحدة والغرب الإمبريالي على تلك الشركات الإعلامية وتسخيرها للنيل من إرادتنا وصمودنا ومقاومتنا للتحالف الكوني التابع للمشروع الأمريكي الصهيوني.
الإعلام الأمريكي يريد منا أن نرى لا أن نفهم، أن نسمع لا أن نقول «لا»، أن نقرأ لا أن نكتب، أن نصدق لا أن نشك، أن نردد ما يقولون لا أن نحلله، أن تبقى عقولنا مضطربة مشتتة بعيدة عن الحقائق والأحداث المقاومة والعادلة، أن ننتهج سياساتهم وإعلامهم ومشروعهم، أن يصبح الشيطان الأكبر من الملائكة، لكي نحظى بما حظي به البعض من الإمكانيات اللامحدودة والأسلحة والدعم والحماية.
أما وقد وضعنا موقعنا ودورنا وفكرنا موضع الصدام مع الوصاية السعودية والإقطاع والتحالف الكوني العدواني المتوحش، فإننا بذلك نخالف توجيهات وإعلام الدول الغربية الإمبريالية الكبرى التي تدعي «محاربة الإرهاب» من منظور محاربتها لكل ما هو إنساني ووطني وشريف، من منظور نهب ثروات الشعوب وإذلالها، من منظور قتل جندي غربي أسطوري جريمة لا تغتفر، بينما قتل آلاف الأبرياء وتدمير أحياء بكاملها خسائر وأضرار إضافية لا بد منها.
ومع هذا الصمت الثقيل القاتل يمارس العدوان والحصار الاقتصادي والجوع والهدنة الزائفة، فإن الحصار الإعلامي هدفه إجهاض الثورة بكل الوسائل، ولكي تبقى الثورة أسيرة الحصار والجوع والفساد والتدهور الاجتماعي بقطع الرواتب وتدني معيشة الناس والإخفاق فيما هو لحساب الإنسان وأمنه الغذائي وسعادته، وبالدرامية المأساوية الاجتماعية والاقتصادية، نتيجة خروجها عن السيطرة الأمريكية والغربية والوصاية السعودية، وهذا هو «الإرهاب» الذي لا بد من استئصاله.
تلك الشركات الإعلامية التابعة لتوجهات الإمبريالية توظف الأحداث حسب ما يتطلبه مشروعها الاستعماري، وتدعي أن ما تقوم به هو من أجل أن يصبح العالم مرتعاً لـ»السلام الأزلي» وليس ساحة للصراع، والحقيقة أنه ليس هناك حرية وسلام من غير إعلام حر، ولن يكون ثمة إعلام حر يقاوم ضلالات الإعلام الإمبريالي وانحرافاته إلا عندما يخرج الصحفي من التفسخات النفسية، يرفض الظلم والرشوة والمصلحة الذاتية والانصياع، ويقاوم بيع الضمائر، ويدعو إلى ثقافة المحبة والسلام، ويدعم المصداقية في القول والعمل.
ولكى يكون الصحفي بهذه القوة فإن على المواطنين تقع أيضاً مسؤولية عدم تخليهم عن الدعم، عن اكتشاف أن عملية حصولهم على الحقائق قضية مرهقة ومتعبة، وأن التعب هذا هو ثمن حريتهم، وليست حرية من يمثلها عنهم.
* نقلا عن : لا ميديا
في الجمعة 04 أغسطس-آب 2023 09:14:09 م