|
من وجهة نظري أنّ تحنيط الجثث الهامدة لغيرما سبب هو مكابرة،وقد يوجد من استخدم التّحنيط لمآرب كثيرة لكنّ الفراعنة هم من لاحقتهم الشّهرة بالتّحنيط ،حين كان منهم من قال : ” أنا ربّكم الأعلى “.
فرعونهم الأشهر وهو فرعون زمن سيّدنا موسى ( عليه السّلام ) ؛ فرعون اغترّ وبنى بيئة منبطحة له من شعب وجمهور يؤلّه ظلمه وغطرسته ،وقال إنّه ربّهم الأعلى فصدّقوه بعد أن صدّق نفسه ؛ ونتيجة تصديقه لنفسه الكافرة بالله أمر وزيره بأن يبني له صرحا ؛ كلّ ذلك اعتراف منه بأنّه الأعجز، والأضعف ،والأحقر ففي جملة: ” فأطّلع إلى إله موسى ” حقيقة تصارع داخلي في عمقه يقول له : أنت لستَ ربّهم الأعلى فأنت كائن ،و مخلوق مثلهم ،و تعيش بينهم في الأرض ، يبدو لك شيء وتغيب عنك أشياء .
وفعلا : فقولته: لعلّ التي تفيد التّرجي الموحية هنا بالمحاولة ،والمحاولة فقط باحتمال عدم التّحقيق ،هي جملة فطرته البشريّة الصحيحة التي تؤمن بوجود إله واحد، ومعبود واحد لا شريك له وهو المستحقّ للعبادة ؛ ورغم إيمانه الفطري إلا أنّ غطرسة ، وشهوة الملك ،و وهم الخلود ،مع مرض الغرور، والشعور بالنّقص جعلته يتمادى في جحوده لخالقه ، وقد عرف أنّ الله حي لا يموت ؛ فقد أراد الخلود، لكنّه العاجز عن استدامة روحه، وإبقائها حيّة ؛ فكابر وكان تحنيطه رمزاً للكبرياء المتغطرس ،و جسداً من دون روح ، أصبح مجرّد لفظ كلمة فرعون أو فراعنة رمزا للتّحنيط والمحنّطين فكرا وفهما ومعرفة،و لا ضير في مرور الزّمن على فراعنة غير ظالمين، ولكن الفرعنة مدلول أصبح ملتصقا بالكفر بالله وإعلان تحديّه ( سبحانه وتعالى ) .
و تلك الفرعنة التي وجدت في فرعون موسى نراها اليوم بالنّقص البشري المصاحب للكبر ،و الغرور، والغطرسة في أمريكا وإسرائيل ..
ففي عمق شعورها تظلّ تلك العقد تلاحقها فتحاول أن تعوّضها بتوسيع رقعة ملكيتها تجبرا ،ومحاربة، ومواجهة ،و تحديا للخالق في إبادة خلقه ،و إهلاك الحرث والنّسل ؛ ولكن هل ستستطيع أمريكا بناء دولة إسرائيل الكبرى وقد انهارت في ما حول القدس وفلسطين .
انهارت كحلم وحقيقة في الشّام والعراق واليمن ؟ !
أمّا نسل فراعنة مصر الحقيقيين والممتدة شجرتهم في حكامها اليوم فلا زالوا يجدون في المكابرة سبيلا لاحتلاب بقرة ترامب ( حكّام الحجاز والخليج ) غير منتبهين أن راعي البقرة ( ترامب ) يراقبهم ،و يسمح لهم بذلك لمجرد استخدامهم ، وتوظيف فرعنتهم ،و حين إكمال وظيفتهم سينقلب عليهم وسيأتي الدّور على مصر وغيرها من الموالين لإسرائيل..
فترامب فرعون العصر المحنّط الأكبر قد حنّط ثعابينه وجعل منهم (وهم عملاؤه) مادة بنائه، وعمّاله الذين سيتكئ عليهم لبناء هيكله الموعود به شعب الله المختار ؛ ولكنّ الحقيقة التي ما عرفها أنّ التّحنيط قد عفا عليه الزّمن ،فهو رأس الأفعى التي التهمتها عصا موسى في اليمن والشام والعراق ،التهمتها في كلّ فكر يحمل مقاومة لإسرائيل ؛ فثقافة المقاومة ،و جهاد المقاومين قد فتّت المحنّطين جميعهم من الرأس إلى أخمص القدمين ، وجعل من فتاتهم رمادا تذروه الرّياح ،و لهذا ستظلّ:
القدس ـ عربيّة _ اسلامية.
في الإثنين 21 مايو 2018 04:31:17 ص