|
واهم كل الوهم مَن يخال أولئك الذين افترشوا شارع المطار، أو ساروا في كل مظاهرة ومسيرة، أو جاؤوا من المناطق والأرياف لحضور ودعم الاعتصامات، إنما كانوا «حوثيين»، بما قد تعنيه التسمية من أطر ضيقة لحركة تنظيمية، بأبعادها الإثنية والأيديولوجية... لا، بل كانوا يمنيين، بكل ما يحتمل اليمن من تعدد وتنوع، جمعتهم سابق معاناة، وحذاهم قادم أمل، بالخلاص من كابوس الحكم والظلم والسَّرَق (كل السَّرَق)، بعد أن وُجهت لهم دعوة ثورية، بدت حية وصادقة وفتية، وهي تخاطب مباشرة شعباً، لا مكوناً بعينه أو خاصة نخب، بقولها: أيها الشعب العظيم، هذه بلادكم وهمومكم، وتلك حقوقكم وتطلعاتكم، ونحن منكم وإليكم، فقوموا معنا إلى خير الدولة العادلة، يرحمكم الله.
وجاء العدوان، فكانت الملايين الثورية، وبالقيادة ذاتها، الأنصارية حركياً، اليمنية وطنياً، حاضرة فطرياً وقيمياً، كلّ بتسميته وموقعه وقدرته ودوره، لمقاومته ومقارعته، بالقلب واللسان والقلم والبندقية والمال والنفس، ذوداً عن وطن تنتهك سماؤه وأرضه، وأضعف الإيمان كان وما يزال الصبر على الحرمان، مع دائم اشتعال الحلم في الوجدان، بدولة الحرية والعدالة وتنمية الإنسان!
فهل يدرك الأنصار، مع الإقرار بما هو لهم، أن قوتهم الحقيقية ليست دبابة عسكرية أو وثيقة سياسية، وإنما حضور وتأييد والتفاف شعبي واسع، حول موقف ومشروع وطني ثوري جامع، تمثل فيه الحركة جزئية قيادية، لا كلية وجودية، ما يضع عليها مسؤولية بعض الإنصات، ومصداقية استحضار قناعة تلك الجموع، وشفافية إطلاع الإرادة الجماهيرية، بخطاب مباشر وواضح، بل وإشراكها في اتخاذ القرار، بوصفها رقماً فاعلاً في المصير، لا كماً تابعاً في المسير؟!
* نقلا عن : لا ميديا
في الجمعة 11 أغسطس-آب 2023 08:55:18 م