|
عباد علي بن علي الهيال، رجل من النبلاء، وباحث مجتهد في شؤون الفكر والثقافة والتراث، صدرت له عدد من الأعمال الفكرية والبحثية والثقافية والبحوث التي تختص بالتراث، عرفته عن قرب بعد أن تعين رئيسا لهيئة الآثار، يقرأ تفاصيل التفاصيل ويناقش في كل شاردة وواردة، قارئ نهم وباحث لا يني ولا يفتر دمث الأخلاق كريم السجايا غيور على لغته وتراثه، صدر له كتاب في لغة أهل اليمن بعنوان « في لغة أهل اليمن « هذا الكتاب صدر عام 2013م ولكني لم أحصل عليه إلا مؤخرا في طبعته الثانية.
الكتاب في 400صفحة من القطع الكبير توزع على أقسام ثلاثة هي:
– القسم الأول: نصوص وتعليقات
– القسم الثاني: لغة أهل اليمن في بعض كتب الأدب واللغة العربيين.
– القسم الثالث: بعض المعايير اللغوية ليمانية القبائل والمواضع.
في مقدمة الكتاب يوضح الكاتب الدوافع التي وراء تأليف الكتاب وهي سلسلة من الحوارات والعوارض والمصادفات اليومية التي في غالب شأنها تنتقص من لغة أهل اليمن، مما دفع المؤلف إلى خوض الغمار والإبحار في عالم اللغة لكي يثبت أن لغة أهل اليمن هي لغة أصيلة، ومنها تنبثق كل اللغات السامية، فهي تشكل الجذر الأساس الذي تتفرع منه الفروع، وعاب على خواص المثقفين والأدباء اطراح هذه اللغة ظنا منهم بعدم فصاحتها أو انسياقا إلى ثقافة الإعلام الغالب، ولذلك يقول:
«وهذه اللغة أو قل اللغات اليمانية طور قديم من أطوار اللغة العربية بقيت على حالها القديم وأعان على بقائها كذلك عزلة أهل اليمن في ركن قصي من جزيرة العرب، يعزلهم من الجنوب بحر ومن الشمال صحراء وطبيعة جغرافية قاسية من جبال عالية ووديان سحيقة ومفازات كل ذلك – في رأينا – أبقى كثيرا من جوانب الحياة في هذه البلاد – ومنها اللغة – باقيا كما كان منذ دهور بعيدة».
وفي متن الكتاب في القسم الأول منه يورد نصوصا لكتاب وباحثين، ويقوم بتفنيد الآراء وبما يتسق مع الطبيعة الاجتماعية والتاريخية والثقافية اليمنية، أو طبيعة البحث وزمنه وغايته، وما استجد من بحوث، وهو يستقصي الآراء التي لا تعترف بفاعلية لغة أهل اليمن في كيمياء الحياة واللغة، حتى يعود الحق إلى نصابه الذي يفترض أن يكون عليه.
وفي القسم الثاني رصد الباحث آراء علماء اللغة القدامى والمحدثين في لغة أهل اليمن وتتبع هذه الآراء مع تفنيدها ومواقف أدباء العصر من بعض تلك الآراء، محددا موقفا ورأيا من كل ما يتم طرحه .
وفي معرض بحثه يستعرض المعجم السبئي بقراءة نقدية فاحصة ويتناول الصيغ والإبدال وأوزان الأفعال، وصيغ جموع التكسير، ويختم بقراءة في المعجم اليمني.
كتاب «في لغة أهل اليمن « كتاب قيم في مجاله وهو من الكتب الملهمة للباحثين والدارسين ومن الكتب التي تؤصل للهوية الثقافية والتاريخية والحضارية اليمنية، وقد بذل مؤلفه جهدا كبيرا فيه، وهو من الكتب التي يجدر بنا قراءتها في هذه الفترة ونحن نتعرض للعدوان الذي يستهدف الإنسان والتاريخ والأرض والحضارة حتى يفرغ الذات الوطنية من محتواها فيتكمن من السيطرة عليها وإخضاعها بعد قدرته على تعويم المصطلحات.
لقد أردنا من هذه الأسطر أن نرسل تحية للصديق والباحث عباد الهيال على جهده الكبير في خدمة الهوية الثقافية، وجهده في تمتين الهوية اليمنية، وفي اعتزازه بالذات اليمنية، وبقيمتها وأثرها الحضاري والثقافي.
*نقلا عن :الثورة نت
في الإثنين 14 أغسطس-آب 2023 10:55:14 م