|
باتت شبكات التواصل الاجتماعي التي تضم الملايين من البشر منصات حرب تضليلية ودعائية واسعة وتتمثل بمجموعة من الأنشطة والاستراتيجيات التي تهدف إلى التأثير على الرأي العام والسلوك السياسي من خلال استخدام وسائل التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك ومنصة X وإنستغرام وتلغرام.. إلخ. هذه الأنشطة قد تشمل نشر المعلومات المضللة أو المزيفة أو المغرضة، أو استخدام الحسابات الوهمية أو المزورة أو المتلاعب بها، أو تنفيذ عمليات التضليل أو التشويش أو التحريض أو التخريب. الهدف من هذه الحرب الدعائية قد يكون تشكيل أو تغيير أو تقويض المواقف والمعتقدات والانتماءات والثقة بشأن قضايا معينة، أو دعم أو معارضة جهات معينة أو الضغط على طرف معين أثناء المشاورات.
الحرب الدعائية على شبكات التواصل ليست ظاهرة جديدة، فقد سبق أن استخدمت في بعض الصراعات والأزمات السابقة، مثل [الحرب الباردة] لكنها ازدادت حدة وانتشاراً مع تطور التكنولوجيا وزيادة استخدام شبكات التواصل الاجتماعي.
بعض الدراسات تشير إلى أن هناك [أكثر من 70 دولة] شاركت في حملات دعائية على شبكات التواصل بين عامي 2017 و2019. كما أن هناك [العديد من الجهات] غير الحكومية، مثل المجموعات المتطرفة أو المؤسسات الإعلامية أو المؤثرين، التي تستخدم هذه الأساليب لتحقيق أهدافها..
ولأن الشعب اليمني يتعرض لعدوان عسكري إجرامي لتسع سنوات ترافق معه حرب اقتصادية وثقافية وإعلامية وتضليلية واسعة وبالرغم من الهدنة والتهدئة التي اتاحت توقف شبه كامل للحرب العسكرية إلا أن الحرب الدعائية والتضليلية ما تزال مستعمرة ويهدف من ورائها العدو إلى ضرب الجبهة الداخلية التي صمدت في مواجهته وخلق انقسامات بين أبناء الشعب اليمني المجاهد..
هذه الحرب لا تكاد تتوقف لا ليل ولا نهار وأصبح العدو يمتلك جيشا واسعا من المرتزقة والناشطين الذين يترصدون أبسط الإشكالات والعيوب داخل جغرافيا الوطن الحر ويصنعون منها قضية إعلامية كبرى كما يعمدون للكذب والتضليل وخلق المشاهد والمشاعر المزيفة واعتبار ذلك يحدث يوميا داخل مناطقنا..
إن الحرب الدعائية كما يقول السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي (يحفظه الله): (( لا يمكن أن تواجهها ببندق, ولا بمدفع, ولا برشاش, يعني: لا تكفي خبرتك القتالية في مواجهة العمل الدعائي, تحتاج إلى الوعي, تحتاج إلى الثقافة القرآنية, تحتاج إلى الكفاءة والقدرة اللازمة, التي تتحرك من خلالها بتقديم هذا الحق إلى الناس, وهو مقنع, وهو مؤثر, وهو سيزيح ما لدى الأعداء من باطل, وسيزهق باطلهم, هذا جانب مهم جداً)).
إذا ما هي الطرق والوسائل والأساليب والسلوكيات التي يمكننا من خلالها مواجهة هذه الحرب التخريبية والتضليلية الواسعة؟! هذا ما سنتناوله في هذا التقرير :
نحن قادرون على مواجهة الحرب التضليلية وتحويلها إلى مجرد فقاعات تتبخر كما واجهنا الحرب العسكرية وذلك من خلال:
- عن طريق الوعي العالي
عندما نأتي نحن لنواجه الأسلوب الدعائي, نحتاج أولاً أن نكون نحن فيما نحن عليه من الوعي, فيما نحن عليه من الاستيعاب, والفهم للحق, والثبات عليه, والارتباط بهدى الله سبحانه وتعالى, على مستوى عال, لا نتأثر نحن, ثم نقدم للناس من الهدى والحق, ما يكشف زيف تلك الادعاءات ويفندها.(السيد عبد الملك/ مكارم الأخلاق الدرس الثاني)
- فهم الحق واستيعابه وامتلاك القدرة على تقديمه بأساليب مقنعة
ونواجه أسلوب الأعداء الدعائي, بما يكون فعلاً مقنعاً للناس, وبما يكشف زيف الباطل, ودعايات المنافقين والكافرين , هذا جانب مهم.
من يتابع صحافة الأعداء, مواقعهم على الإنترنت, كتاباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي, ونشاطهم الدعائي بين الناس, في قرى, في مدن, في مناطق كثيرة, المنشورات التي توزع, يلحظ فعلاً أن هناك حملة دعائية كبيرة ضد هذه المسيرة القرآنية المباركة جانبين الفهم للحق, والقدرة على تقديم هذا الحق بالشكل المطلوب, بالشكل المؤثر والمقنع, جانبين مهمين, وتسبق عملية الاستيعاب والفهم للحق بالشكل المطلوب, ثم المهارات والقدرات على تقديم الحق بالشكل المطلوب في مواجهة الباطل.[وفي نفس الوقت يجد آذاناً مفتحة واعية فإنه وحده الكفيل بإزهاق الباطل بمختلف أنواعه، ومن أي جهة كان].
ولذلك كلما كان عندنا استيعاب وفهم لهدى الله, نستطيع أن نواجه كل أنواع الباطل, ما يلبس من الباطل غطاء ديني, مثلما يعمل الوهابيون, الذين يقدمون الباطل باسم الدين, وباسم السنّة, وإلى آخرة, أو ما يلبس بثوب سياسي الدعايات التي يكون لها غطاء سياسي, ويحاربوننا بها, أو بقية الدعايات التي يكون لها إما شكل جنائي, أو شكل اجتماعي, أو أي شيء, عنصري أو غيره, بقدر فهمنا للحق وقدرتنا على تقديمه, نستطيع أن نواجه كل أنواع الباطل, لأن هناك دراسات للواقع, لواقع المجتمع يعملون دراسات وينظرون من خلال التقييم لواقع كل مجتمع, ماهي الدعاية التي يمكن أن تنفق وتؤثر في هذا المجتمع؟..
- ترسيخ الثقة بالله وبوعده بالنصر لأوليائه
إذا كان الإنسان ضعيف الإيمان، ضعيف الثقة بالله، ضعيف في إدراكه لتنـزيه الله سبحانه وتعالى قد يهتز عند الشدائد, إما أن يسيء الظن في موقفه: [ربما موقفنا غير صحيح وإلا لكنا انتصرنا، لكنا نجحنا..] تحصل ربما، ربما..إلى آخره، أو يسيء الظن بالله تعالى وكأنه تخلى عنا، وكأنه ما علم أننا نعمل في سبيله، وأننا نبذل أنفسنا وأموالنا في سبيله: [لماذا لم ينصرنا؟. لماذا لم..؟].الإنسان المؤمن، الإنسان المؤمن يزداد إيماناً مع الشدائد: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} (آل عمران:173)؛
لأن الحياة كل أحداثها دروس، كل أحداثها آيات تزيدك إيماناً، كما تزداد إيماناً بآيات القرآن الكريم {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً}(الأنفال: من الآية2) كذلك المؤمن يزداد إيماناً من كل الأحداث في الحياة، يزداد بصيرة، كم هو الفارق بين من يسيئون الظن عندما تحصل أحداث، وبين من يزدادون إيماناً؟. وهي في نفس الأحداث، أليس الفارق كبيراً جداً؟.
لماذا هذا ساء ظنه، وضعف إيمانه، وتزلزل وتردد وشك وارتاب؟ وهذا ازداد يقيناً وازداد بصيرة وازداد إيماناً؟! هذا علاقته بالله قوية، تصديقه بالله سبحانه وتعالى، وثقته بالله قوية، تنزيهه لله تنزيه مترسخ في أعماق نفسه، يسيطر على كامل مشاعره فلا يمكن أن يسيء الظن بالله مهما كانت الأحوال، حتى ولو رأى نفسه في يوم من الأيام وقد جثم على صدره [شمر بن ذي الجوشن] ليحتز رأسه كالإمام الحسين (صلوات الله عليه).
حادثة كربلاء ألم تكن حادثة مؤلمة جداً؟ كانت كلمات الإمام الحسين فيها تدل على قوة إيمانه، كمال وعيه، كمال يقينه، بصيرته, كان همه من وراء كل ذلك أن يكون لله فيه رضى، ما دام وفيه رضى لك فلا يهمني ما حصل.
وهذه هي نفسية المؤمن, نفسية المؤمن هو أن ينطلق في أعماله يريد من ورائها كلها رضى الله. رضى الله هو الغاية.. وإن وضع له أهدافاً مرحلية, وداخلية, هي ليست كل شيء لديه، ليست كل شيء لديه، فإذا لم يتحقق ذلك شك وارتاب، أن يجندوا أنفسهم لمعركة ما مع أعداء الله ثم ينهزمون، أو يرون أنفسهم مضطرين إلى أن يتصالحوا صلحاً مؤقتاً، فيرجعون بنفوس مرتابة لماذا؟. ألم نسمع أن الله تعالى قال: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}(الحج: من الآية40) لماذا، لماذا؟!.
المؤمن هدفه هو أن يحصل على رضى الله، وأن يكسب رضى الله، وأن يكون في أعماله ما يحقق رضا الله، وأن النصر الذي يريده، النصر الذي ينشده هو نصر القضية التي يتحرك من أجلها، هي تلك القضية التي تتطلب منه أن يبذل نفسه وماله، فإذا كان مطلوب منك أن تبذل نفسك ومالك فهل ذلك يعني بالنسبة لك نصراً مادياً شخصياً؟ الذي يبذل ماله ونفسه فيقتل في سبيل الله، هل حصل نصر مادي له شخصي؟ هو انتصر للقضية، هو حصل على الغاية التي ينشدها، حتى وإن كان صريعاً فوق الرمضاء، ألم يصبح شهيداً؟ حظي بتلك الكرامة العظيمة التي وعد الله بها الشهداء، دمه ودم أمثاله، روحه وروح أمثاله، أليست هي الوسيلة المهمة لتحقيق النصر للقضية؟.
المؤمن لا ينظر إلى نفسه، النصر الشخصي، المقصد الشخصي، قضيته الخاصة، خِطته المعينة، موقفه الخاص. المسيرة هي المسيرة الطويلة: العمل على إعلاء كلمة الله، النصر لدين الله, في هذه المرة أو في المرة الثانية أو في المرة الثالثة، إن لم يكن على يديك أنت فقد يكون على يد آخرين ممن هيأتهم أنت، وهكذا.. حتى تنتصر، ولا بد أن يتحقق النصر.(معنى التسبيح)
- الرقي الإيماني المستمر
كلما ضعف جانب الإيمان كلما نفقت كل هذه الشرور, تنفق الدعاية, تنفق أساليب الترغيب, تنفق أساليب الترهيب, كلما ضعف الجانب الإيماني عندك, يمكن أن يؤثروا عليك, يؤثروا عليك بدعاية, أو يؤثروا عليك بمال, أو يؤثروا عليك بتعقيد, أو يؤثروا عليك بترغيب, لكن إذا كان مسارك مسار إيماني يتنامى فيه إيمانك, وعيك, علاقتك بالله, استشعار للمسئولية, ما يستطيعوا أبدًا أن يؤثروا عليك بأي شيء أبداً.
وهذا الجانب يمثل حصانة كبيرة للإنسان, إذا كنت في واقعك الإيماني ترتقي, لا تهبط, إذا أنت واقف عند مستوى معين ستتناقص, سيصبح إيمانك مثل “البترول ” إذا سلطت عليه حرارة الشمس يتبخر, يتبخر حتى ينتهي.
أنت إذا كنت واقف في مستوى معين, أحداث كثيرة, تحديات كثيرة, أمور كثيرة ستؤثر عليك, ويتبخر إيمانك, ويتناقص وعيك, وارتباطك, واستشعارك للمسئولية, وما عدى ذلك.[الجندي المسلح بالإيمان إذا لم يكن إلى درجة أن تتبخر كل تلك الدعايات, وكل ذلك التضليل – سواء إذا ما وُجِّه إليه, أو وجِّه لمن هم في طريقه، لمن هم ميدان عمله – يستطيع أيضاً أن يجعلها كلها لا شيء؛ لأن هذا هو الواقع، واقع الحق إذا ما وجد من يستطيع أن ينطق به، إذا ما وجد من يفهمه.
- استشعار الخوف من الله في حالة التقصير
يصبح الإنسان بقدر خوفه من الله على درجة عالية من التقوى، من الالتزام، من التجنب للمعاصي، تزكو نفسه، ويطهر قلبه، ويظهر الصلاح في سلوكه، في تصرفاته، في أعماله، تصرفاته وأعماله متزنة، متزنة ليس عنده تهور، وتجاوز للحق، لأنه يخاف، يخاف من الله، وخوفه من الله سبحانه وتعالى يظهر أثره فيه في كل مواقفه، في كل تصرفاته، من خلال التزامه، من خلال التزامه، لا يكون لا من النوع الذي يسهل عليهم التجاوز للحق، يتجاوز سواء في كلامه، في تصرفاته، في أعماله، لا. ولا ممن يتهاون في مقام المسئولية، فلا يبالي بالتقصير، يقصر عامداً، يهمل عن عمد، بقصد، لقلة خوفه من الله سبحانه وتعالى.
حالة الخوف من الله لها أثر إيجابي عظيم في الالتزام الدقيق في مقام العمل والمسئولية، فيكون الإنسان بعيد عن الظلم، بعيد عن المعاصي، يخاف من الله سبحانه وتعالى، ويمثل هذا رادعاً كبيراً له عن تجاوز الحق إلى الدخول في المعاصي.
كذلك التقصير في المسئولية، التقصير في مقام المسئولية، لأنه يخاف الله عنده اندفاع كبير في العمل؛ لأنه يدرك قيمة العمل، هذا جهادك، عملك، تعبك، ما تبذله في سبيل الله، ما تعمله في سبيل الله، هو وقاية لك من عذاب الله، هو الذي يدفع الله به عن جلدك الرقيق جحيم جهنم، نار جهنم، لظى جهنم، حميم جهنم، زقوم جهنم، أغلال جهنم.
- التوبة والرجوع الصادق إلى الله في حالة الزلل
الإنسان المؤمن لو وصل إلى أي مستوى في إيمانه والتزامه وتقواه وعبادته وإنابته يضل دائماً يستشعر التقصير أمام الله سبحانه وتعالى, يستشعر أنه مقصِّر مهما عمل مهما قدَّم، ويدرك أن من الذنوب ذنوب حتى على مستوى التقصير في الأداء العملي لما يعمله من الطاعات، فهو ملازمٌ للتوبة، ملازمٌ للاستغفار، ملازمٌ للإنابة إلى الله سبحانه وتعالى {وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ} يأتي التوجيه الإلهي لمن؟ للمؤمنين بالتوبة، المسألة ليست مسألة منحصرة أن تُخاطب المجرمين والمستهترين والمشهورين بكبائر الجرائم والذنوب فتقول توبوا. لا .
الكل مطلوبٌ منهم أن يتوبوا, بل المؤمن من أهم صفاته أنه توّاب، وأنه ملازمٌ للتوبة والإنابة إلى الله سبحانه وتعالى، فيما هو عليه من استقامة، فيما هو عليه من صلاح، فيما هو عليه من إنابة، فيما هو عليه من عملٍ صالح {الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ} ومع ما هم عليه من هذه الصفات الإيمانية العظيمة والرفيعة {وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ} هم لا يستغفروا من منطلق أنهم أصبحوا مجرمين. لا. بل بكل صلاحهم وإيمانهم بصبرهم وصدقهم وقنوتهم لربهم وعطائهم وإنفاقهم، هم يستشعرون التقصير والقصور فيطلبون من الله المغفرة، ويكررون الإنابة، ويفيقون في وقت الغفلة ليتضرعوا إلى ربهم سائلين له المغفرة, الله سبحانه وتعالى يقول: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}(النور:31) توبوا إلى الله.
يا مؤمن مهما بلغ بك إيمانك تب إلى الله، وكن دائم الرجوع إليه، ولازم التوبة من أي هفوة أو تقصير أو زلة، قد تتكاثر الكثير من الذنوب التي يتصاغرها الإنسان يستصغرها يتهاون بها حتى تكون مؤثّرة وخطيرة على الإنسان، وشبهها الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) كمن يجمع الأعواد من الحطب عوداً عوداً حتى تكون لو اشتعلت منه ناراً لأحرقته. (….يتبع)
في الحلقة السابقة تناولنا عدداً من الوسائل والقيم المهمة التي تمكننا من مواجهة الحرب الدعائية والتضليلية التي تشن ضدنا كشعب يمني وتستهدف نسيجنا الاجتماعي وقيمنا ومبادئنا وهويتنا وعاداتنا في سبيل تحقيق ما عجزوا عن تحقيقه من خلال عدوانهم الإجرامي في هذه الحلقة سنواصل تناول القيم والمبادئ المهمة في مواجهة الكم الهائل من المعلومات المضللة والمفبركة:
- المحافظة على الروح الجهادية
يجب أن نكون نحن في مستوى ننطلق لنؤثر في الآخرين وندفع الآخرين، هذه حالة أيضاً موجودة إلى حد كبير في واقعنا، مع أن هناك نماذج راقية في أوساط المجاهدين، على درجة عالية من الإيمان، عندهم اندفاع كبير في سبيل الله، ولكن لا يزال هناك على المستوى العام والغالب نعاني، فلا ينبغي أن ينقص الاندفاع والتفاعل في سبيل الله سبحانه وتعالى لأن البعض بحاجة إلى دفع، بحاجة إلى تحريض، بحاجة إلى تذكير، والبعض لا ينفع فيه ذلك، هذه مسألة مهمة جداً، الحالة هذه تدل بوضوح على قصور في إيمان الإنسان، قصور في وعيه، قصور في علاقته بالله سبحانه وتعالى.
الحالة العالية من الإيمان والوعي والعلاقة العظيمة بالله سبحانه وتعالى تجعل عند الإنسان اندفاع كبير، وروحية جهادية عالية، أولاً أنه هو ذلك الذي يحب الله، فهو مندفع في سبيل الله بكل رغبة، محبته لله تجعله يندفع في سبيل الله برغبة عالية، ثم هو يخاف من الله سبحانه وتعالى، فهو منطلق في سبيل الله ويدرك خطورة التخاذل، وخطورة التقصير، خطورة التفريط، وأن وراءه عذاب الله، أن المسألة ليست مزاجية ولا سهلة، فتنطلق نظراً لأن عندك تحمس، وتفاعل، ثم يتغير مزاجك فيترجح لك أن تذهب، لا. ليست مزاجية، هذه مسألة يتحدد فيها مصيرك، نجاتك، فوزك، أو هلاكك، إما أن تتوفق وتستمر مع الله سبحانه وتعالى، وتثبت في طريق الحق، أو تتراجع فتخسر، وتهلك.
الإنسان في مقام العمل في سبيل الله عنده قناعة عالية وإيمان كبير بالطريق التي هو فيها، والقضية التي يجاهد من أجلها، هو يدرك أنه مع الحق، على الحق، مع الله، في سبيل الله، في طريق العز، والخير، والشرف، والنجاة، والفوز العظيم، أنه في طريق نهايتها الجنة، والفوز برضوان الله سبحانه وتعالى، والسعادة الأبدية، والنعيم الذي لا نهاية له.
أما تراجعه عن ذلك الطريق فهو تراجع إلى طريق جهنم، إلى الشقاء الدائم، إلى الخسران، والهوان، إلى عذاب الله، والعياذ بالله.
يدرك عظمة العمل الذي هو فيه، يدرك قيمة العمل الجهادي في نجاته، في فوزه، في عزته، في شرفه، في الفضل عند الله سبحانه وتعالى، فيما يحقق هذا العمل من نتائج عظيمة ومهمة في واقع الحياة له، وللناس من حوله.
- معرفة ما يهدف العدو إلى تحقيقه من ورائها
دعايات الأعداء متنوعة ومتعددة, منها ما هو لإثارة الشك, ولإثارة الخلل في الداخل, هذا النوع من الدعايات يوجه إلى من ؟ هذا النوع من الدعايات داخل المجاهدين, داخل مجتمعهم, دعايات تثير الشك, إما الشك في المنهج الذي تنتمي إليه, التشكيك مثلاً في المسئولية الجهادية, ومحاولة إثارة الشبه, مثلما كانوا يقولون كيف مجاهدين مسلم يقتل مسلم؟.
ليش ما تقتلوا الأمريكيين, ليش ما تسيروا تقاتلوا الأمريكيين؟. من تقتلوا؟ من تقاتلوا؟ أنتوا بن تقاتلوا يمنيين, إلى آخره, كان بيحاولوا بهذا إثارة شبه, إثارة شك في الداخل, إثارة الشك إما تجاه المنهج, تجاه القيادة, تجاه المسئولية نفسها, أو للتشكيك في حالة الإخاء والترابط في داخل المجتمع المجاهد.
مثلاً: التشكيك فيما بين المجاهدين تجاه بعضهم بعض, ما بين المجتمع والمجاهدين, هذا النوع من الدعايات التي تهدف إلى إثارة الشك, يتوجه إلى داخل المجاهدين, ينشر بطريقة خطيرة, قد لا يتنبه الإنسان أنها دعاية, البعض قد يتكلم عند مجاهد معين, أو بين أوساط المجتمع بدعاية معينة, أو حتى يستغل أحياناً تكون الدعاية استغلال, إما لخطأ معين, أو لتصرف معين, مثلاً نحن نعرف في هذه الفترة أن لدى الأعداء اهتمام كبير جداً لجمع معلومات عن كل المجاهدين المتعقدين, والمتذمرين, بعض المجاهدين معقد, مستاء, إما من تصرف مشرف معين, تصرف معه تصرف قاسي, أو يشعر أنه ليس هناك اهتمام به, أو معاملة سيئة تعاملوا معه معاملة أستاء منها أو ما شابه.
- استيعاب عالي للحق
كيف سنواجه حرب الدعايات, سواء الدعايات التي تستهدفنا كمجاهدين لإثارة الشك, أو تستهدف المجتمع من حولنا مجتمعنا, أو تنشر في المجتمعات الأخرى حتى يوجدوا بينها وبيننا وبين هذه المسيرة عائق, وحائل, لا تتقبل مستقبلاً, هذا يحتاج إلى ماذا؟ إلى وعي عال, إلى استيعاب للحق, إلى فهم للحق, من يقتصر على شكليات في هذه المسيرة, قراءة روتينية سطحية بغير تأمل ولا تفهم لبعض الملازم وحمل الشعار – مثلما قلنا في الدرس الماضي – ممكن أن يأتي مرحلة معينة يكون فيها حجم الحرب الدعائية مؤثر عليه وفوق مستوى وعيه, فوق مستوى وعيه ولذلك كلما كان عندنا استيعاب وفهم لهدى الله, نستطيع أن نواجه كل أنواع الباطل, ما يلبس من الباطل غطاء ديني, مثلما بيعملوا الوهابية, الوهابية بيقدموا الباطل باسم الدين, وباسم السنّة, وإلى آخرة, أو ما يلبس بثوب سياسي الدعايات التي يكون لها غطاء سياسي, ويحاربوننا بها, أو بقية الدعايات التي يكون لها إما شكل جنائي, أو شكل اجتماعي, أو أي شيء, عنصري أو غيره, بقدر فهمنا للحق وقدرتنا على تقديمه, نستطيع أن نواجه كل أنواع الباطل, لأن هناك دراسات للواقع, لواقع المجتمع بيعملوا دراسات ويشوفوا من خلال التقييم لواقع كل مجتمع, ماهي الدعاية التي يمكن أن تنفق وتؤثر في هذا المجتمع.
- تنمية مهاراتنا وتطوير قدراتنا لمواصلة الارتقاء بوعينا
هناك حاجة ضرورية جدًا, ومسألة مهمة للغاية, أن يحرص الإنسان دائماً للارتقاء على مستوى الوعي, على مستوى الفهم للحق, على مستوى القدرة على تقديم هذا الحق, بالشكل الذي تواجه به دعايات الآخرين, وهذا يحتاج إلى فهم للحق, واستيعاب له, ويحتاج إلى تنمية المهارات والقدرات في تقديم هذا الحق, على كل المستويات, البعض يمكن أن يتعلم الكتابة للمقالات وما شابه, البعض يمكن أن يمتلك قدرات خطابية, البعض يمكن أن يمتلك قدرات في تقديم برامج أو ما شابه. جانبين الفهم للحق, والقدرة على تقديم هذا الحق بالشكل المطلوب, بالشكل المؤثر والمقنع, جانبين مهمين, وتسبق عملية الاستيعاب والفهم للحق بالشكل المطلوب, ثم المهارات والقدرات على تقديم الحق بالشكل المطلوب في مواجهة الباطل.
- العمل دائماً على رفع المعنويات كعامل من عوامل القوة
يقول الشهيد القائد: ((القرآن هو يرفع المعنويات بشكل رهيب, يخصم نفسك, يخصم الضعف الذي في نفسك بكله, وتخصم به أي طرف آخر, يظهر موقفه ضعيف أمام موقفك. وكل الأشياء الأخرى هي في الأخير تتوقف على مدى معنويات الإنسان ورؤاه, عندما ترى الطائرة, ترى الصاروخ, ترى مطارات تمشي في البحر, ترى أشياء من هذه, هي كلها تسيِّرها معنويات ورؤى ومفاهيم من أصحابها, هؤلاء عندما يضعفون في هذا الجانب وقفوا هذه الأشياء يوقفوها. هؤلاء عندما يكون هناك من يتحرك بشكل صحيح, على أساس كتاب الله أيضاً يأتي من جهة الله هو ما يجعلهم يتخذون قرارات أخرى, يعني ما تقول مثلاً: هل يستطيع القرآن أن يفجر الصاروخ حق أولئك, أو يخليه كذا؟ يستطيع أن يوقفه محله, يستطيع أن يخلي حاملة الطائرات تُصدِّي في البحر لو أن العرب يسيرون على أساس القرآن, عندما يسيروا على أساس كتاب الله سيحصل تدخل إلهي من جانبه هو؛ ولهذا يقول: [ومن خاصم به خصم] مثلما تقدم في قوله: [من جادل به ظفر]. [برهانه منير مضيء, وتبيانه مسفر جلي]؛ لأنه أحياناً, وهذه مما يجب أن نتنبه لها في إرشاد الناس, وإرشاد نفوسنا, قد تأتي أحياناً تريد تبين لكن ما يزال هناك عقدة؛ لأنه يبقى عقدة أحياناً, إذا ما يزال هناك عقدة واحدة تكون مشكلة [يعني حقيقة الله هو قال: ولينصرن الله من ينصره, لكن هذه الأشياء التي نراها كيف ما هو الحل]!.المشكلة التي تراها ليست أمريكا, أمريكا هو الجندي, هو القادة, هو الإنسان, أمريكا هو الإنسان, تدري من الذي حرك هذه؟ هم اليهود, أعطوا ثقافة, مفاهيم, رؤى, آمال, جعلت هؤلاء يتحركون, هذا معلوم, معلوم حتى عند الأمريكيين أنفسهم أنهم يقولون: هذه الحرب وراءها دفع يهودي, الدفع ما هو في الأخير؟ يا أخي افهم كل قضية هي تنتهي في الأخير إلى تثقيف, ومفاهيم, ورؤى تصنع وتحرك كلها, أو تجمد أمة وتجعلها تائهة, هي هذه.
فالذي حرك هذه المفاهيم, أعطوهم ثقافة معينة أعطوهم آمال دينية أيضاً, إضافة إلى حب السيطرة, والمصالح, والعداء, أعطوهم آمالاً دينية بتغرير وتلبيس رهيب عمله اليهود, الوعود التي كانت من قبل أن يأتي المسيح, وعود بأن يأتي المسيح شغَّلوها فيما بعد؛ لأن اليهود ما زالوا كافرين بأن المسيح عيسى بن مريم هو المسيح الموعود به في الكتب السابقة, طرحوا الموضوع من جديد وبأسلوب جعلوا المسيحي نفسه الذي هو مؤمن بعيسى يتطلع إلى عودة المسيح فعلاً, عودته هو)).
- تحصين الأفراد والمجتمعات مسبقاً
يعني: تختلف المسألة حتى باختلاف المناطق, وباختلاف الناس, بعض المناطق يمكن أن ينشروا بينها دعاية ذات صبغة دينية, مثلاً المجتمعات المعروفة بتوجهها الديني, مجتمعات متدينة متوجهة للدين والتدين للدين عندها أهمية, مثل هذا ينشروا بينها دعايات تقدم المجاهدين على أنهم ناس مجرمين. وأنهم ناس بعيدين عن الدين. وأن عندهم أقوال وعقائد سيئة جداً.
مجتمعات عندها توجه سياسي. مثلما بعض المجتمعات كذلك يركزون فيها على دعايات ذات طابع سياسي, وهكذا داخل مجتمعاتنا نحن مجتمعات المجتمعات التي هي حاضنة للمسيرة القرآنية, يدرسون واقع كل مجتمع وماهي الدعاية التي يمكن أن تنفق وتؤثر فيه ثم يعتمدون عليها.
تناولنا في الحلقات السابقة أهم المبادئ والقيم التي من خلال تطبيقها والتحلي بها سنتمكن بدون شك من التصدي للحرب التضليلية الواسعة وفي هذه الحلقة سنتناول أسباب تأثر البعض بالدعايات والشائعات التي تبثها ماكينات العدو الإعلامية وعبر مختلف الوسائل على القنوات التلفزيونية ومواقع التواصل وشبكات ومواقع الانترنت.
أسباب التأثر بالدعايات والشائعات
- نقص الإيمان الواعي والبصيرة العالية
الأساليب الشيطانية للتأثير على الإنسان من الشيطان وأولياء الشيطان كثيرة, أساليب كثيرة, منها الأسلوب الدعائي ومنها وسائل الترغيب ووسائل أيضاً الترهيب, وهذه تؤثر بالدرجة الأولى حتى في واقع المجتمع, كلما ضعف جانب الإيمان كلما نفقت كل هذه الشرور, تنفق الدعاية, تنفق أساليب الترغيب, تنفق أساليب الترهيب, كلما ضعف الجانب الإيماني عندك, يمكن أن يؤثروا عليك, يؤثروا عليك بدعاية, أو يؤثروا عليك بمال, أو يؤثروا عليك بتعقيد, أو يؤثروا عليك بترغيب, لكن إذا كان مسارك مسار إيماني يتنامى فيه إيمانك, وعيك, علاقتك بالله, استشعار للمسئولية, ما يستطيعوا أبدًا أن يؤثروا عليك بأي شيء أبداً.
جانب يمثل حصانة كبيرة للإنسان, إذا كنت في واقعك الإيماني ترتقي, لا تهبط, إذا أنت واقف عند مستوى معين ستتناقص, بايصبح إيمانك مثل البترول, البترول – البنزي – إذا سلطت عليه حرارة الشمس يتبخر, يتبخر حتى ينتهي, أنت إذا كنت واقف في مستوى معين, أحداث كثيرة, تحديات كثيرة, أمور كثيرة ستؤثر عليك, ويتبخر إيمانك, ويتناقص وعيك, وارتباطك, واستشعارك للمسئولية, وما عدى ذلك.
لكن نلحظ هذا الدرس الذي له صلة بالجانب الإيماني {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}(آل عمران: الآية173)، قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم، كانت هذه الشائعات لإخافتهم، وإرجاف الناس قد جمعوا لكم أعدوا العدة لحربكم، هم يجهزون الجيوش التي هي معدة للقضاء عليكم، لم تؤثر عليهم تلك الشائعات كما، لم تؤثر غير الشائعات المواجهة الحقيقية, أو المشاهدة الحقيقية لجيوش الأعداء في الأحزاب, فزادهم إيماناً، لم يضعف إيمانهم، لم تؤثر عليهم تلك الشائعات، زادهم إيماناً، تركت تأثيراً إيجابياً بدل من أن تؤثر تأثيراً سلبياً تركت تأثيراً إيجابياً. (السيد عبد الملك\1الدرس الاول مفهوم الجهاد في سبيل الله)
الجندي المسلح بالإيمان إذا لم يكن إلى درجة أن تتبخر كل تلك الدعايات, وكل ذلك التضليل – سواء إذا ما وُجِّه إليه, أو وجِّه لمن هم في طريقه، لمن هم ميدان عمله – يستطيع أيضاً أن يجعلها كلها لا شيء؛ لأن هذا هو الواقع، واقع الحق إذا ما وجد من يستطيع أن ينطق به، إذا ما وجد من يفهمه، وفي نفس الوقت يجد آذانا مفتحة واعية فإنه وحده الكفيل بإزهاق الباطل بمختلف أنواعه، ومن أي جهة كان، ومن أي مصدر كان {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً} (الإسراء:81) زهوق بطبيعته إذا ما هاجمه الحق.
- ضعف الثقة بالله
في جانب ضعف الثقة بالله يلحظ الإنسان تراجعاً في نفسيته وفي واقعه حتى يصل إلى قناعة بأنه لن يستطيع أن يعمل شيء كما يقول الشهيد القائد (رضوان الله عليه) في ملزمة الثقافة القرآنية.
((ضعف الثقة بالله تجعلك ترى أن الله لا يستطيع أن يعمل شيئاً أمام أولئك وهم من هم؟ هم أولياء الشيطان الذي قال الله عنه: {فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً} (النساء: من الآية76) فكلما زاد خبثهم كلما ازدادوا فساداً، أليس يعني ذلك أنهم كلما ازدادوا ولاءً للشيطان؟ كلما ازدادوا ماذا؟ كلما ازدادوا ضعفاً؟. كلما عظمت ولايتهم للشيطان كلما ارتبطوا بضعيف مذموم مدحور طرده الله، وطبعه بهذا الطابع: مذموماً مدحوراً ضعيفاً ذليلاً {فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً } وبما أن الشائعات والدعايات هي تعتبر أخبث سلاح وأخطر منزلق وقع ويقع فيه ضعاف الإيمان على مر العصور حتى في ظروف كانوا يمتلكون فيها نماذج من القيادة على أعلى وأرقى مستوى كالإمام علي (عليه السلام) وما حدث له مع أصحابه الذين تأثروا بخدعة ابن العاص ولذلك نبه السيد عبد الملك (يحفظه الله) على ذلك بقوله: ((نلحظ أمام مواجهة الشائعات، أحياناً الشائعات تترك أثراً كبيراً في أوساط الناس، وتهزم الكثير من الناس، وتحطم معنوياتهم، خاصة في ظروف حرجة، أو ظروف يكون الناس فيها قد تعرضوا لضربات كبيرة من العدو، كما حدث في معركة أحد( السيد عبد الملك\1الدرس الاول مفهوم الجهاد في سبيل الله)
وذلك عندما أشاعوا بين أوساط المسلمين بأن رسول الله قد قتل فانهارت معنويات المسلمين و خاصة بعد ما ولو الأدبار هاربين ولكن رسول الله أمر بأن ينادى في الناس بالرجوع إليه وفتح لهم صدره ولم يعنفهم أو يوبخهم .وقد وصف الله ذلك المشهد بقوله {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} (آل عمران:159)
- الطرح الثقافي الناقص أو الخاطئ
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }المائدة54||– هذه الآية أيضا تعطي الناس منهجا في كيف يجب أن يكون تثقيفهم لأنفسهم، وكيف يجب أن نوجه الآخرين ، وكيف كان يجب أن توجه وسائل الإعلام حتى يكون هناك توفيق، أنك تربي الناس، توجه الناس كيف يكونون محبين لله هذه واحدة؛ ليحبهم، أليست هذه قضية أساسية، ونقطة هامة جدًا؟ لأنه هنا ذكر نوعية ينطلقون في مواجهة بني إسرائيل بديلا عن أولئك المرتدين من داخل المسلمين، من منطلقات أساسية، لا تتأثر بالمصلحة على الإطلاق، لا تتأثر بالإغراءات، لا تتأثر بالتخويف، لا تتأثر بالدعايات، لا تتأثر باللوم، ينطلقون من منطلق حب لله، لا يبحث عن فتاوى [هل قد هذا يلزم أو ما يلزم] حب لله، سواء هو لازم أو لا، المهم أنه شيء يعتبر عملاً صالحاً، ويحبه الله، ومن يحب الله هو يسارع إلى العمل الصالح،
- التذبذب في الموقف وعدم التسليم المطلق
إن من دلائل النفاق هو التذبذب والذي يأتي نتيجة التأثر بدعايات وشائعات العدو فيتولد في النفس الشعور بالميل نحو العدو كما يقول الشهيد القائد(رضوان الله عليه).
(المنافقون هم فئة متذبذبة عادة، متذبذبة وفئة لا تهدأ ومن العجيب أنهم يكونون أقرب إلى العدو، الذي ماذا؟ لو دخل بلدهم لاستباحها كلها، لا يعرف أين بيت المنافق وبيت المؤمن ولأنتهك أعراضهم ونهب أموالهم، هل سيفرقون فيعرفون أين بيت المنافق؟ مع هذا يكون عنده ميل للعدو، هذا شيء سيء جداً، وغريب جداً من النفوس المنافقة، نفوس غريبة جداً، وضعيتها غريبة جداً {هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ}(آل عمران: من الآية167)
وعلى هذا الأساس أكد السيد عبد الملك بدر الدين على ضرورة أن يتخذ الإنسان قراره في العزم على المضي قدما مهما كانت التحديات بقوله:
(يفترض أن يتخذ الإنسان قراره، لا يبقى في حالة تردد، الذين هم خارج هذه المسيرة، والذين قد دخلوا في هذه المسيرة وأصبحوا محسوبين عليها، لكن ينطلقون بضعف، ليس عندهم التحرك الذي هو في مستوى مسئوليتهم الذي يليق بهم، الذي يدلل على مصداقيتهم مع الله سبحانه وتعالى, المسألة هامة جداً. يفترض أن يتخذ الإنسان قراره، وأن ينطلق بجد وصدق واخلاص مع الله سبحانه وتعالى، لا يبقى متردداً ولا متذبذباً، ولا يتحرك بتثاقل وتباطؤ وتردد على طرف على طرف, لا.).
- سرعة التأثر بما يسمع
حالة اليقين هي حالة ضرورية لابد أن يسعى الإنسان للوصول إليها ومتى ما وصل إليها فإنه سيصبح ذلك الإنسان الراقي الذي لا يؤثر فيه أي شيء لا دعاية ولا شائعة ولا غيرها
(حالة اليقين حالة نفسية هي نتيجة للتصديق بما وصل إليه الإنسان من معرفة وعلم يعني: ما نعرفه ما نعلمه كمعلومات، عندما يترسخ ويتحول إلى يقين، له نتيجة في نفسية الإنسان وفي تأثره وفي تفاعله وفي تفاعله، إذا لم يصل الإنسان إلى درجة التفاعل المتناسب مع ما عرف، مع ما سمع، مع ما علم به كمعلومات وعاها، أو استوعبها, إذا لم يصل إلى مستوى التفاعل المتطابق فهو لم يصل بعد إلى درجة اليقين، مثلاً عندما نعرف هذه المعلومات معلومات نعي أن الله على كل شيء قدير وسمعنا عن ذلك آيات الله تليت على مسامعنا، محاضرات متعددة، وعود الله سبحانه وتعالى بالنصر والتأييد للمجاهدين في سبيله، حالة اليقين هي حالة تثمر ثقة تثمر ثقة، ثقة بالله سبحانه وتعالى، تشعر في نفسك في نفسك في مشاعرك في توجهك بثقة قوية بالله سبحانه وتعالى، واعتزاز بالله سبحانه وتعالى، واطمئنان إلى ما علمت به، تطمئن إلى هذا، يطمئن قلبك، ويصبح هذا أمراً مقطوعاً به عندك, يحصل نتيجة هذا أثر في نفسك، أثر إيجابي فتنطلق في ميدان الجهاد، في ميدان العمل بكل ثقة, نفسك مليئة بالثقة بالله سبحانه وتعالى، ليس عندك تردد، ليس عندك قلق، ليس عندك اضطراب تجاه وعد الله، عندك اطمئنان كامل وثقة موجودة في نفسك، في مشاعرك، وجزم وقطع بهذا، وبالتالي تتجاوز حالة التردد، حالة القلق، حالة الاضطراب، يترتب على هذا قوة الموقف، قوة الانطلاقة، تصبح انطلاقتك باندفاع كبير وقوي، ليست قائمة على حالة تردد وتذبذب وحالة قلق يبعدك عن الجزم، والقطع بصدق وعد الله سبحانه وتعالى.)
- التحدث بدون ضوابط
{وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً }النساء83 هذا يدل على أهمية الأخبار، أنه يجب أن تردّ إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم، وإذا ما هناك التزام بالطريقة هذه فقد تكون منفذاً للشيطان قد تكون منفذاً لاتِّباع الشيطان، فمن رحمة الله أن يوجه الناس إلى توجيه يبعدهم عن اتِّباع الشيطان.{وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ}(النساء: من الآية83) وهذا من فضله: أن يوجههم كيف يتعاملون مع الخبر مع الشائعات، سواء من صحيفة أو إذاعة أو تلفزيون أو كيفما كانت.
- عدم فهم خطورتها
أهم سلاح يعتمد عليه الأعداء, يعتمد عليه أهل الضلال, كل فئات الضلال والباطل, اليهود, النصارى, الفرق المضلة الموالية لأعداء الإسلام وتحسب نفسها على الإسلام, مثلما حال الوهابية, مثلما حال من يسمون أنفسهم بالإصلاح, فرق وفئات كثيرة, تعتمد بشكل أساسي في مواجهة الحق على الدعايات, الدعايات المتنوعة, الدعايات الباطلة, الدعايات المشوهة, الدعايات المشككة. يعتمدون اعتماد رئيسي وأساسي على الدعايات لغرض التشويه, ولغرض التشكيك, ولغرض الحرب النفسية وحالة الإرباك, نحن الآن في هذه المسيرة نواجه نواجه بشكل رئيسي بحرب دعائية لا تتوقف أبداً، على مستوى القنوات, على مستوى مواقع على الإنترنت, على مستوى كل الوسائل التي بأيديهم صحف وغيرها, نشاط مكثف لتشويه هذه المسيرة, وخصوصاً مع قلق الأعداء من انتشار وتوسع العمل, فهناك جهد كبير للتشويه في الواقع, ليجعلوا من عملية التشويه المسبقة في كثير من المناطق عائق كبير أمام انتشار هذه المسيرة وتوسعها أكثر, هذا جانب.في نفس مجتمعاتنا هناك استهداف كبير من خلال نشر كثير من الدعايات, سواء حتى من خلال النشاط الاستخباراتي, عناصر تشتغل بشكل مباشر, ليس فقط الاكتفاء مثلاً بقنوات فضائية أو مواقع أو صحف, عناصر, وأشخاص, تنتشر بين أوساط الناس وحتى بين أوساط المجاهدين, بين أوساط كثير من المجتمعات لنشر دعايات معينة, واستغلال لأي ثغرة, لأي تصرفات يمكن أن تستغل لأنها تصرفات مشوهة, أو فيها خلل يمكن أن تستغل, هذه قضية أساسية.
- الإعجاب بالعدو
عندما يقول الله سبحانه:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ}أليست هذه الآية تعني: أن جانب المؤمنين هم فقط من سيكونون قوامين بالقسط معنى هذا أن يكون موقفك أنت من أعداء الله بأنه لا يمكن مهما كانت دعاياتهم جذابة أنهم يريدون إقامة قسط أبداً أنه لا يمكن أن يقوم القسط على أيديهم، لو أن القسط كان يمكن أن يقوم على أيدي الكافرين لكانت الدنيا الآن كلها قسطا وكلها عدلا، أليست القوة في أيدي الكافرين؟ أليست وسائل الإعلام بأيدي الكافرين؟ والأموال الضخمة والإمكانيات الكبيرة بأيديهم؟ هل هناك قسط؟ أو هناك ظلم؟ ظلم داخل كل الشعوب وفي كل الدنيا . إذاً فليفهم الناس ونفهم جميعاً بأنه فقط فئة واحدة التي يمكن أن تقيم قسط الله امتداداً لأمر الله وشهادة لله.
{الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ} (المائدة من الآية: 2) لا تخشوا من جانبهم بأنهم قد يعملون حملات دعائية مؤثرة، مثلما كان يحصل سابقا عندما يقولون: كيف نأكل ما قتلنا، ولا نأكل ما قتل الله، كانوا يقولون هكذا، عندما كان يقول المسلمون: الميتة حرام لا تؤكل، قالوا: كيف نأكل ما قتلنا ولا نأكل ما قتل الله! من هذا الشيء، ميتة قد حرمها الله، انتهى، {إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ}(المائدة: من الآية1)، {الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ} اعتبروا بأن هذا الدين قائم، قائم، هذا معنى يئسوا، في البداية قد يكون عندهم أمل، ويكونون نشيطين أن يعارضوا، ويعملوا دعايات، ويحاربوه، وأشياء من هذه، لكن عندما واصل المسلمون بقيادة رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) عمل، عمل حتى أصبح الإسلام قضية مسلَّمة، ومفروغ منها، وانتهى الموضوع، ينسوا أنه ما يزال باستطاعتهم أن يمحوا هذا الدين، أو يعيقوا هذا الدين، أو يؤثروا على أحد، في الأخير يسكتون وييئسون، أعني: يئسوا من أن باستطاعتهم أن يعيقوه، أو يمحوه، لكن سيبقى لديهم دوافع محاربته مثلما قال في آية أخرى: {وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ} (البقرة من الآية: 217).
- القصور والتقصير لدى الفرد أو الجماعة
أيضاً القصور في الوعي ولو كان الإنسان في إطار الأمة المؤمنة المجاهدة في ضمنها في مسيرتها في حركتها يكون في كثير مما يعمل يجني يؤثر سلباً يسيء يفتح ثغرات للأعداء، ونحن في مرحلة يركز الأعداء فيها على استغلال أي ثغرة، الخطورة كل الخطورة هي في التقصير فقط، في التقصير فقط، مع الاهتمام، مع القيام بالمسئولية، مع الاعتصام بالله، مع السير في نهج القرآن الكريم وإحياء الروحية الجهادية كونوا مطمئنّين، كونوا مطمئنّين، سنكون نحن الأقوى في مواجهة أي أخطار وأي تحديات؛ لكن ما يجب أن يخاف منه الجميع هو التقصير. هناك أشياء أساسية جداً يجب الاهتمام بها، الاهتمام بها قوة، الاهتمام بها نجاة، الاهتمام بها سبب لرضا الله سبحانه وتعالى، الاهتمام بها عزة وخير للناس . الله سبحانه وتعالى قال في كتابه الكريم: {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ} هذا شيء مهم. يواجهنا الآن فرصة تاريخية لا نظير لها، لكن ما الذي أثر علينا حتى لم نستفد منها بالشكل المطلوب؟ القصور للأسف, ، والقصور في مجال العمل ورائه القصور في الإيمان وورائه القصور في الارتباط بالله وورائه القصور في الوعي، ما القصور في الواقع العملي إلا دليل واضح على القصور في الجانب الإيماني، القصور في العلاقة مع الله سبحانه وتعالى، القصور في الوعي. فالقصور والتقصير نحن ندفع ثمنه من دمائنا وأرواحنا وعزتنا, وانتصارنا وهو ثمن موجع إذا بدنا ندارك الأمور قبل أن تقع.
*نقلا عن : موقع أنصار الله
في الأربعاء 06 سبتمبر-أيلول 2023 09:14:55 م