|
-انتشرت خلال الأيام القليلة الماضية على مواقع التواصل الاجتماعي قصة طريفة منسوبة إلى أحد التربويين العاملين في حقل التدريس ..تقول النكتة – كما وردت على لسان المدرس – انه تلقى رسالة نصيّة على هاتفه من رقم مجهول وهي مكونة من كلمتين فقط “مت شهيد” وقد أعادها المرسل لمرّات حتى أصيب بحالة من الذعر الشديد، وخالها تهديدا صريحا ومباشرا لحياته وأن هناك من يتربص به شرّا، استسلم لهواجسه ومخاوفه ولزم منزله لأيام وراح يفتش في سجلات ذاكرته بحثا عمّن أخطأ في حقهم وعن عداواته وخصوماته القديمة والحديثة، وحين لم يصل لنتيجة قرّر الخروج متسللا وفي حذر تام لقضاء بعض شؤونه ليلتقي في السوق بأحد طلابه الذي يدرس في المرحلة الإعدادية، حيث باشره ملهوفا بسؤال عن سرّ تجاهل رسائله التي يستفسر فيها عن موعد تسليم الشهايد وأراد أن يقول في رسالته “متى الشهايد” حينها تنفّس المدرس الصعداء وهدأ روعه وعاد لممارسة حياته الطبيعية شاكرا الله أن الأمر توقّف على غباء وعدم كفاءة طالبه في الخط والاملاء وليس كما توهّم من التهديد والوعيد.
-تبدو الحكاية من النوادر الطريفة ولربما تُقابل بكثير من الضحك والابتسامات العابرة لكنها في حقيقة الأمر تنطوي على كثير من الدلالات الخطيرة التي تستدعي البكاء حزنا على ما صار عليه وضع التعليم ومستويات التحصيل العلمي لأعداد كبيرة من أبنائنا الطلبة.
-تجد الكثير من طلاب المدارس اليوم – والحكومية منها خصوصا وحتى وهم في المرحلة الإعدادية وحتى الثانوية – عاجزين للأسف عن كتابة رسالة جوابية صغيرة بأسلوب صحيح ومنهم من لا تستطيع تصنيف ما يسطر إلا في خانة الطلاسم و”الشخابيط” غير المفهومة، وقد نشر معلمون وحتى دكاترة في الجامعات وفي أكثر من مرة في الآونة الأخيرة نماذج مأساوية ومظلمة من إجابات طلابهم ممن تتسم بهذا المستوى المخيّب على صعيد الخط والإملاء وأبجديات الكتابة العربية.
-نال التعليم نصيبا وافرا من ويلات وتداعيات العدوان وانعكست تلك الآثار بشكل مباشر على أوضاع التعليم بكل قطاعاته ومكوناته. لكن الثقافة التي سادت منذ مدة ليست بالقليلة عن قواعد الخط والإملاء باعتبارها مادة غير مهمة والتعاطي معها من قبل المدرسين والإدارات التربوية كمادة ثانوية في قائمة المنهج الدراسي، أضافت مرارة أخرى إلى مستوى التحصيل العلمي وبتنا نرى نماذج لمدارس تنشر الأمية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.
-في هذا الظرف الذي يعاني فيه قطاع التعليم ما يعانيه من إشكاليات وتحديات على صعيد النقص في المدارس والمدرسين والمناهج، ينبغي أن تعيد الإدارات المدرسية ترتيب أولوياتها في تعليم الطلبة وبحيث يتم التركيز بشكل مكثف على قواعد الخط والاملاء وخصوصا للصفوف الأولى من المرحلة الأساسية وإسداء المهمة إلى أكثر الكوادر التربوية المتاحة كفاءة وخبرة وإتقانا لفنون إيصال المعلومة إلى الدارسين.
-يستطيع الطالب إذا أجاد الخط والإملاء أن يثقّف نفسه ويحيط علما وإلماما بكل العلوم والمعارف الأخرى، وبدون ذلك سيبقى أقرب إلى الأمية وإن درس في أرقى المدارس والمعاهد والجامعات.
*نقلا عن :الثورة نت
في الإثنين 11 سبتمبر-أيلول 2023 10:01:21 م