اليمن.. واسرائيل من خطة " داليت " إلى خطة "الساحل"
عباس الديلمي
عباس الديلمي

من مقولات داهية العرب في القرن العشرين الرئيس حافظ الاسد رحمه الله “لا يوجد سياسة أمريكية , بل سياسة اسرائيلية تنفذها أمريكا” ومنذ سنوات أو من حينها وأنا أبحث عن الأدلة التي لا تقبل الشك في مصداقية هذه المقولة, إلى أن تجلت الحقيقة وتوالت الأدلة الناصعة منذ تم الاعلان عن بدء الحرب العدوانية على اليمن من العاصمة الامريكية بلسان وزير الخارجية السعودي.

قد يقول قائل: ألم تجد الدليل على صوابية ما قاله الرئيس حافظ الاسد من خلال ما تعرضت وتتعرض له سوريا ومن قبلها العراق من عدوان وتآمرات اسرائيلية عبر امريكا وبواسطة أدواتها في المنطقة؟؟ فأجيب: نعم كان ذلك واضحا ولكن العدوان على اليمن حمل معه ما يزيل الغشاوات ويجعلنا أمام حقيقة لا تقبل الشك, وتعالوا لنرى أن ما تقوه به أمريكا ومحمياتها أو أدواتها ما هو إلا اسرائيلي بل أنه اسرائيلي الاستراتيجية والهدف والخطة التي تكاد تكون منقولة حرفيا مما نفذه الصهاينة في فلسطين قبل إعلان دولة اسرائيل وبعد اعلانها في 14 مايو 1948م وسنكتفي بشواهد نستوعبها من كتاب للكاتب اليهودي (بيني موريس) وعليكم بالمقارنة مع ما يتم تنفيذه في اليمن عبر تحالف العدوان.

قبل الاعلان عن دول اسرائيل بأربعين يوما كانت الصهيونية السياسية التي كانت قد دفعت بموجات الهجرات اليهودية إلى فلسطين بدعم بريطاني وشكلت قوة عسكرية باسم (الهاجانا) تتكون من ستين ألف مقاتل.. كانت قد أعدت ما اسمته بخطة “داليت” وقد شملت القيام بهجوم يشمل الساحل الفلسطيني والقيام بأبشع أعمال القتل والارعاب والتدمير, حتى الوصول إلى مناطق غرب القدس.

وخلال تلك العملية تم ارتكاب مجازر مثل مجزرة “دير ياسين وكفر قاسم والقسطل” وغيرها وتم إسقاط مدن فلسطينية ساحلية ومتاخمة للساحل مثل “يافا وحيفا وطبريا” ومحاصرة مدينة عكا.. وتشريد ما يقارب ثلاثمائة ألف مواطن فلسطيني من قراهم ومدنهم, وتدمير ونهب الكثير من الممتلكات.

هنا لنا وقفة لنتذكر أن بنيامين نتنياهو كان أول المتحدثين عند بداية العدوان على اليمن عن باب المندب والجزر والساحل الغربي لليمن, وعليه هل نقول أن خطة الساحل الغربي لليمن ما هي إلا نسخة مما اسماها الصهاينة بخطة (داليت) في فلسطين.

شاهد آخر هو أن الصهيونية التي كانت قواعد جيش (الهاجانا) قبل إعلان دولة اسرائيل ودفعت بذلك الجيش إلى فلسطين عبر الهجرات اليهودية, فإن هذا الجيش المدرب سرعان ما تزود بسلاح الجو بعد أيام من إعلان دولة اسرائيل وشارك هذا السلاح بمساندة المدفعية التي دكت مدينتي “اللد والرملة” المحاصرتين وتدمير كل شيء فيهما واقتحامهما.

هذه العملية ألا تتشابه مع تدمير مدن حرض وميدي والمخا والكثير من قرى محافظتي صعدة وحجة الحدوديتين على وجه الخصوص وأن تحالف العدوان على اليمن ينفذ ما اعتمدته الصهيونية السياسية ودولة اسرائيل في فلسطين.

تعالوا إلى الدمار وقتل المدنيين وخاصة الأطفال والنساء والشيوخ في حرب 1948م في فلسطين إذ تقول الوثائق المستندة إلى ما كتبه الباحث الاسرائيلي “موريس” الذي سمح له بالاطلاع على الوثائق الاسرائيلية أنه من بداية ابريل حتى 15 مايو 1948م ( شهر ونصف فقط) ارتكبت القوات الاسرائيلية (35) مجزرة بينها مجزرة “الدوايمة” التي قتل فيها (250) فلسطينيا جلهم من النساء والأطفال ودمرت 400 قرية ومعظم المنشآت المدنية الفلسطينية بما فيها البنوك.

بقي القول هل تمارس اسرائيل في اليمن ما دشنت به مخططها في فلسطين وبالسيناريو والمنهجية نفسها, عبر حلفائها ومن يطلبون حمايتها مقابل ما أسموها بصفقة القرن, فكل جرائم العدوان على اليمن تدل على أن اسرائيل هي من نصحت بذلك ووضعت خطته وتشرف عليه في ظل صمت دولي لم تحركه القنابل التدميرية على العاصمة صنعاء كقنبلة (عطان) وقنبلة (نقم) ولا مجازر المدنيين التي لم يشهدها العالم حتى في الحرب العالمية.

إنه المخطط نفسه حتى في ما يتعلق بأعمال إهدار الكرامة بالاغتصاب والاعتداءات الجنسية فما حدث في ما يسمونها بالمحافظات والمناطق المحررة, يحاكي ما حدث في مدينتي (اللّد) و(الرملة) الفلسطينيتين من اغتصاب واعتداءات جنسية في الساحات العامة.. بعد دخول قوات (الهاجانا) إليها.

إنه مخطط أذلال المدنيين بالمجازر والدمار والاهانات ولكن هيهات فهي اليمن التي ساقتهم إليها ذنوبهم, قبل غرورهم.

في الثلاثاء 03 يوليو-تموز 2018 09:16:34 م

تجد هذا المقال في الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره
http://cfca-ye.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://cfca-ye.com/articles.php?id=987