سراب ترامب في الشرق الأوسط
الإثنين 28 سبتمبر-أيلول 2020 الساعة 06 مساءً / متابعات - موقع لا الإخباري :
 
إريك مارجوليس - ترجمة خاصة عن الألمانية: نشوان دماج -
 
ها هي ذي إدارة ترامب، التي كانت في أَمَسّ الحاجة إلى أخبار سارة، تختلق لها خبرها الخاص، بالتوقيع على اتفاقية "سلام" بين "إسرائيل" وشرذمة من الملكيات العربية غير المهمة، تزامنا مع الانتخابات الأمريكية في تشرين الثاني/ نوفمبر.
المملكتان الخليجيتان (الإمارات والبحرين) اللتان وقعتا تلك الاتفاقية يتملكهما خوف شديد للغاية من إيران المجاورة، لدرجة كما لو أنهما تفضلان السيادة "الإسرائيلية" على الترحيب بالإيرانيين الغاضبين الذين لا يعرفون مهادنة ولا مساومة، ويعتبرون عرب الخليج مجرد "خونة وجبناء وسفاحين"، وهو شعور يشترك فيه معظم العالم العربي.
قلة من الأمريكيين فقط بوسعهم العثور في الخارطة على تلك المشيخات الصغيرة. لكن كثيرا من الناخبين الإنجيليين الذين لديهم وجهة نظر كتابية حول الشرق الأوسط يرون أن إدارة ترامب قامت بعمل رائع في إحلال سلام مزعوم في الأراضي المقدسة. أما المتشائمون، بمن في ذلك الكثير من "الإسرائيليين"، فمن المرجح أنهم يسخرون من مثل تلك الفلافل في Cloud Cuckoo Land. ومن المتوقع أن توقع عمان هي أيضا على الاتفاقية الجديدة.
وكما هو دأبها، لا تزال "إسرائيل" حريصة على توسيع حدودها لتلتهم كل ما تمثله فلسطين التاريخية ومواردها المائية. سيبقى خمسة ملايين فلسطيني بلا دولة. كما أن "إسرائيل" تضع عينها على المناطق الخصبة في سوريا ولبنان.
ومثلما أشرت في كتابي حول استراتيجية "أمريكان راج" الشرق أوسطية، فإن المستفيدين الرئيسيين من اتفاقية السلام العربية "الإسرائيلية" هم المصرفيون "الإسرائيليون" ورجال الأعمال ومصنعو الأسلحة. أما إذا أمكن التوصل إلى اتفاقية سلام شريف مع الفلسطينيين، فإن أبواب العالم الإسلامي بأسره (خمس البشرية) ستنفتح أمام التجارة والمال "الإسرائيليين". سيكون ذلك بمثابة منجم ذهب هائل، وقيمته أعلى من منحدرات أدغال الضفة الغربية.
ولكن للوصول إلى ذلك، يتوجب على المتطرفين اليمينيين والمتطرفين الدينيين في "إسرائيل" تقليص مطالبهم بالأرض والمياه العربية؛ أي ما يسمونه "إسرائيل الكبرى". وبالقدر نفسه من الصعوبة والعناد نرى أولئك الناخبين الإنجيليين المنضوين تحت لواء ترامب، والذين يريدون رؤية "إسرائيل" الأسطورية التوراتية، التي تمهد الطريق لعودة المسيح من خلال تدمير الأرض بالنار.
بالنسبة للإمارات، التي بالكاد يصل عدد سكانها إلى 10 ملايين نسمة، فإن نسبة العرب فيها هي 10٪ فقط. أما بقية السكان فهم في الغالب من السخرة الهنود والباكستانيين، مما يعطي فكرة قديمة مفادها أن دبي وأبوظبي أفضل المدن التي تديرها الهند في العالم.
السكان غير العرب المقيمون في الإمارات يعاملون معاملة العبيد. يحصلون على أجر جوعهم، فيسوء نظامهم الغذائي ويعيشون في بؤس. فليس لهم أي حقوق. السكان العرب هم أيضا ليس لهم حقوق، هم فقط أفضل من حيث المستوى المعيشي لا أكثر.
أتذكر دول المدن الضئيلة تلك في أوائل السبعينيات، عندما كنت أعمل لدى شركة أمريكية رائدة تقوم عبر ميناء دبي المزدحم بتهريب مستحضرات تجميل وعطور عالية الجودة إلى كل من الهند وباكستان والاتحاد السوفييتي.
حينها، كان جهاز المخابرات البريطاني (MI6) مسيطرا على عمان وحكامها الملكيين. وبطريقة مماثلة، ها هي ذي وكالة المخابرات المركزية تغدو الآن مؤثرة للغاية في كل من الكويت والسعودية والأردن، ناهيك عن مصر والمغرب. أما قطر الصغيرة فتحتفظ بدرجة من الاستقلالية في مواجهة التهديدات السعودية ومساعي شعب ترامب لسحقها.
إن صفقة الشرق الأوسط الكبرى التي روج لها ترامب وشركاؤه هي في الواقع عبارة عن سلام زائف بين دول الخليج المتحالفة سرا مع "إسرائيل". فهم لأكثر من عقد منزعجون جميعا. والأمر في المقام الأول ليس متعلقا بالسلام، بل يتعلق بإيران وبيع الأسلحة لدول الخليج والسعودية، التي ليس لديها أي فكرة عن كيفية استخدامها. إن مبيعات الأسلحة هي بمثابة أموال حماية لواشنطن، التي لديها قواعد رئيسية في كل من قطر والإمارات وعمان والسعودية و"إسرائيل".
وماذا بعد؟! هل سيعلن ترامب عن تحالف عبر المحيط الهادئ بين كل من تونغا والولايات المتحدة "لاحتواء" الصين؟!
وبخصوص السلام في الشرق الأوسط، فلتتذكروا تلك الكلمات اللاذعة للمؤرخ الروماني تاسيتوس: "حيثما يقومون بخلق صحراء، يسمون ذلك سلاما". وذلك هو ما ينتظر أكثر من خمسة ملايين لاجئ فلسطيني، لا غد جديد وعدت به إدارة ترامب.
الموقع: antikrieg (مناهضة الحرب)

تعليقات:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
اكثر خبر قراءة أخبار وأنشطة ضد العدوان
السيد القائد يعزي أسر شهداء رداع ويؤكد : حادثة مدينة رداع مؤسفة ومؤلمة لنا
مواضيع مرتبطة
إحالة قضية واقعة مقتل عبدالله الأغبري إلى المحكمة
اليمن .. وأطماع الاستعمار
2000 يوم من الانتصارات الأمنية في وجه العدوان "تقرير"
المرتضى: جاهزون لتنفيذ كل اتفاق السويد بشأن الأسرى ولدينا الدعم الكامل من القيادة لصفقة كاملة
رئيس الوفد الوطني محمد عبد السلام: اتفاق تبادل الأسرى تم التوصل إليه بموجب اتفاق السويد