لماذا مفهوم "حلف القدس"؟
الثلاثاء 06 يوليو-تموز 2021 الساعة 11 مساءً / متابعات - الميادين نت :

بينما تنحو إيران إلى إنشاء النموذج الخاص بدول الجنوب، تؤشّر معركة "سيف القدس" إلى انبلاج حقبة المقاومة الشعبية في مواجهة منظومة التوحّش الأميركي- الغربي، وفي قلبها "إسرائيل"، لكن هذه المقاومة تتكامل مع أهداف محورها وقضاياه.

  • الرّوافد النضالية المتعدّدة في مواجهة مركز الثقل الإسرائيلي في أميركا وأوروبا، يمكن أن تصبّ في
    الرّوافد النضالية المتعدّدة في مواجهة مركز الثقل الإسرائيلي في أميركا وأوروبا، يمكن أن تصبّ في "حلف القدس".

كتب / قاسم عز الدين

المقاومة التي لقّنت "الجيش" الإسرائيلي مرارة الهزائم في الحرب منذ تحرير الجنوب في العام 2000 في لبنان، كسرت الأسس التي نشأت عليها "إسرائيل الدولة"، بكونها قاعدة عسكرية لفرض استراتيجيات ومصالح الهيمنة الأميركية- الأوروبية في المنطقة العربية- الإسلامية ومجتمعات الجنوب.

في هذا السياق، تتحلّل "إسرائيل الدولة" بموازاة تحلّل الدولة الأميركية في انقساماتها البنيوية، وتتحلّل أيضاً الدول الأوروبية في تراجع دور الدولة الناظم للتوازنات الداخلية، إثر تبنّي أوروبا النموذج الأميركي الذي كانت تخصّ به مستعمراتها مقابل منعه من العمل في مجتمعاتها.

معركة "سيف القدس" تقطع الشك باليقين في أن "الجيش" الإسرائيلي الذي يدمّر البيوت والأبراج، ويقتل الأطفال والأبرياء، يعجز عن خوض حرب قتالية على قطاع مكبّل ومحاصر منذ قرابة عقدين.

في هذا السياق، تدلّ هذه المعركة على أنَّ أميركا التي سارعت إلى "بيع" أسلحة وذخائر لـ"إسرائيل"، وماطلت في الحديث عما أسمته لاحقاً "وقف تصعيد العنف"، كشفت أزمتها العاجزة عن فرض السيطرة الأميركية- الإسرائيلية.

أميركا والدول الأوروبية التي فتحت الضوء الأخضر لـ"إسرائيل" في الحديث عن "حق الدفاع عن النفس"، سرعان ما وقعت في مأزق فضيحة إعلامها المزوّر، وفي مأزق أيديولوجيتها الصهيونية التي تسوّقها في قمّة الحضارة الإنسانية.

حلف موضوعي في طور التشكّل

تلاحُم مقاومة غزة مع الانتفاضة الشعبية الفلسطينية في القدس وباب العمود والشيخ جرّاح... تجاوبت معه الانتفاضة في مقاومة شعبية شملت كلّ الأراضي الفلسطينية وفلسطينيّي "الشتات" والمهجّرين إلى أميركا وأوروبا والعالم.

ولا تزال المقاومة الشعبية تعلّم النخب السياسية والثقافية العربية دروس التكامل مع المقاومة المسلّحة، في المقاومة الإعلامية والثقافية والفنيّة والسياسية... لمواجهة الاحتلال والمراهنة الملغومة على سياسات "المجتمع الدولي" وأوهام ما يسمى "السلام" (جبل صبيح، جبل العُرمة، بيتا، سلوان، الشيخ جرّاح...).

تلقّن النخب السياسية والثقافية العربية والناشطين... طريق تحرّر الدول والمجتمعات العربية، انطلاقاً من القضية الوطنية الجامعة في إزالة احتلال فلسطين، وخصوصاً القدس، العاصمة الموحّدة والمقدسات، من أجل تغيير سياسات التبعية والتوحّش التي أدّت بالبلدان العربية إلى الانهيار والتفكّك أيدي سبأ.

محور المقاومة الذي يقتبس من انتصار فلسطين في "سيف القدس" العمل على إنشاء معادلة إقليمية لحماية القدس وردع "إسرائيل"، يدفع بارتقاء المقاومة الشعبية العربية نحو الانطلاق من المعادلات الإقليمية في القضية الوطنية الجامعة، لتغيير الانخراط في المقاربة الأميركية- الأوروبية والعمل على إرساء مقاربة تغيير بديلة.

الدول الغربية ومجتمعها "الدولي" يعملان على تقييد كلّ بلد (بل كلّ ما تسميه "مكوِّناً" لطائفة أو قبيلة أو انتماء جهوي...) بأغلال الأحشاء الغرائزية لما تسميه "الاهتمام بشؤونه الداخلية الخاصة"، نأياً عن القضايا الإقليمية والوطنية الجامعة، في سبيل فرض السيطرة ونهب الثروات.

في الإطار نفسه، يعملان على تسعير الاحتراب والصراع الداخلي على مغانم السلطة، بذريعة ما يسمى "التحوّل الديمقراطي" ومكافحة الفساد المحلي، لتجديد وتعميق التبعية إلى منظومة التوحّش المنتجَة لأسباب الفساد والنهب المعمّم عبر سياسات الديون والاستثمار الأجنبي المباشر وسيادة مصالح الشركات الكبرى والسوق الدولية.

مسارات وروافد تكمّل بعضها بعضاً

المقاومة الشعبيّة الفلسطينيّة التي تشقّ طريق المقاومة الشعبية العربية على قاعدة "حلف القدس"، تفتح آفاق المهجَّرين العرب إلى أميركا وأوروبا (المواطنون الجدد) من أجل تغيير سياسات هذه الدول الحامية والداعمة لاحتلال فلسطين، والمولّدة في الوقت نفسه لأسباب انهيار ونهب الدول العربية ومجتمعاتها، ولأسباب فساد الطبقة السياسية ونخبها الفكرية والثقافية النيوليبرالية.

التكاتف الفلسطيني- العربي في بلدان المركز، نصرةً لانتصار فلسطين والقدس، صبّت في مجراه روافد الجاليات "الملوّنة" في أميركا، وروافد حركة المناهضَة في أوروبا، للتصويب على مركز الثقل في سياسات الدول الغربية وأيديولوجيتها الصهيونية.

الاحتجاجات الشعبيّة المتصاعدة في مواجهة سياسات التوحّش الداخلي والخارجي لدول المركز، تُطلق عليها هذه الدول مدافع أسلحتها الثقيلة المتعدّدة، وفي صدارتها أسلحة الأيديولوجيا الصهيونية كصناعة "الهولوكوست" ومعاداة السامية وتطويب "إسرائيل الدولة الديمقراطي الوحيدة" في منطقتنا وعالم الجنوب.

هذه الأسلحة المدعومة بالإعلام الرسمي المزوَّر ومصالح الشركات الكبرى واللوبيات والمصارف... تؤدي إلى حرق الكثير من قيادات المعارضة والمفكّرين (تهمة مالنشون بالشعبوية، واتهام التيارات الأوروبية الصاعدة بالإسلاموية اليسارية أو الإسلاموية الإيكولوجية...)، كما أدّت إلى حرب مسعورة لإسقاط كريستينا دي كيرشنر بعد خطابها في الأمم المتحدة في العام 2015، وإلى محاولة اغتيال تشافيز...

الرّوافد النضالية المتعدّدة في مواجهة مركز الثقل الإسرائيلي في أميركا وأوروبا، يمكن أن تصبّ في "حلف القدس" للعمل على تغيير سياسات أوروبا رأساً على عقب في المدى المنظور، إذا اجتمع 50 مليون مواطن من أصول عربية وإسلامية مع حركة المناهضة على تغيير سياسات التوحّش الداخلي والخارجي.

مسار محور المقاومة في "حلف القدس" على طريق أولوية تحرير فلسطين، هو الرافعة الأساس لمسار المقاومة الشعبية الفلسطينية والعربية في المنطقة وبلدان المركز، لكن المقاومة الشعبية وحركة المناهضة تكمّلان وتعمّقان المسار الثاني لمحور المقاومة الساعي لتغيير السياسات الأميركية- الأوروبية في تدمير الدول وتخريب المجتمعات.

وفي هذا الاتجاه، تصبّ بدائل حركة المناهضة في مواجهة التوحّش النيوليبرالي في مساعي الرئيس إبراهيم رئيسي لتوطين إنتاج الثروة الوطنية وتوزيعها وتنشيط التعاونيات الزراعية والمنشآت الصغيرة والسوق المحلية والتبادل المتكافئ... على نقيض توصيات الخبراء و"الكفاءات"... المتأثرين بأوهام الأيديولوجيا النيوليبرالية لتعميم التوحّش.

التكامل بين المسارات وروافدها هو ورشات عمل وآليات نضالية إعلامية وثقافية وسياسية وفكرية... لكنها رؤية لصناعة الحياة الإنسانية الحرّة.

 

* المصدر : الميادين نت


تعليقات:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
اكثر خبر قراءة أخبار وأنشطة ضد العدوان
(نص + فيديو) المحاضرة الرمضانية الـ25 للسيد عبدالملك بدر الدين الحوثي 30 رمضان 1445هــ | 9 أبريل 2024م.
مواضيع مرتبطة
مأرب: ما سرّ الانزعاج الأميركيّ؟
في حفل تخرج دفعة من الضباط.. اللواء الموشكي: معركة البيضاء تقودها أمريكا وينفذها القاعدة وداعش والنصرة
رئيس الوفد الوطني يلتقي برئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر ويناقش معه سُبل التقدم في إتمام عمليات تبادل الأسرى
الجزائية المتخصصة تفصل في قضية جواسيس الاستخبارات البريطانية
مدرسة الثقافة القرآنية … وجيل الشهيد هاني طومر