مجلة ألمانية: السبب الحقيقي للدعم الأمريكي للسعودية واستخدام داعش ذريعة للتدخل بالشرق الأوسط
السبت 11 فبراير-شباط 2017 الساعة 10 مساءً / متابعات - المراسل نت :





ترجمة: نشوى الرازحي: المراسل نت:

مثل سابقه، أوباما، لم يوجه الرئيس الأميركي ترامب لا في الحملة الانتخابية ولا منذ توليه الرسمي للمنصب كلمة واحدة ضد الأسرة الحاكمة في المملكة العربية السعودية، على الرغم من أن انتهاكاتها المتواصلة لحقوق الانسان التي لا تقل شأنا عن أفعال تنظيم داعش. لماذا؟ يحاول الكاتب إرنست فولف الرد على ذلك.

إرنست فولف*| مجلة تيليبوليس الألمانية:

مثل سابقه، أوباما، لم يعلن الرئيس الأميركي ترامب عن العزم لمحو تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” وجعل ذلك الأمر من أكثر المهام إلحاحا بالنسبة له. حيث يتوجب “محو أفراد هذا التنظيم الإرهابي من على سطح الأرض تماما”. جرائمهم جسيمة لدرجة يكون فيها تعذيبهم مبررا.

ومثل سابقه، أوباما، لم يوجه الرئيس ترامب لا في حملته الانتخابية ولا منذ توليه الرسمي للمنصب أي كلمه ضد الأسرة الحاكمة في المملكة العربية السعودية، على الرغم من أن انتهاكاتها المستمرة لحقوق الانسان لا تقل شأنا عن جرائم تنظيم داعش. ففي ظل نظام حكم بيت آل سعود فرضت أحكام البتر وقطع الرؤوس والشنق والرجم كعقوبة على جرائم يقال أنها ضد انتهاك لوائح نظام الحكم الأصولي المستند على الشريعة كجدول أعمال له.

هناك سبب لاختلاف التعامل من قبل الولايات المتحدة الأميركية مع تنظيم داعش والأسرة السعودية الحاكمة بالرغم من الاتفاق بينهما في القيم الأساسية وهو: السعودية هي الحليف الأكثر قربا للولايات المتحدة الأميركية في الشرق الأوسط ولذلك فهي تتمتع بالرغم من كل جرائمها بالتضامن اللامحدود من قبل واشنطن. أما تنظيم داعش فستخدمه الولايات المتحدة الأميركية كذريعة لتدخلاتها العسكرية في الشرق الأوسط ويندد بها دائما لغرض التبرير على أنها معقل الشر في المكان الذي توجد فيه.

ماهو أكثر إثارة من هذه الأخلاق المزدوجة، التي تختبئ وراء هذه السياسة هو الحقيقة التي مفادها أن هناك قاسم مشترك حاسم يجمع بين تنظيم داعش والسعودية علاوة على تعصبهما الديني وعدم احترامهما لحقوق الانسان: لولا مساهمة ودعم الولايات المتحدة لهما لما كانا شيئا يُذكر كما هم الآن. وعلاوة على ذلك هناك علاقة قوية جدا تربط بينهما.

السعودية هي الداعم الدولي المهم للدولار الأميركي على مدى عقود:

المملكة العربية السعودية التي تأسست في العام 1942، هي ليست فقط الحليف الأهم للولايات المتحدة الأميركية على مستوى العالم بسبب مخزونها الكبير من النفط، بل أنها تعتبر منذ منتصف السبعينات واحدة من الركائز الأساسية للنظام المالي العالمي الذي يهيمن عليه الدولار الأميركي.

بعد فك ارتباط الذهب بالدولار في العام 1971 ونهاية أسعار الصرف الثابتة في العام 1973، دخل دور الدولار الأميركي كعملة عالمية رقم واحد في مرحلة الخطر. صحيح أنه تمكن من تأكيد مكانته كعملة احتياطية منذ مؤتمر بريتون وودز (1944) في كل زاوية من زوايا الأرض ولكن فصله عن القيمة الثابتة – للذهب- جعل منه “عملة ورقية” (مكشوفة) وبذلك نشأ خطر لا يمكن التنبؤ بأبعاده على النظام المالي العالمي.

وللخروج من هذا الوضع، قررت الولايات المتحدة الأميركية في منتصف السبعينات عقد اتفاقية تاريخية مع المملكة العربية السعودية: ألزمت الولايات المتحدة الأميركية الأسرة السعودية الحاكمة داخل منظمة الدول المصدرة للنفط (الأوبك) بأن تهتم بأمر بيع النفط، السلعة الأكثر تداولا في العالم، بالدولار الأميركي فقط، وهذا مايسمى بـ “بترودولار”.

وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي أن يتم استثمار فائض الدولار اعتبارا من ذلك الوقت كسندات سيادية في الولايات المتحدة الأميركية. وفي المقابل، ضمنت الولايات المتحدة لأسرة آل سعود الحماية من أعدائها (في الخارج، على وجه الخصوص، إسرائيل، سورية وإيران وفي الداخل من رعاياها أنفسهم) وضمنت لها الاستيراد اللامحدود للأسلحة.

وبالنسبة للنخبة المالية للولايات المتحدة الأميركية، كانت هناك صفقة مربحة ذات ثلاثة جوانب: الأول: يعمل ربط النفط بالدولار الأميركي على أنه إلى جانب دوره كعملة احتياطية عالمية أيضا يكون له دورـ أكثر أهمية بكثيرـ للاحتياطي العالمي. (وبما أن جميع دول العالم تعتمد على النفط كمصدر للطاقة، توجب عليها منذ ذلك الحين الاحتفاظ باحتياطيات كافية من الدولار الأميركي). وثانيا: إدخال مشتريات السندات السيادية من قبل أسرة آل سعود التي تصل إلى التريليونات في خزانة الولايات المتحدة، التي من الممكن أن تستخدم في قيادة حروب أخرى (في أفغانستان على سبيل المثال وباكستان والصومال وليبيا وسورية واليمن). والثالث: حصلت مصانع الأسلحة الأميركية على زبون دائم ثري من خلال هذه الاتفاقية.

وبالنسبة لأسرة آل سعود الحاكمة، كانت الصفقة مجزية أيضا: فقد تعززت بالأسلحة إلى أقصى حد ومن خلال دعم أشد قوة عسكرية على الأرض تمكنت من استغلال تسعة ملايين من العمالة الأجنبية بأجور زهيدة بالإضافة إلى عيش العمال الأجانب في ظل ظروف كارثية وهم يرون ذوي الثراء الخيالي يجمعون المال بفضلهم وفي الوقت نفسه يقوم حكام القرون الوسطى بخنق كل ثورة ضد الهيمنة بالقوة وهي في مهدها.

وهناك فائزان من هذا الارتباط بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية: النخبة المالية للولايات المتحدة الأميركية والأسرة السعودية ذات الحكم المستبد والأكثر تخلفا على وجه الأرض.

داعش خلقت عمدا لإنتاج الحروب بالوكالة النموذجية:

تنظيم داعش والذي عُرف أيضا باسم تنظيم الدولة الإسلامية في سورية، ليس كما تزعم السياسة ووسائل الإعلام الرسمية، ظاهرة جاءت على أعقاب حرب أهلية خرجت عن السيطرة في سورية. بل هي نتاج محاولة تم تشجيعها من قبل الولايات المتحدة الأميركية من أجل تغيير نظام الحكم في دمشق. صحيح أن تاريخها بدأ في الصراعات الداخلية في سورية لكن هؤلاء كانوا حتى بدون تدخل من أميركا متأزمون وقد أصابهم الإنهاك منذ زمن طويل.

ويعتبر نظام حكم الأسد السوري منذ وقت طويل كالشوكة المغروزة في عين الولايات المتحدة الأميركية. وكحليف لإيران وحركة حزب الله وبسبب قربه من روسيا والصين جاءت محاولة الإخضاع الدائم لمنطقة الشرق الأوسط الغنية بالنفط في ظل حماية المصالح الجيوستراتيجية للولايات المتحدة الأميركية. ومن ضمن ذلك هناك في الطريق مشروع لإنشاء خطوط الأنابيب النفطية. ولهذا السبب، تسعى واشنطن منذ وقت طويل لإسقاط القيادة السياسية في البلد.

ولكن طالما ولم يتحقق بلوغ هدف خلق نظام موال للغرب في دمشق، اتخذت الولايات المتحدة استراتيجتها التي تنتهجها منذ أكثر من قرن والمتمثلة في زعزعة الاستقرار وبذل كل ما بوسعها لإيذاء النظام القائم. ويشتمل ذلك في المقام الأول على تعزيز جميع القوى المقاتلة ضد الرئيس بشار الأسد.

وفعلت الولايات المتحدة ذلك غير مبالية أبدا بالخلفية السياسية للمجموعات المدعومة. حتى أنها دعمت بالإضافة إلى ذلك الجيش السوري الحر والجماعات الإسلامية المتشددة مثل جماعة النصرة ودعمت تنظيم الدولة الإسلامية الذي نشأ في العراق في حربه ضد نظام الأسد. وذلك بالرغم من أن ناشطي تنظيم الدولة الإسلامية كانوا في البداية أصلا من مجندي القاعدة، أي التنظيم المسؤول عن هجمات الحادي عشر من سبتمبر في واشنطن والتي تتخذ الولايات المتحدة منها ذريعة حتى اليوم للـ “الحرب التاريخية ضد الإرهاب”.

اللعبة المزدوجة، التي تلعبها الولايات المتحدة الأميركية في سورية، نرجعها نحن مرة اخرى إلى أهم حليف لها، وهي المملكة العربية السعودية: الحرب، التي بدأها الاتحاد السوفيتي في العام 1979 من أجل دعم أحد أنظمتها ذات الوزن في أفغانستان، أدت حقيقة إلى أن تشكلت قوى إسلامية متطرفة في أفغانستان ضد المعتدين. هاجمت هذه المقاومة الولايات المتحدة الأميركية بمساعدة جهاز الاستخبارات الأميركي ودعمت إنشاء القاعدة، التي ظهرت آنذاك من هذه القوى الإسلامية المتطرفة. وكان الملياردير السعودي والمقاول العربي المقرب من الولايات المتحدة، المدعو أسامة بن لادن هو زعيم القاعدة.

السبب الحقيقي للاستراتيجيات المختلفة: المال والسلطة والنظام المالي العالمي:

ولكن ضاعت الجهود أيضا في مشوار البحث عن أسباب أيديولوجية أو حتى سياسية لسياسة الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها في الشرق الأوسط. وهدف واشنطن دائما من تبديل التحالفات والعداوات هو فقط المال والنفط والسلطة.

وفي خضم هذا كله، وقع على عاتق وسائل الإعلام الرسمية لعب دور متفرد. توجب عليها الالتزام بالعمل على نقل ما يخدم مسار أعمال الحكومة الأميركية (التي غالبا ما تكون متناقضة) للرأي العام. ويحدث ذلك بأشكال وأساليب عديدة: والأكثر شيوعا هو اختلاس المعلومات، وخطاب الكراهية الهادف لخلق الضجيج أو التزوير الفاضح للحقائق.

وفي حال المملكة العربية السعودية، يجري العمل بالدرجة الأولى على الخيار الأول: نادرا ما يتم ذكر وحشية الأسرة السعودية الحاكمة وحروبها (مثل حربها ضد البلد المجاور لها اليمن)، حيث لا يتم تناول إلا القليل جدا عن هذه الحرب. كما تم التجاوز بكل سخاء عن ذكر حقائق مثل حقيقة أن الـ 15 أو الـ 18 إرهابي المتورطين في هجمات الحادي عشر من سبتمبر كانوا مواطنين سعوديين.

وآخر دليل على المعاملة الخاصة للمملكة العربية السعودية هو عدم ذكر وسائل الاعلام الرسمية، ولا حتى بكلمة واحدة فقط، استبعاد دونالد ترامب السعودية فقط من فرض حظر السفر على المسلمين بالإضافة إلى بعض الدول الأخرى.

وهذا يبين حول ماذا كان قرار منع المسلمين من السفر وبمعنىً أوسع حول ماذا كانت “الحرب على الإرهاب” بأكملها بالضبط: كلا الأمرين لا يخدمان الحيلولة دون حدوث الهجمات الإرهابية، بل يساهمان في نشرها على الأرض والمساعدة في توفير ما يكفي من الذرائع للولايات المتحدة الأميركية لمواصلة سياسة الحرب التي تخدم تحقيق مصالحها الخاصة في الشرق الأوسط ومواصلتها في المستقبل أيضا.

*إرنست فولف صحفي أكاديمي ألماني متخصص في الاقتصاد مستقل ومؤلف كتاب “صندوق النقد الدولي “قوة عظمى في الساحة الدولية”. نشرته دار تكتوم للنشر في ماربورغ.

تعليقات:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
اكثر خبر قراءة أخبار وأنشطة ضد العدوان
(نص + فيديو) المحاضرة الرمضانية الـ25 للسيد عبدالملك بدر الدين الحوثي 30 رمضان 1445هــ | 9 أبريل 2024م.
مواضيع مرتبطة
صنعاء تطلب رسميا من الأمم المتحدة تغيير ولد الشيخ
وزارة الصحة تكشف عن احدث احصاء لضحايا غارات العدوان السعودي .. 30 الف شهيد وجريح (وثيقة)
مجلة ألمانية : لولا امريكا لما كان هناك السعودية وداعش
صمت العدوان - محمد المنصور
الغارديان: يدا بريطانيا ملطختان بالدماء بسبب اليمن