حرائق المشتقات النفطية .. العاصمة قنبلة مولوتوف كبيرة
الإثنين 05 إبريل-نيسان 2021 الساعة 06 مساءً / متابعات - موقع لا الإخباري :
غازي المفلحي / لا ميديا -
لم يعد خطر المشتقات النفطية التي تباع بشكل عشوائي في شوارع العاصمة صنعاء والمحافظات، يتمثل في أنها في كثير من الأحيان مغشوشة
 وتسبب أعطالا للسيارات، بل تطور الأمر بعد أن تكاثرت بشكل كبير جداً وبدون أي تنظيم أو أي إجراءات أمان إلى أن حولت العاصمة وبقية المدن إلى قنابل مولوتوف كبيرة، قد تندلع فيها النيران في أي لحظة مسببة خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات، وقد كثرت في الآونة الأخيرة 
حوادث الحرائق بشكل ملفت وغير معتاد، ينذر بالخطر الكبير الذي يهدد المدن وسكانها.
كل 50 متراً كومة مشتقات 
تعارف اليمنيون على تسمية المشتقات النفطية التي تباع في الشوارع بمصطلح «السوق السوداء»، وهذا مصطلح يشير إلى البيع المتخفي وغير الرسمي، لكن هذه المشتقات المنتشرة عشوائياً اليوم أصبحت سوقا شائعة وواضحة بلا أي تخف أو سرية. وبالرغم من أنها تمثل متنفساً بسيطاً ينقذ حياة اليمنيين من التوقف الذي يسعى له العدوان بحصاره، إلا أن انتشارها وتخزينها بشكل عشوائي وبلا أي ضوابط أو إجراءات أمان وباستهتار كبير من باعتها جعلها سبباً في حرائق كثيرة أدت إلى خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات.
لن تمشي اليوم في العاصمة مسافة 50 متراً إلا وتجد كومة مشتقات نفطية للبيع، سواء في هيئة بدائية كبراميل وعبوات بلاستيكية (دباب) أو في هيئة تقلد المحطات الحقيقية كمضخات المشتقات التي تظهر من العدم في أي بقعة من الشارع وفوقها لوحة مكتوب عليها «محطة (فلان) النموذجية»! ولا يعرف بناءً على ماذا تم وصف هذه التركيبة العشوائية والخطيرة بالنموذجية، فهي مجرد ماكينة ضخ متصلة بخزان مشتقات يختبئ في «الأرضية» المجاورة، خزان مكشوف وعرضة لأن يحترق بسهولة، كما أنه خزان عادي ولا تتوفر فيه المعايير المطلوبة في خزانات الوقود التي تصنع بمعايير معينة ويتم دفنها تحت الأرض.
مشكلة تصبح أزمة
سيارات المواطنين ليست اليوم عرضة للأعطال، بل أصبحت عرضة للاحتراق والتلف الكلي هي والمنازل والمحلات، وكذلك حياة المواطنين أنفسهم، نتيجة الحرائق التي تندلع بين فترة وأخرى بسبب المشتقات النفطية المنتشرة في الشوارع أو المخزنة بشكل عشوائي غير آمن. وحسب معلومات الدفاع المدني التي حصلت عليها «لا» فإن 305 حوادث حريق حصلت في 10 محافظات عام 2020 كانت 40% منها بسبب المشتقات النفطية المخزنة أو المنتشرة بشكل عشوائي. وحسب إحصائيات مصلحة الدفاع المدني التي حصلت عليها «لا» فضمن تلك الخسائر، 16 خسارة في الأرواح، و114 منزلاً و19 مرفقا عاما و57 وسيلة نقل.
الابتعاد عن الشوارع 100 قدم
من المعروف أنه يجب الابتعاد عن المشتقات النفطية سريعة الاشتعال، لكن كيف يبتعد اليمنيون اليوم عن هذه المواد وقد سيطرت على الشوارع والتصقت ببيوتهم وسياراتهم وعشعشت في كل بقعة.
يقول المواطنون إنه لم يعد هناك أمان على السيارات المركونة أو المنازل أو المحلات أو الأشخاص طالما بجوارها باعة مشتقات نفطية عشوائيون أو مخازن بلا معايير أمان. وقد حصلت كثير من المشاكل بين المواطنين وباعة المشتقات بعد أن اعترض المواطنون على بيع تلك المشتقات بجوار محلاتهم أو منازلهم.
 وبسؤال الجهات المعنية عن موقفها من هذه المشكلة التي تتجه لأن تكون أزمة، يقول العقيد خالد الشراحي، مدير عام العلاقات العامة والتوجيه بمصلحة الدفاع المدني، لـ»لا»، إنه تم الرفع إلى المجلس الأعلى للدفاع والأمن بضرورة معالجة مشكلة المشتقات النفطية التي تباع بشكل عشوائي، وتم تقديم مقترحين، أحدهما أن تقوم شركة النفط بشراء كل المشتقات التي تدخل إلى هذه الأسواق السوداء والعشوائية - يتم شراؤها من التجار وحتى من المهربين مع سد منافذ التهريب، ثم يتم التأكد من معايير جودتها وتقوم الشركة ببيعها في المحطات الرسمية وبسعر مناسب. والمقترح الثاني أن يمنع بيع المشتقات بهذه الطريقة العشوائية ويتم نقلها إلى خارج العاصمة والمدن. ويضيف العقيد الشراحي أنه قد تم إعداد لائحة «اشتراطات الدفاع المدني في مجال الوقاية والسلامة وسبل الوقاية من الحريق في المباني والمنشآت العامة والخاصة»، وينتظر أن يتم إقرارها في المجلس الأعلى للدفاع المدني بمجلس الوزراء.
وطالب الشراحي بسرعة تنفيذ ما تم إقراره من قبل مجلس الوزراء والمجلس الأعلى للدفاع المدني عام 2019 بتخصيص ما نسبته 1٪ من ميزانية الدولة والصناديق الإيرادية لصالح الدفاع المدني ومواجهة الكوارث، كون البلاد تتعرض لعدوان بربري غاشم ويجب مواجهة هذا العدوان بأحدث الآليات والمعدات والخدمات الإنسانية، بما فيها سيارات الإطفاء والإنقاذ والإسعاف وسيارات التعقيم وأجهزة الكشف عن التلوث الإشعاعي والكيمائي والبيولوجي والمواد الخطرة والكشف عن المتفجرات والمفرقعات وإنشاء فروع ومراكز في أمانة العاصمة وبقية المدن في المحافظات حتى لا يبقى الدفاع المدني مهمشاً كما سبق التهميش المتعمد من الحكومات السابقة ولم يعيروا هذا الجهاز الحيوي أي اهتمام.
حرائق أكبر بكثير من قدرات الدفاع المدني
اللواء عبدالفتاح المداني، رئيس مصلحة الدفاع المدني، يقول في لقائه مع «لا»، إن مواجهة مشكلة البيع العشوائي للمشتقات وما تسببه من حرائق كارثية مستمرة ومتكاثرة تستلزم تكاتف جهود الدولة كلها، رئاسة الوزراء ومحافظي المحافظات، وليس مصلحة الدفاع المدني فقط، والمصلحة بدورها قدمت مقترحاتها لمجلس الدفاع المدني بمجلس الوزراء، وكذلك قدمت لائحة اشتراطات الدفاع المدني، وفي انتظار انعقاد مجلس الوزراء، ولكن المجلس لم ينعقد حتى الآن وتأخر إقرار المعالجات والحلول في حين لا يحتمل التأخير حسب المداني، الذي يضيف أن المصلحة لا تملك ما يكفي من مواد ورغوات إطفاء لمواجهة الكم الكبير من الحرائق التي يمكن أن تندلع في أي لحظة.
ويأسف المداني لعرقلة وزارة المالية والبنك المركزي قرار تخصيص 1٪ من موازنة المؤسسات لصالح الدفاع المدني، ويرى أن وزارة المالية لا تقدر أهمية واحتياجات الدفاع المدني جيدا.
وأكد المداني أن على الجهات الرسمية والمواطنين إدراك أن الدفاع المدني ليس مجرد «إطفاء»، بل هو جهاز حماية ووقاية وتقييم وإنقاذ، ويجب إعداده بالشكل المناسب لمكافحة ومواجهة الكوارث الطبيعية والبشرية.
ويرى المداني ألا جدوى من مقترح إخراج الأسواق السوداء من العاصمة والمدن، وأن هذا سيخلق تجمعاً بشرياً ومادياً آخر وستستمر الخسائر والكوارث، ويقول إن الحل الوحيد هو المقترح الأول المشار له سابقا في التقرير، وهو أن تشتري شركة النفط المشتقات من كل التجار الصغار والكبار وأن يباع بشكل رسمي في المحطات بسعر يتناسب مع قيمة الشراء.
يزاحم سكان العاصمة والمدن اليوم آلاف البراميل و«دباب» المشتقات النفطية المتواجدة في الشوارع والأحياء أو المخزنة، ولكن دون أي إجراءات أمان أو سلامة.
وتبدأ سلسلة التطور النفطية العشوائية بعشرات «الدباب» الملونة وبائعوها بجوارها بعضهم يدخن السيجارة، وفوق «الدباب» بسنتيمترات فقط قناديل وأسلاك كهربائية متشابكة، ومن فوق هذا كله شمس الظهيرة.
ثمة أيضاً ماكينات ضخ مشتقات من خزانات بلاستيكية على سيارات ملطخة بالمواد البترولية، وبالقرب منها مولدات كهربائية صغيرة ويقف أصحابها بجوارها وبعضهم يدخن السيجارة أيضا.
ولمزيد من التطور، تجد ماكينة الضخ وقد انتصبت على الأرض وتزود بالمشتقات من خزان مختبئ في مكان قريب منها.
تلك الأخطار الظاهرة. أما الأخطار المخفية فهي أسوأ، فمئات وآلاف اللترات تختبئ في مناطق سكنية، يخبئها مواطنون أو تجار سوق سوداء أو أصحاب مولدات الكهرباء التجارية، ولا يعرف أحد أماكنها ومدى خطرها إلا بعد أن تجتاح نيرانها البيوت والأحياء.
وبهذا الخصوص يقول اللواء عبد الفتاح المداني لـ»لا» وتعليقا على الحرائق التي حصلت في مخازن مشتقات خاصة بمولدات كهربائية، إنه لا يفترض بوزارة الكهرباء أن تصدر تصريحات لأصحاب المولدات الكهربائية التجارية إلا بعد تقييم مصلحة الدفاع المدني للمنشأة وإلزامهم بإجراءات السلامة. وحسب قانون الدفاع المدني اليمني رقم (24) لسنة 1997 يجب ألا يبنى أي مبنى حتى المنازل إلا بعد تصريح الدفاع المدني.
وينتظر المواطنون حل هذه المشكلة المتأزمة والتي تضرر منها كثير من المواطنين والممتلكات، مع مراعاة إبقاء هذه المتنفسات النفطية التي مازالت تحافظ على حياة وحركة الناس التي يحاول تحالف العدوان إيقافها بحصار اليمن ومنع دخول المشتقات النفطية.
* نقلا عن : لا ميديا

تعليقات:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
اكثر خبر قراءة أخبار وأنشطة ضد العدوان
السيد القائد يعزي أسر شهداء رداع ويؤكد : حادثة مدينة رداع مؤسفة ومؤلمة لنا
مواضيع مرتبطة
بشكل رسمي.. جيش الكيان الاسرائيلي يعلن تنفيذ عمليات عسكرية ضد اليمن
الرئيس الأمريكي يأمر بسحب صواريخ "باتريوت" من السعودية.. الأسباب والتداعيات
وزير الخارجية يناقش مع سفير إيران في صنعاء تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين
إعلام صهيوني: السعودية والإمارات متورطتان في الانقلاب الفاشل بالأردن
السعودية تخلع جلدها وتتغنى بفوائد الخيانة.. متى ستعلن الرياض عن تطبيعها؟