حين لا يستطيع الأسى أن يتحول إلى عبارات، فإنه يتقطر في القلب عبرات، هكذا هو حالنا، في الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان، ساعة تلقينا النبأ الفاجعة، نبأ به تكتمل دائرة الحزن، وتفيض أوجاع الرحيل المتوالي على جهات اليمن، خلال شهر شوال وحده، الذي شهد مطلعه غياب الشاعر والأديب الشرفي، تلاه المناضل الشيخ الجنيدي تلاه الإعلامي والأديب الحبيشي، تلاه الشاعر والأكاديمي النهمي، واليوم تبلغ الخسارات خمسا ويعرف الموت من ينتقي من جواهرنا المتفردة.
إنه مصاب جلل، وخطب عظيم على قلوبنا نزل؛ إنه رحيل الأستاذ الشاعر و الكاتب الصحفي والأديب والمؤرخ والمتصوف عبدالجبار سعد رحمة الله تغشى روحه الطاهرة.
هل بقي في الصفات ما يقال؟ نعم فالرجل أكثر تجليا وعطاء مما ذكرنا، فهو اليمني العربي الذي أسبغ على نفسه ويمنيته ويمنه وعروبته ما يزهو به كل من ينتمي لهذه الأرض، وما يعبر عن خصال يمنية أصيلة كرما ووفاء وحمية وشهامة وشجاعة وصدقا كلها تجسدت في رجل غادرنا اليوم زاهدا في دنيانا ومنتقلا إلى رحمة ربه، وهو العارف الرباني، والمثقف الإنساني.
في مواجهة العدوان سجل مواقفه نقية ناصعة، وفي محبة الأوطان آثر صنعاء عاصمتنا جميعا من السقوط في وحل العدوان بالبقاء عنوانا ليمنية لا تعرف المناطقية ولا تعترف بها، ولا تقبل الانتهازية أو خزي العمالة والإرتهان للعدو تحت أي مبرر افتعله من لا يساوون قلامة ظفره فذهبوا لعواصم العدوان محتمين بالزيف الذي زينوه لخيانتهم، وفضحه عبدالجبار سعد وأضرابه من الوطنيين الصادقين بأفعالهم التي انحازت للوطن المعتدى عليه دون تكلف أو ادعاء.
هاهي الخسارات تترى بغياب رجال صدقوا الله والوطن ما عاهدوهما عليه ومن كبرى الخسارات نعد وفاة أستاذنا وقدوتنا في الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان الراحل الكبير عبد الحبار سعد، وإننا نعزي أنفسنا والمشهد الثقافي الوطني؛ إذ يعد الفقيد فردا بمقام جبهة ثقافية مواجهة للعدو بثبات المؤمنين بالله وبالوطن، كما نعزي أسرة الفقيد ومحبيه والوطن الذي فقد قامة وطنية نبيلة بهذا الثراء والزهد.
صادر عن الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان
صنعاء 20 يونيو 2020