قراءة مختلفة للمحاضرة الرمضانية الثانية
لا ميديا
لا ميديا
 

مراد شلي

مراد شلي / لا ميديا -
يتابع الشاب الماليزي «أمين» محاضرات وخطابات السيد القائد منذ بداية عمليات الانتصار لفلسطين التي قامت بها القوات المسلحة اليمنية.
«أمين»، الشاب المسلم الذي يسكن مع والدته وأخته في إحدى ضواحي العاصمة كوالالمبور، تخرج هذا العام في كلية تقنية المعلومات بجامعة بتروناس التكنولوجية. جميع أفراد أسرة «أمين» يتكلمون اللغة العربية.
يجلس أمام شاشة التلفاز يستمع للمحاضرة الرمضانية الثانية، وبجواره والدته وأخته.
«لو أن المسلمين التزموا التقوى وبنوا واقعهم على أساسها لكان وضعهم مختلفاً تماماً عما هو عليه، ولما حصل لهم ما حصل من المآسي والكوارث والويلات».
يتمتم «أمين» في نفسه: فعلا، لقد أصاب القول القائد اليمني.
«لا يعني ذلك ألا يكون هناك معاناة وتضحيات في إطار عملي، فهذا شيء طبيعي في ظروف هذه الحياة التي هي ميدان اختبار وميدان مسؤولية... ولكن المسألة تختلف كثيراً عن تضحيات ومتاعب لها ثمرة ولها نتائج مهمة جداً، وعن معاناة تنتج المزيد من المعاناة ومآسٍ تنتج المزيد من المآسي، وعن تتابع الكوارث والمآسي والويلات التي عانت منها الأمة على مدى تاريخها».
يقول «أمين» في نفسه أيضا: كيف كان حال أمتنا الإسلامية إذا ما عرفنا هذه المعاناة وتتابع كل هذه الكوارث؟!
«الخطر الذي يسبب للإنسان أن يقع في المصائب الكبرى والعواقب الخطيرة جداً هو من مخالفة توجيهات الله سبحانه وتعالى.
توجيهات الله سبحانه وتعالى هي التي تشكل وقاية لنا، وشملت مختلف شؤون حياتنا، فعندما يخالفها الإنسان كشخص أو كمجتمع أو كأمة لذلك تبعات ومخاطر وأضرار وآثار وعواقب وعقوبات، جزء منها يأتي في الدنيا والجزء الأوفى والجزء الكبير والجزء الخطير يأتي في الآخرة».
يرتعد جسد «أمين» لا إرادياً وهو يستمع لتلك الجمل وعقوبة مخالفة توجيهات الله عز وجل في الدنيا والآخرة.
«المسلمون فرطوا في كثير من تعليمات الله سبحانه وتعالى التي تشكل وقاية لهم من الضعف والهوان والشتات والذل والقهر والظلم... فرطوا في تعليمات الله سبحانه وتعالى وتوجيهاته التي تبنيهم كأمة قوية عزيزة. الله سبحانه وتعالى أمرهم في القرآن الكريم بالاعتصام بحبله، وحذّرهم من التفرُّق فتفرقوا، وفرطوا في هذه التعليمات.. أمرهم بالجهاد في سبيله أمرهم بأن يكونوا أمة قائمة بالقسط في عباده وبلاده، حمّلهم مسؤوليات فيها الشرف الكبير لهم، بها نهضتهم وعزتهم وقوتهم وريادتهم بين الأمم».
يومئ «أمين» برأسه: حقاً إنها موجهات روحية تعلمنا كيف للأمة الإسلامية أن فرطت في تعليمات الله، خاصة التفريط في وجوب الجهاد وعدم التزامها بمسؤولياتها التي كان فيها الخير الكثير لو التزمنا بها كأمة.
«أمتنا الإسلامية تهبط في مسار هبوط على مدى التاريخ، لاستمرارها في ذلك التفريط، ولتفاقم وتعاظم هذا النقص في التقوى، والإصرار عليه، فكانت النتيجة في هذه الحياة نتيجة مؤسفة جداً، بعد امتداد التفريط لقرون من الزمن تغير واقع الأمة، هبطت في مستواها بين الأمم، وطمع فيها أعداؤها».
صدقت يا سيد القول والفعل، فأمتنا الإسلامية تواصل هذا الانحدار بعد امتداد التفريط لقرون من الزمن، هكذا تحدث «أمين» في نفسه.
«الله سبحانه وتعالى وعد المسلمين، وعد المؤمنين على الالتزام بالتقوى بالنور والفرقان، ليكونوا أرقى أمة في وعيهم، في حكمتهم، في بصيرتهم، في فهمهم، في معرفتهم، ولكن فرَّطوا في التقوى فخسروا ذلك.
بدلاً من أن يكونوا أمةً ترى بنور الله، تمتلك الوعي العالي والبصيرة والحكمة والفهم، خسروا ذلك وأصبحوا أمة ينقصها الوعي، يتمكن أعداؤها من إغوائها وإضلالها، وتضيعها في اتجاهات مختلفة، وأهواء مختلفة، وأفكار مضطربة».
هذا ما أبحث عنه: الحلول التي تحتاجها الامة الإسلامية والوعد الإلهي لهم إذا ما التزموا بتوجيهات الله عز وجل. هكذا قال «أمين» لنفسه.
«وعدهم الله على الالتزام بالتقوى أن يكون معهم. هذا شيءٌ جامع، جامعٌ لكل خير، لكل فلاح، لكل عزة، «إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا»، «أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ»، «إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ»، فلا يضرهم ولا يؤثر فيهم مكر أعدائهم كيفما كان، «وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ * إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ»».
التفت «أمين» -مع انتهاء المحاضرة- نحو والدته وشقيقته، وهو يشعر بغبطة شديدة ويتحدث معهما: ما أحوج الأمة الإسلامية لقائد إسلامي يوجهها ويرشدها بهذا الحديث الإيماني وبهذه الروحية المحبة لكل مسلم على البسيطة!

في الأحد 17 مارس - آذار 2024 12:54:27 ص

تجد هذا المقال في الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره
http://cfca-ye.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://cfca-ye.com/articles.php?id=12999