ملوكٌ أم أقنان؟!
صلاح الشامي
صلاح الشامي

من المعروف أن "القِنَّ" هو العبد الذي كان أبوه عبداً كذلك، فهو عبد بن عبد، ورث العبودية عن أبيه، وهو ما ينفي أي نزعة للحرية قد نجدها في دمائه، لأنه ولد وتربى ونما عبداً، تعود أن يطيع ويلبي، ويقنع بما يرمى إليه، ولو لم يسد حاجته، لم يعرف نفسه إلا مطيعاً مؤتمِراً لسيده، لا يناقشه في أمر، ما أودى بقدرته على التمييز، كما أودت نزعته إلى الحرية، ومثل هذا لا يمكن إعادة صياغته ليشعر بآدميته، وإذا ما حاولت معه ذلك فسوف يعاديك ويشكوك إلى سيده أو أسياده، الذين لن يحتملوا أبداً تحريضَك لـ"قِنِّهِم"، وسيجعلونه هو من يرفع في وجهك لسانه ويده.

لا تذهبوا بعيداً، فنحن نتكلم عن ملوك وأمراء السعودية والإمارات، فإذا كان الملك عبدالعزيز مجرد عبد لبريطانيا، فإن سلمان ومن سبقه مجرد "أقنان"، ويكفي أن نستذكر من كلمة "ترامب"، عند زيارته للسعودية، جملة يُذكِّر فيها سلمان والحاضرين بما قطعه أبوه المؤسس "عبدالعزيز بن سعود" على نفسه، ويرجو أن يحذو الملك سلمان وابنه حذو الملك المؤسس، وأن يعملوا بوصيته.
بدوره يؤكد الملك سلمان في أكثر من مناسبة، بالأقوال وبالأفعال الإجرامية من إضرام المنطقة العربية بالحروب لصالح أمريكا وبريطانيا ودولة الكيان الصهيوني، أنّه ماضٍ على ما رسمه أبوه، في أجلى صور العبودية المَوروثة، والتي يحرص (الملك القِنُّ) عليها حِرصَهُ على الكرسي من أن يذهب إلى بقية إخوته المنفيين، أو أبناء إخوته المخفيين والمسجونين والفارين من سطوة عبيد القن بن القن محمد بن سلمان.
الشيخ القن ولي العهد وحاكم دبي، لا يمكنه أن يتخلى عن "قِنِّيَّتِه" فقد وجد نفسه (قِنَّاً) بدرجة أمير، لذلك كانت له الخدمات الأوسع في الحرب على اليمن، وخاصة في المحافظات الجنوبية لليمن، والدورُ الرئيسُ في خلخلة التضامن العربي، بـ"مُسارعته فيهم"، "يخشى أن تصيبه دائرة"، فقد أعلن ما كان مخفياً، بتطبيع العلاقات مع من هم محتلون وقتلة، ومن هم سبب كل تخلف أصاب الوطن العربي والعالم الإسلامي، ومن هم سبب كل فتنة ونعرة وحرب، أسرع في إعلان التطبيع مع من لا يرعون حقاً ولا يبرون بعهد، مع السفَلة والحثالة من الجنس البشري، الذين استفاض القرآن الكريم المُنزّل من رب العالمين بوصف وسرد دناءتهم وخستهم وإفسادهم في الأرض.
آن الأوان لنقول لأولئك الأقنان: لقد انتهت خدماتكم لأسيادكم، لأن أسيادكم بدورهم انتهى زمانهم، فلم يعودوا هم أنفسهم يشعرون بالطمأنينة تجاه المستقبل، بل يوقنون أنه قد تَفَلَّت من بين أصابعهم، وانفلت من حسبانهم أنهم مازالوا أسياداً، وهم في أوج محاولتهم رَدَّ القطار إلى الدرب، بعد أن قطعت عليهم ثورة الحسين بن البدر رتابَةَ سير خططهم للسيطرة على العالم، تلك الرتابة التي تقود العالم -دون أن ينتبه لكل شيء في أوانه- إلى مصيره المحتوم بالانقياد والذلة والصَّغار أمام سلطة الاقتصاد وجبروت السلطة، لكبرى شركات العالم التي تتحكم بالمنظمات والهيئات والحكومات، التي بدورها لا تظهر أمام الشعوب المضطهدة إلا بوحشية الآلة الحربية، وخسة الكيد السياسي، ودناءة الاستغلال الاقتصادي، وهي تبث سمومها عبر حروبٍ ناعمة تفعل ما لا تفعله القوة العسكرية، وسيطرةٍ إعلاميةٍ تقلب الرمضاءَ فيئاً والليلَ نهاراً، في طريق تحويل الشعوب إلى مجرد سيلٍ يتدفق في مَجرى أهدافهم، تحت سلطة عبيدهم من ملوك وأمراء ورؤساء رضوا أن يبيعوا حريتهم واستقلال بلادهم ومصائر شعوبهم ومقدرات بلدانهم وثرواتها، لمجرد أن يصيروا أو يظلوا على عروشهم وكراسيهم، أو أنهم وجدوا أنفسهم هكذا، مجرد "أقنان" بتلك المناصب التي يعبدونها عبادة، بأن يضحوا في سبيلها بكل معتقد وعرض وشرف ومستقبل، لهم ولشعوبهم ولأمتهم ولدينهم، وهم لا يدركون فداحة ما يفعلون، لأنهم أقنان، مجرد أقنان.
*نقلا عن : لا ميديا 

في السبت 12 سبتمبر-أيلول 2020 07:25:42 م

تجد هذا المقال في الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره
http://cfca-ye.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://cfca-ye.com/articles.php?id=2855