مفهوما القوة ورباط الخيل
يحيى اليازلي
يحيى اليازلي

مفهوما المقاطعة والقوة الناعمة..

أريد أن أبين لكثير من المهتمين بالشعر والإنشاد والغناء الفرق بين الإنشاد والغناء.. فالإنشاد فن حركي ميداني والغناء فن طربي ديواني.. الإنشاد مرتبط بالثورة والتغيير والإنتاج والغناء له علاقة بالاستقرار والدعة والنعمة والثروة. ولكن عندما تمر الدولة بحرب وصد عدوان وغزو.. لا يعني ذلك أن توقف أو تهمل الجانب الغنائي في مقابل أن الإنشاد قوة تحفيزية في ميادين الحرب فإن الغناء قوة موازية بمثابة الحرب الناعمة خارج نطاق سيطرة الدولة.. على أن مفهوم الحرب الناعمة أقصر من مفهوم القوة الناعمة.. لأن الحرب مؤقتة والقوة دائمة..

لماذا نفرق بين مفهومين الراعي لهما جهة واحدة هي الثقافة.. لكي نوظف كل مفهوم في الميدان الخاص به.

ما تقوم به الثقافة في الوضع الحالي من إنعاش لجانب الإنشاد وتجميد الجانب الغنائي خطأ فادح.. وهو نفس الخطأ الذي تمارسه الحكومة في إنعاش الجانب الحربي الذي عنوانه شعار الصرخة في وجه المستكبرين.. وتجميد جانب المقاطعة الاقتصادية للبضائع الأمريكية والإسرائيلية.. خطأ فادح أن شعارين متوازيين لمضمون ثوري واحد يعتبران وجهان لعملة واحدة هما شعار الصرخة وشعار المقاطعة.. وهما بمثابة جناحين لطائرة واحدة ويتم تفعيل أحدهما وإهمال الآخر.. هذا تقاعس عن العمل الثوري الجهادي الذي يفترض أنه منطلق من أدبيات الثورة التي وضع قواعدها الشهيد القائد حسين الحوثي بهذا الشكل المتوازي. لن يتم استئصال الفساد في الجهاز الإداري والمالي للدولة إلا بتفعيل جانب المقاطعة للبضائع الأمريكية والإسرائيلية.. لأن لوبي الفساد في الدولة بما لا يدع مجالا للشك مرتبط بالخارج.. تحديدا الدول التي يفترض مقاطعة بضائعها.

موضوعنا الذي بدأناه والمتعلق بالإنشاد والغناء..

ومثل ما قلنا في الفقرة السابقة أن شعار المقاطعة وشعار الصرخة وجهان لثورة واحدة. فإننا نقول ونؤكد أن الإنشاد والغناء كذلك وجهان لفن واحد.. أو جناحان.

والواقع يقول أن الجبهة الإنشادية تعمل في الميدان الحربي على قدم وساق ومتصله بوجدان المجاهدين وبجماهير مناهضة العدوان بشكل مذهل يستحق الشكر والتقدير. وهو يحضى بدعم وتشجيع القيادة السياسية والثورية ويديره اتحاد الشعراء والمنشدين الذي يرأسه الشاعر والمنشد ضيف الله سلمان.. ويعمل معه كوكبة من الشعراء والمنشدين المبدعين المناهضين للعدوان.. يتميز منهم عشرات الشعراء والمنشدين.. وعلى رأسهم المنشد المبدع عيسى الليث.

هذا الجيش العظيم من الشعراء والمنشدين الحربيين يجب أن يوازيه جيش مماثل من الغنائيين والفنانين المطربين المبدعين ليقوموا بالتأثير تحت عنوان الحرب الناعمة على وجدانات جماهير الشعب العربي وشعوب العالم.. فيرسلون عبر وسائل الإعلام الأغاني المعبرة عن الحزن والألم الذي تركه طيران العدوان في قلوب الثكالى اللواتي فقدن أبناءهن وبناتهن تحت أنقاض البيوت التي خربتها صواريخ العدوان على رؤوس ساكنيها المدنيين وهم فيها آمنون.. وكذلك أغاني معبرة عن تدمير المدارس والمستشفيات وصالات الأعراس ووصف الآثار المترتبة على ذلك القصف في المباني وفي الجانب الإنساني.

مفهوم القوة من وجه نظر قرآنية..

قوله “وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ ” سأحاول أوضح مفهوم القوة في الآية وكذلك توضيح مفهوم رباط الخيل.. وهناك محاور تتحدث حولها الآية الإعداد الاستطاعة الرهبة..

الإعداد الأمر هنا جاء بصيغة الجمع أعدوا والخطاب موجه للدولة والسلطة والمجتمع وأفراد المجتمع.. الإعداد مناط بالجميع.. كما أن الرهبة مناطة أيضا بالجميع كل حسب قدرته وتكليفه.. وقلنا الرهبة لكي نفرق بين مقصد الآية ومفهوم العامة لها.. فمعنى ترهبون الذي تقصده الآية الرهبة والرهبة تعني الهيبة لا أكثر.. وبهذا يسقط كل عمل إرهابي يمارسه الأفراد والجماعات في منهجنا. فالقوة لا علاقة لها بالسلاح والجنود مجردة بل أن هذه تقع ضمنها.. كما لا تعني القتال مطلقا.. وإنما المقصود بها القوى الإبداعية والطاقات الكامنة والتي ينتجها المجتمع والمؤثرة في الداخل والخارج.. قوة الرياضة والفرق الرياضية.. القوة الزراعية.. قوة الصناعة.. القوة التعليمية.. القوة الثقافية.. القوة العسكرية.. القوة الدينية.

وباقي القوى التي يتم لأجلها تشكيل الوزارات في الحكومات.. ويتم من شأنها استحداث قوى وزارية.. كما أنه من الضروري استحداث قوى ليست موجودة في نطاقك مواجهة لقوى موجودة في خارج نطاق سواء معادية أو صديقة.. وأتذكر أني قرأت موضوعا يذكر أن كانت في عهد الرئيس إبراهيم الحمدي وزارة اسمها وزارة الوحدة.. أتساءل لماذا تم إلغاء وزارة الوحدة طالما أن الوحدة اليمنية خطوة في طريق الوحدة العربية.

كما أن الرباط لا يعني الطائرات وعربات النقل أبدا لأن هذه تقع ضمن القوى.. فالمراد بالرباط العلاقات السياسية والدبلوماسية وآليات التواصل الاجتماعي وبرامج التعارف بين شعوب العالم.

الإعداد يتم بالتربية والتعليم كأساس وبعد ذلك تأتي التفاصيل وفقاً لرؤية استراتيجية معاصرة متصلة بأصولها..

القوة في المفهوم السائد غالباً ما يأتي بها فقهاء التفسير على أساس أنها القوة العسكرية وهذا منظور قاصر. والحقيقة أن القوة وطالما أن الجميع مكلف بإعدادها تحددها مواهب المجتمع كلا بما وهبه الله.. وإذا فالمواهب طاقات متعددة تعتبر مصادر من شأنها أن تساهم كلها في تشكيل القوة.

كل مظاهر الحضارات هي بكل الأشكال تعني ما ظهر مما أعد من قوة من المجتمعات..

وعلى كل الأصعدة.. الأدب والفن ومنتجات الفكر الإنساني عامة هي من أهم مظاهر الإبداع.. على أن مجموع الطاقات الكامنة والصادرة عن المجتمع بكل طوائفه وأفراده هي كما أسلفنا المطلوب إعداده لمواجهة أعداء الله وأعداء الأمة.. وأعداء الأمم.. لأن معاداة الله تعني معادات كل الأمم ولأن معاداة الله تعني تحقيق غاية الشيطان في قوله “أنا خير منه” وتعني إفناء ما سوى عنصر الشيطان.. وهو ما تسعى إليه نظرية التفوق النوعي التي تتبناها إسرائيل في المنطقة لأثبات أن ما سوى العرق السامي من البشر مجرد بربر.


في الأربعاء 11 نوفمبر-تشرين الثاني 2020 08:21:50 م

تجد هذا المقال في الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره
http://cfca-ye.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://cfca-ye.com/articles.php?id=3074