رصاصات قلم وكلمات بندقية
الجبهة الثقافية
الجبهة الثقافية

 
علي عطروس / «لا» 21 السياسي -
«السياسة هي ممارسة السفالة بكل أدب». في هكذا مقولة غاضبة للكاتب المصري الشهير «أنيس منصور» اختزال شعور شعبوي لمثقف كتب بعض خطابات أحد أهم ساسة عصره ومصره الرئيس «أنور السادات».. بالمناسبة «مبارك.. عصره ومصره» هو آخر كتب الصحفي الأشهر «محمد حسنين هيكل» وهو من كتب عن «السادات» «خريف الغضب»، وأرّخ للزعيم جمال عبدالناصر كتباً وصحافةً وتلفازاً، وكان هو أيضاً من كتب أهم خطابات ناصر.. هيكل نفسه هو الذي قال: «لا أريد أن أكون ضمن هؤلاء الذين تنحني هاماتهم أمام الحكام في قصورهم، وترتفع هاماتهم أمام الحكام في قبورهم».
«لقد توصلت إلى نتيجة.. أن السياسة مـوضوع أخطـر بكثير من أن نتركه للسياسيين» هكذا يتحدث الزعيم الفرنسي شارل ديغول عن نسف احتكار الساسة للسياسة بحكم أنها وفي تعريفها الأعم هي «مجموعة من القرارات المتخذة والعلاقات المنظمة بين الأفراد أو المجتمعات أو الدول». وفي السياسة -كما يصف رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل- «ليس هناك عدو دائم، أو صديق دائم، هناك مصالح دائمة»، أو كما يقول أمير الشعراء أحمد شوقي «أَصْدِقَاءُ السّياسة أعْدَاءٌ عِنْدَ الرِّيَاسة».
و«الاعتماد على الاقتناع، والتفاني، وغيرها من الصفات الروحية الممتازة، لا ينبغي أن تؤخذ على محمل الجد في السياسة» هكذا ينظر الزعيم الشيوعي فلاديمير لينين» ولا تشكل الأمور غير المنطقية عقبة» في السياسة كما يقول نابليون بونابرت. و»الأخلاق النفعية ليست أخلاقا حقيقية، وهي تنتمي إلى السياسة أكثر من انتمائها لعلم الأخلاق» كما يذهب إلى ذلك الزعيم البوسني علي عزت بيجوفيتش. و«الإخلاص والنبل والأمانة تصير رذائل في السياسة» بحسب الصهيوني تيودور هرتزل.
يعرف الفيلسوف بول فاليري السياسة بأنها «فن منع الناس من التدخل في ما يخصهم». وكلمة السياسة في الانجليزية كما يقول اللغويون تتكون من مقطعين: بولي= «العديد» وتيكس= «طفيليات تمتص الدم» وهي «أول الفنون وآخر الأعمال» بحسب فولتير، وهي بالنسبة لنجيب محفوظ «عالم رحيب، مفاتنه موزعة على جميع المذاهب.. السياسة هي الحياة»، لكنها في النهاية -بنظر روائي الفنتازيا أحمد خالد توفيق- «دراما تصادم الإرادات».
ثعلب الخارجية الأمريكية وأشهر أساطينها وأساطيرها هنري كيسنجر يتولى بدوره الاعتراف بأن «تسعين في المئة من السياسيين يعطون للعشرة الباقية منهم السمعة السيئة». كيسنجر بالطبع صاحب سمعة سيئة في مقارباته الدبلوماسية للصراع العربي - الإسرائيلي.. والسياسي مراوغ مخاتل في الغالب الأعم، وممتهن السياسة كما يسميه المسرحي الإنجليزي جورج برنارد شو «لا يعرف شيئا ويظن أنه يعرف الكثير»، وهو جبان إلى الدرجة التي جعلت ابنة بطل استقلال الهند جواهر لآل نهرو وخليفته على كرسي رئاسة الحكومة أنديرا غاندي تعتقد بأنه «لا يوجد في الهند سياسي شجاع بما فيه الكفاية لأن يحاول شرح أن الأبقار يمكن أكلـها».
والسياسة وجهة نظر «فعندما ينتزع الراعي عنزاً من بين براثن ذئب، تعتبره العنز بطلا، أما الذئاب فتعتبره ديكتاتوراً» كما يشخصها «إبراهام لنكولن»، وهي أقرب اليوم مما خشي منه المناضل الفلسطيني صلاح خلف بالأمس، إذ أصبحت الخيانة في سياق السياسة مجرد وجهة نظر.
و«لغة السياسة تم تصميمها لتجعل الكذب يبدو صادقاً والقتل محترماً» وفقا لجورج أورويل. هكذا كانت وماتزال وظيفة الدعاية السياسية التي قد لا تخدع الناس، لكنها تساعدهم على خداع أنفسهم، والنتيجة واحدة سواء تعرض الناس لسياسات التضليل أو مارسوا بأنفسهم سياسة تصديق كل الخداع الإعلامي، فلا فرق بين تضليل جوبلز وبين خداع رويترز، ولا اختلاف بين كذب دعاية النازية وبهتان قناة العربية.
ويحذر الزعيم الأمريكي الأسود «مالكولم إكس» من هكذا وظيفة تجعلك تكره المظلومين وتحب الظالمين. ويسبر الكاتب الساخر جلال عامر أغوار الدعاية السياسية حين يقول «إذا أردت أن تضيع شعبا أشغله بغياب الأنبوبة وغياب البنزين ثم غيب عقله واخلط السياسة بالاقتصاد بالدين بالرياضة». وهذا بالضبط ما فعلته وماتزال أنظمة الاستبداد العربية بشعوبها لعقود، وهو ما تقوم به دول تحالف العدوان بحق الشعب اليمني منذ سبع سنوات.
هنا وبرغم كل ما سبق وسواه سنحاول أن نصيغ «لا» سياسياً فرضاً نؤديه ورفضاً نبتغيه توازياً لصمود شعبٍ لا ينكسر وتقاطعاً لعدوانِ متنطعٍ متقطعٍ مستمر.
نطلق من ها هنا رصاصات حق لنمطرها هناك كلمات حقيقية.. نوثق بأسنة «لا» حاضراً للذكرى ونبعثر بريح «أيلول» ماضياً للنسيان.
وأعترف -كما فعل محمد الماغوط في أحد تجلياته- بأني «لست سياسياً ولا أفهم في السياسة أكثر مما يفهم القرد بنظرية داروين التي هو محورها وجوهر مناقشتها»... غير أن عشمي للمعذرة بما أقرؤه الآن من وصايا أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام: «آلة السياسة سعة الصدر»، أما من ضاق فإن عليه عذره.. فيا مرحبا بكم.
* نقلا عن : لا ميديا

في الأحد 11 يوليو-تموز 2021 07:25:26 م

تجد هذا المقال في الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره
http://cfca-ye.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://cfca-ye.com/articles.php?id=3991