“حسن الشرفي” روح القصيدة
وليد الحسام
وليد الحسام

لا ينسى الأمل أن يُشرق لأستاذنا الشاعر حسن عبدالله الشرفي رغم الغياب ، كيف لا وقد ترك روح القصيدة لتحيا بين دفتي عطاءات حياةٍ عاشها مع الشعر مخلصاً له متدفقاً به كنهرٍ تنهل منه الأجيال وتُجدد من خلاله علاقتها بالهوية الدينية والوطنية والثقافية باعتبار الشعر عنصراً ثقافياً وحضارياً هاماً يقترب بالوعي المجتمعي من القيم المُثلى التي ترتقي بالإنسان .
ارتقت روح الشرفي لبارئها وبقيت روح القصيدة بين يدي الرعاية الرسمية لتتلقى اهتماماً من خلال لفتةٍ كريمةٍ من فخامة المشير الركن مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى الذي وجَّه بطباعة دواوين الشاعر الشرفي تقديراً لمواقفه الوطنية البارزة وتكريماً لما قدمه الشاعر فترة العدوان على اليمن وخلال سنوات حياته في مجال الشعر والأدب ، ويحق للشعراء وللشعر في هذا المقام أن يتباهى بهكذا قيادةٍ تدرك قيمة الفكر والثقافة والشعر بما ينمُّ عن رقي وعي تلك القيادة الحكيمة لتبدو النموذج الذي يفتخر به الشعب ، ومن هنا يمكن للشاعر اليمني عموماً أن يرى ملامح الدولة المدنية الحديثة تتجلى ببهاءٍ في بادرة عظيمة تمنح الشعر ما يستحق .
(من الغابة) جمع الشرفي (ألوان من زهور البن والحب) ومزجها بمهارة فنان ليمسك ريشته الإبداعية بـ (أصابع النجوم) ويرسم (البحر وأحلام الشواطئ) ويلوّن بتلك الألوان ملامحَ (سهيل وأحزان الجنتين) ولم يغفل رغم ظروف الحياة عمَّا (تقول ابنتي) ومضى بإصرارٍ ونضالٍ في (الطريق إلى الشمس) فكان مشرقاً كالصباح (وكان حفر الباطن) ، فلم يهرب عن مواجهة ظروف العيش بل انطلق إلى (الهروب الكبير) صاعداً نحو القمة ؛ ليرى الحقيقة بـ(عيون القصيدة) ، فاقترب من جمال الطبيعة ليشدو الحلمُ بأعذب كلماته (مطر مطر والضبى بينه) ويتغنى بنشوةٍ متنقلاً بين (أقواس علان) ، وفي أعماق بحور الشعر غاص خياله ليرى إبداع الخالق في (شعب المرجان) وعاد محلِّقاً ليحكي لـ(بنات الثريا) عن مغامرات فارسٍ يسابق (صهيل الورد) ليصلَ قبل (كائنات الوصل) إلى حيث يجب أن يسرد تفاصيل واقع الحياة في (نصف المعنى)، ويقدم للأجيال (الأعمال الكاملة) مجموعة بين دفتين ، ومازال الحرف جبهةَ إبداعٍ في ( معركة النفس الطويل)، تنتظر إشراقة فجر مستقبلٍ جديد .
مع بداية العدوان على اليمن كان لشاعرنا الشرفي حضورٌ يتصاعد بحماسة صاحبه للكتابة ، وربما كان ذلك تعبيراً منه عن شعوره بالمسؤولية في القيام بدورٍ عظيم في قضية كبيرة عنوانها اليمن أرضاً وشعباً ، ولأن القضية تشغل باله ، وعينه لا تغفل بتأملها عن واقع البطولات الأسطورية والملاحم التاريخية التي يسطرها أبطال الجيش واللجان الشعبية في جبهات العزة والشرف فقد كان حضوره بحجم تلك البطولات ليتدفق من خلاله شعراً صاخباً بصوت الشعب وضميره فكتب خلال مرحلة الصمود اليمني بمسؤوليةٍ وبكثافة وبمحاذاة للأحداث وبشكل يومي وقد يكون كتب قصيدتين في اليوم الواحد بما يوحي أن استشعاره للمسؤولية دفعه إلى أن يؤدي دوراً جهادياً من مقامه ومكانته وبسلاحه (الشعر)، كما لو أنه أراد ألَّا يشعر بأي تخاذل أو نقص عن دور المجاهدين في الجبهات ، وربما يكون ما كتب خلال سنواته الأخيرة المواكبة لمواجهة العدوان ما يضاهي إنجاز حياة كاملة، وربما كان هو نفسه مدركاً أن روح أعماله الشعرية تتمثل في ما كتب خلال سنواته الأخيرة حيث يجمع بقصيدته بين الإبداع الشعري والقضية الوطنية والإنسانية مواكباً معركة النفس الطويل بعدَّة دواوين من شعر النفس الطويل .


في الإثنين 12 يوليو-تموز 2021 10:14:44 م

تجد هذا المقال في الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره
http://cfca-ye.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://cfca-ye.com/articles.php?id=3997