قناة "العربية" تغرق في وحل الخيانة.. كيف أصبح المُجرم ضحيّة على شاشتها؟
الخميس 29 إبريل-نيسان 2021 الساعة 03 صباحاً / متابعات - الوقت التحليلي :
قناة "العربية" تغرق في وحل الخيانة.. كيف أصبح المُجرم ضحيّة على شاشتها؟

أثارت قناة "العربية" التابعة لنظام آل سعود الوهابيّ الذي يسيطر على بلاد الحرمين، غضباً كبيراً على الساحتين العربية والفلسطينيّة، بسبب تغطيتها لانتفاضة سكان القدس بوجه الكيان الصهيونيّ المُجرم والمستوطنين، بعد أسبوعين فقط من الضجة كبيرة التي أثارها الصحافيّ الفلسطينيّ، معتصم سقف الحيط، عقب استقالته من منصة "العربية فلسطين" إحدى المنصات الإعلاميّة للقناة التي يصفها الشارع العربيّ بـ "العبريّة"، بسبب سياساتها العدوانيّة ضد العرب وبلدانهم وقضاياهم، وانخراطها ضمن المشاريع الوهابيّة الصادرة عن النظام الحاكم في السعودية، حيث توصف بأنّها أحد أهم أدواته، وجاءت تلك الاستقالة في منشور أورده الصحافي الفلسطينيّ عبر صفحته على "فيسبوك"، احتجاجاً على سياسة القناة "غير المهنية" تجاه القضية الفلسطينيّة.

مواقف مهينة

استنكار عربيّ وفلسطينيّ كبير رافق تصوير قناة "العربية" للأحداث في القدس وكأنها "اشتباكات" بين طرفين، بسبب "خلاف على التجمع وقت الإفطار"، دون أي إشارة إلى انتهاكات المستوطنين، واعتداءات قوات الاحتلال على المقدسيين، حيث يُظهر الإعلام السعودي بشكل جليّ، حجم حقد النظام الحاكم في المملكة على بعض الدول العربيّة والإسلاميّة وبالأخص فلسطين، من خلال اتخاذ مواقف مهينة تجاه كثير من القضايا التي تهم الشارع العربيّ، وقد ظهرت حقيقة "الحرب الإعلاميّة" التي تخوضها قناة العربيّة جلية على السطح في السنوات الأخيرة، وخاصة عقب أحداث ما سمي "الربيع العربيّ" الذي خلق استماتة كبيرة عند الرياض لإيجاد موطئ قدم لنشر نفوذها في المنطقة عبر تدمير دول بكاملها تنفيذاً للمشاريع الغربيّة -كسوريا واليمن- والوقوف مع المحتلين بوجه أصحاب الأرض، واتخذت من قناة "العربيّة" واجهة لتحقيق ذلك.

وفي ظل وضوح الأهداف التي تسعى إليها السعودية من خلال الانحياز إلى عدو العرب والمسلمين للتقرب من تل أبيب مع اقتراب تطبيعها العلنيّ، تستخدم قناة العربيّة الكذب وتزوير الوقائع وتحريفها، كقاعدة اعلامية، إلا أن تلك القاعدة غير المهنية تتجاوز كل ما هو مألوف، وخاصة عندما تتعامل مع أيّ خبر يخص "محور المقاومة"، (سورية وإيران والعراق واليمن ولبنان وفلسطين) وكل فصيل او جهة او شخصية تعادي الكيان الصهيونيّ المُستبد، فهي تتناول جميع الأخبار الخاصة بتلك الدول بطريقة مؤسفة بعيدة عن أيّ احترام لعقلية المشاهد.

ومع انكشاف سياسة القناة بالنسبة للغالبيّة العُظمى من المشاهدين العرب، لم تعد القناة تتبع أدنى المعايير المهنيّة الأخلاقيّة، حيث حاولت إظهار الشعب الفلسطيني وكأنّه المتعدي على قوات العدو الإجراميّ، حيث تقوم قناة العربيّة بمختلف التغطيات الإخبارية والوثائقية، بمهاجمة بعض الدول وتسعى إلى صب الزيت على نار الحروب والنزاعات بما يتوافق مع مصالح النظام السعوديّ المُجرم، وتأخذ حملات الاستهداف حيزاً كبيراً من برامجها التي أصبحت مكشوفة لدى أبسط المتابعين، ولا يكف المحللون والباحثون الذين يظهرون على هذه القناة الممولة حكوميّاً عن كيل الاتهامات واختلاق الأكاذيب، من خلال حملة تقودها العربية أو ما تعرف بـ "الواجهة الإعلامية للنظام السعوديّ" ، والتي يصفها محللون بـ " سلاح الرياض الإعلاميّ لتصفية الحسابات".

في الوقت الذي تقف فيه قناة العربية في صف واحد مع كيان الاحتلال الغاشم ضد الشعب الفلسطينيّ، شهدت الأشهر الأخيرة هجوماً إعلامياً مسعوراً من قناة العربيّة ضد فلسطين وكل من يدافع عنها، ويبدو أنّ ذلك الهجوم قد وصل إلى ذروته، وقد لقيّ موقف الصحافيّ الفلسطينيّ تأييداً كبيراً من الأوساط الفلسطينيّة قبل مدة، وخاصة بعد بث القناة التابعة للنظام السعوديّ الحاكم مادة صحفية غير مهنية عن الأسير المحرر منصور شحاتيت، وكان التقرير يتحدث عن الحالة النفسيّة السيئة التي يمر بها الأسير المحرر حالياً، وفقدانه الجزئيّ للذاكرة، بسبب مزاعم أوردتها القناة تتحدث عن عمليات تعذيب أسرى حركة "حماس" له داخل المعتقلات التابعة للعدو الغاصب أدى إلى ذلك.

لذلك، يشعر الشارع العربيّ وعلى وجه الخصوص الفلسطينيّ بالصدمة لأن هذه القناة السعودية تمثل بلاد الحرمين، وفي الوقت ذاته تستعمل الهجوم الإعلاميّ الحاد لزيادة حدة التوتر وتعميق الخلافات وتأزيم الأوضاع أكثر فأكثر في العالم العربيّ مع اتباعها منهجاً مسيس بشدة يتلون مع السياسات الحكوميّة الوحشيّة لآل سعود، ما يثير علامات استفهام كثيرة حول نوعية الخطاب المتحيز الذي تقدمه القناة للمخاطب العربيّ، فيجعل منه ضحية في شباك إعلاميّة بعيدة كل البعد عن المهنية والأخلاق.

يشار إلى أنّ مدينة القدس شهدت مواجهات بين فلسطينيين وقوات العدو المُحتل خلال الأيام الأخيرة، وقد استخدمت ضدهم العنف المُفرط، ما أدى إلى إصابة العشرات وسط دعوات المستوطنين إلى اقتحام المسجد الأقصى والبلدة القديمة، حيث تصدى أبناء الأرض لمئات المستوطنين الذين هاجموا منازلهم، في عدة مناطق بمدينة القدس خلال أيام عدة.

موقف وطنيّ

في وقت سابق، أشاد منتدى الإعلاميين الفلسطينيين باستقالة الصحافيّ معتصم سقف الحيط من قناة العربيّة، وفي بيان له اعتبر المنتدى أنّ هذا الموقف الوطنيّ الشجاع يأتي وسط استمرار قناة العربية بالتغطية اللامهنية تجاه القضية الفلسطينية، وانحرافها عن الحقيقة، ومخالفتها أبسط مبادئ العمل الصحفي، من خلال تبرئة الاحتلال الصهيونيّ من مسؤوليته الكاملة عن الوضع الصحيّ للأسير المفرج عنه حديثاً منصور شحاتيت بعد أسره 17 عاماً .

وأكّد البيان أنّ "ذلك الموقف هو موقف كل فلسطينيّ، وكل صحفي يدافع عن الحقيقة"، داعياً إلى توفير فرصة عمل ملائمة للصحافيّ سقف الحيط، وطالب المنتدى قناة العربية بالكف عن سياستها اللامهنية، ودعا إلى مقاطعة القناة ومنصاتها إلى أن يتحقق ذلك، فيما غرّد ناشطون فلسطينيون وعرب بكثافة على وسم "#العربية_أن_تكذب_أكثر"، وجددوا اتهام القناة بالعمل ضمن أجندة العدو الصهيونيّ المُستبد التي تستهدف أرضهم وشعبهم ومقاومتهم .

كذلك، طالبت الهيئة القيادية العليا لأسرى "حماس" جميع الجهات المعنية بملاحقة قناة العربية التي تأسست في العام 2003 ضمن مجموعة “ام بي سي” السعودية والتي بدأت بثها من العاصمة البريطانية لندن، قبل أن تنتقل إلى دبي في دولة الإمارات العربية، قانونيًّا وإعلاميًّا، وتجريمها أخلاقيًّا؛ لاستغلالها معاناة شخص مريض من ضغط السجن وسياط السجان، معتبرة أنّ قيام قناة العربية بهذا الفعل يأتي من أجل ضرب اسم المقاومة اللامع والراسخ .

وفي الوقت الذي دعت فيه الهيئة لأوسع تضامن شعبيّ مع المحرر منصور الشحاتيت ومع المقاومة الفلسطينية، تساءلت عن غياب قناة العربية وإعلامها الحر حينما كان في الأسر، وأضافت إنّه من الأولى بقناة العربية وأمثالها من المحطات المشبوهة والمدعومة من دول التطبيع التركيز على دور الاحتلال الصهيونيّ في الإهمال الطبيّ والصحيّ لعدد كبير من الأسرى الفلسطينيين في سجون العدو، من بينهم المحرر "منصور الشحاتيت"، والشهيد "عزيز عويسات ".

يُذكر أنّ قوات الاحتلال الصهيونيّ القاتلة أفرجت عن الأسير الشحاتيت البالغ 35 عامًا الخميس المنصرم، وهو في حالة صحيّة ونفسيّة متدهورة بعد 17 عاماً من الأسر، قضى معظمها في العزل الانفراديّ، وقد تسبب التعذيب الصهيونيّ والعزل في الزنزانة الانفراديّة إلى فقدان الأسير جزءًا من ذاكرته، وإصابته باضطراب وعدم انتظام في نبضات القلب، بحسب مواقع إخباريّة .

خيانة متجذرة

يوماً بعد آخر، تؤكّد مملكة آل سعود حجم خيانتها ومدى عمالتها ضد الوطن العربيّ والإسلاميّ، والدليل على ذلك ما كشفته قناة العربيّة نفسها، نقلاً عن وزير الخارجية السعوديّ، فيصل بن فرحان، والذي أعرب بكل وقاحة عن أمله بأن يكون لاتفاقات الخيانة بين العدو الصهيونيّ الغاصب وبعض دول الشرق الأوسط تأثير إيجابيّ، مضيفاً إنّ التوصل لاتفاق بين السعودية وتل أبيب يتوقف على تنفيذ ما أسماها "مبادرة التسوية العربيّة"، حيث اعتبرت تلك التصريحات خيانة واضحة من المملكة لدينها وأخلاقها وقيمها العربيّة والإنسانيّة .

وقد بدأت السعودية الغوص في وحول خيانتها منذ أن عرضت قناة  mbc التابعة لها، مسلسلين تلفزيونيين رمضان الماضي، هدفهما التطبيع مع الكيان المجرم، وأشارت صحيفة الغارديان البريطانيّة في تقرير لها في ذلك الحين، إلى أن المسلسلات الرمضانيّة السعوديّة هدفها التطبيع مع كيان الاحتلال الصهيوني، فالمسلسل الأول يعرض تاريخ اليهود في منطقة الخليج، أما الآخر فيشير إلى أن الكيان الصهيونيّ قد لا يكون عدواً، وأن الفلسطينيين لم يكونوا في يوم من الأيام من الممتنين والشاكرين لمساعدات مملكة بن سلمان، وذكرت الصحيفة أن مجرد عرض المسلسلين على شبكة  “mbc” السعودية لا يدع مجالا للشك أنها حصلت على موافقة من سلطات البلاد، وقد أعرب المشاهدون العرب وقتها عن غضبهم من تحول الدراما الرمضانيّة إلى منبر سياسيّ للأعداء، و يدعو للتطبيع معهم .

ومهما حاولنا، لا يمكننا حصر أدلة الخيانة السعوديّة بحق العرب والفلسطينيين على وجه التحديد، خاصة في الفترة الأخيرة التي أظهرت بوضوح "معدن السعودية" فيما يخص القضية الفلسطينيّة منذ أن شرعت دولة الإمارات أبواب الخيانة في العالم العربيّ وحتى الآن، ومن ينسى التصريحات السعودية عقب الانتقادات اللاذعة التي وجهتها القيادات والفصائل الفلسطينيّة لاتفاق العار الذي وقعته البحرين والإمارات مع العدو الصهيونيّ الغاصب، حيث شنّ رئيس استخبارات النظام السعوديّ السابق، بندر بن سلطان وقتها وعبر قناة العربية، هجوماً حاداً على موقف السلطة الفلسطينيّة من اتفاق الاستسلام الخليجيّ، واعتبرت تصريحاته الهجوميّة على القيادات الفلسطينيّة، رغبة واضحة من بلاده لإقامة علاقات رسميّة مع العدو الصهيونيّ، وتعزيز التقارب السريّ مع تل أبيب .

ورغم أنّ طموحات السعودية في التطبيع مع الكيان الصهيونيّ تصطدم بالرفض الشعبيّ في البلاد، لاعتبارات كثيرة، يحاول المسؤولون السعوديون ترويج أفكار سلبيّة تجاه الفلسطينيين وقياداتهم عبر إعلامهم المتحيز والمُضَلل، لتهيئة الجو العام داخل المملكة لتقبل "فكرة التطبيع"، التي ستجعل الرياض منافساً شرساً للإمارات "عرابة الخيانة في الخليج"، بما يُرضي الولايات المتحدة وكيانها الصهيونيّ، وبالتالي يمنح حكام السعوديّة وقتاً أطول على كراسي الحكم.

في النهاية، إنّ قناة العربيّة تُموَّل بشكل مباشر من النظام السعوديّ وتصدح بأفكاره الخبيثة والتحريضيّة والهدامة، ولا غرابة أبداً في أن نسمع تلك الأكاذيب من القناة نفسها التي نقلت تصريحات وزير الخارجية السعوديّ، فيصل بن فرحان، والذي أعرب بكل وقاحة عن أمله بأن يكون لاتفاقات الخيانة بين العدو الصهيونيّ الغاصب وبعض دول الشرق الأوسط تأثير إيجابيّ، مضيفاً إنّ التوصل لاتفاق بين السعودية وتل أبيب يتوقف على تنفيذ ما أسماها "مبادرة التسوية العربيّة"، حيث اعتبرت تلك التصريحات خيانة واضحة من المملكة لدينها وأخلاقها وقيمها العربيّة والإنسانيّة.


تعليقات:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
اكثر خبر قراءة أخبار وأنشطة ضد العدوان
(نص + فيديو) المحاضرة الرمضانية الـ25 للسيد عبدالملك بدر الدين الحوثي 30 رمضان 1445هــ | 9 أبريل 2024م.
مواضيع مرتبطة
فضائح دوليّة.. "إسرائيل" ووقائع الإجرام والاحتلال والعنصريّة
مخطط سقطرى يستنسخ في ميون بتنسيق إماراتي إسرائيلي
تزايد “الضجيج” الأمريكي مع تعاظم خسائر المرتزقة: صنعاء تضع واشنطن أمام اختبار جديد
سلاح الجو المسير يستهدف قاعدة خميس مشيط
الأمم المتحدة تقترحُ “خصخصة” موانئ اليمن لمواجهة المجاعة بدلاً عن إنهاء العدوان والحصار!