|
تضليل إعلامي وحملات نفسية وتزوير للحقائق: وحدة الإعلام الجديد.. استراتيجية الكيان الصهيوني لتحسين صورته والتأثير على الرأي العالمي
بقلم/ الثورة نت
نشر منذ: 11 شهراً و يوم واحد الخميس 21 ديسمبر-كانون الأول 2023 12:32 ص
يستمر الكيان الصهيوني في حملاته النفسية والإعلامية ضد القضية الفلسطينية، خاصةً في قطاع غزة، من خلال هجمات متنوعة، بما في ذلك القصف العشوائي. ويركز الكيان على استهداف وسائل التواصل الاجتماعي لنشر حملات تضليل تهدف إلى جذب الدعم العالمي وتحسين صورته في مواجهة الانتقادات الدولية المتزايدة بشأن حروبه على غزة.
حرب الروايات الرقمية
ومنذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على غزة، شهدت وسائل التواصل حملات تضليل إسرائيلية واسعة النطاق، هدفها محاربة «الرواية الفلسطينية» ونشر سردية الاحتلال بهدف التأثير في الرأي العام العالمي. وبالتزامن مع تصاعد العدوان، وتزايد حدة التوتر على الحدود مع لبنان، أطلقت «إسرائيل» ما سمته «جبهة التوعية» عبر المنصات الرقمية، حيث يقود «جيش إسرائيل الإلكتروني» حملة، على وسائل التواصل الاجتماعي.
ووفقاً لموقع «بوليتيكو» الأمريكي، فإن «إسرائيل» نشرت عشرات الإعلانات عبر الإنترنت منذ بداية هجوم «طوفان الأقصى»، وتشمل صوراً ومقاطع فيديو مصورة، بهدف استنهاض الدعم لحملتها العسكرية، وجمع التأييد من شرائح واسعة من الجمهور.
وأشارت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، في منتصف أكتوبر الماضي، إلى أن أهمية «جبهة التوعية» لا تقل عن أهمية ساحات القتال نفسها، حيث تُوصف بأنها «المعركة على الوعي»، ويُؤكد ذلك أهمية دورها في اختراق الفضاء الافتراضي ونقل صوتها ورؤيتها إلى جميع أنحاء العالم.
وتجنّد «إسرائيل «منذ سنوات، مئات الكوادر الذين خضعوا لتأهيل شامل في مراكز وجامعات إسرائيلية، حيث شاركوا في متابعة مناورات افتراضية مكثفة وحروب خفية، بهدف نشر الرواية الإسرائيلية على وسائل التواصل الاجتماعي.
واستخدم المجنّدون تقنيات فبركة وتزييف المحتوى والمضامين لتعزيز وجهة نظر «إسرائيل» وتشويه الحقائق المرتبطة بالعدوان الحالي على القطاع.
وفي الأسبوع الأول للحرب على غزة، أجرت طواقم وزارة الخارجية الإسرائيلية جلسات إحاطة لـ250 مراسلاً أجنبياً، وأكثر من 640 مقابلة مع وسائل الإعلام الدولية بمختلف اللغات؛ لتشويه الرواية الفلسطينية ومحاربتها، وفق صحيفة «غلوبس» الإسرائيلية.
الدعاية السوداء الممولة
وأنفقت وزارة الخارجية الإسرائيلية منذ بداية عملية «طوفان الأقصى» وحتى شهر نوفمبر، أكثر من 13.5 مليون دولار على حملات الدعاية في أوروبا، بهدف تعزيز روايتها حول النزاع الجاري في غزة، وفق تقديرات موقع «سيمرش» للبحث عن الكلمات الرئيسة وتحسين محركات البحث.
وأطلقت الحكومة الإسرائيلية حملة واسعة النطاق على وسائل التواصل، ضمن استراتيجيتها، تشمل الدفع مقابل نشر عشرات الإعلانات التي تروج صوراً ومقاطع فيديو تحمل طابعاً عاطفياً ووحشياً، تستعرض العنف المسلح في «إسرائيل» عبر منصات مثل «إكس» و»يوتيوب».
وأشار المحقق الإخباري، مولود صياد لموقع «TRT عربي” مطلع ديسمبر الجاري، إلى أن “الحرب الجارية في الأراضي المحتلة شهدت واحدة من أعنف الهجمات التضليلية التي تستهدف المقاومة والشعب الفلسطيني، وهو ما يترجَم في أخبار زائفة كثيرة تُتداول في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، ومن أبرزها زعم وجود رُضَّع جرى قطع رؤوسهم”.
ونشر موقع بوليتيكو الأمريكي في بداية ديسمبر الجاري، بيانات حول عرض وزارة الخارجية الإسرائيلية نحو 30 إعلاناً على منصة “إكس”، حققت أكثر من 4 ملايين مشاهدة، وتستهدف هذه الإعلانات حسابات سكان الدول الأوروبية، مثل فرنسا وألمانيا وبلجيكا وهولندا.
كما نشرت “الخارجية الإسرائيلية” أكثر من 75 إعلاناً ممولاً على موقع يوتيوب، من أجل شيطنة الفلسطينيين و”تجريدهم من إنسانيتهم”.
وأقر رئيس القسم الرقمي في الخارجية الإسرائيلية، ديفيد سارانغا، بأن مهمتهم اليومية تستهدف “إعادة صياغة السرد الدولي” بشأن الحرب، مشيراً إلى أن “الصراع الحالي لا يقتصر فقط على الأرض في غزة”.
وتقوم الفرقة الإلكترونية التي يقودها سارانغا بالاستهداف المباشر لمستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، من خلال حملات دعائية مضللة تهدف إلى جذب الدعم لصالح الاحتلال.
واستطاعت هذه الفرقة نشر أكثر من 10 آلاف مشاركة وتغريدة منذ بدء العدوان، باستخدام ست لغات رئيسة، وهي: الإنجليزية، العربية، الفارسية، الروسية، الإسبانية، والعبرية، مع التركيز على المناطق التي تشهد تضامناً كبيراً مع القضية الفلسطينية، مثل العالم العربي، وأمريكا اللاتينية، وإيران، وروسيا.
مسار التضليل منذ التأسيس
تشير التحليلات إلى أن الجهود الإسرائيلية لتشويه الحقائق وتلميع صورتها أمام الرأي العام الدولي ليست جديدة ولا تقتصر على العدوان الأخير على قطاع غزة. يعود تاريخ هذه الجهود إلى فترة التأسيس في عام 1948م، حيث بدأت “إسرائيل” في محاولة إخفاء جرائمها وتحسين سمعتها. ففي عام 2008م، تأسست “وحدة الإعلام الجديد” كمحاولة واضحة لخلق محتوى داعم لإسرائيل وتوجيهه إلى وسائط الإعلام العالمية.
مهمة هذه الوحدة تكمن في صياغة رؤية معينة للحقائق وتقديمها بشكل يخدم مصلحة إسرائيل في المجتمع الدولي. في عام 2011م، تم تخصيص ميزانية كبيرة لهذه الوحدة، ورفعت لاحقًا إلى 91 مليون دولار، مما يظهر توسعها الكبير وأهميتها المتزايدة في استراتيجية الدعاية والإعلام الإسرائيلية على مستوى العالم.
خلال العدوان على غزة في عام م2012، قامت “إسرائيل” بتخصيص مبلغ كبير يصل إلى 50 مليون دولار لدعم مدوّنين ونشطاء في الولايات المتحدة، بهدف تعزيز السرد الذي تروّجه. يُعتبر هذا التوجيه المالي جزءًا من استراتيجية أوسع تهدف إلى تحسين صورة إسرائيل وتوجيه الرأي العام الدولي نحو نظرة إيجابية تجاه سياستها وتحركاتها في المنطقة.
أكاذيب مفضوحة
وأكدت “هيومن رايتس ووتش” إن “إسرائيل” ربما كانت تفلت من مجازرها التي ترتكبها ضد الفلسطينيين قبل أعوام عدة، إلا أن الحال تغير كثيراً بعد السابع من أكتوبر، في ظل انتشار وسائل التواصل التي تتحكم في دفتها الشعوب بعيداً عن التزييف.
وبرغم تداول “إسرائيل” وداعميها كماً هائلاً من الصور ومقاطع الفيديو المفبركة منذ الأيام الأولى للحرب، بهدف خداع أكبر عدد من الناس وإنفاقهم ملايين الدولارات لإنشاء الجيوش الإلكترونية لتضليل الرأي العام، فإنّ وسم “فلسطين حرة” حصد خلال أيام فقط، أكثر من 7 ملايين مشاركة مقابل 250 ألف مشاركة داعمة لـ”إسرائيل”، التي باتت تعاني عزلة دولية.
كما إن جهود استعطاف الشعوب ما عادت تُجدي نفعاً بعد أن أصبح راسخاً في أذهانها أول كذبة روجتها “إسرائيل” بشأن قطع حماس رؤوس 40 طفلاً إسرائيلياً، ونشر رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو صورة جثة متفحمة قال إنها لطفل إسرائيلي أحرقه مقاتلو “القسام”، قبل أن يتضح أنها في الأصل لكلب في عيادة طب بيطري، خضعت للتعديل عن طريق الذكاء الاصطناعي.
ومع اتساع دائرة الغضب في العالم تنديداً بالمجازر في غزة وخسارة “إسرائيل” حرب المعلومات، لجأت تل أبيب إلى تعيين رئيس الأركان السابق “أفيف كوخافي” مسؤولاً عن نشر دعايتها لكنه فشل هو الآخر في حشد ود الشعوب.
كما أنّ “تطور الأمر مع مشاهد الموت والدمار غير المسبوقة في غزة أدى إلى زيادة السخط العالمي، الذي أصبح يمتلك قناعة، مفادها عدم جدوى القانون الدولي في حماية المستضعفين وقت الحروب والأزمات”.
وتأكدت هذه القناعة خلال التظاهرات أمام مبنى محكمة العدل الدولية في لاهاي وبرلمانات دول أوروبية، واحتجاجات أخرى داخل مؤسسات إعلام بريطانية وأمريكية انحازت إلى الرواية الإسرائيلية.
|
|
|