علي كوثراني
طباعة الصفحة طباعة الصفحة
RSS Feed تحقيقات وسرد وحوار ضدّ العدوان
RSS Feed
علي كوثراني
فرصتنا لكسر الأغلال والنهوض
عن كيسينجر وهالة عرب الهزيمة
تفاءلوا كثيراً
معسكر الاستعصاء ومعسكر الفرص
خياران لا ثالث لهما

بحث

  
في رثاء «أمِّ حسن» وعزاء الرجل الثقة
بقلم/ علي كوثراني
نشر منذ: 6 أشهر و 14 يوماً
الإثنين 03 يونيو-حزيران 2024 10:29 م


 
بالرغم من تعرُّفنا عليها من خلال مقابلةٍ مُصوَّرةٍ يتيمةٍ لم تتخطَّ الدقيقتين، أصابت الحاجَّة «أم حسن» قلوبنا إصابةً مباشرةً ودقيقة. لا شكَّ في أنَّ مِن تمام محبَّتنا لامرئ هو أن نحبَّ مَن يحبُّهم ويحبُّونه، وهذه هي طبيعة الأمور إن لم نرَ منهم أو نسمع عنهم ما نُنكِر أو نكره.
ولكنَّ الرابط الأقوى برأيي، هو مباشرٌ مع هذه الحاجَّة، مع لهجتها الصافية التي احتفظت بها الأمَّهات العامليَّات برغم النزوح المبكِّر إلى المدن وأحزمة البؤس والانسلاخ الطويل عن «الظَّيْعَة» (الضيعة أو القرية، باللهجة العامليَّة)، مع الانسياب البطيء والسلس للكلمات من بين شفتيها، مع نبرتها الحنون وبساطة حديثها، مع الطيبة المتدفِّقة من عينيها، مع كلِّ الآلام وكلِّ الصلابة التي تخفيها ملامح وجهها السمح، مع الابتسامة الهادئة والنكتة الحاضرة، مع زيِّها، مع حركة يديها عند الانفعال... هذه الحاجّة ذكِّرتني بجدَّتي «أم محمَّد» التي ربَّتني كأمٍّ وفقدتُها منذ عشرين سنة. ولا بدَّ أنَّ هذا الأنموذج الطاهر الحاضر في جبل عامل قد ذكَّر كُثراً أيضاً بجدَّةٍ لهم أو أمِّ أو خالةٍ أو عمَّةٍ أو جارة!
ربَّما نسيت للحظةٍ، وأنا أعيد ذلك المقطع لمرَّاتٍ متتاليةٍ، أنَّ المناسبة مناسبة فقدٍ، ففرحتُ قليلاً لأنَّني أطفأت بعض اشتياقي لجدَّتي، ووجدتُ أصلاً مشتركاً مع رجلٍ من خيرة مَن أنجبتهم هذه الأمَّة، وتعرَّفت ولو قليلاً على «حسن الطفل» قبل أن يكبر ليملأ الدنيا ويشغل الناس، «حسن الطفل» ابن «أمِّ حسن» وعن لسانها... والأهمُّ أنه لا عجب في أن يكنَّ مثيلات «أمُّ حسن»، أي هذا الأنموذج، قد أنجبن ما يكفي من الرجال الرجال ليشدُّوا عضد هذا السيِّد.
ولكنَّ طبيعة المناسبة غالبةٌ، ولا أجد نفسيَ إلَّا حزينةً لوداع الأمَّ الأبرز في هذا الأنموذج الذي يرحل عن دنيانا يوماً بعد يوم... وحزينةً لحزن السيِّد. وأجدها غاضبةً مِن أنموذجٍ معاكسٍ جديدٍ متفشٍّ، منقطعٍ عن ماضيه، ملتصقٍ بقشور غيره، غير واعٍ لحاضره، واهمٍ فيما يخصُّ مستقبله ومستقبل أبنائه... أنموذجٌ غريبٌ ينتج غرباءً ويفتك بمستقبل أمَّتنا كالسرطان.
ختاماً، كلُّ الامتنان للفقيدة إقراراً بفضلها على هذه الأمَّة بِمَن أنجبت وربَّت. وكلُّ العزاء للسيِّد، الرجل الثقة، الذي فقد قلباً كان ملجأه الأوَّل في هذه الحياة. وكلُّ التمنِّي بطول العمر لمثيلات «أمِّ حسن» ليبقينَ لأبنائهنَّ وللسيِّد أيضاً، يُفرِحن قلبه ويُطفِئن بعض اشتياقه إلى والدته ويُعوِّضنه عن بعض حنانها.
 كاتب لبناني

* نقلا عن : لا ميديا

تعليقات:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
عودة إلى تحقيقات وسرد وحوار ضدّ العدوان
تحقيقات وسرد وحوار ضدّ العدوان
الجبهة الثقافية
انتهاك الدستور تحت عناوين الالتزام بأحكامه..
الجبهة الثقافية
الجبهة الثقافية
اليمن رغم التضحيات.. ثباتُ المبدأ ووضوحُ الهدف
الجبهة الثقافية
الجبهة الثقافية
تحذيرُ السيد القائد للنظام السعوديّ براءةٌ من السؤال أمام الله
الجبهة الثقافية
ليلى عماشا
فوضى التحليل الإعلامي في مقاربة حادثة الطائرة
ليلى عماشا
أحمد عبدالله الرازحي
رسالةُ السيد عبدالملك الحوثي للسعوديّة هل تكونُ رسالةَ ما قبل الحرب؟
أحمد عبدالله الرازحي
الجبهة الثقافية
سيناريوهات الحرب على غزة بعد انتهاء الهجوم على رفح!!
الجبهة الثقافية
المزيد