عبدالرحمن مراد
طباعة الصفحة طباعة الصفحة
RSS Feed مقالات ضدّ العدوان
RSS Feed
عبدالرحمن مراد
التحكم في مقاليد الثورة والمستقبل
البنية الثقافية اليمنية.. “رؤية تحليلية”
عالم اليوم من منظور عقلاني
حواراتُ السلام في المنطقة
ملامح المرحلة وطبيعة المعركة
معيارُ القوة في الوجود الإسرائيلي
عن العدو وتفكيك خطابه
مبدأ الخيانة في معيار التاريخ
المعرفة القوة الحقيقية في المستقبل
معادلةُ البنك بالبنك والمطار بالمطار

بحث

  
أنصارُ الله والتفوقُ الأخلاقي
بقلم/ عبدالرحمن مراد
نشر منذ: 3 سنوات و 8 أشهر و 28 يوماً
الإثنين 22 فبراير-شباط 2021 07:37 م


كنتُ كتبتُ عن التفوُّق الأخلاقي والتأسيسِ القيمي للانتقال، وقلت حينها: إن أنصارَ الله بتصرُّفاتهم وتفاعلاتهم ذات الأبعاد القيمية والتأسيسية للانتقال يقودون ثورةً حقيقيةً في هذا الوطن، وإن من سواهم لا يكادون يفقهون قولاً أَو علماً، ولا قيمةَ عندهم لمبادئ التأسيس وليس في مشروعهم إلَّا فقهُ الغنيمة ومبدأُ الهيمنة، ويفتقدون للأبعاد الأخلاقية للثورات، وهي أبعادٌ تتجاوزُ الماضيَ لتؤسِّسَ للمستقبل؛ ولذلك لم يكن لهم من ظِلال في وجدان الناس ولا أثر في حركة الحياة.

بل كاد الواقع أن يتحدث عن السقوط القيمي ويتجرَّعَ ويلاتِ ذلك التمادي في الخطأ، ووحدَهم العقلاء من كانوا يرون ضرورةَ صهر هذه المشاعر الانفعالية الثورية في بوتقة الحقيقة حتى يتمايزَ الناسُ ويمتاز المجرمون ويعرفَ الناسُ دخائلَ كُـلِّ قوة سياسية، ويكتشفوا جوهرَ الواقع وحقائقه من خلال التفاعل اليومي لحركة الحياة والتداخل مع اقتصاد الدولة والاقتصاد المعاشي للأفراد والجماعات.

ولعل المرءَ يتذكرُ موقفَ القوى الاجتماعية والسياسية والعسكرية التي ذهبت إلى القول بالثورة في 2011م واشتغالها المحموم على موضوع السلطة رغم ما كانت تشهدُه من انقسام حاد في الشارع، ولم يثنها ذلك من التصعيد الإعلامي والتصعيد الثوري إلى درجة صُنع الحدث وإلصاقه بالنظام، أملاً في تسريع وتيرة العجلة للوصول إلى القصر لإحداث الفراغ الدستوري فيه، وكانت إرادَةُ الله غالبةً على إرادتهم، إذ ردَّ كيدَهم في نحورهم ولم يتمكّنوا من أهدافهم المنحرفة، إذ بمُجَـرّد وصولهم للسلطة كشف اللهُ دواخلَ نفوسهم، فلم يسكت المجتمع الثائر، حَيثُ سعى سعياً حثيثاً لتصحيح المسار في 21 سبتمر 2014م، ولو علم فيهم خيراً لمكّنهم ولكنهم قوم لا يفقهون، وقد انقلبوا على اتّفاق السلم والشراكة بتعنُّتٍ وصلف غير معهودين، وأمام كُـلّ ذلك التعنت والصلف والتخشب كانت حكمةُ قادة ثورة 21 سبتمبر تدعوهم إلى التبصر والانتقال السلس للسلطة فيأبى غرورُهم ذلك غباءً وحقداً، فقادوا اليمنَ إلى حرب كونية لم تُبقِ ولم تذر، فكانت المواجهة والصمود هو البُعد الأخلاقي والضابط الأهم الذي حرص أنصارُ الله على تأكيده في البناءات التنظيمية الاجتماعية والثقافية والسياسية كبديلٍ حضاري لمبادئ الفوضى والتدمير وكامتداد لمشروع التحديث في البناءات الذي ظل الناس يكابدون تأصيلَه في الواقع اليمني فيجدون من الصدود والممانعة الشر الكثير ومن القوى نفسها التي ذهبت إلى الثورة بشعارات مطاطية.

فكان تفاعلها مع حركة التغيير دالاً على تضادها وعلى تناقضها، ومثل ذلك التناقض والتضاد، كشف الغطاء عن أدعياء الثورة والتحديث وصانعي الثورة والتحديث، فكان حَظُّ أنصار الله هو الصنع والتحديث والصمود والدفاع حتى وقف العالم مذهولاً؛ لأَنَّهم أظهروا تفوقاً أخلاقياً عاليًا ورفيعاً، وشعر أعداؤهم أنهم سقطوا أخلاقياً وبالتالي جماهيرياً، فكان التهافُتُ على السلطة –سلطة المنفى، سلطة الفنادق- وغنائمها تعويضاً عن الشعور بالنقص وتبريراً لحالة الانكسار والنكوص التي وصلوا إليها.

ما لا يدركُه فرقاءُ العمل السياسي الوطني أن الربيعَ العربي عمل على التفكيك الذي عزز من الهُـوِيَّات التاريخية والثقافية وأنتج كيانات في ظاهرها الجدة والعصرنة، وفي كوامن جوهرها الامتدادات التاريخية التي تحاول إعادة التكيف مع الواقع الجديد، ولن تكون تلك الكيانات الجديدة إلا كيانات متصارعة تبحث عن الوجود والبقاء والحفاظ على القيمة والمعنى.. وفي ظني أن غياب المشروع الحضاري الجامع سيكون سبباً في ملء الفراغات التي تشتهي الامتلاء، فغياب المشروع لا يدل على ربيع عربي بل سيكون دالاً على عدميته، والعدمية لا تنتج إلا عدماً مثلها وتشظياً يتناثر على إثرها الوطن إلى دويلات متعددة.

ولذلك فالتشديد على التأسيس القيمي والنموذج الأخلاقي هو السبيلُ الأمثلُ في استقرار المستقبل، فالعمالةُ والخضوعُ وفقدانُ القيم حالاتٌ شاذة وقاتلة وهي لا تتسقُ مع البُعد الحضاري ولا التاريخي ولا مع البُعد العقدي للمجتمع اليمني؛ ولذلك فُسِّرَ نجاحُ أنصار الله في إدارة الصراع مع قوى الشر وأدواتهم في اليمن تكمن في البعد القيمي والأخلاقي، فالأخلاق هي جوهر الرسالة المحمدية وجوهر انتصار أي مشروع ينفع الناس.

تعليقات:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
عودة إلى مقالات ضدّ العدوان
مقالات ضدّ العدوان
عبدالعزيز البغدادي
لعبة الموت بين الأغنياء والفقراء!
عبدالعزيز البغدادي
عبدالفتاح حيدرة
هزيمة موجعة لتحالف العالم المجرم
عبدالفتاح حيدرة
مجيب حفظ الله
التعقُّل المطلوب على أبواب مأرب..!
مجيب حفظ الله
د.سامي عطا
أدوات أمريكا!
د.سامي عطا
ناصر قنديل
اليمن يكتب التاريخ من جديد
ناصر قنديل
عفاف محمد
ما بعد مأرب
عفاف محمد
المزيد