|
العرب وفلسطين
بقلم/ هشام الهبيشان
نشر منذ: سنة و 5 أشهر و 15 يوماً الإثنين 03 يوليو-تموز 2023 09:42 م
تزامناً مع التصعيد الصهيوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفي التحديد في مدينة القدس المحتلة وتحديداً في المسجد الأقصى، عاد وزير الأمن القومي في حكومة الاحتلال “الصهيوني” إيتمار بن غفير، للتأكيد على نيته العودة من جديد لاقتحام المسجد الأقصى المبارك، وبحماية مشددة من قوات الاحتلال الصهيوني، وهو ما يؤكد حقيقة أن هذه الخطوة ستكون بمثابة دافع لجماعات اليمين المتطرف الصهيوني، لتحقيق حلمها بالسيطرة تدريجياً على المسجد الأقصى والبدء بخطوات لذبح القرابين وإقامة كنيس أولي، يتلوه هدم الأقصى وإقامة الهيكل المزعوم، فـإيتمار بن غفير بهذه الخطوة، أعلن بشكل واضح عن سياسته وسياسة حكومة اليمين المتطرف الصهيوني بقيادة نتنياهو، وبهذه الخطوة هو يحاول تثبيت العديد من الوقائع على الأرض، وهو يسابق الزمن، لتغيير “الوضع الراهن” في المسجد الأقصى، وهذا الملف بالتحديد هو على قائمة أولويات حكومة نتنياهو المتطرفة، وتزامناً مع كل هذه التطورات في المسجد الأقصى، أصدر رئيس الوزراء الصهيوني نتنياهو، توصياته بتكثيف عمليّات بناء المزيد من الوحدات الاستيطانية في مدينة القدس، والهدف هو عزل مدينة القدس المحتلة عن محيطها الفلسطيني والعربي، وإحاطتها بالمستوطنات الصهيونية، تمهيداً لأطباق السيطرة الكاملة عليها.
وهنا ،يجب توضيح مسألة هامة وهي أن الدور والموقف العربي ، يغيب بشكل كامل عن كل هذه التطورات القادمة من الأراضي الفلسطينية المحتلة وتحديداً من مدينة القدس المحتلة، وذلك يبدو واضحاً من خلال ردود الفعل العربية الرسمية الهزيلة على كل هذه الأحداث التي تستهدف الأقصى والفلسطينيين اليوم بالقدس بشكل خاص وفي باقي مناطق الضفة الغربية، بل على العكس نرى اليوم، تطوّراً هائلاً في التطبيع المجاني بعض العربي مع الكيان الصهيوني والذي تتبناه بعض الأنظمة العربية، وبرضا أمريكي وبمباركة غربية، فبوادر وملامح ومؤشرات التطبيع مع هذا الكيان، لها جذور ورواسب تاريخية، فهذه ليست المرة الأولى التي تسير بها علاقات الجانبيين بهذا المنحى التطبيعي، فعلاقات التطبيع لها تاريخ حافل مع هذا الكيان.
اليوم، لا يمكن إنكار حقيقة ان هذا التطبيع المتسارع، قد جاء لإتمام صفقة تطبيعية كبرى، بين الكيان الصهيوني وبعض أنظمة العرب، والهدف إنجاز تطبيع شامل مع الكيان الصهيوني وعلى مراحل متقاربة زمنياً» وربط ذلك بتفاصيل مصيرية تخص القضية الفلسطينية»، الصهاينة بدورهم يعوّلون كثيراً على هذا التطبيع مع بعض أنظمة العرب، علها تكون المدخل لتصفية القضية الفلسطينية، وإعطاء هذه التصفية غطاء «عربياً ـ إقليمياً ـ دولياً»، الغريب والمستهجن بهذا الخصوص هنا أيضا هو غياب، أي تنديد شعبي «عربي»، على مسار التطبيع هذا، وكأن كل هذا لا يعنيهم بشكل قاطع، والمثير للاشمئزاز هنا، انه وتزامناً مع كل الجرائم التي ارتكبها الصهاينة في المنطقة بعمومها وفلسطين تحديداً، نرى حالة غريبة من تشابه والتقاء المصالح بين بعض أنظمة العرب والكيان الصهيوني!.
وهنا نقول، لكلّ أولئك الذين ما زالوا يهرولون لصناعة التطبيع المجاني مع الكيان الصهيوني، ولكلّ أولئك الذين يهللون ويطبلون لهذا التطبيع بحجج سخيفة جداً، ولا يقبلها عقل واع مدرك لحقائق وواقع المنطقة بمجموعها، نسأل كل أولئك أين هم الآن من مأساة تعيشها أمة العرب نتيجة وجود سرطان خبيث في قلبها يسمّى الكيان الصهيوني المسخ؟ أين هم من جرائم الكيان الصهيوني التي مارسها في عموم المنطقة العربية، وتحديداً فلسطين، أين هم الآن من دماء شهداء فلسطين وتضحيات المناضلين العرب من أجلها…؟ على كلّ حال التاريخ يسجل ويكتب سقوط بعض العرب للأسف إلى مديات هابطة وطنياً وأخلاقياً وحتى دينياً، عندما قرّروا السير في مسار تطبيعهم مع الصهاينة.
واليوم، وللأسف، نجد غياباً كاملاً للموقف العربي والإسلامي، في الوقت الذي لا تخفي فيه حكومة نتنياهو سعيها للتخطيط لهدم المسجد الأقصى، مع استمرار الاستفزازات من مجموعات من قطعان المتطرفين الصهاينة بمحاولات مستمرة لاقتحام وتدنيس للمسجد الأقصى والتعدي على المقدسيين وفرض مشاريع الاستيطان على بلداتهم وتهجيرهم منها، فما يقوم به كيان الاحتلال الصهيوني من هجوم بربري، نازي، فاشي، يستهدف الضفة الغربية بشكل عام ومدينة القدس والمسجد الأقصى بشكل خاص، يؤكد أن هناك مشروعاً صهيونياً – دولياً – إقليمياً يستهدف تصفية القضية الفلسطينية بشكل كامل، فاليوم يمارس هذا الكيان الصهيوني دوره القديم الجديد بمحاولة تصفية القضية الفلسطينية وتهجير باقي سكان فلسطين من وطنهم وإحلال عصابات وقطعان المستوطنيين مكانهم، إذ تقوم اليوم عصابات هذا الكيان بجرائم كبرى بحق الأقصى ومواطني الضفة، إضافة إلى حملات تدمير وهدم كثير من البيوت والتجمعات السكانية بالضفة الغربية وبمدينة القدس تحديداً، لتُقام على أنقاضها مستوطنات يوطن بها مجموعة من صهاينة هذا الكيان.
ختاماً، يجب توضيح أن ما يجري من أحداث في مدينة القدس بشكل خاص وعموم مناطق الضفة الغربية بشكل عام، وبالتزامن مع حديث وقرارات حكومة نتنياهو، أن هذه الحكومة المتطرفة، تسعى إلى كسب قرار وإجماع دولي يسمح للصهاينة بتحقيق حلمهم التلمودي بقيام دولتهم اليهودية، فهل سيتحرك العرب لحماية الأقصى وحماية فلسطين التاريخية وأهلها، أم سيبقى الموقف العربي كما هو هزيلاً ضعيفاً كما عهدناه بما يخص قضية الشعب الفلسطيني وفلسطين؟!، وهل سيترك الشعب العربي الفلسطيني وحيداً يصارع مشاريع الكيان الصهيوني، رغم حجم الضغوط التي ستنجم عن هذا الصراع مع هذا الكيان.
الواضح أن موقف بعض العرب سيبقى كما هو، كيف لا والبعض من العرب ينسق اليوم مع الكيان الصهيوني وقادته لتدمير ومحو تاريخ وهوية ووجود هذه الأمة.
وهنا أود تذكير بعض العرب أن صمتهم على ما يجري بفلسطين هو وصمة عار بجبين كلّ من تآمر على فلسطين وساهم بتدمير وإضعاف هذه الأمة.
*كاتب وناشط سياسي – الأردن. |
|
|