يعتبر هذا الاسم (الطلقاء) اسماً مهماً جدًّا، سمَّاهم به رسول الله “صَلَواتُ اللهِ عَلَـيْهِ وَعَلى آلِه” وهذا الاسم له مدلولٌ مهم، إذ أنه ليس فقط ينحصر على مدلول العفو عنهم، بل أكثر من ذلك، هذه الفئة تختلف عن الفئات الأخرى في واقع المجتمع الإسلامي، تتشكل الأمة الإسلامية- آنذاك- في واقعها من فئتين مهمتين، مثَّلت- آنذاك- قطباً قامت عليه رحى الرسالة، واتسعت دائرة الإسلام من خلاله، ومثَّل النواة للمجتمع الإسلامي، هم المهاجرون والأنصار، وهذه التسمية لتلك الفئة التي أرغمت على الاستسلام، ودخلت الإسلام في وقتٍ متأخر؛ نتيجةً لهزيمتها، وليس نتاجاً لقناعتها ورغبتها، ولا لتقبلها على أساسٍ من التفهم والاستجابة الصادقة؛ إنما نتيجةً لظروف قاهرة، ولنصرٍ إلهيٍ حاسم، ولفتحٍ مبين، وحالةً من الإرغام بعد الهزيمة والاستسلام.
الطلقاء إذاً فئة أخرى لا يحسبون من المهاجرين، ولا يحسبون من الأنصار، وأدرك أبو سفيان ماذا يعنيه هذا الاسم، وماذا يدل عليه، وسعى ومعه البعض من أولئك الطلقاء إلى أن يطلبوا من رسول الله “صَلَواتُ اللهِ عَلَـيْهِ وَعَلى آلِه” أن يدخلوا ضمن المواثيق، وضمن التسمية الأخرى التي هي: المهاجرين والأنصار، فأن يكون ما يشملهم هو نفس ما شمل المهاجرين والأنصار، وأن يدخلوا تحت ذلك الارتباط المهم فيما يعنيه من: روابط، وولاء… مدلولات مهمة جدًّا، لكن رسول الله “صَلَواتُ اللهِ عَلَـيْهِ وَعَلى آلِه” رفض ذلك، رفض أن يدخلهم إلى مصاف المهاجرين والأنصار، وحرص على أن يبقى لهم هذا الاسم، ومن لحق منهم بالمدينة بعد فتح مكة لم يعتبر في صف المهاجرين، وفي عنوان المهاجرين، لا يعتبر كذلك.
الطلقاء هؤلاء بقي لهم هذا الوصف، لماذا؟ الكثير من المجتمع المكي الذي يعرف رسول الله “صَلَواتُ اللهِ عَلَـيْهِ وَعَلى آلِه” وعاش رسول الله ونشأ في أوساطهم، عرفوه عن قرب بأكثر مما يمكن أن يعرفه أيُّ مجتمعٍ آخر، سمعوه، وأتت الرسالة والبعثة بالرسالة بين أوساطهم، ورسول الله “صَلَواتُ اللهِ عَلَـيْهِ وَعَلى آلِه” بما منحه الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” من المؤهِّلات العظيمة، وهو يتحرك في أوساطهم يقيم أمر الله، يبلِّغ رسالة الله بجدارة عالية، بقدرات كبيرة، بمؤهِّلات عظيمة، يستطيع أن يقنع أيَّ إنسانٍ منصف، لكنَّ ذلك المجتمع أصرَّ على موقفه في كثيرٍ منه، هناك من آمن، هناك من كانوا عظماء، لكن أكثرية هذا المجتمع كان لها موقف معاند، كانت تتجه الاتجاه المحارب للإسلام، المتنكر للرسالة الإلهية، ومعنى هذا: التنكر لتلك المبادئ التي أتى بها الإسلام، ولكل تلك الأخلاق والقيم التي أتى بها الإسلام، ولكل تلك الأسس العظيمة والمهمة التي يبنى عليها الإسلام في كل تفاصيله: في شرعه، في نهجه، في تعاليمه…إلخ.
الله أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
اللعنة على اليهود
النصر للإسلام
السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي
المحاضرة الأولى من محاضرات (عاشوراء الدروس والعبر) لعام 1441 هـ
*نقلا عن : موقع أنصار الله