إن القرآن بنفسه هو يغلق النافذة على الأدعياء الذين يسعون إلى استغلاله، والإساءة إليه، والتوظيف له في خدمة الاتجاه الشيطاني في الحياة، القرآن بنفسه يغلق هذه النافذة؛ لأنه رسم الطريق، رسم المعالم، واتجه أصلًا يعني ضمن القناة الإلهية التي أوصلته إلى عباد الله: رسول الله “محمد صلوات الله عليه وعلى آله”، ليكون هو المعني الأول في الإبلاغ والتحرك من موقع القدوة والقيادة لهداية هذه الأمة بهذا الحق، ومن بعده كذلك حُدد الإمام علي “عليه السلام”، وأهل البيت “عليهم السلام” نتطلع إليهم كأعلام في هذا الطريق، ونسير بناءً على هذا الأساس.
ثم حدد القرآن الكريم في معالم عامة، قضايا رئيسية، اتجاهات عامة، تساعد الإنسان- أيضًا- على الاحتماء بالهداية القرآنية من كل قنوات التضليل، ومن كل أبواق التضليل، من كل الأدعياء الذين يدَّعون أنفسهم هداة للأمة، أو علماء، أو مصلحين، أو دعاة، أو أيًا كان مثل أولئك السيئين من المتحركين في إطار القوى التكفيرية. الاتجاهات العامة والمعالم العامة محددة في القرآن، أعداء الأمة الذين يشكِّلون خطرًا على الأمة، وينبغي أن تنفصل الأمة عنهم ولا ترتبط بهم أبدًا في مواقفها، في ولاءاتها، في عداءاتها، في اتجاهاتها، في مسارها في الحياة؛ لأننا كأمة مسلمة مبادئنا، قيمنا، أخلاقنا، قرآننا هذا، قدواتنا… كل هذا يُبنى عليه استقلاليتنا كأمة إسلامية، استقلاليتنا، نفهم الاستقلال الثقافي، لا نعيش في هذه الحياة حالة تبعية، لا للشرق، ولا للغرب، تبعية عمياء، تبعية سياسية، تبعية ثقافية، تبعية نتطلع إلى الأمم الأخرى في شرق الأرض أو في غربها لنقلِّدهم في كل شيء، لنتَّبعهم في كل شيء: في نمط هذه الحياة، في سلوك هذه الحياة، في مواقف هذه الحياة، في اتجاهاتنا في هذه الحياة.
المنهج الإسلامي في قرآنه، في تعاليمه، في شرعه، في أحكامه، في أعلامه، في قدواته، هو يبني لهذه الأمة استقلالية ثقافية وفكرية وأخلاقية وعملية، ويحدد لها مشروعها الرئيسي في هذه الحياة، واهتماماتها في هذه الحياة، لتؤدي دورًا متميزًا وإيجابيًا من هذا الاتجاه المستقل في واقع الحياة، وتترك أثرًا إيجابيًا في واقع هذه الحياة، وتتحرك في أوساط البشرية بقيمها العظيمة، وليس بتبعية.
ولهذا نقول: إنَّ من أعظم الناس جناية على الأمة هم من يسعون في هذا الزمن إلى أن يجعلوا من أمتنا بكلها، بكل قدراتها، بكل مقدراتها، بكل ثرواتها، بموقعها، ببشرها، بإمكاناتها، بكل ما تختزنه من طاقة، مجرد أداة لأمريكا، مجرد مغنم لأمريكا، مجرد ساحة مفتوحة لأمريكا، تعبث فيها، وتتلعب فيها، وتتحرك فيها كما تشاء وتريد. فنصل إلى نقطتين مهمتين جدًّا في حديثنا:
الأول: أنَّ القرآن الكريم من خلال تحديده للصراط، للأعلام، للمعالم، للاتجاهات العامة، يغلق المجال على الأدعياء، وعلى النفوذ الأجنبي في الساحة الإسلامية، ويساعد على الاستقامة الثقافية والفكرية، والنظرة الصحيحة، والاتجاه الصحيح في الحركة في الحياة.
الثاني: أنَّ المنهج الإسلامي في قرآنه ومنهجه بشكلٍ عام يبني استقلالية تخلِّص الأمة من التبعية، لا تكون الأمة الإسلامية مجرد أمة تابعة، تابعة لمن؟ للمغضوب عليهم أو للضالين، تابعة لاتجاه من هذه الاتجاهات: إما لاتجاه الصهاينة، أو لاتجاه الضالين، التائهين على كل المستويات، ويمكن هذه الأمة من أن يكون لها دور إيجابي في الحياة، دور مصلح في واقع البشرية، دور تقدِّم به النموذج البشري بين المجتمعات البشرية، الذي يساعد على صلاح بقية البشرية، والإفادة في واقع بقية البشرية.
الله أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
اللعنة على اليهود
النصر للإسلام
السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي
المحاضرة الرمضانية الثانية عشرة: 14 رمضان 1439هـ 29 مايو 2018م
*نقلا عن : موقع أنصار الله