ا
لقرآن الكريم الذي هو نور الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى” والإسلام العظيم، هذا الدين الذي ننتمي إليه، ليس دين استحمار، يصنع أمةً من الحمير، لا تعي شيئاً ولا تدرك شيئاً ولا تتنبه لشيء، تعصف بها الأخطار، وتهجم عليها الأخطار، وتحيط بها التحديات، ثم لا تحمل ذرة من الوعي، لا عن تلك الأخطار والتحديات، ولا عن كيف تحمي نفسها في مواجهة تلك التحديات والأخطار، هذه حالة من (الحَمْيَرَة).
الإسلام دينٌ عظيم، والقرآن الكريم الذي هو الأساس لهذا الدين هو كله نور، نتيجته، ثمرته، فائدته أن يصنع أمة على درجة عالية من الوعي والفهم، الوعي عن الواقع، الوعي بأعدائها. القرآن الكريم مساحة كبيرة جدًّا منه تتحدث عن العدو، من هو العدو؟ ما هي خطورة هذا العدو؟ ما هي أساليب هذا العدو؟ ما هي وسائل هذا العدو؟ ما هي نقاط الضعف ونقاط القوة التي يمكن أن يشتغل عليها هذا العدو في جانبه أو في جانب الأمة؟ فأن تكون أمة تنتمي لهذا الدين ولهذا القرآن منعدمة الوعي عن هذا العدو وعن خطورته، وعن التحديات والأخطار التي تواجهها، منعدمة الوعي عن كل ذلك. معناه: أنها أمة بعيدة كل البعد عن الاستفادة من هذا الانتماء، وعن الانتفاع بهذا النور، معناه أنها اتخذت القرآن وراءها ظِهرِيَّاً.
ولذلك حرص السيد/ حسين بدر الدين الحوثي “رضوان الله عليه” في إطار المشروع القرآني أن يتحرك من خلال القرآن الكريم، وأتى فعلاً من خلال النص القرآني ليتحرك بهذا النص القرآني في الساحة الإسلامية، وينطلق وفق أفق هذا النص القرآني، هذا الأفق الواسع والرحب، لا مكبلاً بقيود مذهبية، ولا طائفية، ولا جغرافية، ولا سياسية؛ لأن المطلوب حركة تتجه في أوساط الأمة الإسلامية غير مكبَّلة؛ لأن الأمريكي أتى ليعمل في ساحتنا ولم يكبِّل نفسه، لم يكبِّل نفسه لا بالاعتبارات الجغرافية، ولا السياسية، ولا الدينية، ولا بأي عنوان يؤطِّر نفسه فيه، أتى ليكتسح الساحة بكلها، أتى ليقدم نفسه أنه المعني الأول في كل بلد، فهو- مثلاً- في اليمن يقدِّم نفسه على أنه المعني الأول بالشؤون اليمنية، المعني الأول بالشؤون السورية، المعني الأول بالشؤون الخليجية، المعني الأول بالشؤون في الشام، سواءً في سوريا، أو في فلسطين، أو في لبنان، أو في الأردن، المعني الأول بشؤون دول المغرب العربي، ساحتنا العربية، ساحتنا الإسلامية بشكلٍ عام أصبحت بالنسبة للأمريكي ساحة يقدِّم نفسه فيها بأنه المعني الأول بكل شؤونها، ويتدخل في كل الأمور، في الشؤون السياسية وكل التفاصيل، ولم يؤطِّر نفسه بأي أُطُر، وإذا لم يُواجَه هذا التحرك الواسع الذي أتى إلى الساحة بكلها، إذا لم يُواجَه بعنوان غير مكبَّل ولا مؤطَّر ولا مقيد، فهو يستفيد من هذه الحالة التي جزأ فيها الأمة، مستفيد أن يتحرك كل فريق، أو كل فئة داخل هذه الأمة- إذا تحركت- وهي تتحرك في مستوى إطار معين: إطارها الجغرافي، إطارها السياسي، واليمني غير معني بما هناك، غير معني لا بشأن الفلسطيني، ولا بشأن اللبناني، ولا بشأن السوري، ولا بشأن العراقي، ولا بشأن الخليجي، ولا بشأن المصري، ولا بشأن المغربي…إلخ. وكلٌ من أبناء هذه الأمة يعيش هذا الظرف، يرى نفسه غير معني بما يحصل هنا ويحدث هناك، هذا أمر قدَّم خدمة كبيرة للأمريكي، كان هذا هدفاً أساسياً يوم قام الغرب بتجزئة منطقتنا وتقسيمها، وحتى عمليات التقسيم المستمرة، وتحت عناوين متعددة، هي تهدف إلى ألَّا تتحرك هذه الأمة في إطارٍ واحد، وتحت عنوانٍ واحد، أن تبقى مجزأة ومبعثرة، وأن يستفرد بها العدو، فيستفرد بهؤلاء هنا وهؤلاء هناك، حتى يقضي على الجميع.
السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي
من خطاب ذكرى استشهاد الشهيد القائد 1439 هـ
*نقلا عن : موقع أنصار الله