ولو تأملنا لوجدنا أنه حتى أعداء الإسلام أنفسهم الذين يحاولون أن يقفلوا كل شيء بالنسبة للمسلمين ينطلقون في مجال ولا يدرون بأنهم يهيئوا أجواء عظيمة جداً للمؤمنين من خلال ما تحركوا فيه؛ لأن الله غالبٌ على أمره.
جاءوا بالديمقراطية لتكون بديلاً عن نُظُم الإسلام، وعن نظام الإسلام، ولنكون نحن المسلمين يمسح من ذهنيتنا أن هناك في الإسلام نظام، هناك ولاية أمر، هناك دولة، فيأتون بالديمقراطية، الديمقراطية نفسها ما الذي حصل؟ يُفرض داخلها حرية رأي، حرية التعبير، حرية الكلمة، حرية التحزب، حرية التجمع، حرية القول، أليس هذا هو ما يحصل؟ فكم أعطوا الناس من متنفس عظيم، أعطوا الناس.
من أين جاء هذا؟. هل نقول أنهم جاءوا بالديمقراطية رحمةً بنا؛ من أجل أن لا يكون هناك كَبْت ولا قهر؟ لا.. لهم أهداف أخرى وغايات أخرى، لكن الله يهيئ حتى من خلال ما يفرضونه هم، وهم يتجهون نحو طمس معالم الإسلام حتى يغيب عن الذهنية اتصاله بأي شأن من شؤون الحياة بما فيها شأن ولاية الأمر، فلا يدرون بأنهم يمنحون من حيث يشعرون أو لا يشعرون أن الله يهيئ من خلال ما أرادوا أن يفرضوه أن يكون هناك متنفساً لأوليائه، وما أكثر – لو تأمل الإنسان – ما أكثر الإنفراجات التي تأتي، ما أكثر الإنفراجات التي تحصل، لكن من لا يهيئ نفسه لأي عمل في سبيل الله تمر الأشياء ولا قيمة لها عنده، ولا يبالي.
{يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} (الحديد:6) هو من يدبر كل شيء، الليل والنهار هو الذي يدبره فيولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل، يتعاقبان ويتداخلان فينقص هذا حيناً ويطول هذا حيناً آخر، في حركةٍ مستمرة منظمة ومدبّرة بأمر الله سبحانه وتعالى، هذا مظهر من مظاهر ملكه، أن له ملك السموات والأرض هو خلقها ثم تحدث عن استوائه على العرش ليدبر شؤونها، ثم ها هو يتحدث كيف يدبر شؤونها، وكيف علاقته بها كملك للسماوات والأرض وما بينهن وما فيهن.
{وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} هذا الليل الذي يُجِنُّ هذا العالم، أو قطعة من هذه الأرض بظلامه، فيبدو أمام الأنظار وكأنه أصبح يمكن أن يخفي أشياء كثيرة عن الله، يقول: إنه {عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} تلك الصدور التي هي ظلمة في داخلها، تجويف الصدر في داخله مظلم، وداخله ماذا؟ داخله هواجس من النفس، أشياء داخل النفس، الله يعلم بذات الصدور نفسها، فلا يمكن لليل أن يخفي شيئاً من ما يحصل من عباده، ولا يخفي أي شيء من أشياء هذا العالم عنه.
من هذه الآية قوله تعالى: {يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ} مما نفهم منه بأن الليل والنهار موجودان مع بعض، ثم يحصل بينهما تداخل، فنشهد بأن الحركة حركة مستمرة الليل والنهار وبشكل دائري، كما اكتشف أخيراً وأصبحت الأشياء واضحة فعلاً، قد تتصل بشخص إلى منطقة أخرى في العالم فيكون الوقت عندك نهاراً وعنده ليل أو العكس. اتصل بأمريكا تجد الوقت هناك نهار ما يزال نهاراً وأنت في الليل.
فأولئك الذين كانوا يقولون أن الأرض هكذا تكوير لها تكوير معين، وأنها فوق قرن ثور وأشياء من هذه، هي خرافات، بينما في القرآن ما يرشد.. ما يرشد فعلاً أو ما يشير إلى أن الأرض بهذا الشكل الذي اكتشفت أخيراً وصورت من بُعْد، وأنها كروية الشكل أو بيضاوية الشكل، وأنها تتحرك بصورة مستمرة، ولها حركة حول نفسها، وحركة حول الشمس. فالليلُ والنهارُ في هذا العالم متعاقب على هذا النحو.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
معرفة الله – عظمة الله – الدرس السادس
ألقاها السيد/حسين بدرالدين الحوثي
بتاريخ: 23/1/2002م
اليمن – صعدة
*نقلا عن : موقع أنصار الله