محمد لواتي
طباعة الصفحة طباعة الصفحة
RSS Feed مقالات ضدّ العدوان
RSS Feed
محمد لواتي
حكام الخليج والأسر التاريخي!!

بحث

  
أمريكا بين حافات الانهيار.. وترامب على خُطى نيكسون
بقلم/ محمد لواتي
نشر منذ: 5 سنوات و 7 أشهر و 25 يوماً
الإثنين 03 سبتمبر-أيلول 2018 07:42 م



ترامب المُحال اليوم على القيل والقال بتهمة الخيانة والكذب وسوء التسيير دفع زعيمة الديمقراطيّين في مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي إلى القول وبصراحة غير معهودة “إن تصميم الجمهوريين في الكونغرس على التستّر على الرئيس وأتباعه المجرمين أمر غير واضح” ، وقال روبرت خوزامي، النائب العام ونائب المدّعي العام الأمريكي”هذه تهم خطيرة للغاية وتعكس نمطاً من الأكاذيب وخيانة الأمانة على مدى فترة زمنية مهمة” ،يعد ضرباً من التستّر على الحقيقة والوضع السيّئ الذي عليه أمريكا المُحاصَرة عالمياً.

هل يُدرك الرئيس الأسوأ في تاريخ رؤساء أمريكا السيّد دونالد ترامب إلى أين يسير ببلده وأين سوف يستقر بهما المطاف..؟ أم ” هي أسوأ ساعة من رئاسة ترامب بأكملها – لا، وربما في حياته بأكملها،” كما يقول نورمان أيسن، وقد تراكمت الاتهامات عليه من الداخل والخارج بل إنه اليوم أمام احتمال المُساءلة القانونية شبيهة بتلك التي أُعِدّت للرئيس نيكسون يقول سأل لأني ديفيس، محامي كوهين، “إذا كانت الدفوعات هذه جريمة لمايكل كوهين أفلا تكون جريمة لدونالد ترامب؟ ،” ثم هل بإمكانه محاربة العالم بالحصار الاقتصادي والحرب التجارية أم أن الأمر فيه من المُغالطات للتاريخ وللجغرافيا أكثر من مكانة التاجر السيّد ترامب الذي يتحايل على الواقع ببريق المجد الذي تنشئه ورشات البيع بالمزايدة..؟ أكيد تمّت أشياء تشبه النار الباقية تحت الرماد يحاول من خلالها إثبات الماضي في العالم في جغرافيا كلها تؤكّد المُتجدّد والمُتغيّر في آن.. وبالتأكيد لا الحصار يوقف هيجانها، والحصار الاقتصادي كما يصفه المقرّر الخاص للأمم المتحدة: إدريس الجزائري بـ:”البلطجة الاقتصادية”، ولا التلويح بالعصا الساخنة تضفي عليها شيئاً من البرودة.

في كوريا الشمالية اعتقد ترامب ومساعدوه بعد عودة بعض جثث جنود أمريكا الذين سقطوا في حرب الكوريتين، وزاد تألّقاً في غير محله بعد اللقاء بينه وبين كيم جونج أون ولم يكن يدرك أن خفايا التاريخ الذي يحكم سياسة أوين هي أشبه بالحنين للوقت الذي سوف ينهض فيه هذا التاريخ، وفعلاً صدّق ترامب خرافة اللقاء وصدّق أوين منه البداية لإعادة ما ضاع من ذلك الحنين.. لم يكن ترامب وفريقه العسكري والسياسي على حدس سياسي ولو بسيط لمعرفة ما هم فيه من أخطاء وما هم عليه من أوهام.

وزارة الخارجية الأمريكية اعتبرت الأسبوع الماضي أن المحادثات مع كوريا الشمالية “تسير في الاتجاه الصحيح”، متحدّثة عن اجتماعات مُغلَقة بين واشنطن وبيونج يانج . في حين تؤكّد في اليوم نفسه منظمة الطاقة الذرية أن كوريا الشمالية لا تزال تخصّب الأورانيوم وتنتج منه بالزيادة) الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تقرير لها أن كوريا الشمالية تواصل أنشطتها النووية رغم النوايا التي عبّر عنها زعيمها كيم جونغ أون.)، وقد قلت في مقال سابق أنه لا يمكن لكوريا الشمالية أن تتخلّى عن أسلحتها النووية مهما كانت الظروف والمساومات.. إنها تحمل عبء 70سنة في تاريخها من الاحتقار الأمريكي لها ولا يمكن نسيان ذلك ، لأن المِحَن لا تعلّم الإنسان كيف يصنع الحصانة لنفسه فقط بل تعلّمه أيضاً كيف يحمي تاريخه من التشويه لأنه أحد مرتكزات النهوض الحضاري والفكري.

ويتّفق معي كل السياسيين الذين هم على خلاف سياسي مع ترامب وخاصة الأمريكيين منهم .. أن الحصار على كوريا والذي قال عنه ترامب إنه سيجرّ كوريا إلى التخلّي عن سلاحها النووي، بالتأكيد لا يصنع المعجزة ولا يقتل العقل وإن كان يمسّ الرفاهية الاجتماعية لأي مجتمع مُحاصَر، والشاهد إيران، ربما ترامب هنا لا يؤمن بالسياسة أكثر مما يؤمن بالبزنس أو ثقافة المقاولات، والسياسة ليست دائماً مصالح بلا مقابل، وليست دائماً في جانب الهراوة الساخِنة التي يلوّح بها ترامب ضد العالم كله.!! أما بالنسبة لإيران والتي تؤكّد كل المصادر(إعلامية، استخباراتية، سياسية) أن وراءها إسرائيل وقد سقط ترامب في لعبتها سقوطاً مريراً حتى ظنّ الكل أنه الوكيل العسكري لها، وظنّت إسرائيل أن ترامب جاءت به الآلهة كي يعطيها مالاً يملك لما لا تملك أيضاً فأضحت إيران هدف تغريداته المُتتالية، ولكن هل يعرف ترامب تاريخ إيران الصلب في وجه الأعاصير ولقرونٍ وكأنها هي الإعصار الأقوى على مر العصور، وهل يعرف الجغرافية التي هي حامية هذا التاريخ..؟ بالتأكيد لا، وبالتالي فهو مثل ما قال الكواكبي”صيحة في واد ونفخة في رماد” لقد حوربت عقيدتها الشيعية لأكثر من خمسة عشر قرناً وفي النهاية تغلّبت وبَنَت دولتها القائمة على المذهب الإسلامي الشيعي، إيمانها الديني مرتبط بتاريخها ومتفاعل مع مبادئها من دون تراخ أو تململ من العواصف التي واجهتها لقرونٍ وآخرها عواصف الحصار،هي إذن ليست مثل السعودية ظاهرها الإسلام وباطنها عشق القصور وما يدور فيها،هي أيضاً حاملة لثقافة التجرّد لعالم ما بعد عالم المادة.

من هنا يمكن التأكيد أن حصارها وفي الظروف الحالية هو مجرّد لعبة وسط عالم مُتميّز بالصراعات الكبرى من أجل عالم مُتعدّد الأقطاب فضلاً عن السنَد القوي الصيني الروسي لها، ومواقف الصين وروسيا ثابتة، وآخرون من المؤيّدين لبقائها ضمن حلقة المواجه من أجل كسب المعركة، إذن على أمريكا وإسرائيل الاختفاء وراء الأحلام ولو لأشهر كي تعيدا نظامهما السياسي إلى الواجهة المفتوحة على التعدّدية القطبية، واجهة الأحداث أيضاً المؤثّرة في الواقع لا المُتعالية عليه. وإذ يبدو أن دونالد ترامب يسير في حقل ألغام حتى صار لا يفهم ما يفعل كل ما يحدث في واشنطن يمكن أن توصيفه بمقدمة انقلاب زاحف. على سبيل المثال، يعلن ترامب فجأة أنه مستعد “لإغلاق” الحكومة الفدرالية، أي منع أنشطتها.

قد يكون سبب ذلك هو عدم اعتماد ميزانية. ثم يطلب أموالاً إضافية لبناء جدار مع المكسيك، مجلس النواب يوافق على تخصيص خمسة مليارات دولار، بينما مجلس الشيوخ يوافق على مليار ونصف المليار فقط”هو في حلقة مُفرَغة وربما في حملة ابتزاز من الكونجرس لأنه بطل من ورق كما يصفه أحد الصحفيين الأمريكيين.. المشكلة في الساسة الأمريكيين مع ترامب ومن حوله أنهم لم يستطيعوا تقبّل الأمر الواقع سواء مع روسيا أو مع الصين..؟ يقول الرئيس بوتين في استرخاء وفي ردّ غير مباشر على ترامب نحن الأقوى عسكرياً ولدينا من أنواع الأسلحة ما ليس لديكم، وتقول الصين أيضاً نحن مثلكم اقتصادياً وقريباً نكون الأهم فيه عالمياً ودَيننا عليكم تجاوز 12ألف مليار دولار. وهي حقائق وليست كلاماً أجوف، وهم (الأمريكيون) يحاولون التشبّث بمفهوم الشرطي العالمي..؟ ألم تخسر أمريكا في مجلس الأمن عدّة مرات بسبب الفيتو الروسي الصيني.؟ ألم تتظاهر بالعداوة لدول عدّة وهي ترسل وفودها سراً لتلطيف الأجواء؟

يرى نعوم تشومسكي الكاتب والمفكّر والأكثر قراءة اليوم” أن حالة من الإحباط والقلق بشأن مخاطر الكوارث المُنتظرة فاقت آمال الناخبين الأميركيين خلال انتخابات العام 2016م مع صعود شعبوية دونالد ترامب إلى الرئاسة الأمريكية، وهذا يشير إلى حقيقة لا مجال للشك فيها هي أن المجتمع الأمريكي يتعرّض للانهيار..” ، وهذا خير شاهد على ما ينخر أميركا من الداخل.. لقد تشبّث ترامب في سوريا -بعد أن سقط موكلوه- بالخوذ البيضاء على أنهم ملائكة الرحمة فإذا هم – وأمام الرأي العام – أنهم مجرّد أوثان لمؤسّسات غربية لصناعة الجواسيس وكانت الفضيحة والتخلّي عنهم ظاهرياً وتهريبهم بطريقة هروب اللصوص، وحاول بحصاره لتركيا الشريك الاستراتيجي لأمريكا تخطّي مآسيه في سوريا والعراق وفي النهاية خسر الرهان هو وأردوغان.

إذن، ترامب المُحال اليوم على القيل والقال بتهمة الخيانة والكذب وسوء التسيير دفع زعيمة الديمقراطيّين في مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي إلى القول وبصراحة غير معهودة “إن تصميم الجمهوريين في الكونجرس على التستّر على الرئيس وأتباعه المجرمين أمر غير واضح” ، وقال روبرت خوزامي، النائب العام ونائب المدّعي العام الأمريكي”هذه تهم خطيرة للغاية وتعكس نمطاً من الأكاذيب وخيانة الأمانة على مدى فترة زمنية مهمة” ،يعد ضرباً من التستّر على الحقيقة والوضع السيّئ الذي عليه أمريكا المُحاصَرة عالمياً. صحيح أن الاقتصاد الأمريكي يمكن أن يتحمّل تلك الأخطاء ولكن ليس إلا لسنة أو سنتين لأن العالم يتفكّك إلى أقطاب جديدة هي الأقوى اقتصادياً وعسكرياً.

*رئيس تحرير يومية المُستقبل المغاربي
تعليقات:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
عودة إلى مقالات ضدّ العدوان
الأكثر قراءة منذ أسبوع
عبدالرحمن العابد
ضربة يمنية قوية للكيان
عبدالرحمن العابد
الأكثر قراءة منذ 3 أيام
مالك المداني
عقدة النقص!
مالك المداني
الأكثر قراءة منذ 24 ساعة
صفاء السلطان
الدورات الصيفية والقيادة القرآنية
صفاء السلطان
مقالات ضدّ العدوان
محمد صالح حاتم
الصماد لا يزال حياً
محمد صالح حاتم
عبدالفتاح علي البنوس
جريمة ضحيان والدجل والسفه السعودي
عبدالفتاح علي البنوس
محمد صالح حاتم
ما هي العلاقة بين مشاورات جنيف وتقرير الخبراء الأمميين وانهيار العملة ؟
محمد صالح حاتم
د.عبدالعزيز بن حبتور
ما هو مبعث انزعاج السعودية والإمارات من تقرير لجنة تقصي الحقائق الأممية لمجلس حقوق الإنسان؟
د.عبدالعزيز بن حبتور
عبدالفتاح علي البنوس
إيران شماعة العدوان
عبدالفتاح علي البنوس
محمد لواتي
حكام الخليج والأسر التاريخي!!
محمد لواتي
المزيد