في الـ31 من أُكتوبر 2023م، دخل اليمن رسميًّا معركة “طُوفان الأقصى” مع كيان الاحتلال “الإسرائيلي”، بصواريخه ومسيَّراته، على لسان قواته المسلحة، وتم الإعلان عن قصف مواقع في الأراضي المحتلّة بصواريخ بالستية وأُخرى مجنحة ومسيَّرات انتحارية، وهذا الأمر بقدر ما هو واجب حتمي عليها؛ كما رأته القيادة اليمنية، إلا أنهُ يُعد خطوة جريئة وشجاعة لم يسبق لها مثيل منذ 50 عاماً مضت، لا سِـيَّـما أنها جاءت رداً سريعاً على التهديد الأمريكي لصنعاء لمنعها من التدخل، فكانت أوامر قائد الثورة السيد عبد الملك الحوثي، حاسمة بأن اليمن جزء من المعركة وجزء من محور المقاومة، وأن غزة ليست وحدها هذه المرة، ولن تكون بعد الآن.
وعلى الرغم من التأكيد اليمني بأن الصواريخ والمسيَّرات اليمنية وصلت إلى أهداف عدة في عمق “إسرائيل”، إلا أن الجيش “الإسرائيلي” نشر مشاهد تظهر إسقاط القوات الجوية “الإسرائيلية” صاروخاً تم إطلاقه من اليمن، حَــدّ زعمه، لتأتي قناة “ريدوفكا” العبرية، المتخصصة بالتحليلات العسكرية، وتصل إلى استنتاج أنهُ “أول اشتباك عسكري في الفضاء وقع بين “إسرائيل” واليمن، بعد الاستناد إلى حقيقة أن نظام الدفاع الجوي “الإسرائيلي” “آرو-3” اعترض صاروخاً باليستياً في 31 أُكتوبر، على ارتفاع نحو 100 كيلو متر، “أي خارج الغلاف الجوي للأرض”، حَــدّ وصفها.
بالتالي فمشاركة اليمن عسكريًّا بهذا الشكل الأُسطوري ضمن مسار متسارع على جبهة قطاع غزة والجبهة الشمالية، واشتداد ضغط النازحين “الإسرائيليين” في جنوب فلسطين المحتلّة، وتحديداً في “إيلات”، أظهر قلقاً عميقاً داخل الكيان، وأصبح التساؤل المُلح، ما سيترتب من إشكالية “إسرائيلية” مستقبلية، تتلخص في أزمة الدفاعات الجوية بالتصدي الدائم للصواريخ اليمنية، التي جعلت الجنرال “علوف تومير بار” قائد القوات الجوية “الإسرائيلية”، في “كرياه”، بتل أبيب، يهرع إلى الملجأ، ويأمر حراسته بنقل جميع محتويات مكتبه إلى أماكن آمنة، ما عزز المخاوف في نفوس تابعيه.
تعليقاً على العملية أكّـد الخبراء الصهاينة، أن حقيقة وجود جبهة أُخرى مباشرة من جنوب “إسرائيل” “تزيد خطر إمْكَانية التغلب على الدفاعات الجوية “الإسرائيلية” والأمريكية الحديثة مجتمعة”، فاليمن اليوم يمتلك قوة ضاربة وصارمة لا يمكن تخيل مدى تأثيراتها الهائلة على مستقبل الكيان اللقيط وداعميه في الغرب الأمريكي، بعد أن استطاع أن يبتكر ويطور كُـلّ ما لديه من إمْكَانات عسكرية حربية، ومنها تطوير البرنامج الصاروخي العابر للقارات، ناهيك على أن اليمنيين “أيديهم خفيفة على الزناد”، بحسب خبرائهم.
في السياق ذاته، وبحسب تقارير إعلامية، فقد عكف المسؤولون “الإسرائيليون” بعد هذه العملية، على دراسة المتغير الطارئ ووصلت الاستنتاجات التي حدّدها العلماء، والتي أفادت، بالقول: إن “منطقة نهاية غلافنا الجوي وبداية الفضاء، ما يسمى خط “كارمان”، وهو منطقة تقريبية يتم تعريفها عادة على أنها 100 كيلو متر (62 ميلاً) فوق سطح الأرض، ومن الممكن لشيء ما أن يدور حول الأرض على ارتفاعات أقل من خط “كارمان”، لكن ذلك يتطلب سرعة مدارية عالية للغاية”.
ونقلت صحيفة “معاريف” العبرية، عن الرئيس التنفيذي لشركة الصناعات الجوية “الإسرائيلية” ورئيسها “بواز ليفي”، أن “نظام آرو”، الذي طورته شركة الصناعات الجوية “الإسرائيلية” بالتعاون مع وكالات الدفاع “الإسرائيلية” والأمريكية، أظهر اليوم أن “إسرائيل” تمتلك التكنولوجيا الأكثر تقدماً للحماية من الصواريخ الباليستية التي لها مدى مختلف، والذي يأتي ضمن رسائل التطمين للمستوطنين.
في المقابل، ذكرت وسائل إعلام في صنعاء مقربة من القوة الصاروخية اليمنية، أن الخبراء والمهندسين اليمنيين أكّـدوا بالقول: ليست “الأنظمة الدفاعية “الإسرائيلية” أَو الأمريكية، هي من أسقطت الصواريخ اليمنية، وإنما الأمر يعود إلى أن الصواريخ اليمنية عندما بدأت تخترق ارتفاعات أعلى من خط “كارمان”، وبدأت بالدوران تطلبت إلى زيادة سرعتها المدارية العالية للغاية، فكانت أشبه بالنيازك المتساقطة والملتهبة، فكان من الصعب الحفاظ على فاعلية الموجه الخاص بالتمويه؛ بسَببِ الاحتكاك الكبير”، وأضافت، “لكن بعد الآن لا شيء يمنع وصولها مستقبلاً”.
وفيما عبرت مراكز الأبحاث العالمية، عن دهشتها، وأوضحت “وهكذا أصبح هذا الحدث أول صراع قتالي حقيقي مسجل للبشرية في الفضاء.. ولحسن الحظ، لم تكن هناك إصابات أَو دمار في هذا الاشتباك”، يبقى هُنا التأكيد على أن الساحة اليمنية ترجمت، ترابط محور المقاومة، بتشكيلاته الإقليمية، عسكريًّا في المقام الأول، بعد ترافق الدعم وتناغمه سياسيًّا وإعلامياً واجتماعياً وأمنيًّا، في إطار تبادل المعطيات وتقدير الموقف والتعاون والتنسيق والترابط والتكامل ضمن غرفة العمليات المشتركة المعنيّة بصلب وجوهر صراعها مع “إسرائيل”، على الرغم من بعدها الجغرافي الشاسع عن فلسطين المحتلّة.
لقد سُجّل لليمنيين سجلاً تاريخيًّا استثنائيًّا سيظل منحوتاً في ذاكرة الأجيال، مؤكّـداً على أنه ورغم سنوات الحرب والعدوان والدمار الشامل الذي لحق باليمن الأرض والإنسان، وبُعد المسافات لم يخذلوا فلسطين، وقضية فلسطين ومظلومية الشعب الفلسطيني، فكانت أول دولة عربية تعلن الحرب رسميًّا على الكيان المؤقت، ضمن معركة “طُوفان الأقصى”.