جولة المشاورات الأخيرة التي انعقدت جلساتها في العاصمة السويدية ستوكهولم بشأن العدوان على اليمن والتي حظيت باهتمام دولي واممي، كان هناك تفاؤل بأن هذه المشاورات سوف تخرج بحلول منصفة وتضع حداً للعدوان على اليمن ولكنها للأسف الشديد كانت مخيبة للآمال لأنها لم تصل إلى نتائج ملموسة على الواقع حيث أن ما تم التشاور عليه ركز بشكل أساسي على الجانب الإنساني فقط وبشكل جزئي ولم يدخل مرحلة التنفيذ بعد لأنه كان ولا يزال عبارة عن كلام اجوف وحبر على ورق وتصريحات إعلامية
لا يمكن تسمية ما حصل في السويد أنه اتفاق بما تعنيه كلمة الاتفاق لأنه يفتقر الى الضمانات التي تضمن تحقيقه على الواقع والمبعوث الأممي عندما سُئل عن دور الأمم المتحدة هل ستمثل دور الضمين لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه كان جوابه ان الأمم المتحدة ليست سوى وسيط وهذا يعني ان ما تم الاتفاق عليه يفتقر الى الضمانات التي من شأنها التنفيذ العملي الميداني ولهذا يبقى تنفيذ ما تم الاتفاق عليه مرهونا بصدق وجدية الطرف الأخر الذي هو العدوان
ولو نأتي للتدقيق والتأمل في اتفاق السويد سنجد انه تضمن ثلاثة بنود فقط تتمثل في التهدئة في الحديدة وانسحاب الطرفين بينما تمارس الأمم المتحدة دور المراقب لسير علميات الانسحاب وايضاً الإشراف على الموانئ وهذا بحد ذاته يعتبر مغامرة غير مضمونة النتائج لولا اننا نملك قيادة حكيمه ولدينا ثقة كبيرة بالله .. البند الثاني تعز ووقف العمليات العسكرية هناك وفتح الطرق لتوفير المساعدات وكأنه لا يوجد متضرر في اليمن سوى تعز على الرغم من أن هناك محافظات أخرى تعاني أشد من تعز ولكن لا بأس تعز في النهاية يمنية وتستحق السلام ولكن الحلول الجزئية التي تفتقر إلى الضمانات لن تحقق السلام والبند الثالث من الاتفاق وهو الأهم في مشاورات السويد، الذي يتضمن ملف الأسرى القائم على معادلة الكل مقابل الكل وقد لاحظنا كيف أن العدوان ومرتزقته تهربوا من هذا الاتفاق وسعوا إلى عرقلته لأنهم لا يملكون أي كشوفات ولا أسماء كاملة ثم هروبهم من إحدى الجلسات وبعد ذلك تم التوافق على أساس أن يكون مزمّناً بفترة زمنية محددة نهايتها أربعون يوماً ومع ذلك من يضمن لنا تحقيق هذا الاتفاق أن يتم بسلاسة وبدون أي عراقيل رغم أنه ملف شائك بالنسبة للعدو الذي لا يملك جدية ولا مصداقية ولهذا نحن في انتظار المجهول على امل ان يتحقق ما نطمح اليه
ومن خلال الواقع اليوم بعد الاتفاق نجد انه لم يتغير شيء إلى حد الأن فالعدوان مستمر والغارات مستمرة والحصار مستمر والجرائم لا تتوقف سواء في الحديدة أو في غيرها والتصعيد العسكري في البيضاء والجبهات الحدودية ولحج والجوف ومارب وغيرها لا يزال مستمراً وبوتيرة عالية وكذلك الحال بالنسبة للملفات التي تم التشاور عليها في السويد والتوافق على بعضها إلاّ أنها لاتزال في حكم الأماني وفي نفس الوقت في الجانب الاقتصادي والجانب الإنساني للشعب اليمني بشكل عام بالنسبة للموانئ والمطارات لا تزال مغلقة وهذا يعني أن اتفاق السويد لم ير النور وانه لايزال مسجوناً في زنزانة المجتمع الدولي وفي مقدمتها دول العدوان بقيادة أمريكا.
بالنسبة لنا كشعب يمني كان رهاننا على الله منذ البداية ولم نعول يوماً لا على الأمم المتحدة ولا على مجلس الأمن ولا على مصداقية دول العدوان المنعدمة ولا يزال رهاننا على الله وسيبقى لأنه الضمانة الوحيدة لتحقيق النصر والوصول إلى السلام لكن في المقابل هناك ما ينبغي علينا القيام به وهو لكي نصنع النصر ونصل الى السلام الحقيقي فإن من أهم ما يجب علينا في هذه المرحلة هو الاستمرار في التصدي للعدوان وان تكون هذه المرحلة بالنسبة لنا مرحلة مفصلية وهامة وحساسة ولأنها كذلك علينا أن نستشعر الخطر ونعمل بكل ما نستطيع في رفد الجبهات بالرجال والمال والاستمرار في الصمود والتوكل على الله والاعتماد عليه وهذا ما سيضمن تحقيق اتفاق السويد في الواقع ويضمن نجاح أي مشاورات قادمة إن شاء الله.