يموت العربي معتقداً أنه أقل شأنا من نظيره الأجنبي، أقل ذكاء، أقل علما، أقل دراية...!
ليته يكتفي بهذا فقط؛ لكنه يورث هذه الثقافة لأبنائه، الذين بدورهم يورثونها لأبنائهم، ليورثوها لأبنائهم... ضمن حلقة متواصلة من الإرث الثقيل الغبي والزائف والمرهق!
أخرجْ للشارع، أوقف أحد المارة، أخبره أن المؤسسة العسكرية اليمنية صنعت صاروخا بمدى 3 آلاف أو 4 آلاف كيلومتر... ستعرض نفسك للسخرية، هذا بديهي!
حتى أنت ستسخر من نفسك: هل تمازحني؟! هل تعاني من الحمى؟! أنت على ما يرام؟! نعم؟! لمَ تهلوس إذن؟!
يمتاز العرب بالكرم والسذاجة والشعور بالنقص من أنفسهم! هذا إرثنا العظيم، عاداتنا، تراثنا الذي نأبي التخلي عنه!
أخبر المارة الساخرين أن لدى الولايات المتحدة صنعت المئات من المركبات الفضائية التي بوسعها قطع آلاف السنين الضوئية! أخبرهم أنهم بدؤوا مشروع استيطان المريخ! أخبرهم أننا سنقضي إجازة الصيف القادمة في أورانوس، وربما نمر على أحد أقمار المشتري كذلك!
شاهد الانبهار في أعينهم الغائرة وردودهم السمجة: هذا مذهل يا رجل! أنظر ما الذي حققه الغرب! العلم شيء رائع!
سيقضون ساعات طويلة يسردون لك التقدم العلمي الأمريكي ومنجزاته، وترهاته... سواء كانت حقيقية أم من ضرب الخيال!! وسيأخذونها على محمل الجد والتصديق!
هكذا نحن، وهكذا نشأنا وتعلمنا وتثقفنا، مجرد طفيليات على العالم، أصحاب عقول بدائية، أصغر من تلك التي يمتلكها جوني ومايكل!
هذا مثال كبير، قيسوا عليه البقية، من أصغر الأشياء إلى أكبرها!
كم منا يعتقد أن القمح الأسترالي أكثر جودة من بديله العربي إن وجد؟! كم منا يفضل الأقمشة التركية والإيطالية على السورية أو المصرية؟! كم منا يعتقد أن رومل أكثر حنكة من قيادات حماس العسكرية التي نعرفها؟! كم منا...؟! وكم منا...؟! وكم منا...؟!
لا أسعى لإثبات أو نفي أي حقائق هنا، ولست بصدد مقارنة هذا بذاك، فالموضوع لا يهم، ليس لب الحديث!!
ما يهم هنا هو كم منا يعيش حالة الاستنقاص ويفضل الأشياء والأشخاص والأفكار والثقافات والعادات فقط لأنها من الخارج؟!
هل هذا صائب؟!
لا أظن ذلك!
ما أظنه... لا، بل ما أؤمن به فعلاً أن إرثاً كهذا لا ينبغي أن يحمله أبناؤنا من بعدنا!
* نقلا عن : لا ميديا