عبدالرحمن مراد
طباعة الصفحة طباعة الصفحة
RSS Feed مقالات ضدّ العدوان
RSS Feed
عبدالرحمن مراد
التحكم في مقاليد الثورة والمستقبل
البنية الثقافية اليمنية.. “رؤية تحليلية”
عالم اليوم من منظور عقلاني
حواراتُ السلام في المنطقة
ملامح المرحلة وطبيعة المعركة
معيارُ القوة في الوجود الإسرائيلي
عن العدو وتفكيك خطابه
مبدأ الخيانة في معيار التاريخ
المعرفة القوة الحقيقية في المستقبل
معادلةُ البنك بالبنك والمطار بالمطار

بحث

  
الحكمة في التعامل مع المرحلة
بقلم/ عبدالرحمن مراد
نشر منذ: 5 أشهر و 3 أيام
الجمعة 21 يونيو-حزيران 2024 07:59 م


نحن اليوم في مفترق طرق علينا أن ندرك أبعادها والأهم من إدراك الأبعاد فهم حساسية الوضع والتصرف تجاه هذه الحساسية بصبر وحكمة، والمطلوب من بعض الذين ينشطون في التواصل الاجتماعي من الذين يتقلدون مناصب مهمة في الصف الأول، أن يعوا حساسية المرحلة وأن لا يأخذهم الزهو إلى مربعات يسعى العدو للوصول إليها منذ عشر سنوات من العدوان، فالركون إلى دعة الهدوء ليس من الحكمة.

اليمن يمر بمرحلة هي من أخطر المراحل في تاريخه القديم والحديث، فالدولة مهددة بالتشظي والانقسام, ويقظة الهويات المحلية والوطنية والقومية التاريخية بدأت تبرز على سطح المشهد السياسي والثقافي، وبدأت بعض الجماعات تعيد ترتيب نفسها خوف عوامل الفناء ومفردات القوة والاستهداف أن تصيبها، وفي مقابل ذلك لا نجد نشاطا حكوميا يعمل على ترميم المتصدع في الوجدان الجمعي، فالأداء الحكومي في التفاعلات اليومية، وفي النشاط العام كاد أن يكون عدما وباعثا على العدم، وعلى الشعور به، والممارسات الخاطئة للكثير من الوزراء تبعث كوامن الغضب الشعبي وتعزز من الشعور بفقدان القيمة، ويبدو أن الأداء الإعلامي وغياب النشاط الثقافي قد ساهم في حالة النكوص بالقدر الأوفر، إذ ظل دورهما مفقودا – ودورهما من أساسيات الحالة السياسية في كل مؤسسات الحكم في العالم – ولذلك نرى العالم من حولنا يولي الشريحة الإعلامية والثقافية الاهتمام الأكبر, فهو يقترب منها ويبدد السُحب التي تحجب الرؤية عنها، ويحاورها أملا في تصحيح التصورات المسبقة لكل طرف عن الآخر، ويعمل جاهدا على توفير متطلبات الاستقرار النفسي والاجتماعي والاقتصادي حتى ينعكس ذلك الاستقرار على الحالة الأمنية والاجتماعية والسياسية، وبالتالي على التنمية الوطنية المستدامة، وفي المقابل فإن التقليل من شأن وقيمة الشريحة الثقافية والإعلامية ومحاولة إقصائها من تفاصيل المشهد لن يكون بالضرورة إجراء واعيا، فالتبعيد لقادة الرأي وصناعه ضرر نتائجه كارثية على الوطن، وعلى أمنه واستقراره – وحديثي هنا عن المثقف وفق مفهومه الشامل بما في ذلك المثقف الديني – فالتعدد في الرؤية والمنطلقات أصبح واقعا لا يمكن القفز على حقائقه الموضوعية، والتعامل مع مثل ذلك التعدد لن يتحقق إلا بالاعتراف بوجوده، وبالتوافق على قيم ومبادئ الالتقاء، ومن خلال ترشيد الخطاب وتشذيبه من نوازعه الذاتية، فالآخر المختلف معك موجود، ووجوده يضاهي وجودك، وموقفه من القضايا العامة يجب أن يحترم ويتم تقبله، مثلما تريد منه أن يحترم موقفك ويتقبله، وعند هذه النقطة المحورية تبرز المهارات السياسية التي تستخدم الممكنات الذهنية والثقافية والسياسية في تحقيق المكاسب السياسية لهذه الجماعة أو الحزب، فالعداوات لن تخلق إلا عداوات مثلها والدم لا يجر وراءه إلا دما مثله، والاشتغال على قيم السلام الاجتماعي والتماسك الوطني يتطلب مهارات ذهنية وثقافية وقواعد منطق سليم.
لذلك فالفرق التي تشتغل على حالات الانقسام الاجتماعي، وتحاول تعميق ثقافة الثأر والعداوات على أسس مذهبية وطائفية تشكل خطرا على مستقبل اليمن، ويصبح تدخل الدولة بكل إمكانياتها المادية والمعنوية في هذه الحالة ضرورة ملحة على أسس التعدد وقبول الآخر والتعايش والسلام وتهذيب الخطاب، كما أن المؤسسة الإعلامية الرسمية والمؤسسة الثقافية بالتوازي مطالبتان بالقيام بدورهما من حيث إشباع حاجات الفرد وتكثيف تجاربه، فالوعاء الذي يشكو الفراغ هو يشتهي الامتلاء وحين يملأ بقيم الخير والحب والسلام والحق تكون ثمرته اليمن السعيد الذي يستعيد بُعده الحضاري ومجده التاريخي، وحين نتركه لفراغه فرغبة الامتلاء تجعله يبحث عن كينونته، ونحن نشهد أنه لا يجدها إلا في العبوات المتفجرة والأحزمة الناسفة، لذلك فالتركيز على بناء الإنسان بناء سليما يجب أن يكون من أولويات المرحلة، وتفعيل دور الأدوات في البناء الإنساني يجب أن يأخذ حظه من الاهتمام والتركيز والعناية، وإذا كنا نردد في خطاباتنا أن الإنسان هو هدف التنمية ومحورها فمثل ذلك التوجه يقتضي التركيز وبشكل محوري على أساسيات البناء وأدواته وتحسين جودة الأداء وإطلاق العنان لخاصيتي الإبداع والابتكار.
ما يجب أن ندركه في هذا المخاض العسير – الذي تمر به اليمن – أن الذات تشعر بفراغ وبفقدان حلقات مهمة في سلسلة التراكم التاريخي والامتداد الحضاري وترميم المتصدع، وإعادة الحلقات المفقودة إلى سياقها الحقيقي يتطلب جهدا مضاعفا فالذات التي تشعر بالفراغ الحضاري والفراغ التاريخي لا يمكنها التفاعل مع اللحظة الحضارية الجديدة لأنها تشعر بفقدان القيمة وتشعر بالاغتراب الحضاري والاغتراب التاريخي وبالتالي الاغتراب عن اللحظة الجديدة.
ومن هنا يمكننا القول باطمئنان لا نبالغ فيه، أن الاهتمام بالإنسان وصناعته وإعداده لمتطلبات المرحلة الحضارية الجديدة هو الرهان الأمثل الذي من خلاله نتجاوز عثراتنا التاريخية وعثراتنا الحضارية مع التأكيد على خياري التعدد والحوار فهما الوسيلة التدافعية التي من خلالها نضمن الاستقرار والسيادة على كامل التراب الوطني دون قدرة العدو على النفاذ من الفراغات التي نفذ منها في زمن عدوانه.
نحن مطالبون اليوم بقراءة الواقع قراءة فاحصة وواعية لكل الأبعاد وببصيرة الحكماء لا بوعي الانفعال، وخلفنا الكثير من التجارب إن أردنا صلاحاً.

*نقلا عن :الثورة نت

تعليقات:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
عودة إلى مقالات ضدّ العدوان
مقالات ضدّ العدوان
محمد محسن الجوهري
هل تنجح أبوظبي في حماية مستقبلها وإحباط رؤية 2030؟
محمد محسن الجوهري
يحيى المحطوري
فبأي حديث بعده يؤمنون ؟!
يحيى المحطوري
علي جاحز
صرنا بصدد تغيير واقع المنطقة.. ولن نستجدي الاستقلال..
علي جاحز
عبدالعزيز أبو طالب
ضحايا الحج بسبب إهمال وتقصير النظام السعودي
عبدالعزيز أبو طالب
طاهر محمد الجنيد
المقاومة والجهاد والأمم المتحدة
طاهر محمد الجنيد
حسن نافعة
الحرب الحالية على غزة ليست حدثاً عابراً في حياة الأمة
حسن نافعة
المزيد