صوّت "الكنيست" "الإسرائيلي" بالأغلبية على قرار يمنع إقامة دولة فلسطينية، وحصل القرار على تأييد 68 نائبًا "إسرائيليًا"، وعارضه 9 نواب من أصل 120 نائبًا. وإلى جانب حزب "الليكود" الذي يتزعمه نتنياهو جاء القرار بمبادرة من أحزاب يمينية مشاركة بالحكومة وأخرى معارضة، وهي "شاس" و"الصهيونية الدينية" و"القوّة اليهودية" و"يهودية التوراة"، وهي الأحزاب المشكلة للحكومة إضافة إلى "إسرائيل بيتنا" و"اليمين الرسمي" المعارضين، وكذلك حظي أيضًا بدعم حزب "الوحدة الوطنية" الذي يقوده الوزير السابق في حكومة الحرب بيني غانتس.
مضمون القرار "الإسرائيلي"
جاء في نص القرار أن "الكنيست" يعارض بشدة إقامة دولة فلسطينية غرب الأردن، وأضاف: "إن إقامة دولة فلسطينية في قلب "أرض إسرائيل" سيشكّل خطرًا وجوديًّا على "دولة إسرائيل" و"مواطنيها"، وسيؤدي إلى إدامة الصراع "الإسرائيلي" الفلسطيني وزعزعة استقرار المنطقة. وزعم القرار أنه لن يستغرق الأمر سوى وقت قصير حتّى تستولي حماس على الدولة الفلسطينية وتحولها إلى قاعدة لما سماه "الإرهاب الإسلامي المتطرّف"، الذي يعمل بالتنسيق مع المحور الذي تقوده إيران للقضاء على دولة "إسرائيل".
وتابع القرار: "إن الترويج لفكرة الدولة الفلسطينية في هذا الوقت سيكون بمثابة مكافأة" للإرهاب"، ولن يؤدي إلا إلى تشجيع حماس ومؤيديها الذين سيعتبرون ذلك انتصارًا بفضل "مجزرة" السابع من أكتوبر 2023 ونقطة البداية لاستيلاء "الإسلام الجهادي" على الشرق الأوسط".
توقيت وخلفيات القرار "الإسرائيلي"
أولًا: جاء القرار بعد نحو 10 أشهر من عملية طوفان الأقصى، وحرب الإبادة الجماعية والتجويع والحصار التي تشنها "إسرائيل" على قطاع غزّة، وفشل كلّ مبادرات وطروحات الحل السياسي والمفاوضات نتيجة رفض حكومة نتنياهو لأية صفقة وإصرارها على استمرار الحرب على غزّة نتيجة عجزها عن تحقيق أي انتصار حتّى لو كان شكليًا.
ثانيًا: جاء القرار قبيل أسبوع من زيارة رئيس الحكومة "الإسرائيلية" بنيامين نتنياهو إلى واشنطن لإلقاء خطاب أمام الكونغرس بدعوة من نواب جمهوريين، حيث يسعى الجمهوريون لاستخدام ذلك كورقة ضغط على إدارة بايدن وعلى خصومهم الديمقراطيين بهدف تحقيق مكاسب سياسية وانتخابية في ظل التنافس المحتدم حول الانتخابات الرئاسية.
ثالثًا: أيضًا سيلتقي نتنياهو في واشنطن مع الرئيس الأميركي جو بايدن في البيت الأبيض، وبعد فشل الأخير في محاولاته المتكرّرة طوال أشهر للضغط على نتنياهو للقبول بحل الدولتين ووقف إطلاق النار، فإن نتنياهو سيلتقي بايدن متسلحًا بقرار "الكنيست" مما سيضطر بايدن وإدارته للرضوخ لنتنياهو خاصة في ظل التخبط الذي يعيشه الحزب الديمقراطي وتراجعه أمام الحزب الجمهوري ومرشحه ترامب الذي يكتسح نتائج استطلاعات الرأي، وعليه فإن نتنياهو يراهن على ملاءمة الوقت واقتناص الفرصة للضغط على إدارة بايدن للحصول على مزيد من الدعم في ظل الضعف الذي تعانية وعدم رغبتها ورغبة الحزب الديمقراطي بمعاكسة السياسات "الإسرائيلية" في هذه المرحلة الحرجة من السباق الرئاسي.
رابعًا: جاء القرار بعد موجة دولية من الاعترافات بالدولة الفلسطينية التي صدرت عن العديد من دول العالم، حيث اعترفت خمس دول أوروبية هي النرويج وايرلندا واسبانيا وسولوفينيا وأرمينيا بالدولة الفلسطينية في الأسابيع الأخيرة. بينما صدرت مواقف من دول أخرى بعيد فوز أحزاب اليسار فيها بالانتخابات تعبر عن رغبتها أيضًا بالاعتراف بالدولة الفلسطينية وهي بريطانيا وفرنسا، وهو ما أثار غضب الكيان "الإسرائيلي" الذي أراد قطع الطريق على تلك المواقف والقرارات. وسبق للكنيست أن صادق في شباط/فبراير الماضي بأغلبية كبيرة على إعلان عارض بموجبه الاعتراف الدولي الأحادي الجانب بالدولة الفلسطينية.
خامسًا: جاء القرار ليؤكد الموقف "الإسرائيلي" الرافض للشروط السعودية المعلنة حول التطبيع مع الكيان "الإسرائيلي" والتي من ضمنها وفقًا لما جرى تسريبه ما يتمثل بالدعوة إلى حل يتضمن إنشاء دولة فلسطينية وفق أجندة زمنية محدّدة.
استنتاجات:
- يؤكد القرار على الصعيد الداخلي "الإسرائيلي"، أن "إسرائيل" لا تريد سلامًا حقيقيًا في الشرق الأوسط، وتسعى لإنشاء كيان فصل عنصري، وأنها ترمي بالنهاية إلى طرد الفلسطينيين من الضفّة الغربية.
- أن حكومة نتنياهو تستبق وصول ترامب إلى البيت الأبيض عبر هذا القرار. والمعلوم أن ترامب سبق أن طرح ما يعرف بصفقة القرن التي جرى إسقاطها من قبل المقاومة، وعلى ما يبدو فإن نتنياهو يستعد لإعادة إحيائها عبر عودة ترامب مجددًا.
- أن نتنياهو لا يريد وقفًا لإطلاق النار، ويرى أن الحرب يجب أن تستمر طالما أنه يمتلك من القوّة العسكرية المدعومة أميركيًا ما يمكنه من الاستمرار في القتل والتهجير.
- أن الضفّة الغربية مرشحة للتصعيد، ولتكون ساحة مواجهة عسكرية بين المقاومة والكيان الإسرائيلي.
أخيرًا؛ إن قرار "الكنيست" "الإسرائيلي" جاء ليؤكد صوابية النهج المقاوم وخيار المقاومة، وأنه الخيار الوحيد القادر على الوقوف بوجه المخطّطات "الإسرائيلية" وإسقاطها وصولًا إلى زوال هذا الكيان الغاصب والمجرم، وأنه يتوجب على الشارع الفلسطيني والعربي والإسلامي الالتفاف حول خيار المقاومة بعيدًا عن التطبيع المذل والخادع الذي ابتليت به وسوقت له أنظمة التطبيع العربية التي تدور في الفلك الأميركي.
* نقلا عن :موقع العهد الإخباري