في مطلع العام 2011م خرجت المظاهرات في بعض البلدان العربية احتجاجا على سوء الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية تحت مسمى ثورات الربيع العربي، كان الشعب في مملكة بني سعود في طليعة المحتجين مع إخوانهم العرب، فهم يرون انهم أحق بقيام الثورة من غيرهم لأن الظلم والقهر والسفاد والبطالة ومشاكل الإسكان وتكميم الأفواه كل هذا وغيره من انتهاكات لحقوق الإنسان تُنفذ بأبشع صورة في بلد عائم على بحيرة من النفط، أسرتان (آل سعود وآل الشيخ) تنعم بالخيرات والثروات، مستأثرتان بالمال والسلطة، بينما بقية الملايين من أبناء شبه الجزيرة العربية يعيشون في فقر مدقع وانتهاكات مستمرة.
سوء الأوضاع المعيشية، وانتهاكات حقوق الإنسان التي تمارسها السلطات السياسية والإيدلوجية الوهابية بحق المواطنين في مملكة بني سعود وخصوصا في المحافظات الشرقية من أبناء الطائفة الشيعية أدت لخروجهم الى الساحات والميادين ليطالبوا بإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية، بأن يُعاملوا كمواطنين لهم مالهم وعليهم ما عليهم، لكن النظام السعودي الذي كان يدعم الثورات حيناً والانقلابات حيناً آخر لا يريد لأي مظهر من مظاهر الاحتجاجات حتى ولو كانت سلمية ان تبرز في السعودية فقامت السلطات السعودية بحملة اعتقالات واسعة شملت أطفال وشباب ومشايخ ورجال أعمال وجميعهم متظاهرين سلمياً.
هناك الآلاف في سجون النظام السعودي من الأحرار الشرفاء الذين رفضوا الظلم وعبروا عن رأيهم ومطالبتهم بحقوقهم بكل شجاعة فكان نصيبهم ان قبعوا خلف القضبان لسنوات عدة يتعرضون فيها لأقسى أنواع التعذيب في ظل صمت إقليمي ودولي فقط لأن المجرم هو النظام السعودي المتخم بالمال والثروة ويستطيع بأمواله ان يشتري صمت المنظمات الحقوقية الدولية وهيئات الأمم المتحدة.
في الثالث والعشرين من ابريل 2019 أعلنت وزارة الداخلية السعودية، تنفيذ حكم القتل تعزيرا وإقامة حد الحرابة بحق 37 شخصاً من الجنسية السعودية بعد إدانتهم بالإرهاب.
وبعد ان قام النظام السعودي بارتكاب هذه المجزرة الشنيعة والمخالفة للشرائع السماوية والقوانين الوضعية استمر في إجرامه ووحشيته من خلال التمثيل بجثامين الشهداء وصلبهم وتغييب جثثهم عن أهالي الضحايا، فأصبح المعتقلون أسرى أحياء وشهداء كما يفعل الكيان الصهيوني بحق شهداء فلسطين المحتلة.
مصطلح الإرهاب أصبح مطاطياً بالنسبة للنظام السعودي يلقي بهذه الكلمة على كل من يطالب بحقوقه ورفع الظلم عنه، حيث وان النظام السعودي اليوم لا يقبل حتى بالكلمة عبر منصات التواصل الاجتماعي، فكل كلمة تنادي بالحرية ونيل الحقوق والوقوف مع قضايا الأمة العربية والإسلامية يعتبرها النظام السعودي كلمة إرهابية تهدد الأمن القومي السعودي يستوجب عليها حكم الإعدام.
“لا قيمة للإنسان في السعودية تزيد رسوخاً في أرض الواقع، في ظل استخدام النظام قانون مكافحة جرائم الإرهاب واسع النطاق الذي يحتوي قيوداً على الحريات الإنسانية الأساسية، ويتضمن عبارات فضفاضة وغير محددة بصورة دقيقة، مما يفقدها الصفة القانونية التي تستلزم أن تكون المواد دقيقة ومحددة ولا تمس حقوق الإنسان”، كما تقول منظمة القسط.
ومثلما لا قيمة للإنسان في السعودية كذلك الحال هو في اليمن بنظر النظام السعودي (الاداة الأمريكية الصهيونية) فقد أزهق النظام السعودي الإرهابي أرواح أكثر من 250 ألفاً بحسب الأمم المتحدة، وهذا رقم يبرز فظاعة المشهد المأساوي للعدوان المتواصل على اليمن منذ خمس سنوات على التوالي.
المتابع اليوم للشأن الداخلي السعودي، يجد ان الأصوات بدأت تعلوا من الداخل السعودي ولو عبر استخدام حسابات وهمية خوفاً على حياتهم، بالإضافة للحقوقيين والحقوقيات من أبناء الوطن من هم خارج حدود المملكة السعودية، فقد تحدثوا عن الكثير من الانتهاكات التي يتعرض لها المواطن السعودي منها: “التعذيب البدني والنفسي التي تتم فيها كالإهمال الطبي والعزل الانفرادي والتضييق والحرمان الممنهج من النوم لفترات طويلة، والحبس في الزنازين الضيقة، والحرمان من الطعام والتغذية السليمة لإبقائه حياً للاستمرار في تعذيبه، والضرب المبرح والوحشي المفضي إلى الموت أو المفضي إلى عاهات، والصعق الكهربائي وإطفاء أعقاب السجائر على الجسد، وانتزاع الاعترافات تحت التعذيب، والحط من الكرامة، والتعرية من الملابس، وسكب الماء البارد، والتعليق من اليدين والقدمين، وحبس معتقلي الرأي مع القتلة ومدمني المخدرات، وعدم السماح بقضاء الحاجة في بعض الأوقات، والحرمان من مقابلة المحامين، والحرمان من توكيل المحامين، والحرمان كذلك من لقاء أسر المعتقلين لفترات طويلة ومنع التواصل بهم، واعتقال الأقارب، والتهديد باعتقال المحارم واغتصابهن، والعبث بالأعضاء التناسلية للمعتقلين، وجمعهم في مكان واحد عرايا.”
في ظل كل هذا نجد المجتمع الدولي صامتاً أمام كل هذه الجرائم ضد الإنسانية، في ذات الوقت نجد هذا العالم المنافق يختلق قصصاً وروايات كاذبة إذا تعلق الأمر بالنظام السوري او بجماعة أنصار الله او غيرهم من محور المقاومة الرافض للتطبيع مع الكيان الصهيوني والمشروع الأمريكي الرأسمالي المتوحش.
بحسب الاحصائيات فإن من تم اعدامهم في السعودية منذ مطلع العام الحالي 2019 تجاوز الـ120 شخصا معظمهم من أبناء الطائفة الشيعية، إضافة الى ان الاعدامات ازدادت بشكل ملحوظ وكبير بعد صعود ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وهذا يبين بوضوح مدى تناقض هذا الرجل الذي يتحدث عن الإصلاح والانفتاح على الآخر، بينما الشعب لا يجد الا الاعدامات، ونرى جميعاً الانفتاح والسلام والمحبة مع الكيان الصهيوني حيث وان محمد بن سلمان اصبح اليوم عرّاب صفقة القرن التي تنص باختصار على ان فلسطين ارض للصهاينة تدعى إسرائيل وعاصمتها القدس الشريف وأبناء فلسطين لا أرض لهم ولا دولة.