جائزة رئيس الجمهورية للشباب أو جائزة الدولة للشباب- بعد تغيير مسماها بناء على اقتراح مني أنا شخصياً- ما تزال هي الغائب الأبرز في الملف الرياضي والشبابي في بلادنا وربما أنها غابت أو بالأصح تم تغييبها إما نتيجة جهل بأهميتها ودورها أو خوفاً من المبالغ التي ستنفق على الفائزين بها، إذ لا يمكن أن تكون عملية التغييب عفوية أو بسبب الظروف والأوضاع الراهنة التي تعيشها البلاد جراء العدوان والحصار الذي أصبح شماعة لكل من يريد أن يتهرب أو يتنصل من مسؤولياته.
بالتأكيد أن الظروف الراهنة هي الأنسب والأمثل لتشجيع الشباب على الإبداع والابتكار في كافة المجالات وتحفيزهم على التميز، ولا يمكن أن تكون الظروف عائقاً بل على العكس تماماً، وما قامت به وزارة الصناعة والتجارة من خلال إطلاق المسابقة الوطنية لرواد المشاريع الابتكارية إلا دليلاً واضحاً على أن هذه هي الفرصة المواتية والأمثل لدعم الشباب ورعايتهم ويمكن أن يصنعوا المستحيل، فالعقل اليمني عرف عنه أنه أو من ساهم في وضع الحلول لمشاكل البشرية وهو أول من بنى ناطحات السحاب وأنشأ السدود والحواجز المائية وبنى المدن الحضرية، وبالتالي فالأمر يحتاج منا إلى أن نكون كمسؤولين عند مستوى مسؤوليتنا ونعمل على رعاية الشباب وهم بدورهم سيتكفلون بالباقي.
أعتقد أن إهمال موضوع جائزة الدولة للشباب بهذا الشكل غير منطقي ولا يجب أن يستمر، لأننا كنا نطمح ليس في استمرار الجائزة ولكن الطموح يتجاوز ذلك إلى تطويرها لتشمل بالتأكيد مجالات أكثر ومناطق أوسع وإتاحة الفرصة لأكبر عدد من الشباب للمشاركة فيها وفي مجالاتها المختلفة، وهذا الأمر بلا شك يحتاج إلى رفع موازنة الجائزة وليس إيقافها، ويحتاج إلى البحث عن موارد جديدة لها وليس الاعتماد على الصندوق فقط في تمويلها باعتبارها خطوة رائعة لتشجيع المبدعين من الشباب والأخذ بيدهم إلى الأمام واحتضانهم وتوفير مناخات الإبداع حتى لا يضيعوا ويتوهوا في زحمة الحياة، وبالتأكيد أن كل الشباب والشابات يتمنون أن يسجلوا أسماءهم في سجلات الفائزين بهذه الجائزة لتكون دافعاً لهم في بداية حياتهم العملية ولتشكل لهم نقطة متميزة في سجل سيرتهم الذاتية التي يتطلعون إلى أن تكون مليئة بالإنجازات، ومن الجيد أن تكون جائزة الدولة للشباب هي رقم واحد في هذا السجل.
بالطبع الكل يطمح إلى أن تقوم وزارة الشباب والرياضة- على اعتبار أنها مسؤولة عن شريحة واسعة من المجتمع- بواجباتها تجاه هذه الشريحة وأن تسعى لتحسين وتطوير عمل هذه الجائزة وأن لا يتم الاكتفاء بمنح الشباب الجائزة المادية وشهادة الفوز بل كيف نعمل على أن نظل على استمرار في التواصل معهم عن طريق مراكز علمية وثقافية وأدبية تحتضنهم وتدعم أعمالهم الإبداعية كما في الكثير من البلدان المتقدمة التي تحتضن الشباب والمبدعين عبر تلك المراكز وإشراكهم في مختلف الأنشطة والفعاليات لتبادل التجارب والخبرات والمعارف، فمهمتنا بعد الفوز وليس قبله لأن الشاب يحتاج إلى دعمه لاحقاً وعندما نتحدث عن ذلك فهذه هي الحقيقة التي نلمسها ويؤكدها الواقع وإلا فأين ذهب كل أولئك الشباب الذين فازوا بالجائزة؟ وماذا يعملون؟ ومن احتضنهم؟ وزارة الشباب والرياضة أم وزارة الثقافة أم اتحاد الأدباء أم …. أم …؟ فالتكريم ليس لمجرد التكريم بل من أجل تنمية قيم الإبداع وتحويل العلم إلى ثقافة والثقافة إلى إبداع.
مما لا شك فيه أن إيقاف الجائزة بهذا الشكل يمثل خسارة فادحة للشباب والمبدعين وللوطن بشكل عام، فإهمال الشباب المبدعين بحُجَّة “الرصيد لا يسمح” كارثة ويجب محاسبة كل من أوقف رصيد الجائزة كما يجب على المجلس السياسي الأعلى والحكومة إلزام وزارة الشباب والرياضة باستمرار الجائزة وتطويرها من كافة النواحي ومنها البحث عن تبني ورعاية للجوائز وتوسيع مجالاتها والاستفادة من تجربة وزارة الصناعة والتجارة والابتعاد عن كلمة رصيد الصندوق لا يسمح ولا يكفي فإذا لم تكن أموال الصندوق لدعم ورعاية الشباب وإبداعاتهم، فلمن تكون؟!