عبدالرحمن مراد
طباعة الصفحة طباعة الصفحة
RSS Feed مقالات ضدّ العدوان
RSS Feed
عبدالرحمن مراد
التحكم في مقاليد الثورة والمستقبل
البنية الثقافية اليمنية.. “رؤية تحليلية”
عالم اليوم من منظور عقلاني
حواراتُ السلام في المنطقة
ملامح المرحلة وطبيعة المعركة
معيارُ القوة في الوجود الإسرائيلي
عن العدو وتفكيك خطابه
مبدأ الخيانة في معيار التاريخ
المعرفة القوة الحقيقية في المستقبل
معادلةُ البنك بالبنك والمطار بالمطار

بحث

  
الأمركة والعولمة وحركة التوازن
بقلم/ عبدالرحمن مراد
نشر منذ: 5 سنوات و 4 أشهر و 6 أيام
الأحد 11 أغسطس-آب 2019 09:15 م



ليس من شك في أن طرح قضية العولمة على مستوى التحليل ليس بالأمر الجديد فهو يتداخل بشكل جوهري مع قضية الهويات الحضارية والثقافية للأمم، منذ زمن تفجّرْ سؤال العولمة تفجّرتْ في مقابله قضايا الهويات في مستويات متعددة، ذلك أن حركة المجتمعات تواكب حركة التغيرات والتبدلات التي تحدث في المستوى الحضاري المعاصر، ومن هنا يمكن رصد ظاهرتين بارزتين في المستوى الثقافي العربي الذي يواجه رياح العولمة ورمالها المتحركة في بعدين مهمين هما:

– بعد دفاعي بحت يرى في الحفاظ على الموروث خيارا استراتيجيا ويقول بتجميده في أشكال وقوالب ثابتة لا يمكن التخلي عنها، ويرى في التخلي عنها ضياعا وتيها وشتاتا .

– وبعد آخر يرى في الهويات الحضارية والثقافية قالبا متحركا ومفتوحا يخضع لحركة التاريخ وعوامل التطور، ويأخذ في اعتباره تطورات المعرفة الانسانية والتقنية الحديثة التي أصبحت جزءا أساسيا من مفردات الحياة .

وبين هذين البعدين تدور الصراعات اليوم في واقعنا العربي , وهي صراعات تدار من قبل الاجهزة الاستخبارية العالمية لتحقيق غايات، أملا في الوصول الى حركة توازن دولي يضمن مصالح البعض من خلال خضوع الكل , فالعولمة الثقافية التي تسعى الرأسمالية للترويج لها بشتى الوسائل التكنولوجية الحديثة لفرض نموذج محدد للثقافة , ستكون بالضرورة نتيجة حتمية وملازمة للعولمة الاقتصادية , فالثقافة في مفهوم العولمة هي ثقافة استهلاكية موجهة في جوهرها لخدمة العمل الاقتصادي والتجاري , فهي تنشط في مجال الدراما السينما وعالم الموضات والفنون بمختلف أشكالها وأقرب مثال محسوس على ذلك النموذج التركي ولعل الذاكرة ماتزال يعلق بها مسلسل “مهند ونور ” و” حريم السلطان ” و” مراد علمدار ” وعلاقة ذلك بالبنية التجارية والاقتصادية وهو النموذج نفسه الذي ينتهجه تيار العولمة ولم تكن تركيا إلا نموذجا للإسلام المعتدل وهي فكرة سبق لنا بيان ابعادها في مقال سابق .

نحن اليوم نعيش واقعا تهيمن فيه التكنولوجيا الغربية التي تحاول أن تطوي العالم في بؤرة صغيرة قابلة للرؤية والقياس تنصهر فيها الحضارات والثقافات لتصبح حضارة واحدة وثقافة واحدة وذلك بفضل التطور التقني في الصورة وميشال ميديا وابتكارات الاعلام الاجتماعي – الوسائط الاجتماعية كالفيس والوتس ….الخ – وبمثل ذلك قد يحدث تبدل سريع فوق ما نتوقع في البنية الاخلاقية والثقافية في المجتمعات ولعل الأشد خطرا هو انتقال مفهوم العولمة من الافق الاقتصادي والسياسي إلى الأفق الثقافي والإعلامي والأدبي هو ما بات يعرف بالثقافة الشاملة أو المجتمع الكوني وهي ثقافة تذوب فيها الخصوصيات فالعولمة تسعى بكل الوسائل حتى تجعل العالم شبيها بأمريكا ولذلك نجد من هو مفتون بالنموذج الادبي والثقافي الغربي بل والنموذج الاعلامي مثل محاكاة بعض برامج المسابقات الشهيرة في الفضائيات مثل تلك التي تبهر المشاهد وتجعله معلقا بها ومتفاعلا معها بالتصويت والإنفاق وهي كثيرة وقد انتشر أوارها في هشيم ثقافتنا فصنع واقعا عربيا بائسا في الفنون والآداب , ويرى بعض المفكرين أن العقل الامريكي يحاول تطهير العالم من الإيديولوجيين والعقائديين الذين يمتازون بالثبات والدفاع عن الهويات كما أشرنا آنفا وهو الأمر الذي يعترف به الواقع من خلال حركة الجماعات كـ”القاعدة” و”داعش” حيث يعمدون إلى تفكيك البنية العقائدية والثقافية وتشويه صورتها من خلال الممارسات التي لا تتسق مع الاسلام ولا مع مبادئه وقيمه الإنسانية , فالتوحش والبدائية في الجماعات الاستخبارية يهدف الى تعميم الثقافة الشاملة بالقفز على الخصوصيات من خلال الهدم والتفكيك وقد لاحظ الكثير توالي الهجرات والضجيج الإعلامي حول الأفراد الذين يهربون من مجتمعاتهم إلى الغرب وعلى وجه الخصوص في الآونة الاخيرة كهروب شباب سعودي وخليجي وما صاحب ذلك من ترويج إعلامي يضاف إلى ذلك تفكيك البناءات الثقافية من خلال هدم الرمزيات الثقافية , والسعي إلى التقليل من أثرها ويأتي اعتذار رموز الوهابية عن أفكار التطرف في هذا السياق كما تابع المتابع وكل تلك الخطوات تؤدي الى طريق واحد وهو العولمة أو كما يحلو للبعض تسميتها بالأمركة .

كل هذا الاشتغال الذي نراه اليوم في واقعنا العربي بالذات , وكل حركة الصراعات قضايا تتعلق بالعولمة وفي جوهرها بالنظام الرأسمالي العالمي إذ أن القوة الاقتصادية تريد أن تجعل من الكونية هدفا لها بحثا عن سوق عالمية ومستهلك كوني ولذلك لا نستبعد كثيرا أن تعترف أمريكا بمركزية ايران في الخليج وخليج عمان وأن تتداخل مع إيران في مصالح اقتصادية وسياسية واستراتيجية فهي تحرص على ألا تذهب إيران إلى الصين ولا تشكل مع روسيا محورا قد يحدث قلقا لها كما كانت في سالف ايامها إبان الحالة الاشتراكية ومؤشرات ذلك بدأت تطفو على سطح الحقيقة والواقع , وما تلك المناورات السياسية والاعلامية سوى عوامل قد تحسن شروط التفاوض لطرف على آخر ليس أكثر , ولعل الإمارات قد أدركت مثل ذلك فسارعت إلى إحياء اتفاقات تعاون أمنية ظلت طي السجلات أعواما , وتبدو السعودية اليوم أكثر انحناءً من ذي قبل أمام الملف الإيراني بدا ذلك واضحا من خلال فتح العمرة المغلق أمام الايرانيين وبعض الامتيازات للحجاج.

فالرأسمالية تريد دولا ضعيفة وغير فاعلة تعاني التشظي والانقسام حتى يسهل عليها فرض ثنائية الخضوع والهيمنة ولذلك تدير حركة الانقسامات والحروب في المنطقة العربية وهي من خلال تفاوضها مع ايران وعقوباتها المتكررة عليها تريد ايرانا قويا لكن بالقدر الذي يخدم مصالحها ويوفر لها الحماية وتدفق الأموال .

وربما شاهدنا غدا في منطقة الخليج تبدلا في موازين القوى لا تحضر فيه السعودية ولا الامارات وهما عنصران فاعلان في تشكله اليوم .

تعليقات:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
عودة إلى مقالات ضدّ العدوان
مقالات ضدّ العدوان
سليم المغلس
مؤامرة التقسيم لليمن
سليم المغلس
محمد الوجيه
السعودية تقتل حجيج بيت الله
محمد الوجيه
كريم الحنكي
دُمْيَةُ الشرعية وتَمَامُ انكشافِها في صِراعِ الأذناب
كريم الحنكي
سندس يوسف الأسعد
كي لا ننسى أطفالَ ضحيان ضحايا الحقد السعودي
سندس يوسف الأسعد
د.عبدالعزيز بن حبتور
عدن تتوجع للمرة الألف من السياسات المدمرة للسعوديين والإماراتيين
د.عبدالعزيز بن حبتور
زيد الغرسي
التقسيم والارهاب ادوات امريكا لتمرير صفقة ترامب في اليمن
زيد الغرسي
المزيد