بدأ الإعلام العالمي الذي اشتراه المال السعودي مقابل سكوته عن جرائم السعودية في اليمن يصحو اليوم , وبدأت الضمائر تتحدث بصوت أقوى من ذي قبل , وبدأت الصحف والكتاب العالميون يعتبون على حكوماتهم قائلين كيف يمكن لكم أن تدعموا وتحرضوا السعودية – وهي الدولة الاستبدادية التي تملك اسوأ سجل لحقوق الإنسان على الارض وفق وصفهم – على الإبادة الجماعية للشعب اليمني .
ووقف رون بول متسائلا وهو سيناتور امريكي سابق:
“هل دعمنا ومشاركتنا السعودية في ذبح الاطفال اليمنيين يعكس القيم الأمريكية ؟ وهل من أحد يهتم بذلك ؟.
إن الادعاء بأننا نحارب تنظيم القاعدة في اليمن وبالتالي تدخلنا تحت ذريعة قانون التفويض باستخدام القوة بعد”11سبتمبر” أمر لا جدوى منه .
وأفادت وسائل الاعلام عدة مرات بأن تدخل الولايات المتحدة نيابة عن السعوديين في اليمن هو في الواقع لمحاربة تنظيم القاعدة في البلاد .
لكن من السخرية أن القاعدة في حالة حرب مع الحوثيين وحلفائهم الذين سيطروا على جزء كبير من البلاد ” .
والغريب أن نقرأ لكاتب أمريكي هذا الحرص على القيم الأمريكية , ونشهد من أهل الديار الاسلامية صمتا عن القيم الاسلامية التي تستباح من جماعات تدعي تشدقا الانتماء اليها ,هنا تصبح القضية في المحك القيمي والاخلاقي والعقائدي , فالدين والاخلاق في النظام الرأسمالي قد يتحولان الى سلعة خاضعة للقيمة – كما يذهب الى هذا القول الكثير من المفكرين – وقد أمعن النظام الوهابي في تفكيك منظومته القيمية والاخلاقية بل والعقائدية من خلال الصورة المتوحشة التي يظهر فيها الذين يرون القتل عادة واعتيادا , كالجماعات الذين يسمون أنفسهم بجماعة تنظيم الدولة وهم جزء من المنظومة الوهابية , وقد رأينا في السنين الخوالي كيف استهانوا بالدم والعرض رغم شدة حرمة ذلك في القيم الاخلاقية والعقائدية الاسلامية وبرغم ذلك لم نسمع عالماً إسلامياً أو مؤسسة دينية عربية أو اسلامية من تيار أهل السنة ينتقد هذا المنهج المنحرف الذي يشوه الاسلام وينتقص من قيمته ووجوده الحضاري وابعاده الانسانية وقيم الحق والخير والسلام , ماعدا النزر القليل من علماء الجزائر وما سواهم فقد باعوا الاسلام بدراهم معدودات وخضعوا لحكوماتهم التي صمتت عن دماء أهل اليمن التي تسال مقابل المال السعودي .
المخزي في مواقف الحكومات العربية هي البيانات التي تصدر عن وزراء الخارجية التي تدين الضحية وتسكت عن الجلاد، فإطلاق صاروخ الى المملكة أو ارسال طائرة مسيرة عمل مدان بيد أننا من المستحيل أن نسمع بيانا يدين مجازر آل سعود في اليمن على مدى ما يقارب من خمسة أعوام من سفك الدم الحرام .
تلك المواقف لن تضر أهل اليمن فقد ألفوا الحروب وتجرعوا ويلاتها وخاضوها منذ القيل ذونواس , خاضوها بشرف الانتصار أو الموت كرماء، وكان شعارهم من قبل الاسلام ومن بعده هو هيهات منا الذلة , ولذلك كان الصمود الأسطوري الذي لم يشهده تاريخ الحروب في شعب كما يشهده اليوم في الشعب اليمني , كل العالم يقف على ساق واحدة بكل ما يملك من عدة وعتاد ليحارب شعبا محاصرا وتستمر الحرب كل هذا الزمن .
هذه الحرب التي أرسلت للعالم صفات أهل اليمن في البأس وقوة الثبات , فضحت هشاشة النظام الدولي , وخلعت عنه مبرراته , حتى غدا أمام أنظار الشعوب هزيلا لا يقوى على شيء , وهي الحرب التي ستترك أثرا مدمرا على نظام آل سعود , تفكيكا, وفناءً , وعزلة اقليمية وربما دولية، فالمال الذي كان يشتري الضمائر أصبح يبحث عن نفسه في جيوب الأمراء الذين لن يصبروا على ابتزاز محمد ابن سلمان كثيرا والايام حبلى بالكثير من المفاجآت ولعل حادث اغتيال حارس سلمان الشخصي مؤشر قد يحمل الكثير من الدلالات .
أزفت ساعة الزوال لنظام قرن الشيطان , فكل المؤشرات اليوم تقول بعزلته وفنائه وتلك هي سنن الله في كونه وقد شكلت حركة اغتيال جمال خاشقجي ومن بعدها ومن قبلها حركة التصفيات والاعتقالات لكثير من رموز التيار الديني الاصلاحي أو المتشدد في المملكة فتحا قد يكون غريبا لكنه مؤشر على البدايات للنهايات المتوقعة للنظام المستبد الذي يتخبط ويمارس غواية الطغيان بعقل البدوي المنتقم من كل شيء.
ما حدث خلال الايام الخوالي في خليج عمان وفي الخليج العربي , وما حدث لشركة أرامكو كان صادما لنظام آل سعود , فالعالم الذي كان من المتوقع أن يستنفر امكاناته ليحارب بالنيابة عنهم تركهم ينوحون ويبكون الطلل البالي لوحدهم , ومن الغريب أن ابن سلمان لم يستوعب الدرس كما ينبغي فمازال يمد نفسه في طغيان العمه ويمعن في الغارات والقتل والتدمير رغم كل النوايا والمبادرات التي تطلقها صنعاء بين الفينة والاخرى ورغم حسن النوايا ورغبة السلام .
اليوم السعودية وحيدة متجردة من كل مفردات قوتها في الداخل اليمني من خلال تفكك أدواتها وفي بنية التحالف من خلال تخلي الحلفاء عنها ومن النظام الدولي الذي كان يستخدمها لتنفيذ اجنداته وليس مستعدا لخوض معاركها بالنيابة عنها .
ماذا جنت السعودية من جنونها في اليمن وفي العراق وسوريا ولبنان وليبيا ؟
لم تجن سوى الحصار النفسي والاخلاقي والسياسي ومشاعر الكراهية عند الشعوب في حين انتصر خصمها دون أن يشعل حربا أو يقتل طفلا أو ينفق مالا .
لقد استطاع حفاة الجيش واللجان الشعبية في اليمن أن يمرغوا أنف السعودية في تراب الذل فلن ترتفع لها بعد عملية ” نصر من الله ” راية وكذلك يفعل الله بالظالمين في كل زمان ومكان .